هيدروجينالتقاريرتقارير الهيدروجينتقارير دوريةسلايدر الرئيسيةوحدة أبحاث الطاقة

الهيدروجين الأزرق في أميركا يواجه انتقادات.. ليس نظيفًا ولا منخفض الكربون

تقرير يتهم الحكومة بترويج مغالطات تدحضها دراسات علمية

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • مشروعات الهيدروجين الأزرق تحظى بدعم شركات الوقود الأحفوري
  • انتقادات للحكومة الأميركية بالترويج للهيدروجين الأزرق دون أدلة
  • نموذج الحكومة ينطلق من مغالطات و4 افتراضات مفرطة في التفاؤل
  • 5 دراسات علمية منشورة منذ 2022 تحذّر من كوارث تسرب الهيدروجين
  • الهيدروجين الأخضر لم يسلم من النقد بسبب تكاليفه الباهظة

يواجه تبنّي إنتاج الهيدروجين الأزرق في أميركا انتقادات واسعة، بعد أن شاع وصفه بأنه منخفض الكربون داخل أوساط خبراء الطاقة والبيئة خلال السنوات الأخيرة، ما أدى إلى تصديق هذا الوصف وكأنه حقيقة علمية لا جدال فيها.

وأمام ذلك، شكّك تقرير حديث -حصلت وحدة أبحاث الطاقة على نسخه منه- بطريقة إنتاج الهيدروجين الأزرق والحملات المروجة له بوصفه بديلًا ملائمًا للبيئة لانخفاض انبعاثاته الكربونية.

وتوصّل التقرير الصادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي، إلى حقائق معاكسة تمامًا، أبرزها، أن الهيدروجين الأزرق في أميركا ليس منخفض الكربون ولا نظيفًا ولا يمكن التعويل عليه أو الترويج له حلًا لأزمة الانبعاثات العالمية المتصاعدة.

ترويج الهيدروجين الأزرق دون أدلة

تحظى مشروعات إنتاج الهيدروجين الأزرق في أميركا بدعم صناعة الوقود الأحفوري، لإنتاجه عبر حرق الغاز، وهي طريقة لا تصطدم مباشرة بنشاطها الرئيس في استخراج الوقود الأحفوري.

كما يحظى إنتاج الهيدروجين الأزرق بدعم الحوافز الأميركية السخية المقدمة في قانون خفض التضخم، بوصفه أحد بدائل الطاقة النظيفة منخفضة الكربون ويمكنه الإسهام بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم.

وعادةً ما يروّج أنصار الهيدروجين الأزرق في أميركا والعالم هذه المقولات بكثافة في وسائل الإعلام ومنتديات الطاقة، لكن دون تقديم أدلة متماسكة على ادّعاءاتهم، بحسب ملاحظات خبراء التحليل في معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي.

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت إستراتيجية وطنية تهدف إلى إنتاج 10 ملايين طن سنويًا من الهيدروجين منخفض الكربون يرتفع إلى 50 مليون طن سنويًا بحلول عام 2050، ويستعرض الإنفوغرافيك التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- أبرز ملامحها:

خريطة طريق الهيدروجين النظيف في أميركا

دحض الحجج الحكومية السائدة

فنّد خبراء التحليل في معهد اقتصادات الطاقة حجج النموذج الذي تستند إليه حكومة الولايات المتحدة في دعم الهيدروجين الأزرق ضمن خططها الطموحة لخفض الانبعاثات ودعم بدائل الوقود النظيف.

ولاحظ التقرير أن هذا النموذج يهون بصورة كبيرة من تأثير إنتاج الهيدروجين من الوقود الأحفوري في ظاهرة الاحتباس الحراري، من خلال وقوعه في 4 أخطاء منهجية.

يفترض النموذج الحكومي -أولًا- أن إنتاج الهيدروجين الأزرق في أميركا لن ينتج عنه سوى انبعاث 1% فقط من كميات غاز الميثان المستعمل في الإنتاج بداية من مرحلة استخراج البئر وحتى منشأة الإنتاج.

وتقلّ هذه التقديرات بصورة كبيرة عن التحليلات العلمية الحديثة المستندة إلى مسوح انبعاثات الطائرات والأقمار الصناعية، بحسب تقرير معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.

100 عام مضللة في التقديرات

يعتمد النموذج الحكومي -ثانيًا- مدة زمنية طويلة جدًا (100 عام) في حسابات التقديرات المستقبلية لانبعاثات الميثان؛ ما يقلل -بصورة كبيرة- من التأثيرات البيئية المحتملة في ظاهرة الاحتباس الحراري.

ويعدّ الميثان من أقوى الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري؛ ما يجعل افتراض 20 عامًا في التقديرات المستقبلية ليس في صالحه، إذ إن قدرته على إحداث الاحترار العالمي خلال عقدين أعلى 80 مرة من ثاني أكسيد الكربون، بينما قدرته على مدار 100 عام أقلّ بكثير.

ويشترك هذا التحليل مع نتائج دراسة أعدّتها كبيرة الباحثين في الأكاديمية الألمانية للعلوم والهندسة أندريا لوبكه، وانتهت إلى أن الأثر المناخي غير المباشر لانبعاثات الهيدروجين على مدار 20 عامًا قد يزيد بمعدل 33 مرة على تأثير ثاني أكسيد الكربون، وفقًا لما نشره موقع إنرجي نيوز المتخصص (energy news) في 11 يناير/كانون الثاني 2023.

ويفترض النموذج الحكومي -ثالثًا- أن الهيدروجين الأزرق في أميركا ليس له أيّ تأثير في ظاهرة الاحتباس الحراري، إذا تسرب إلى الغلاف الجوي، وهو ما يخالف الأدلة العلمية بحسب تقرير معهد اقتصادات الطاقة.

اختبار تسرب الهيدروجين الأرزق في أميركا
أجهزة قياس تسرب الغازات - الصورة من european business review

ويشترك هذا النقد مع نتائج 4 دراسات أخرى منشورة عام 2022، حذّرت من فقدان الهيدروجين لمزاياه البيئية المروجة بالكامل، إذا تسرب 10% منه خلال عمليات إنتاجه أو نقله أو تخزينه أو استعماله.

ويمكن لكميات كبيرة من الهيدروجين المتسرب أن تتسبب في زيادة كميات الأوزون بالغلاف الجوي؛ ما قد يؤدي إلى تباطؤ تحلل غاز الميثان الضار بالمناخ، ومن ثم يفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، بحسب الدراسات التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

ويعتمد النموذج -رابعًا- على افتراض أخير بأن جميع مشروعات إنتاج الهيدروجين الأزرق في أميركا ستكون قادرة على احتجاز الكربون الذي تنتجه، وهو افتراض مفرط في التفاؤل وغير مثبت.

تقنيات الهيدروجين الأزرق "مضيعة للوقت"

إذا استعملت وزارة الطاقة الأميركية أرقامًا أكثر واقعية في تحليلاتها، فسيكون من الواضح أن الهيدروجين الأزرق في أميركا ليس نظيفًا أو منخفض الكربون، بل هو بديل مُلوث للغاية، على حدّ تعبير مؤلف التقرير ديفيد شليسل.

يقول شليسل، إن استمرار دعم وإنتاج الهيدروجين الأزرق في أميركا والعالم يهدر وقتًا ثمينًا، ويصرف الانتباه عن الاستثمار في بدائل أكثر فاعلية بمكافحة الاحتباس الحراري، مثل موارد الرياح والطاقة الشمسية وتخزين البطاريات وكفاءة الطاقة.

وأشار المحلل الأميركي، ذو الخبرة الممتدة لـ30 عامًا في استشارات الطاقة والمرافق، إلى أن كل الافتراضات الإيجابية التي استعملها في تقييم انبعاثات الميثان واحتمالات تسرب الهيدروجين ومدى فاعلية احتجاز الكربون لا تصبّ في صالح الهيدروجين الأزرق، بل تشير ببساطة إلى أنه وقود ليس منخفض الكربون.

وتشترك في هذا الرأي زميلته المشاركة في التقرير أنيكا جون، مع مطالبتها بوقف تمويل الحكومة أو المستثمرين لمشروعات الهيدروجين الأزرق في أميركا، لمخاطرها المحتملة في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، عبر إطلاق كميات كبيرة من الغازات الدفيئة بالغلاف الجوي لعقود.

وتتفق نتائج دراسة معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي بأن الهيدروجين الأزرق ليس نظيفًا، مع نتائج دراسات سابقة رصدتها منصة الطاقة المتخصصة منذ 3 سنوات (أغسطس/آب 2021).

4 طرق أخرى لإنتاج الهيدروجين محل جدل

تتعدد طرق إنتاج الهيدروجين عامة لدى الأوساط الفنية المتخصصة، أبرزها عبر حرق الغاز الطبيعي أو الفحم، ويُطلق عليه في هذه الحالة الهيدروجين الأزرق، إذا صاحب عملية الإنتاج تطبيق تقنية احتجاز الكربون.

بينما يُطلق عليه الهيدروجين الرمادي، إذا استُخلص من حرق الغاز الطبيعي أو الفحم دون تطبيق آلية احتجاز الكربون، كما يُطلق عليه الهيدروجين الأسود أو البني إذا أُنتِج بطريقة تغويز الفحم عبر التسخين.

كما يُسمى الهيدروجين الأصفر في حالة إنتاجه من الماء عبر محللات كهربائية تعمل بكهرباء مولدة بالطاقة النووية، أمّا الهيدروجين الأخضر ذائع الصيت، فيُستخلص من الماء بالطريقة نفسها، ولكن عبر محللات تعمل بكهرباء مولدة من مصادر الطاقة المتجددة.

كما أن هناك أنواعًا أخرى يُطلق عليها أوصاف الوردي والتركوازي والأبيض، لكن هذه المسميات أو الأوصاف ليست حقيقية، بل مجازية، فالأصل في الهيدروجين أنه غاز لا لون له ولا رائحة، وما هذه الألوان إلّا لمحاولة التمييز بين طرق إنتاجه المنتشرة حول العالم، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

يوضح الرسم التالي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- طرق إنتاج الهيدروجين المنتشرة في العالم وأوصافه بالألوان المجازية:

أنواع الهيدروجين

ويختلف التقييم البيئي لطرق إنتاج الهيدروجين المنتشرة في العالم، لا سيما طريقة حرق الفحم أو الغاز، كما تختلف دول أوروبا سياسيًا وبيئيًا حول الهيدروجين الأصفر، لاختلافها حول الطاقة النووية نفسها، وهل هي مصدر متجدد أم غير متجدد.

أمّا الهيدروجين الأخضر، فيبدو محل إجماع بيئي حتى الآن، لكن تكلفة إنتاجه ما زالت باهظة لاعتماده على الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة، ما يجعله مثيرًا للجدل من ناحية الجدوى الاقتصادية، خاصة أن هذه الكهرباء يمكن استعمالها مباشرة في أغراض أخرى.

ولعل هذا ما دفع مؤسس صندوق التحوط البريطاني أرغونوت كابيتال بارتنرز (Argonaut Capital Partners)، باري نوريس، إلى الهجوم على الهيدروجين الأخضر، ووصف الرهان عليه بالخاسر، بحسب تصريحات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة (12 سبتمبر/أيلول 2023).

ويقول نوريس معبرًا عن رأيه: "إذا كان لديك نفقات رأسمالية كبيرة لبناء محللات كهربائية تعمل بطاقة الرياح والطاقة الشمسية لإنتاج الهيدروجين، فربما تجد نفسك في النهاية مضيّعًا أموالك، فالتكلفة لن تكون تنافسية أبدًا".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق