التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

منجم فحم واحد يعزز التغيرات المناخية بحرارة تعادل 1.7 مليون قنبلة هيروشيما

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • تسعى بعض الحكومات إلى تبرير استعمالها لمصادر الوقود الأحفوري
  • هناك ما يزيد على 100 مشروع وقود أحفوري إضافية تنتظر القرار النهائي من الحكومة الأسترالية لبدء التنفيذ
  • يتنامى استعمال مصادر الوقود الأحفوري عالميًا رغم تزايد المخاوف بشأن تهديداتها بالتغيرات المناخية
  • كوكب الأرض يسخن –الآن- عند درجة 0.018 درجة مئوية سنويًا
  • تغيير درجات حرارة كوكب الأرض يستهلك كمية هائلة جدًا من الطاقة

تجتهد بعض الحكومات في التقليل من آثار مصادر الوقود الأحفوري، وخصوصًا الفحم، على التغيرات المناخية، ضمن سعيها إلى تبرير استعمالها تلك المصادر، رغم ثبوت صلتها المباشرة -علميًا- بتلك الظاهرة المقلقة، عبر إطلاق الغازات المسبّبة لرفع درجة حرارة الأرض عن المستويات المسموح بها عالميًا.

وتعهَّد قادة العالم بموجب اتفاقية باريس للمناخ عام 2015 بالحيلولة دون تخطّي حاجز 1.5 درجة مئوية على المدى الطويل، غير أنهم أخفقوا حتى الآن في تقليص الانبعاثات الغازية المسبّبة للأزمة المناخية التي ستقضي على الأخضر واليابس.

ويتنامى استعمال مصادر الوقود الأحفوري عالميًا رغم تزايد المخاوف بشأن تهديداتها بالتغيرات المناخية، مع وجود فرصة لارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض إلى 1.5 درجة مئوية، فوق المستويات التي كانت سائدة قبل الثورة الصناعية، وفق ما أورده موقع "ذا كونفيرزيشن".

ولطالما شددت وكالة الطاقة الدولية على أنه لا يوجد مكان لاستعمال مصادر وقود أحفوري جديدة، إذا ما كانت درجات الحرارة مهيّأة بالفعل للوصول إلى الحدّ المذكور.

أستراليا تتمسك بالفحم

خلال العام الجاري (2023)، رفضت الحكومة الأسترالية مقترحًا للتوسع في منجم فحم تَقدّم به قطب التعدين الأسترالي كليف بالمر، لكنها وافقت على 3 مشروعات مناجم فحم أخرى، وهو ما يمكن أن يقوّض جهود الحكومة في الحدّ من آثار التغيرات المناخية.

وهناك ما يزيد على 100 مشروع وقود أحفوري إضافية تنتظر الضوء الأخضر من الحكومة لبدء التنفيذ.

وعادةً ما يُطلب من وزيرة البيئة الأسترالية تانيا بليبيرسيك أخذ قضية التغيرات المناخية في الحسبان، ضمن القرارات التي تصدرها بشأن تراخيص مشروعات الوقود الأحفوري.

وتجزم بليبيرسيك أن آثار التغيرات المناخية لم يكن لها "تداعيات ذات صلة".

ولعل أحد الأسباب الرئيسة التي سردتها بليبيرسيك وفريق العمل المعاون لها هو أن الانبعاثات الكربونية الناجمة عن حرق الفحم من منجم واحد، سيكون لها تأثير "طفيف جدًا" في تسخين درجة حرارة الكوكب، إذ إنه لن يرفع درجة الحرارة سوى بواقع 0.00024 درجة مئوية خلال عُمر المنجم.

وحتى الآن، تدرس بليبيرسيك ووزارتها منح الموافقة النهائية لتوسيع منجم فحم ماونت بليزانت الكائن بوادي هانتر في ولاية نيو ساوث ويلز.

وإذا ما حصل هذا المنجم على الموافقة الرسمية، فسيكون من حق شركة ماتش إنرجي أستراليا MACH Energy Australia المالكة للمنجم مضاعفة معدلات استخراج الفحم إلى 21 مليون طن سنويًا.

وحتى الآن ما يزال المشروع يسعى للحصول على التراخيص البيئية.

منجم فحم
منجم فحم - الصورة من hotcore.info

فرضيتان حكوميتان

تبني وزيرة البيئة الأسترالية تانيا بليبيرسيك حجّتها القائلة، إن مناجم الفحم الجديدة لن تتسبب في أضرار كثيرة ذات صلة بالتغيرات المناخية، على فرضيتين.

الفرضية الأولى تنصّ على أنه "إذا لم ننقّب عن الوقود الأحفوري، فسيضطلع آخرون بهذا الأمر".

وقد رُفض هذا المنطق الذي يُشبَّه بحالة "الدفاع عن تاجر المخدرات" في عدد كبير من الدعاوى القضائية التي حُرِّكت ضد هذا الوقود الملوث للبيئة، كما حدث، على سبيل المثال، في نيو ساوث ويلز، وكوينزلاند والولايات المتحدة الأميركية.

أمّا الفرضية الثانية، فتذهب إلى أن التأثير " الصغير جدًا" على الاحترار العالمي، يستحق نظرة متفحصة.

تأثير طفيف مزعوم

وفقًا لحساب شركة التعدين ماتش إنرجي أستراليا، سيضيف مشروع منجم الفحم الموسع 535 مليون طن من مكافئ غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي خلال عُمر المنجم.

ويشير مصطلح مكافئ ثاني أكسيد الكربون إلى كمية هذا الغاز، من حيث الوزن، المنبعثة في الغلاف الجوي، والتي من شأنها أن تُنتج التأثيرات الإشعاعية التقديرية نفسها لوزن معين من غاز آخر نشط إشعاعيًا.

ويعادل هذا –تقريبًا- عامًا كاملًا من إجمالي الانبعاثات الكربونية المحلية في أستراليا؛ ما يوضح إسهام المشروع الطفيف في ظاهرة التغيرات المناخية.

وأخذت وزارة البيئة الأسترالية هذا الرقم لمكافئ غاز ثاني أكسيد الكربون، وقدّرت النطاق الذي يمكن أن يغير به هذا المكافئ درجة الحرارة العالمية لكوكب الأرض، لتجد أن هذا التغيير "طفيف جدًا"، إذ لا يتجاوز 0.00024 درجة مئوية.

وقد يبدو هذا الرقم الصغير غير مهم على الإطلاق بالنسبة لسياسي، لكنه يعني الكثير بالنسبة لعالم فيزياء متخصص.

فهذا يعني أن هناك إمكانًا لتغيير درجة حرارة الكوكب بأكمله عبر هذا الرقم الصغير.، وتغيير درجات حرارة كوكب الأرض يستهلك كمية هائلة جدًا من الطاقة.

فلولا آثار غازات الدفيئة، لكانت الأرض باردة جدًا، بما يجعل الحياة عليها ضربًا من ضروب المستحيل.

وتتمثل المشكلة في أن البشر يرفعون بقوة كمية غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، وهو ما يقود الأرض إلى الاحتفاظ بمزيد من طاقة الشمس الهائلة؛ ما يتسبب بدوره في تسخين الكوكب بمعدلات خطرة.

وفي هذا السياق، يوضح التصميم التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- أكثر 10 دول اعتمادًا على الفحم في العالم:

أكثر الدول اعتمادًا على الفحم

مقارنة مرعبة

تبرز مصادر الوقود الأحفوري مسؤولة عن معظم السخونة التي تشهدها الأرض.

فكوكب الأرض يسخن -الآن- عند درجة 0.018 درجة مئوية سنويًا.

وإذا ما قورن هذا الرقم بنظيره الصادر عن وزارة البيئة الأسترالية (0.00024 درجة مئوية)، فستستقر نسبة آثار الاحترار الإجمالية من منجم ماونت بليزانت عند نحو 1.3% من الاحترار العالمي في عام.

ولذا، فإن 1.3% من الاحترار العالمي في عام ينتج عنه حرارة إضافية قدرها 0.1 زيتاجول عبر حرق إنتاج منجم فحم "ماونت بليزانت" الموسع.

الجول هو وحدة قياس الطاقة الحرارية.

أمّا زيتاجول فهو وحدة الجول مضاف إليه عدد 21 صفرًا.

قنبلة هيروشيما
قنبلة هيروشيما - الصورة منveterans.nv.gov

1.7 مليون قنبلة هيروشيما

يمكننا تقدير زيتاجول واحد بحرارة إضافية ناتجة عن 1.7 مليون قنبلة هيروشيما.

ولذا فإن كمية الحرارة المنبعثة من منجم فحم واحد "ليست صغيرة جدًا"، كما يزعم المسؤولون الأستراليون.

وبناءً عليه؛ فإنه إذا ما وافقت الحكومة الأسترالية على 25 منجم فحم جديد، وإذا بُدِئ تنفيذ 3 مشروعات مماثلة حصلت -فعلًا- على موافقة رسمية، فستضيف تلك المشروعات 12.600 مليون طن من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي.

وهذا بدوره سيحبس كمية حرارة تعادل 43 مليون قنبلة هيروشيما.

يُشار إلى أن هذا لم يأخذ في الحسبان مشروعات النفط والغاز، أو حتى المشروعات التي حصلت على الموافقات الرسمية من الدولة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق