نفطتقارير النفطرئيسية

فاتورة التخلص من الوقود الأحفوري في أوروبا تتجاوز 2 تريليون دولار (دراسة)

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • تحتاج أوروبا إلى نحو 2 تريليون دولار للقضاء على استعمال الوقود الأحفوري.
  • اتجاه قوي لدى الدول الأوروبية لتحقيق أهداف الحياد الكربوني عبر استعمال الكهرباء النظيفة.
  • ساعد النمو بطاقة الشمس والرياح في هبوط استعمال الوقود التقليدي في أوروبا.
  • سجّلت الكهرباء المولّدة بالوقود في الاتحاد الأوروبي هبوطًا قياسيًا خلال النصف الأول من عام 2023.
  • تحتاج إمدادات الكهرباء النظيفة إلى النمو بنسبة 20% سنويًا.

تسارع الدول الأوروبية الخُطى في مسار التحول الأخضر عبر التخلص التدريجي من مصادر الوقود الأحفوري، والاستعاضة عنها بالطاقة المتجددة، في إطار مساعيها الرامية لتحقيق التنمية النظيفة المستدامة، والقضاء على الانبعاثات الكربونية وتعزيز أمن الطاقة.

ولعل ما يجعل جهود تحول الطاقة في أوروبا مسألة إلزامية هو تنامي الطلب على الكهرباء إلى مستويات غير معهودة، مع سعي دول القارة العجوز لكهربة جميع القطاعات الاقتصادية، إلى جانب حاجتها لسد الطلب الناتج عن مبادرات مثل زيادة استعمال السيارات صديقة البيئة، عبر الكهرباء النظيفة بدلًا من الوقود التقليدي، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

غير أن طموحات أوروبا في تحقيق أهداف الحياد الكربوني تصطدم -على ما يبدو- بعدد من التحديات التي قد تعرقل هذا التحول المنشود؛ ومن بينها التكلفة الاستثمارية الباهظة لمشروعات الطاقة المتجددة التي تقدر قيمتها بتريليونات الدولارات.

معضلة الـ2 تريليون دولار

خلصت نتائج دراسة حديثة إلى أنه من الممكن أن تتخلص أوروبا من الوقود الأحفوري، وتبني قطاع طاقة مستدامًا ذاتيًا عبر إنفاق قرابة 2 تريليون يورو (2.1 تريليون دولار أميركي) على مشروعات الطاقة الشمسية، والرياح والموارد المتجددة الأخرى بحلول عام 2040، وفق ما أوردته وكالة رويترز.

(اليورو = 1.05 دولارًا أميركيًا).

وقال التقرير الذي قاده معهد بوتسدام لبحوث التأثيرات المناخية إن أوروبا ستحتاج إلى استثمارات سنوية قدرها 140 مليار يورو (نحو 147 مليار دولار) بحلول نهاية العقد الجاري (2030)، و100 مليار يورو (قرابة 105 مليارات دولار) سنويًا في العقد التالي لفطم نفسها عن الوقود الأحفوري.

وبينما تحتاج أوروبا إلى معظم هذا المبلغ للتوسع في مشروعات الرياح البرية، تبرز موارد الطاقة الشمسية والهيدروجين والطاقة الحرارية ركائز إضافية لإستراتيجية من شأنها أن تمكن بلدان القارة من توليد كل احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول نهاية العقد الجاري (2030).

محطة طاقة شمسية
محطة طاقة شمسية - الصورة من بلومبرغ

10 سنوات أخرى

تحتاج أوروبا إلى عقد آخر لتحويل منظومة الكهرباء بأكملها إلى المصادر المتجددة؛ من بينها منظومة التدفئة التي تعمل –حاليًا- بالنفط والغاز، بحسب الدراسة التي شاركت تفاصيلها منصة الطاقة المتخصصة.

وأوضحت الدراسة: "هذه الأرقام مهمة، لكن من المهم أن نتذكر أن البلدان الأوروبية أنفقت، وفق تقديرات، 792 مليار يورو إضافية في العام الماضي (2022)، على منظومة الكهرباء الحالية لحماية المستهلكين من آثار أزمة الطاقة الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا".

وفي سبتمبر/أيلول (2023) وافق المشرعون الأوروبية –نهائيًا- على الأهداف الملزمة قانونًا للتوسع في الطاقة المتجددة بوتيرة أسرع خلال العقد الحالي، وهو ما يُعد جزءًا مهمًا في خطط القارة العجوز لكبح التغيرات المناخية، والتحول بعيدًا عن مصادر الوقود الأحفوري.

ويرفع القانون مستهدفات الطاقة المتجددة في الاتحاد الأوروبي؛ ما يستلزم الوصول بنسبة مساهمة الكهرباء النظيفة في دول الكتلة إلى 42.5% في مزيج الكهرباء الوطني، بحلول عام 2030، بدلًا من المستهدف السابق الذي تبلغ نسبته 32%.

وأيّدت الدراسة العلمية الانتقادات التي لاقاها التشريع الأوروبي، مطالبةً بتسريع وتيرة الموافقة على المشروعات لضمان تحقيق المستهدفات المحددة في هذا الخصوص.

ووفق تقارير، ستحتاج إمدادات الكهرباء النظيفة إلى النمو بنسبة 20% سنويًا لتغطية الطلب المتوقع على الكهرباء بحلول 2030.

تراجع قياسي

سجّلت الكهرباء المولّدة بالوقود التقليدي في الاتحاد الأوروبي هبوطًا قياسيًا في النصف الأول من عام 2023، وفق دراسة أجراها مركز إمبر لأبحاث الطاقة.

وخلال الأشهر الـ6 الأولى من عام 2023، هبط معدل استهلاك الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء في الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي بنسبة 17%، قياسًا بالمدة ذاتها من عام 2022.

ووجدت الدراسة أنه خلال المدة بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران (2023)، لامست نسبة الكهرباء المولدة بالوقود الأحفوري 33%، وهي أضعف نسبة لها على الإطلاق في مزيج الكهرباء بالاتحاد الأوروبي.

وقال المحلل في إمبر ومؤلف التقرير مات إوين: "التراجع في استعمال الوقود الأحفوري هو علامة على تغير الأوقات"، مشيرًا إلى أن "الفحم والغاز باهظا التكلفة، وينطويان على قدر كبير من المخاطرة، والاتحاد الأوروبي استبعدهما"، خلال تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويوضح الرسم البياني أدناه -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- واردات الغاز الأوروبية عبر خطوط الأنابيب في الربع الأول (2019-2023):

واردات أوروبا من الغاز عبر خطوط الأنابيب

أسباب الهبوط

جاء الهبوط في استعمال الوقود الأحفوري بالاتحاد الأوروبي مدعومًا بالتراجع في الطلب على الطاقة، بحسب إمبر.

ففي أعقاب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير/شباط (2022)، أدخل الاتحاد الأوروبي عددًا من الإجراءات الرامية لخفض الطلب بعد ارتفاع أسعار الغاز.

كما قادت ظروف الطقس المعتدلة إلى انخفاض استعمال الغاز للتدفئة بنسبة 5% في النصف الأول من عام 2023.

ورغم أن الزيادة في كفاءة الطاقة ربما تكون قد أدت إلى انهيار في معدلات استعمال الوقود الأحفوري؛ فإن إمبر ترى أن هذا الأمر "غير مستدام" أو حتى "مرغوب فيه".

في غضون ذلك ساعد النمو في طاقة الشمس والرياح –أيضًا- في هبوط معدلات استعمال الوقود التقليدي في أوروبا، لكن يرى التقرير أن نمو الطاقة المتجددة يحتاج إلى تسارع إذا ما رغبت بلدان القارة في استبدال الكهرباء النظيفة بالوقود الأحفوري.

دول تقود التراجع

استأثرت 11 من بلدان الاتحاد الأوروبي بما لا يقل عن 20% من الهبوط في معدلات توليد الكهرباء من الوقود الأحفوري في النصف الأول من عام 2023، مقارنة بالعام الماضي (2022).

وشهدت 5 دول –البرتغال والنمسا وبلغاريا وإستونيا وفنلندا- هبوطًا بأكثر من 30% في الكهرباء المولدة بالوقود التقليدي.

وخلال المدة ذاتها، لامس معدل استهلاك الوقود الأحفوري أقل مستوياته على الإطلاق في 14 من دول الاتحاد الأوروبي.

وخلال أشهر الصيف نجحت بعض الدول في التخلي عن استعمال الوقود التقليدي لأوقات كبيرة مثل هولندا التي لم تستعمل الفحم سوى 5 أيام، كما أنها لم تستعمله -قط- 17 يومًا متتالية في شهر يونيو/حزيران (2023).

الفحم على رأس القائمة

كان للكهرباء المولدة بالفحم نصيب الأسد من التراجع داخل دول الاتحاد الأوروبي، بنسبة 23% في الأشهر الـ3 الأولى من عام 2023.

ورغم تنامي المخاوف من أن الغزو الروسي لأوكرانيا قد يتسبب في عودة استعمال الفحم في الشتاء الماضي؛ فلم يحدث هذا على الأرض؛ إذ أسهم هذا الوقود الأحفوري بأقل من 10% من معدلات توليد الكهرباء داخل دول التكتل، وذلك للمرة الأولى على الإطلاق في مايو/أيار (2023).

كما هبط معدل الكهرباء المولدة بالغاز بنسبة 13%، على خلفية تراجع واردات الغاز الروسي في أوروبا بنسبة 75%.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- أبرز المحطات التاريخية للطاقة المتجددة في الاتحاد الأوروبي:

الطاقة المتجددة في أوروبا

نمو الطاقة النظيفة

تواصل مصادر الطاقة المتجددة النمو في بلدان الاتحاد الأوروبي؛ إذ زاد إسهامها في توليد الكهرباء بنسبة 13% في الأشهر الـ6 الأولى من عام 2023، مقارنة بالمدة ذاتها من عام 2022.

واستحوذت طاقة الشمس والرياح على ما نسبته 30% من توليد الكهرباء، للمرة الأولى في شهري مايو/أيار ويوليو/تموز (2023).

وشهدت البلدان مستويات قياسية في إنتاج الكهرباء المولدة بالطاقة المتجددة –أيضًا- إذ بلغت تلك النسبة 50% في اليونان ورومانيا، بينما تجاوزت 75% في الدنمارك والبرتغال.

وطالب التقرير حكومات الاتحاد الأوروبي بضرورة تسريع وتيرة بناء وتركيب الألواح الشمسية وتوربينات الرياح، إلى جانب إدخال تحسينات في شبكات الكهرباء وتعزيز إنتاج البطاريات.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق