طاقة نوويةأخبار الهيدروجينتقارير الطاقة النوويةهيدروجين

المملكة المتحدة تفتح الباب أمام الهيدروجين الأصفر المختلف عليه في أوروبا

ألمانيا ترفض الاعتراف به وفرنسا تؤيده بشدة

رجب عز الدين

فتحت المملكة المتحدة الباب أمام مشروعات الهيدروجين الأصفر المختلف على توصيفها البيئي بين أكبر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي منذ العام الماضي (2022).

وتخطط الحكومة البريطانية لضخ استثمارات بقيمة 20 مليار جنيه إسترليني (24 مليار دولار)، بهدف تطوير مشروعات احتجاز الكربون واستعماله وتخزينه بحلول 2050، وفقًا لمشروع الموازنة العامة المقترح من وزارة الخزانة على البرلمان.

(الجنيه الإسترليني= 1.21 دولارًا أميركيًا).

وأعطى مشروع الموازنة الضوء الأخضر لمشروعات الهيدروجين الأصفر، إلى جانب مشروعات الهيدروجين الأزرق، وفقًا لموقع هيدروجين فيو المتخصص (h2-view).

وغالبًا ما ينتج الهيدروجين عبر طرق مشهورة في الأوساط الفنية المتخصصة، أبرزها من الغاز الطبيعي ويطلق عليه الهيدروجين الرمادي، في حين يطلق عليه البني في حالة إنتاجه من الفحم، أما في حالة إنتاجه من الغاز أو الفحم ويصحبه عملية احتجاز الكربون في هذه الحالة فيُعرف بـالهيدروجين الأزرق.

كما يُطلق عليه الهيدروجين الأصفر في حالة إنتاجه بالاعتماد على مصادر الطاقة النووية. أما الهيدروجين الأخضر ذائع الصيت فيعتمد في إنتاجه على مصادر الطاقة المتجددة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتُعد هذه المسميات أو الأوصاف مجازية وليست حقيقية، فالأصل في الهيدروجين أنه غاز لا لون له ولا رائحة ولا طعم، وما هذه الأوصاف إلا محاولة للتمييز بين طرق إنتاجه المنتشرة حول العالم.

انتشار الهيدروجين الأزرق

الهيدروجين الأصفر
محطة شل لتزويد السيارات بالهيدروجين - الصورة من بلومبرغ

تستحوذ مشروعات الهيدروجين الأزرق على أغلب المشروعات المقترحة في المملكة المتحدة، في حين يستحوذ الهيدروجين الأخضر المحبذ لدى نشطاء البيئة والمناخ على اهتمام أقل.

واكتسب الهيدروجين الأزرق هذا الانتشار من تناغمه مع أنشطة شركات النفط والغاز الأوروبية والبريطانية التي تتعرّض لضغوط هائلة لهجر الوقود الأحفوري والانتقال إلى إنتاج مصادر طاقة منخفضة الكربون.

ولهذا السبب سارعت أكبر شركات النفط والغاز في المملكة وأوروبا إلى تبني مشروعات مختلفة الحجم لإنتاج الهيدروجين الأزرق عبر الوقود الأحفوري المحترفة في استخراجه وإنتاجه منذ عقود.

وتأتي شركة شل الأنغلو-هولندية في مقدمة شركات الوقود الأحفوري المبادرة للمشاركة في 3 مشروعات مقترحة لإنتاج الهيدروجين الأزرق في المملكة المتحدة بسعة 3.3 غيغاواط.

كما تشارك شركة إكوينور النرويجية المشهورة في مشروعين آخرين بسعة 1.8 غيغاواط، في حين تنخرط شركة "فيرتكس هيدروجين" في مشروع مماثل مع شركة "إيسار إنرجي" النفطية الهندية بسعة 3.3 غيغاواط، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

إنشاء مفاعلات صغيرة

من المتوقع أن تُسهم خطة وزير الخزانة البريطاني جيريمي هانت لدعم الاقتصاد الأخضر في إنعاش مشروعات الهيدروجين بمختلف أنواعه في المملكة المتحدة، بما فيها الهيدروجين الأصفر المنتج نوويًا.

وتستعد وزارة الخزانة لتصنيف الطاقة النووية بوصفها مصدرًا مستدامًا للطاقة، مع إمكان منحها حوافز الاستثمار نفسها المقدمة لمشروعات الطاقة المتجددة، مثل طاقتي الشمس والرياح وغيرهما، وفقًا لما جاء في خطاب هانت أمام أعضاء البرلمان البريطاني.

كما تدرس الوزارة دعم الاستثمار في إنشاء عدد من المفاعلات الصغيرة بالمملكة، عبر تأسيس شركة تحمل اسم بريطانيا العظمى للطاقة النووية "غريت بريتيش نيوكلير"، ما قد يسهم في توفير جانب من الكهرباء النظيفة بحلول عام 2050.

ومن المتوقع إطلاق مناقصة لإنشاء المفاعلات النووية الصغيرة أمام الشركات المتخصصة بحلول نهاية 2023، مع وعود من الحكومة البريطانية بتمويل المشروع الفائز، وفقًا لموقع إنرجي فويس المتخصص (Energy Voice).

لماذا تعارض ألمانيا؟

رحّب الاتحاد الأوروبي بمشروعات الهيدروجين الأصفر المنتج من الطاقة النووية، لأول مرة في فبراير/شباط 2023، وسط انتقادات حادة تتزعمها ألمانيا قائدة الاتحاد في مواجهة فرنسا المؤيدة لمثل هذه المشروعات بقوة.

ونشرت المفوضية الأوروبية، في 14 فبراير/شباط 2023، قواعد جديدة تسمح بإدراج مشروعات إنتاج الهيدروجين الأصفر ضمن خطط الطاقة المتجددة لعام 2030، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتعترض ألمانيا على تصنيف الطاقة النووية ضمن المصادر المتجددة والمستدامة للطاقة، ما انعكس على موقفها من الهيدروجين الأصفر المعتمد عليها، على عكس فرنسا، أكبر دولة أوروبية مولدة للكهرباء النووية بنسبة 75% تقريبًا.

وحددت المفوضية الأوروبية 3 أنواع من الهيدروجين يمكن الاعتراف بإنتاجها ودعمها ضمن برامج وأهداف الطاقة المتجددة والحياد الكربوني بحلول عام 2050.

شروط المفوضية الأوروبية

النوع الأول ويختص بمصانع إنتاج الهيدروجين المتصلة مباشرة بمولد كهربائي نظيف وحديث، في حين يضم النوع الثاني المنشآت المتصلة بالشبكة الكهربائية في مناطق محلية زادت حصتها من الطاقة المتجددة عن 90% في عام 2022.

أما النوع الثالث فيختص بالمنشآت الحاصلة على الكهرباء من الشبكة في المناطق التي تنخفض فيها كثافة الانبعاثات، بشرط توقيع اتفاقيات شراء طويلة الأجل مع منتجي الكهرباء النظيفة في محيط مشروعاتها.

وتستهدف هذه الشروط إلزام الشركات المنتجة للهيدروجين الأصفر أو الأخضر باستعمال الطاقة المتجددة المضافة حديثًا، أو توقيع اتفاقيات تضمن شراء الكهرباء النظيفة لدعم مشروعات الطاقة المتجددة وتحفيز الفاعلين فيها على التوسع.

ومن المتوقع أن تكون فرنسا أكبر المستفيدين من تمرير القواعد الأوروبية الخاصة بفتح الباب أمام إنتاج الهيدروجين الأصفر، كما ستستفيد دول أوروبية أخرى، مثل السويد وإسبانيا وألمانيا والتشيك وسويسرا وبلجيكا بدرجات متفاوتة، حسب حجم قطاع الطاقة النووية في كل بلد.

احتجاز 30 مليون طن كربون

الهيدروجين الأصفر
وزير الخزانة البريطاني جيريمي هانت - الصورة من بلومبرغ

رغم أن المملكة المتحدة لا تعتمد على الطاقة النووية بصورة كبيرة في إنتاج الكهرباء، فإن إعلانها الأخير سيعزز من نمو القطاع وحجم إسهامه خلال السنوات المقبلة، كما سيفتح الباب أمام إنتاج الهيدروجين الأصفر إلى جانب الأزرق والأخضر.

وتأمل الحكومة البريطانية أن تسهم هذه المشروعات في احتجاز 20 إلى 30 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول عام 2030، ما يعزز من خططها الطموحة للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050.

كما تطمح في جذب استثمارات القطاع الخاص إلى المجال وخلق وظائف خضراء للبريطانيين تصل إلى 50 ألف وظيفة بحلول عام 2050، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتتوقع وزارة الخزانة البريطانية نمو اقتصاد المملكة المتحدة بنسبة 1.8% خلال عام 2024، تزيد إلى 2.5 % في عام 2025، ثم تنكمش قليلًا إلى 2.1% في عام 2026.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق