التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

تقرير يهاجم مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه: "ليست واعدة على الإطلاق"

أسماء السعداوي

اقرأ في هذا المقال

  • اهتمام ياباني بمشروعات احتجاز الكربون وتخزينه لخفض الانبعاثات
  • اليابان هي سادس أكبر مطلق للانبعاثات في العالم
  • تعاون ياباني أسترالي في مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه
  • شح البيانات وارتفاع التكلفة أبرز تحديات التقنية
  • اتهام للتقنية بأنها مبرر لاستمرار استعمال الوقود الأحفوري
  • دعوة للتوجه صوب الطاقة المتجددة الأرخص والأكثر فعالية

تعقد اليابان آمالًا واسعة على تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه؛ إذ تعدّها سبيلًا رئيسًا لخفض الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وصولًا إلى تحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

وحول ذلك، وضعت طوكيو خطة طويلة الأمد تتضمن احتجاز وتخزين ما يتراوح بين 6 و12 مليون طن كربون سنويًا بحلول عام 2030، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وعلى نحو خاص، يمثّل احتجاز الكربون وتخزينه بالنسبة لليابان طوق نجاة؛ فمن ناحية تتميز البلاد بفقر الموارد الطبيعية، كما أن اعتمادها على النفط والغاز ضخم، ولذلك فالتقنية فرصة لتقليل انبعاثات مصادر الوقود الأحفوري ضمن الأهداف المناخية، كما تمنحها الفرصة والوقت الكافي لتطوير مصادر طاقة أخرى.

في المقابل، ترتفع تكلفة مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه، كما أثبتت التجارب على أرض الواقع أن مشروعات الشركات اليابانية داخل أستراليا لم تحقق مبتغاها.

ولذلك، يدعو محلل شؤون الطاقة تيم دايز اليابان إلى إعادة النظر في استثمارات احتجاز الكربون وتخزينه، موصيًا بتوجيه تلك الموارد الضخمة لصالح الطاقة المتجددة الأرخص والأكثر فعالية، بحسب تقرير نشرته منصة "إنرجي تراكر" (energytracker).

تعاون مكثف بين اليابان وأستراليا

تعتمد اليابان بشدة على واردات الطاقة لتلبية احتياجات قطاع الكهرباء؛ إذ تستورد 43% من الغاز المسال و75% من الفحم من أستراليا.

ونظرًا لاعتمادها المفرط على مصادر الوقود الأحفوري، فاليابان هي سادس أكبر مُطلق للانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بعد كلٍ من الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند وروسيا، رغم أن تعداد سكانها يبلغ 125 مليونًا فقط.

كما تأتي أستراليا التي يبلغ عدد سكانها 25 مليون نسمة فقط، في المرتبة الـ14 على قائمة كبار مطلقي الانبعاثات عالميًا، بسبب إنتاج الوقود الأحفوري فهي أحد كبار مصدّري الغاز المسال في العالم.

وبسبب الضغوط المحلية والعالمية، تحاول اليابان وأستراليا خفض الانبعاثات عبر تقنية احتجاز الكربون وتخزينه، إلّا أن مدى فعالية تلك المشروعات أصبح مثار جدل كبير.

فبالرغم من أن البلدين يعدّان احتجاز الكربون وتخزينه هو السبيل للحدّ من انبعاثات الاحتباس الحراري، ثبت أنه ليس إلّا مبررًا لاستمرار استعمال مصادر الوقود الأحفوري وتطويرها.

وباستعمال التقنية، يُنتج البلَدان الهيدروجين الأزرق الذي يسمّيه البلدان "نظيفًا"، لكنه ينُتج من الغاز الطبيعي وينطوي على انبعاثات.

يُشير الهيدروجين الأزرق إلى الهيدروجين المُنتج من الوقود الأحفوري، وغالبًا من الغاز الطبيعي أو تغويز الفحم، وهي عملية يُحتجز فيها معظم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ويُخزن أو يُستعمل في منتجات عبر تقنيات احتجاز الكربون واستعماله وتخزينه.

يوضح الرسم البياني التالي- أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه عالميًا:

احتجاز الكربون وتخزينه

مشروعات ضخمة

أعلنت شركة إنبكس (Inpex) علاقة النفط والغاز في اليابان، أنها ستقود بناء أحد أكبر مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه في العالم بمدينة داروين، شمال أستراليا.

وبخطوة أولية، قالت الشركة، إنها ستوفر مليوني طن أو أكثر سنويًا من ثاني أكسيد الكربون من محطة إكثيس للغاز المسال التابعة لها في أستراليا.

تبلغ التكلفة المقترحة للمشروع نحو 869 مليون دولار تقريبًا، ومن المتوقع احتجاز 7 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.

وتشارك إنبكس أيضًا من مشروع لاحتجاز الكربون وتخزينه في حوض بونابرت قبالة السواحل الشمالية بالتعاون مع عملاقة الغاز الأسترالية "وود سايد إنرجي" (Woodside Energy) وشركة توتال إنرجي الفرنسية (TotalEnergies).

كما يوجد العديد من مشروعات التعاون اليابانية الأسترالية في مجال احتجاز الكربون وتخزينه، بالإضافة لدراسات جدوى في هذا الصدد، وذلك بفضل البيئة المواتية التي توفرها الحكومة للتقنية لإزالة الكربون من قطاع النفط والغاز الأسترالي.

مخاطر مالية وشكوك

يقول تقرير "إنرجي تراكر"، إن استعمال تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه من قِبل الشركات اليابانية في أستراليا، أشبه بـ"الغسل الأخضر" للنفط، الذي يدعم مشروعات الوقود الأحفوري القائمة، وإقامة أخرى جديدة.

يُعرف الغسل الأخضر بأنه ظاهرة تضليل المستهلكين بأن المنتج صديق للبيئة، وهو ليس كذلك، ويُجرى ذلك عبر تقديم ادّعاءات بيئية كاذبة حول طريقة التصنيع، والمواد المستعملة في تصنيعه، ودورها في مكافحة تغيّر المناخ.

وتستغرق المشروعات وقتًا طويلًا للبناء، كما تتطلب تكاليف تطويرها مبالغ طائلة، ولذلك فإن الاستثمار فيها أمر محفوف بالمخاطر.

ولذلك، فإذا فشلت مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه في تحقيق النتائج المرجوة منها، فقد تنتهي استثمارات الشركات اليابانية في أستراليا في صورة "أصول عالقة".

يُقصد بالأصول العالقة التي تقلّ قيمتها عن المتوقع وتتكبد خسائر مالية.

وتتوقع المحللة في شركة "وود ماكنزي" للاستشارات (Wood Mackenzie)، مهاريد إيفانز، ارتفاع تكلفة تطوير مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه لعدّة سنوات أخرى، قبل أن تنجح في تحقيق وفورات في التكاليف.

وسلّطت دراسة أجراها معهد التحليل المالي واقتصاديات الطاقة (IEEFA) الضوء على شح البيانات والمخاوف المحيطة بمشروعات احتجاز الكربون وتخزينه.

وتقول الدراسة، إن عدم كفاية البيانات القابلة للتحقق منها لبرهنة فعالية التقنية، يمثّل عقبة رئيسة أمام الاستثمارات في أستراليا.

وبسبب الشكوك المحيطة، فالتقنية -بحسب الدراسة- بحاجة للتطور بصورة كبيرة وإثبات جدواها تجاريًا على نطاق واسع، وهو ما سيؤهلها للحصول على تمويلات مصرفية.

مشروع غورغون

تفيد التجارب بأن مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه "ليست واعدة مطلقًا"، ويؤكد ذلك مشروع غورغون التابع لشركة شيفرون الأميركية (Chevron).

فالمشروع الذي يُعدّ أكبر مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه في العالم، وكلَّف إنشاؤه 1.9 مليارات دولار، فشل في تحقيق النتائج المرجوة منه خلال أول 5 سنوات من عمله.

ولذلك، اضطرت الشركة لشراء تعويضات الكربون المعترف بها من قبل ولاية أستراليا الغربية، لسدّ عجز بحجم 5.23 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.

ورغم أن التقديرات تقول، إن تكلفة شراء التعويضات تبلغ 184 مليون دولار، فإن شيفرون ترفض الإفصاح عن التكلفة الحقيقية.

والأسوأ من ذلك هو أنه من المتوقع أن تتحمل الحكومة مسؤولية التكلفة التي بدورها ستحملها للمواطنين من دافعي الضرائب.

يوضح الإنفوغرافيك أدناه- أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أرقامًا مهمة عن مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه:

احتجاز الكربون وتخزينه

الطاقة المتجددة

يقول تقرير "إنرجي تراكر"، الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، إن مصادر الطاقة المتجددة سبيل فعال لإزالة الكربون من قطاع الكهرباء، كما أن تطوير تلك المشروعات النظيفة أقلّ تكلفة من مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه.

ودلّل على ذلك بأن التكلفة المستوية للكهرباء من الوقود الأحفوري باستعمال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه أعلى بمقدار 1.5 إلى مرتين من محطات إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح أو التقليدية العاملة بالفحم والغاز دون تقنية احتجاز الكربون وتخزينه.

يُقصد بالتكلفة المستوية للكهرباء تكاليفَ العُمْر التشغيلي لتقنيات توليد الكهرباء مقسومة على كمية الكهرباء المُوَلَّدة.

يؤكد ذلك تقرير أصدرته منظمة "وان إيرث" ( One Earth) المعنية بشؤون البيئة، فيقول، إن تراجع تكاليف إنتاج الكهرباء من الرياح والشمس يقلل قيمة تقنية احتجاز الكربون وتخزينه بنسبة تتراوح بين 15 و96%.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق