طاقة متجددةتقارير الطاقة المتجددةرئيسية

خبير: تحول الطاقة في أفريقيا حُلم زائف.. وتلك خطورته

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • من الصعب على أفريقيا المضي قدمًا في مسار تحول الطاقة
  • أفريقيا تواجه العديد من التحديات التي تقوض قدرتها على تحو الطاقة
  • سيناريوهات تحول الطاقة في أفريقيا غير واقعية
  • قدرت دراسة بحثية تحقيق أهداف مستقبل الكهرباء المتجددة في أفريقيا بحلول عام 2050
  • شهدت نيجيريا انهيارًا في شبكة الكهرباء في 14 سبتمبر/أيلول (2023)

يرى بعض الخبراء أن الحديث عن تحول الطاقة في أفريقيا مبالغة كبيرة، مستشهدين بالتحديات التي تشهدها القارة السمراء مثل الافتقار إلى البنية التحتية للطاقة المتجددة اللازمة لتوليد الكهرباء النظيفة بنسبة 100%، وعدم القدرة على توفير التكنولوجيا النظيفة مرتفعة الثمن إلى جانب شُح مصادر التمويل.

وكثيرًا ما قال صناع السياسات الأفارقة إن أولوياتهم القصوى تتمثل في توفير الكهرباء للجميع لرفع مستويات المعيشة وتعزيز النمو الاقتصادي، وهو شرط أساسي لتعزيز قدرة أفريقيا على الصمود في مواجهة تغير المناخ.

وخلال قمة المناخ الأفريقية 2023 طالب تحالف من 500 ناشط بتسريع تحول الطاقة في أفريقيا عبر التخلص الفوري من الوقود الأحفوري، والاستعاضة عنه بـ"نظام كهرباء نظيفة جديد بنسبة 100%" قادر على سد كل احتياجات القارة من تلك السلعة الإستراتيجية المستدامة صديقة البيئة، وفق تقارير طالعت تفاصيلها منصة الطاقة المتخصصة، ومقال نشرته مجلة فورين بوليسي.

تحول الطاقة

قال كاتب المقال المدير المشارك للمناخ والطاقة في معهد بريكثرو سيفر وانغ، إن مبادرة تحول الطاقة في أفريقيا بناءً على الرؤية القائلة إن كل القطاعات (الكهرباء والنقل والصناعة والزراعة) يمكنها الانتقال بسرعة وفاعلية إلى منظومة كهرباء تعمل بالموارد المتجددة بنسبة 100%، قد أضحت أمرًا شائعًا بين أنصار المناخ، مدعومين في الغالب بالحجة القائلة إن هذه الكهرباء المتجددة أرخص ثمنًا بالفعل من الوقود الأحفوري.

وأوضح الكاتب أنه في عام 2017، أعلن أكاديميون ومنظمات غير حكومية أن مناطق العالم كافة تتهيأ لإزالة الكربون من قطاع الكهرباء بحلول منتصف القرن الحالي (2050) بفضل انخفاض تكلفة النظام مقارنة بما عليه الآن.

ويرى هؤلاء أن تحول الطاقة العالمي "لم يعد مسألة تتعلق بالجدوى التقنية أو الاقتصادية، بل بالإرادة السياسية"، بحسب كاتب المقال.

طفل يرعى الأغنام بالقرب من مزرعة رياح في دولة أفريقية
طفل يرعى الأغنام بالقرب من مزرعة رياح في دولة أفريقية - الصورة من نيويورك تايمز

تكاليف الطاقة

في مقالته التي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة، أشار الكاتب إلى أن محطة طاقة شمسية جديدة ربما تكون بالفعل أرخص من محطة كهرباء جديدة تعمل بتوربين الغاز في الوقت الحالي، غير أن هذا لا يجعل مصادر الكهرباء المتجددة ميسورة التكلفة في الواقع؛ ما يُفسر صعوبة -إن لم تكن استحالة- تحول الطاقة في أفريقيا.

ويُعزى هذا إلى أن تكاليف الطاقة تتوقف على النظام الكامل المزود للوقود والكهرباء على مدار الساعة؛ من بينها محطات الكهرباء الاحتياطية التي تشتد الحاجة إليها عند غياب ضوء الشمس أو في حالة عدم هبوب الرياح.

وأفاد كاتب المقال بأن تحول الطاقة في أفريقيا القائم على استعمال الكهرباء المتجددة بنسبة 100% يتطلب تخزين تلك السلعة، ونقلها عبر المناطق، وتحويلها إلى هيدروجين وأشكال وقود أخرى، باستعمال تقنيات مكلفة لا تزال في مراحلها الأولى مثل البطاريات طويلة الأمد أو أجهزة التحليل الكهربائي المُستعمَلة في إنتاج الهيدروجين، أو أنظمة بطاريات المنازل، أو تقنية احتجاز الكربون مباشرةً من الهواء.

آراء غير واقعية

بصرف النظر عما يقوله المؤيدون وصناع السياسات بشأن تحول الطاقة في أفريقيا، فإن السيناريوهات رخيصة الثمن لمصادر الكهرباء المتجددة، تبقى مجرد نظرية، وغير مثبتة حتى بالنسبة إلى البلدان الثرية، باستثناء حفنة قليلة من الدول، التي تتمتع بموارد وفيرة من الطاقة الكهرومائية والحرارية الأرضية.

ولفت الكاتب إلى أن هذا يصعب تحقيقه بدرجة أكبر بالنسبة إلى البلدان الفقيرة التي لا تعكس الأسعار الميسورة لموارد الطاقة المتجددة بها أيًا من التكاليف في العالم الحقيقي أو توافر التكنولوجيا الداعمة في هذا الخصوص.

ويعتقد الكاتب أن الآراء القائلة إنه سيكون من السهل بالنسبة إلى البلدان الأفريقية أن تستعمل الكهرباء المتجددة فقط لتنمية اقتصاداتها بدلًا من مزيج الوقود، غير واقعية بالمرة.

ووجدت تقارير بحثية تقيم أنظمة الكهرباء النظيفة المستقبلية في أوروبا واليابان والولايات المتحدة الأميركية أن مكافحة التغيرات المناخية ستتطلب إنفاقًا ضخمًا على أنظمة الكهرباء النظيفة الجديدة بما يتيح استبدال تلك الأنظمة بنسبة 100% بالبنية التحتية للوقود الأحفوري، فيما يُوصف بأنه السيناريو الأعلى تكلفة على الإطلاق، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وفي هذه الأنظمة، ترتفع التكاليف نتيجة الاستثمارات في البنية التحتية وتقنيات التخزين ونقل الوقود، والتي لم تُستعمل معظمها على نطاق واسع حتى الآن.

وقال كاتب المقال إن الدراسات البحثية التي تزعم أن مستقبل تحول الطاقة في أفريقيا هو أقل الخيارات تكلفة بالنسبة إلى القارة، تتجاهل أو حتى تقلل من أهمية تلك التكاليف أو حتى تجعلها افتراضات غير واقعية.

ويوضح الإنفوغرافيك أدناه -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- أكثر 5 دول استفادة من الطاقة المتجددة في أفريقيا، حسب أحدث البيانات بنهاية عام 2021:

الطاقة المتجددة في أفريقيا

سيناريوهات الحياد الكربوني

يضع العديد من الدراسات سيناريوهات تستطيع فيها الدول الأفريقية الوصول إلى أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وهو المستهدف نفسه الذي تضعه لنفسها الدول الغنية مثل ألمانيا أو المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة الأميركية أو اليابان.

بل حتى إن بعض الدراسات تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك عبر اختيار عام 2030 لتحقيق تحول الطاقة، من خلال استعمال أنظمة الكهرباء منخفضة الكربون في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (يُطلق عليها أحيانًا "أفريقيا السوداء") أو الهند، على سبيل المثال.

وأوضح كاتب المقال أن تلك الدراسات مبنية على المفهوم القائل إن البلدان الفقيرة يتعين عليها الالتزام بوتيرة الجهود المناخية نفسها مثل البلدان الثرية.

وفنّد الكاتب تلك الأبحاث قائلًا إنه "وفي حين تستهدف 12 دولة أفريقية على الأقل تحقيق أنظمة الكهرباء حيادية الكربون بحلول 2050، تبقى تلك الأهداف خيالية؛ نظرًا إلى محدودية الموارد المالية والسعة، إضافة إلى القيود التكنولوجية".

وأفاد الكاتب بأنه حتى إذا توافرت الموارد التكنولوجية، لن يكون هناك -أيضًا- اهتمام من الاقتصادات المتقدمة بالمساعدة على سد الفجوة التمويلية التي تعانيها الدول الفقيرة.

ويرى أنه من الممكن أن تُصنف الدراسات التي تشير إلى سيناريوهات مستقبل الكهرباء المتجددة في أفريقيا بنسبة 100%، بأنه درب من الخيال.

فعلى سبيل المثال قدّرت دراسة بحثية تحقيق أهداف مستقبل الكهرباء المتجددة في أفريقيا بحلول عام 2050.

أبراج كهرباء
أبراج كهرباء - الصورة من energycapitalpower

وأشارت دراسة أخرى إلى أنه بحلول عام 2035، ستتمكن أفريقيا من تشغيل كل المعدات بالكهرباء المتجددة لاحتجاز 38 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء سنويًا، وتحويله إلى الميثان حيادي الكربون وأنواع وقود أخرى، بحسب معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويمنح هذا أفريقيا عقدًا كاملًا لإحراز التقدم الثوري المنشود، ليس في الطاقة الشمسية والبطاريات فحسب؛ ولكن في العديد من التقنيات التي لا تزال في مراحلها المبكرة مثل الوقود الاصطناعي والهيدروجين الأخضر، وأنظمة تخزين الكهرباء، تساعد 600 مليون شخص يفقترون إلى الكهرباء في أفريقيا، في الوصول إليها.

تحديات واقعية

نظرًا إلى التحديات الواقعية التي تواجهها، يبقى مستهدف تحول الطاقة في أفريقيا -على ما يبدو- مجرد أحلام وردية، وهو ما يمكن أن يلمسه المرء في نيجيريا، على سبيل المثال، التي شهدت انهيارًا كاملًا في شبكة الكهرباء في 14 سبتمبر/أيلول (2023) في أعقاب أعطال أصابت خطوط النقل؛ ما أغرق البلد الواقع غرب أفريقيا في ظلام دامس.

وقال كاتب المقال إنه لكي يصبح تحول الطاقة في أفريقيا واقعًا بحلول عام 2050، ينبغي أن تمضي كل الأمور على أكمل وجه، من بينها توافر التقنيات النظيفة الرخيصة، وتسريع بناء البنية التحتية، وتوافر مصادر التمويل، إلى جانب البيئة التنظيمية المواتية.

وشدد الكاتب -مجددًا- على أن التفاؤل الزائف بشأن مستقبل تحول الطاقة في أفريقيا هو تضليل لسكان القارة ممن يفتقرون إلى مصادر الكهرباء الموثوقة.

وفي النهاية وجّه المقال رسالة إلى أنصار المناخ وصناع السياسات، مطالبًا إياهم بإدراك حقيقة مفادها أن طلباتهم بالتخلص الفوري من الوقود الأحفوري من المرجح أن تُسهم في استدامة الفقر الذي يعتصر الكثيرين من الأفارقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق