- هبوط قياسي لأسعار معادن بطاريات السيارات الكهربائية في 2023
- سيؤدي تراجع أسعار معادن البطاريات إلى انخفاض في أسعار السيارات الكهربائية
- جاء معظم التراجع في أسعار الليثيوم والكوبالت والنيكل مدفوعًا بالتباطؤ في نمو الطلب على السيارات الكهربائية بالصين
- تضاعف إنتاج السيارات الكهربائية في الصين العام الماضي
- بدأ إنتاج السيارات الكهربائية في الصين التباطؤ منذ سبتمبر 2022
تمضي أسعار معادن بطاريات السيارات الكهربائية في مسارات هبوطية غير مسبوقة خلال العام الجاري (2023)، متأثرةً بهبوط مبيعات المركبات النظيفة في السوق الصينية الأكبر من نوعها في العالم.
ومن المرجح أن يُسهم هذا التراجع القياسي في أسعار تلك المعادن في انخفاض تكاليف السيارات الكهربائية، ما يزيد من انتشارها على نطاق واسع، وما لذلك من آثار إيجابية في تسريع وتيرة الجهود العالمية الرامية لتحقيق أهداف الحياد الكربوني، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأُسدل الستار على دعم السيارات الكهربائية في الصين خلال نهاية العام الماضي (2022)، ما قاد إلى تباطؤ الطلب، كما أسهم انتشار بطاريات فوسفات الحديد والليثيوم للسيارات الكهربائية، التي لا تستعمل الكوبالت أو النيكل، في خفض الأسعار.
وفي هذا الخصوص سجلت أسعار معادن بطاريات السيارات الكهربائية مثل الليثيوم والكوبالت والنيكل هبوطًا حادًا خلال العام الحالي (2023)، وسط هبوط مبيعات المركبات الكهربائية في الصين، وزيادة المعروض في الأسواق، حسبما نشرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية (Financial Times).
ومنذ بداية العام الحالي، تراجعت أسعار الليثيوم بنحو 70%، كما انخفضت أسعار النيكل بنسبة 40%، في حين تشهد سوق الكوبالت تُخمة، تحلق معها الأسعار قليلًا فوق مستويات منخفضة قياسية، بحسب أحدث البيانات الصادرة عن شركة بنشمارك مينرال إنتلغنس Benchmark Mineral Intelligence البريطانية المعنية بأسواق المعادن، ومنصة البيانات ريفينيتف Refinitiv ، ومنصة أرغوس Argus.
تباطؤ المبيعات
جاء معظم التراجع في أسعار الليثيوم والكوبالت والنيكل مدفوعًا بالتباطؤ في نمو الطلب على السيارات الكهربائية في ثاني أكبر بلد تعدادًا للسكان في العالم.
فقد ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية في الصين خلال الأشهر الـ9 الأولى من العام الماضي (2022) بمعدل الضعف، مقارنةً بالمدة ذاتها من العام السابق (2021)، غير أن معدل النمو قد تباطأ إلى ما نسبته 25% في 2023.
وقالت رئيسة قسم المواد الخام المكونة للبطاريات في شركة "سي آر يو غروب" CRU Group الاستشارية مارتن جاكسون: "المسألة تكمن في تباطؤ مبيعات السيارات الكهربائية في الصين".
وأضافت: "علاوة على ذلك انخفضت مبيعات الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية في الصين بأرقام زوجية عام 2022، ونتوقع تراجعًا آخر بأرقام زوجية خلال العام الحالي (2023)".
عودة إلى الوضع الطبيعي
يقول خبراء إستراتيجيون آخرون، إن موجات الهبوط في أسعار معادن بطاريات السيارات الكهربائية مثّلت عودة إلى الوضع الطبيعي من الصعود الصاروخي الذي شهدته أسواق معادن البطاريات في العامين الماضيين.
وسيمثّل التراجع في أسعار المواد الخام أنباءً سارةً لشركات السيارات، و-بالطبع- لمصنعي البطاريات الذين عانوا زيادةً حادةً في أسعار الخلايا في عام 2022، للمرة الأولى في أكثر من عقد.
وبدأت أسعار الليثيوم، التي لم تصعد في السابق لأكثر من 25 ألف دولار للطن، الارتفاع في أواسط العام قبل الماضي (2021)، لتلامس ذروتها عند أعلى من 80 ألف دولار في نهاية عام 2022، قبل أن تعاود الهبوط إلى ما قيمته 23 ألف دولار للطن.
وفي هذا السياق، قال الرئيس العالمي لأبحاث السلع في مؤسسة سوسيتيه جنرال Société Générale المصرفية بنيامين هوف: "هذا تراجع غير عقلاني، لكنه لا ينبغي أن يكون سببًا للتشاؤم"، وذلك خلال تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتسلط تلك التقلبات في أسعار معادن بطاريات السيارات الكهربائية الضوء على التقلبات العنيفة -صعودًا وهبوطًا- التي تشهدها سوق معادن البطاريات، في حين تسعى شركات التعدين لزيادة مستويات الإنتاج بسرعة لتلبية الزيادة المتوقعة في الطلب على السيارات الكهربائية خلال العقد المقبل.
وقالت مديرة الإستراتيجيات في شركة لايفنت Livent، واحدة من كبرى الشركات المنتجة لمعدن الليثيوم في العالم، سارة ماريسيل، إن أسعار المواد الخام المُستعملة في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية "ستستمر في هذا التقلب"، مضيفةً: "هذا جزء طبيعي من دورة الازدهار والكساد"، في تصريحات أدلت بها خلال مشاركتها في قمة فايننشال تايمز للتعدين.
التحدي الأكبر
أوضحت ماريسيل، أن التحدي الأكبر الذي يواجه شركات صناعة السيارات وشركات التعدين التي تحاول التعاون معًا لزيادة المعروض بسرعة، يتمثل في "كيفية إيجاد استقرار الأسعار على كلا الجانبين، لكنها تدرك كذلك أننا نتعامل مع موارد نادرة".
ويُعد أحدث هبوط في أسعار معادن بطاريات السيارات الكهربائية هو الأعنف، لأن سلسلة إمدادات البطاريات "تتخلص من المخزون"، عبر استعمال المواد المخزنة لتصنيع البطاريات بدلاً من شراء إمدادات جديدة، ما يزيد بدوره من خفض الطلب على المواد الخام.
وأسهمت تكاليف التمويل المرتفعة التي تُعزى -أساسًا- إلى أسعار الفائدة العالية في زيادة تكلفة الاحتفاظ بمخزون المواد الخام.
وسيساعد الانخفاض في أسعار معادن البطاريات على تراجع تكلفة السيارات الكهربائية، نظرًا إلى أن البطاريات تمثل ما يتراوح بين خُمس وثُلث أسعار السيارة.
ومع ذلك فإنه من الممكن أن يستغرق الهبوط في أسعار معادن بطاريات السيارات الكهربائية شهورًا، وهو ما يتوقف على بنود العقود المبرمَة بين شركات التعدين والمستهلكين.
صفقات الدمج والاستحواذ
فتح الهبوط في أسعار معادن بطاريات السيارات الكهربائية الباب على مصراعيه أمام شركات التعدين وكيانات أخرى لإبرام صفقات دمج واستحواذ في ظل الانخفاضات السعرية الحالية.
ففي 16 أكتوبر/تشرين الأول (2023)، تخلت أكبر شركة مُنتجة لمعدن الليثيوم في العالم ألبيمارل Albemarle الأميركية عن عرضها البالغ قيمته 4.3 مليار دولار لشراء ليونتاون ريسورسيز Liontown Resources، بعدما رفعت رائدة الأعمال وأغنى أغنياء أستراليا جينا هوب رينهارت حصتها الإستراتيجية في شركة التعدين الأسترالية.
جاء هذا في أعقاب اتفاقية بين شركتي "ألكيم" Allkem و"ليفنت" Livent المتخصصتين في إنتاج الليثيوم بشأن الدمج في مايو/أيار (2023) في صفقة بلغ قوامها 10.6 مليار دولار.
وقال المحلل في كاناكورد جينويتي Canaccord Genuity: "حتى رغم الهبوط في أسعار الليثيوم، هناك صفقات دمج واستحواذ تلوح في الأفق في ظل الحاجة إلى كيانات كبيرة ذات أوضاع مالية قوية لتوفير الإمدادات".
أسعار الكوبالت
تأثرت أسعار الكوبالت على وجه خاص، لكونه يُصنع منتَجًا ثانويًا في مناجم النحاس والنيكل في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ما يجعل من الصعب تقليص إمدادات هذا المعدن لتحقيق الاستقرار في السوق عند هبوط الأسعار الحاد.
وفُرض على شركة "سي إم أو سي غروب" -أكبر منتج للموليبدينوم في البر الرئيس للصين- حظر تصدير النحاس والكوبالت، من قبل شركة "تينكي فنغوروم" Tenke-Fungurume التي تعد واحدة من أكبر منتجي النحاس والكوبالت في الكونغو الديمقراطية، لمدة 10 أشهر حتى أبريل/نيسان (2023)؛ ما قاد في النهاية إلى تراكم مخزون ضخم من الكوبالت، وفق تقارير اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي هذا السياق قال كبير استشاريي السلع في مؤسسة ماكواري Macquarie الرائدة في مجال تقديم الخدمات المالية الاستشارية جين لينون، إن "الكوبالت هو أحد أسوأ الأسواق التي شاهدتها على الإطلاق، ولا يمكنني أن أتذكر مستوى آخر مشابهًا لهذا المعروض الزائد من هذا المعدن".
وأضاف لينون: "خلال الأعوام الـ3 إلى الـ4 المقبلة، ستتضاعف الزيادة المتوقعة في المعروض، مقارنةً بحجم السوق".
وقال محللون ومسؤولون تنفيذيون في بورصة لندن للمعادن، إنهم يتوقعون أن تشهد أسواق الكوبالت والنيكل زيادة في المعروض خلال العامين المقبلين، في وقت تعني فيه التطورات التكنولوجية انخفاض الحاجة إلى تلك المواد.
غير أن لينون أشار إلى أنه ما إن تنتهي حرب تخفيضات الأسعار الخاصة بالسيارات الكهربائية في الصين، ومع بدء ارتفاع الطلب، فمن الممكن أن تبدأ أسعار معادن بطاريات السيارات الكهربائية الصعود، مع شراء المصنّعين المواد اللازمة للإنتاج وتجديد المخزون.
نقطة تحول
شهد عام 2022 تضاعف إنتاج السيارات الكهربائية في الصين، ما دفع صانعي بطاريات السيارات الكهربائية إلى الاندفاع لشراء المعادن الرئيسة المكونة لتلك الخلايا إلى الحد الذي لم يستطع عندها إنتاج المناجم مواكبة الطلب.
لكن حصلت نقطة التحول عندما بدأ إنتاج السيارات الكهربائية في الصين التباطؤ منذ سبتمبر/أيلول (2022)، حتى نهاية أول شهرين من عام 2023، وفقًا لتقديرات المكتب الوطني الصيني للإحصاء، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتضاعف إنتاج السيارات الكهربائية في الصين العام الماضي (2022)، لكن الزيادة لامست 37% فقط في العام خلال المدة من يناير/كانون الثاني إلى مايو/أيار (2023).
موضوعات متعلقة..
- الهند مؤهلة لأداء دور حيوي في سلسلة توريد بطاريات السيارات الكهربائية (تقرير)
- بطاريات السيارات الكهربائية "المتوقفة" تضيء 1.3 مليون منزل في المملكة المتحدة (تقرير)
- حرب بطاريات السيارات الكهربائية بين الغرب والصين.. لمن يحسمها الغرافيت الاصطناعي؟
اقرأ أيضًا..
- أكبر بطارية لتخزين الكهرباء في أوروبا تدخل حيز الخدمة
- قناة السويس ترفع رسوم عبور ناقلات النفط والغاز 15%
- 9 خبراء لـ"الطاقة": أسعار النفط قد ترتفع إلى 100 دولار مع تطورات حرب غزة