تقارير السياراتسلايدر الرئيسيةسيارات

مقابر السيارات الكهربائية في الصين.. قنبلة موقوتة تهدد الحكومة (فيديو وصور)

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • مقابر السيارات الكهربائية تنتشر في 6 مدن صينية.
  • بدأت بكين في تقليص الدعم الوطني لكل مشتريات السيارات الكهربائية خلال عام 2019.
  • هناك نحو 100 شركة مصنعة للسيارات الكهربائية في الصين.
  • خلّف النمو السريع في السيارات الكهربائية وراءه العديد من الضحايا.
  • شهدت مبيعات السيارات الكهربائية في الصين طفرة كبيرة خلال الأشهر الـ6 الأولى من 2023.

تُسلِّط مقابر السيارات الكهربائية في الصين الضوء على عدم اليقين الذي يُغلِّف سوق المركبات النظيفة في ثاني أكبر بلد تعدادًا للسكان في العالم، وانعكاسات ذلك على الاستثمارات الضخمة التي يجتذبها هذا القطاع في البلد الآسيوي، إلى جانب تأثر أهداف بكين المناخية.

وتكشف النظرة المتفحصة عن أن هذه السيارات ليست مركبات جديدة غير مبيعة، بل هي أسطول من سيارات خدمات المشاركة في الركوب التي تخلص منها أصحابها؛ لأسباب عدة؛ من بينها ارتفاع تكاليف التشغيل والصيانة، قياسًا بخدمات مشاركة الدراجات، أو استعمال المترو، أو حتى استعمال سيارات الأجرة الأرخص ثمنًا.

ووسط تلك الأجواء الباعثة على الكآبة، أثارت مقابر السيارات الكهربائية في الصين جدلًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الآونة الأخيرة؛ ما دفع الخبراء والمتخصصين إلى التشكيك في الطفرة التي تزعم الدولة الآسيوية تحقيقها في مجال المركبات صديقة البيئة، وفق ما أوردته شبكة "بلومبرغ".

فعلى أطراف مدينة هانغتشو الصينية، يبرز معبد صغير متهدم على مقبرة تضم سلاسل من الحقول الممتلئة بمئات السيارات الكهربائية المتناثرة بين الأعشاب والقمامة، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وانتشرت أعداد كبيرة من مقابر السيارات الكهربائية في الصين بعد أن تخلص منها أصحابها، في 6 مدن على الأقل.

سيناريو يتكرر

يعيد مشهد مقابر السيارات الكهربائية في الصين إلى الذاكرة أزمة مشاركة الدراجات التي شهدتها البلاد في عام 2018، حينما أُلقِيت عشرات الملايين من الدراجات في مياه الأنهار والخنادق ومواقف السيارات المهجورة بعد صعود وهبوط الشركات الناشئة التي كانت تدعمها تقنيات ضخمة، مثل "أوفو" Ofo و "موبايك" Mobike.

وهذه المرة جرى التخلص من السيارات الكهربائية بعدما فشلت شركات نقل الركاب المالكة لها، أو بعد أن أوشكت تلك المركبات أن تصبح متهالكة، مع طرح شركات صناعة السيارات طُرزًا جديدة من آن لآخر بمميزات أفضل، ونطاق قيادة أطول.

وتُعد تلك السيارات الكهربائية مثالًا بارزًا على الفائض والهدر اللذين يمكن أن يحدثا عندما تتدفق رؤوس الأموال في صناعة مزدهرة بالفعل، وربما يسلط هذا -أيضًا- الضوء على التقدم الهائل المحرز في قطاع النقل الكهربائي خلال السنوات القليلة الماضية.

مقبرة سيارات كهربائية في الصين
مقبرة سيارات كهربائية في الصين - الصورة من بلومبرغ

وقبل 10 سنوات، وبتشجيع من برامج الدعم الصيني، انخرط المئات من شركات تصنيع السيارات في الصين -سواء اللاعبين الرئيسين أو الشركات الناشئة- في تصنيع السيارات الكهربائية.

وصنعت تلك الشركات بالفعل أعدادًا هائلة من السيارات الكهربائية التي تبدو بدائية؛ إذ كانت تفتقر إلى الشكل الجمالي، بل لم تكن بطارياتها تستطيع سوى قطع نحو 100 كيلومتر في الشحنة الواحدة.

ثم اشترت شركات نقل الركاب تلك السيارات الكهربائية، لتأجيرها إلى السائقين.

وقال كبير المحللين في مؤسسة "جيه إس سي أوتوموتيف" الاستشارية التي تمتلك مكاتب في شنغهاي وشتوتغارت، يونغ هونغ: "في بداية سوق السيارات الكهربائية في الصين، كانت أرقام تسليم المركبات مدفوعة بأساطيل مشاركة السيارات في الركوب".

وأوضح هونغ: "مجموعة قليلة فقط من العملاء الخصوصيين اختاروا شراءها".

وساعد الطلب المتنامي على تعزيز تلك الصناعة التي أظهرت نموًا موسعًا منذ ذلك الحين.

الصين الأولى عالميًا

تبرز الصين -حاليًا- البلد الأول عالميًا في تصنيع السيارات الكهربائية؛ إذ لامس إنتاجها قرابة 6 ملايين سيارة كهربائية وهجينة في العالم الماضي (2022)، أو ما يعادل سيارة -تقريبًا- في كل 3 سيارات بيعت في البلاد.

وتمثل الصين ما نسبته 60% من أسطول السيارات الكهربائية في الوقت الراهن، كما أن لديها أكبر بنية تحتية لشحن تلك المركبات في العالم، والتي بُنيت هي الأخرى بدعم حكومي.

مقبرة سيارات كهربائية
مقبرة سيارات كهربائية - الصورة من insideevs

ضحايا النمو السريع

خلّف النمو السريع في السيارات الكهربائية وراءه العديد من الضحايا.

فقد توقف الكثير من شركات نقل الركاب التي كانت من أوائل مستعملي السيارات الكهربائية، عن العمل.

ولم يعد هناك سوى نحو 100 شركة مصنعة للسيارات الكهربائية في الصين، بانخفاض من 500 شركة في عام 2019، وهو ما نتج عنه ظهور مقابر السيارات الكهربائية في الصين.

لكن آثار التخلص السريع من السيارات الكهربائية لا تقف عند حد تشويه المنظر، وما ينتج عنه من تلوث بصري، ولكنه يقلل كذلك من فوائها المناخية، بالنظر إلى أن عملية تصنيعها كثيفة الانبعاثات، ولا تظهر ميزتها على سيارات الاحتراق الداخلي سوى بعض مرور سنوات قليلة.

وتحتوي البطاريات المستعملة لكلا النوعين من السيارات على مكونات ثمينة مثل النيكل والليثيوم والكوبالت، وهي المعادن التي يمكن إعادة تدويرها لجعل صناعة السيارات الكهربائية في الصين صديقة للبيئة.

بداية ظهور المقابر

وفق تقارير نشرتها وسائل إعلام محلية، تعهّدت حكومة هانغتشو بالتخلص من السيارات التي بدأت تتراكم في عام 2019.

كما أظهرت الصورة التي التقطت بالأقمار الصناعية مواقع عديدة مليئة بالسيارات الكهربائية المهجورة في مناطق يوهانغ وويست ليك بالمدينة.

وقبل دخول عملاقة صناعة السيارات الكهربائية الأميركية تيسلا إلى الصين، وشروعها في تصنيع تلك المركبات في مصنعها الكائن في شنغهاي في أوائل عام 2020، كانت معظم السيارات الكهربائية التي تُنتَج في ثاني أكبر الاقتصادات العالمية، صغيرة الحجم، ومتواضعة الجودة.

ونادرًا ما كانت تلك السيارات الكهربائية تروق إلى المستهلكين الذين كانت تتوافر لديهم أعداد كبيرة جدًا من سيارات الاحتراق الداخلي ذات المظهر الأخاذ.

تحفيزات حكومية

في إطار مساعيها الرامية للترويج لاستعمال السيارات الكهربائية، شرعت الحكومة الصينية في أواخر العقد الأول من الألفية الحالية في تقديم خصومات تصل إلى 60 ألف يوان (8.400 دولارًا أميركيًا)، على السيارة، وتقييد اقتناء السيارات العاملة بالبنزين في مدن كبرى عديدة.

ودعمت شركات صناعة السيارات أو حتى أسست العديد من الشركات الناشئة العاملة في مجال نقل الركاب، والتي -بطبيعة عملها- ملأت أساطيلها بالسيارات الكهربائية؛ فعلى سبيل المثال دعمت جيلي شركة كوكو تشوكينغ التي ما زالت تعمل حتى الآن.

لكن خدمة مشاركة السيارات "باندا" التي دعمتها شركة تشونغتشينغ ليفان أوتو كو، قد أُسدل عليها الستار، بل أشهرت الأخيرة إفلاسها في عام 2020، لتستحوذ عليها شركة جيلي في العام قبل الماضي (2021).

مقبرة سيارات كهربائية
مقبرة سيارات كهربائية - الصورة من بلومبرغ

تحايل واحتيال

عُثر على واحدة من مقابر السيارات الكهربائية المهجورة في الصين على وحدات من علامة مابل التجاري التي تصنعها كل من جيلي وليفان، وفق ما وثقته "بلومبرغ"، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وفي أواسط عام 2010، عززت الصين دعمها تبنّي استعمال السيارات الكهربائية بنظام ائتمان يكافئ شركات صناعة السيارات على إنتاج تلك المركبات، بينما يعاقبها على تصنيع السيارات ذات الاستهلاك العالي للوقود.

وفي عام 2021 أشار تقرير لوكالة "فيتش" إلى إمكان أن تكون بعض الشركات قد استهلت نشاطها بوصفها شركات نقل ركاب بهدف استهلاك مخزونها المتنامي من السيارات الكهربائية التي لم يشترِها الجمهور العام.

وبدأت بعض الشركات -أيضًا- في التحايل على برنامج الدعم عبر تزوير السجلات الخاصة بسيارات كهربائية غير موجودة.

على سبيل المثال أنتجت بعض الشركات هيكلًا فارغًا لا يحتوي على بطارية، أو حتى صنعت سيارات ببطاريات لا تستوفي المواصفات الصحيحة.

وفي عام 2016 أشارت تقارير إلى أن عشرات الشركات حصلت بطرق الاحتيال على أكثر من 9.3 مليار يوان (1.3 مليار دولار أميركي).

(1 يوان = 0.14 دولارًا أميركيًا).

تقليص الدعم

بدأت بكين في تقليص الدعم الوطني لكل مشتريات السيارات الكهربائية في عام 2019.

وفي هذا الصدد قال كبير المحللين في مؤسسة "جيه إس سي أوتوموتيف" الاستشارية يونغ هونغ، إن العديد من شركات نقل الركاب لم تكن مُستعدة للتغيير في السياسات؛ ما أثر بشدة في تدفقاتها النقدية.

وأضاف: "لم يستطِع هؤلاء اللاعبون الاستمرار في السوق".

وبدأت مقابر السيارات الكهربائية في جذب اهتمام كبير في وقت لاحق من العام الجاري (2023)، حينما تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي بقوة مع تلك الظاهرة الجديدة.

وقالت مديرة أبحاث الشركات الصينية في وكالة فيتش جينغ يانغ، التي كانت أحد مؤلفي تقرير الوكالة الصادر في عام 2021، إنها فوجئت فور علمها بوجود مقابر السيارات الكهربائية في الصين.

وأوضحت يانغ أن استعمال سيارات الأجرة، ومشغلي أساطيل السيارات، للمركبات الكهربائية قد لقن المستهلكين درسًا جيدًا، مفاده أن السيارات الكهربائية كانت بديلًا آمنًا.

ويشعر المصنعون بالتحفيز للاستثمار في التقنيات ذات الصلة بالسيارات الكهربائية في وقت لم تكن فيه هناك سوق استهلاكية لتلك السيارات، وهو ما أفسح الطريق أمام ارتفاع الطلب على التقنية النظيفة.

وتابعت: "هذه الظاهرة تضع حدًا لماضي سوق سيارات الطاقة الجديدة في الصين، لكنها لا تكشف كثيرًا عن مستقبلها".

مبيعات السيارات الصينية

شهدت مبيعات السيارات الكهربائية في الصين طفرة كبيرة خلال الأشهر الـ6 الأولى من العام الجاري (2023)، مدعومة برفع القيود الصارمة لمواجهة فيروس كورونا في البلاد والإعانات الحكومية.

ونجحت سوق السيارات الصينية، خلال النصف الأول من عام 2023، في تجاوز العديد من الصدمات الخارجية، لتسجل نموًا كبيرًا، حيث صعد حجم المبيعات التراكمي بنسبة 9.8% على أساس سنوي.

وجاء هذا الزخم الإيجابي مدعومًا بالجهود المشتركة لسياسات الترويج الوطنية والمحلية، وأنشطة تسويق السيارات المختلفة عبر مناطق مختلفة، إلى جانب طرح العديد من طرز السيارات الجديدة من قبل شركات السيارات بشكل جماعي.

وخلال المدة من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران (2023)، لامست مبيعات السيارات الكهربائية في الصين 3.788 و3.747 مليون وحدة، وهو ما يمثّل زيادة نسبتها 42.4% و44.1% مقارنة بالعام السابق (2022).

واستحوذت مبيعات السيارات الكهربائية في الصين على قرابة 28.3% من إجمالي مبيعات السيارات في البلاد في النصف الأول من 2023.

كما أن إجمالي صادرات الصين، خلال النصف الأول من عام 2023، بلغ 2.14 مليون سيارة، بزيادة نسبتها 75.7% عن العام الماضي (2022).

ويوضح الفيديو أدناه تفاصيل عن مقابر السيارات الكهربائية في الصين:

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق