طرح أول مناقصة لبيع الهيدروجين الأخضر عبر خطوط الغاز في أوروبا

تستعد الحكومة البرتغالية لإطلاق أول مناقصة لبيع الهيدروجين الأخضر عبر خطوط الغاز في أوروبا، في إطار المساعي الحثيثة التي تبذلها لشبونة للتحول إلى مركز لإنتاج الوقود النظيف وتصديره، الذي يُعوَّل عليه كثيرًا في تسريع جهود تحول الطاقة.

وتأتي خطط تطوير الهيدروجين الأخضر في البلد الكائن جنوب غرب أوروبا متّسقةً مع خطط دول الاتحاد الأوروبي لتعزيز إنتاج الوقود منخفض الكربون وتصديره، في إطار أهداف دول القارة العجوز لفطم نفسها عن الغاز الروسي والاستعاضة عنه بوقود آخر مستدام.

وقد يصير الهيدروجين الأخضر عنصرًا رئيسًا في مزيج الطاقة العالمي، شريطة أن تتمكن حكومات العالم من إنتاج أكثر من 10 ملايين طن بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، وتقليل التكاليف إلى 1.5 دولارًا لكل كيلوغرام، بحسب تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وفي هذا الإطار تطرح البرتغال أول مناقصة لبيع الهيدروجين الأخضر عبر خطوط الغاز في أوروبا تمهيدًا لضخه في شبكة الغاز الوطنية في غضون الأسابيع المقبلة، بينما تُطرح مسألة المساعدات الرسمية الحاسمة للنقاش مع المفوضية الأوروبية –الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- وفق ما صرحت به وزيرة الطاقة والعمل المناخي البرتغالية آنا فونتورا، في 12 أكتوبر/تشرين الأول (2023)، ونقلته وكالة رويترز.

الشرارة الأولى

يقول بعض المحللين إن أول مناقصة لبيع الهيدروجين الأخضر عبر خطوط الغاز في أوروبا قد يكون بمثابة شرارة إطلاق سوق الهيدروجين الأخضر الناشئة في القارة العجوز، بينما يتزايد توجه البلدان نحو هذا الوقود منخفض الكربون لمكافحة الانبعاثات الكربونية وتعزيز أمن الطاقة.

وقالت فونتورا: "سُتطرَح أول مناقصة لبيع الهيدروجين الأخضر عبر خطوط الغاز في أوروبا، وكذلك غاز الميثان الحيوي؛ لضخه في شبكة الغاز الطبيعي الوطنية، خلال الأسابيع المقبلة، ونحن نبحث قضايا المساعدات الحكومية مع المفوضية الأوروبية".

غير أن فونتورا لم تحدد قيمة المساعدات التي تنوي حكومة بلادها تقديمها في هذا الخصوص.

شراء مضمون

بموجب بنود أول مناقصة لبيع الهيدروجين الأخضر عبر خطوط الغاز في أوروبا، ستتعاقد شركة غالب Galp البرتغالية لشراء الهيدروجين الأخضر الممزوج بالغاز الطبيعي من المنتجين، ثم إعادة بيعه لتلبية الطلب المتنامي، وهو نظام يستهدف تعزيز الاستثمارات في الإنتاج عبر منح الموردين عملية شراء مضمونة.

ومن شأن هذا أن يزيل الحاجة لإبرام عشرات التعاقدات الثنائية بين الموردين والمستهكين.

وعبر طرح أول مناقصة لبيع الهيدروجين الأخضر عبر خطوط الغاز في أوروبا تساور البرتغال رغبة قوية في أن تصبح مُنتجًا رئيسًا ومصدرًا للهيدروجين الأخضر المُنتَج عبر تقنية التحليل الكهربائي باستعمال مصدر طاقة متجددة، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

واختبرت فلويني Floene، أكبر مشغل لشبكة توزيع الغاز في البرتغال، على مدار شهور مدى إمكان استعمال خطوط أنابيب البولي إيثيلين الخاصة بالغاز -أيضًا- في نقل الهيدروجين مع الغاز الممزوج بنسبة 5% بالهيدروجين، وبالفعل نجحت في ذلك دون حصول أي حوادث تسرب.

وتخطط الحكومة البرتغالية لرفع تلك النسبة إلى 20%.

الهيدروجين الأخضر في البرتغال

في يوليو/تموز (2023) قالت الحكومة البرتغالية إن سعة جهاز المحلل الكهربائي الجديد لإنتاج الهيدروجين الأخضر ينبغي أن تصل إلى 5.4 غيغاواط بحلول نهاية العقد الجاري (2030)، بزيادة من توقعات سابقة قُدرت بـ2.5 غيغاواط، نتيجة خطط الاستثمار القوية.

وتخطط شركة النفط والغاز البرتغالية الحكومية "غالب" لبناء محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وهي تعمل –الآن-على بناء محطة أخرى مع مرفق الكهرباء البرتغالي.

وهناك شركات أخرى تبدي اهتمامًا ببناء محطات مماثلة لإنتاج الهيدروجين الأخضر مثل التحالف البرتغالي الدنماركي الهولندي مادوكو واتحاد الشركات البرتغالية وتحالف يتألف من 3 منتجين رئيسين للزجاج، إلى جانب أكبر شركتين لإنتاج الأسمنت، واللذين يشكلان سويًا 10% من الانبعاثات الكربونية المنطلقة من قطاع الصناعة في البرتغال.

خُطط مزادات

تأتي أول مناقصة لبيع الهيدروجين الأخضر عبر خطوط الغاز في أوروبا في إطار حزمة من المخططات الجديدة التي كشفت عنها الحكومة البرتغالية في يناير/كانون الثاني (2023) لطرح مزادات لطاقة الرياح والغاز المتجدد، مع تركيز خاص على الهيدروجين ومشتقاته؛ من بينها الأمونيا والميثانول الأخضر والوقود الاصطناعي، وفق ما أورده موقع مجلة بي في ماغازين pv magazine.

وقالت السلطات إنها ترغب في منح تعاقدات ذات آجال 10 أعوام لـ30 ألف طن من الهيدروجين الأخضر، إلى جانب 10 آلاف طن من الميثان المتجدد.

وحددت الحكومة السعر المرجعي للهيدروجين الأخضر عند 127 يورو (134.7 دولارًا)/ميغاواط/ساعة، بينما قَدرت السعر المرجعي لغاز الميثان المتجدد بـ62 يورو/ميغاواط/ساعة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة هيدروجين يوروب جورجو هاتزيماركاكيس: "تحددت أُسس المناقصة الأولى في البرتغال لشراء الميثان الحيوي والميثان الاصطناعي والهيدروجين الأخضر، والتي ستساعد على البدء في إزالة الكربون من استهلاك الغاز في البلاد".

وفي العام قبل الماضي (2021)، أطلقت الحكومة البرتغالية دعوة لمشروعات الهيدروجين الأخضر، وبالفعل اجتذبت استثمارات مقترحة لامست قيمتها 16 مليار يورو (16.9 مليار دولار).

وفي هذا الخصوص يُعَد مبلغ الـ40 مليون يورو الذي تقدمه لشبونة لدعم مبادرة مشروعات الهيدروجين الأخضر جزءًا من إستراتيجية الهيدروجين الوطنية التي تتبناها البرتغال.

ويوضح الإنفوغرافيك أدناه -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة -أكبر 11 مشروعًا أخضر في العالم:

استثمارات بالمليارات

أعلن التحالف الدولي "إم بي 2 إكس" استثمارات تتجاوز قيمتها 1.5 مليار يورو للمرحلة الثانية من مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مدينة سينيس، إلى جانب حزمة استثمارية أخرى بقيمة 1.3 مليار دولار في المرحلة الأولى، بحسب موقع ذا برتغال نيوز The Portugal News.

ويتوقّع المشروع الذي تقوده شركة مادوكي رينيوابولز Madoqua Renewables أن تتجاوز سعة إنتاج الهيدروجين الأخضر 1 غيغاواط، ليصبح بذلك أكبر مشروع من نوعه في أوروبا، وفقًا لمروجين.

وقالت الشركة، في بيان: "تركز تلك الرؤية الإستراتيجية على خلق 265 فرصة عمل دائمة، إلى جانب 6 آلاف وظيفة تُوفر عبر تأسيس شراكات محلية بدءًا من عام 2025".

وقال المدير التنفيذي لتحالف إم بي 2 إكس ماروليس راس: "المرحلة الأولى من المشروع وحدها تتطابق بالفعل مع 20% من الأهداف الوطنية للبرتغال في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، على المستوى الأوروبي".

خطط أوروبية

تتجه أنظار أوروبا -التي تعاني شُحًا في إمدادات الطاقة- إلى الهيدروجين الأخضر بوصفه بديلًا جذابًا؛ إذ تخطط ألمانيا بالفعل لإنتاج 25 غيغاواط بحلول عام 2040، كما تسعى إسبانيا لإنتاج أكثر من 4 غيغاواط بحلول نهاية العقد الحالي (2030).

كما كشف الاتحاد الأوروبي النقاب عن خطط لحزمة تمويلية بقيمة 300 مليون يورو (336 مليون دولار) للهيدروجين، بالإضافة إلى مبادرة تعزيز دور الهيدروجين، التي تهدف إلى تقليل اعتماد المنطقة على إمدادات الطاقة الروسية.

وبوجه عام تعتزم أوروبا إنتاج 3 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2030، فضلًا عن الهدف الجديد لإنتاج 15 مليون طن في خطة تقليل الاعتماد على الغاز الروسي.

ويمكن أن يؤدي مزج الهيدروجين مع الغاز الطبيعي أو الأمونيا مع الفحم لتوليد الكهرباء، إلى خفض استعمال الوقود الأحفوري، كما يحدث في أوروبا والصين واليابان.

موضوعات متعلقة..

• مشروع كندي لتطوير الهيدروجين الأخضر في البرتغال
• الهيدروجين الأخضر.. نقطة تحوّل صادرات الطاقة في البرتغال
• 3 دول تسبق المغرب والجزائر في مشروع نقل الهيدروجين عبر خطوط الغاز
• أوروبا تراهن على الهيدروجين الأخضر لتعزيز إمدادات الطاقة (تقرير)

اقرأ أيضًا..

• قصة مدينة أميركية عمرها 400 عام تهددها التغيرات المناخية بالغرق (صور)
• نتاج أوبك النفطي في سبتمبر يقفز 273 ألف برميل يوميًا
• أنس الحجي: الغاز الإسرائيلي في ورطة.. وهذا موقف مصر
• وزير الطاقة السعودي: "نراقب سوق النفط.. ومستمرون في خفض الإنتاج لنهاية 2023"