وحدة أبحاث الطاقةالتقاريرتقارير النفطتقارير الهيدروجينتقارير دوريةتقارير منوعةرئيسيةمنوعاتنفطهيدروجين

ضريبة الكربون الأوروبية.. كيف ستغيّر مشهد أسواق الصلب والنفط والهيدروجين؟

تطبيق الضريبة على صناعة النفط يفيد الشرق الأوسط

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • ضريبة الكربون تلزم من يريد الدخول إلى السوق الأوروبية بخفض الانبعاثات
  • صناعة الصلب المحلية والعالمية أولى ضحايا تطبيق الضريبة عام 2026
  • منتجو الصلب في الصين والهند أكبر المتضررين مع زيادة تكاليف الواردات
  • الشرق الأوسط أكبر المستفيدين حال ضم النفط إلى ضريبة الكربون
  • روسيا ومنتجو النفط في غرب أفريقيا سيضطرون إلى البحث عن أسواق بديلة

يتزايد التركيز على موعد تطبيق ضريبة الكربون الأوروبية التي أقر الاتحاد الأوروبي تعديلها في عام 2022، وسط حالة ترقب بين مصدري الوقود الأحفوري ومنتجي الحديد والصلب في العالم للآثار والتكاليف المتوقعة بعد التطبيق، وكيفية التعامل معها.

وحذّر تقرير تحليلي حديث -حصلت وحدة أبحاث الطاقة على نسخة منه- من احتمال تسبب ضرائب الكربون الأوروبية في ارتفاع الأسعار بصورة حادة في عديد من القطاعات بعد تطبيقها.

وحلل التقرير، الصادر عن شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي، الآثار المحتملة لتطبيق ضريبة الكربون الأوروبية على صناعات النفط والصلب والهيدروجين الأوروبية والعالمية، متوقعًا حدوث تغيرات كبيرة في أنماط تدفقات التجارة العالمية، مع تداعيات أخرى على المستهلكين في الاتحاد الأوروبي نفسه.

ضريبة الكربون.. مَن المتضرر؟

من المتوقع تشديد ضريبة الكربون الأوروبية المعروفة بـ"آلية تعديل حدود الكربون (CBAM)" على السلع والمنتجات الداخلة إلى حدود الاتحاد الأوروبي بداية من عام 2026، ما سيجبر منتجي السلع المستوردة على دفع ضريبة الانبعاثات إلى الأوروبيين.

وأقر الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/كانون الأول 2022 تغييرات مشددة على آلية تعديل حدود الكربون المقترحة منذ عام 2021، لمنع الشركات الأوروبية نفسها من تحويل إنتاجها الصناعي إلى خارج الاتحاد، في إطار التحايل على ضريبة الانبعاثات.

وتنص التعديلات -التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة- على فرض ضريبة كربون تدريجية بداية من عام 2026 على المنتجات المستوردة، بما في ذلك واردات الحديد والصلب والأسمنت والألومنيوم والأسمدة والكهرباء.

ويتوقع تقرير وود ماكنزي، أن يُحدث تطبيق ضريبة الكربون الأوروبية أثرًا عالميًا محسوسًا، مع انقسام العالم إلى رابحين وخاسرين بحسب كثافة الكربون في منتجاتها المعروضة بالأسواق العالمية.

ويرجح التقرير، أن تكتسب الدول التي لديها أنظمة تسعير كربون محلية فاعلة أو التي تنتج سلعًا منخفضة الانبعاثات، ميزة تنافسية عالية في دخول أسواق الاتحاد الأوروبي عن الدول غير المهتمة بذلك.

وستنجح ضريبة الكربون في تسريع عمليات إزالته من القطاعات الملوثة للبيئة، لكنها قد تؤدي إلى تعديل كبير في التدفقات التجارية العالمية سيمتد أثرها إلى عقد من الزمن على الأقل، بحسب محللة أبحاث الكربون في وود ماكنزي، إيليان بيليتي.

صناعة الصلب أولى الضحايا

من المتوقع أن تكون صناعة الصلب من أولى الصناعات المتضررة من تطبيق ضريبة الكربون الأوروبية، وسيشعر بذلك الضرر جميع المنتجين الرئيسين للصلب داخل أوروبا وخارجها، بحسب التقرير.

ويتسبب إنتاج الحديد والصلب داخل الاتحاد الأوروبي في 6% من إجمالي الانبعاثات الأوروبية، ومن المتوقع أن تؤدي ضريبة الكربون إلى دفع المنتجين المحليين والأجانب إلى الاستثمار في التقنيات النظيفة الأعلى تكلفة لخفض الانبعاثات، مثل تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه واستعماله، وتقنيات الهيدروجين وزيادة كفاءة الطاقة.

في المقابل، تُعد الهند والصين -على المستوى الخارجي- من أوائل الدول التي سيلحقها الضرر من ضريبة الكربون الأوروبية، وسط توقعات بزيادة تكاليف صادراتهما من الصلب إلى الاتحاد الأوروبي مع تطبيق آلية تعديل حدود الكربون.

ويوضح الرسم التالي -أعدته وحدة أبحاث الطاقة- خريطة أكبر 10 دول من حيث القدرة التشغيلية لصناعة الصلب حتى عام 2022:

إنتاج الصلب في العالم

ومن المرجح ارتفاع تكاليف صادرات الصلب إلى الاتحاد الأوروبي من بعض المنتجين الرئيسين في العالم بمقدار 275 دولارًا للطن بحلول عام 2034.

كما يتوقع أن يشهد المنتجون الصينيون والهنود ارتفاعًا في تكلفة وارداتهم من الصلب بنسبة 49% 56% على التوالي بحلول عام 2034، بحسب تقديرات تفصيلية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة من تقرير وود ماكنزي.

المستهلك الأوروبي أكبر المتضررين

بلغ متوسط سعر استيراد منتجات الصلب التي تغطيها ضريبة الكربون الأوروبية في عام 2022، قرابة 1450 دولارًا للطن.

ومن المرجح أن يكون تأثير ضريبة الكربون الأوروبية أقل بالنسبة إلى منتجي الصلب منخفض الكربون أو الدول المتشددة في أسعار الكربون المحلية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

أما بالنسبة إلى المنتجين الآسيويين، فربما يضطرون إلى تحويل وارداتهم من الصلب إلى أسواق أخرى لا تفرض ضرائب الكربون أو سيحولون غالبية إنتاجهم إلى الاستهلاك المحلي.

ورغم ذلك، فإن المستهلكين النهائيين في الاتحاد الأوروبي سيضطرون إلى دفع تكاليف أعلى مقابل حصولهم على الصلب في المستقبل، ما يتوقع أن ينتج عنه رد فعل سياسي عنيف، بحسب تقديرات محلل أسواق الكربون في وود ماكنزي، نومين هان.

تأثيرات صناعة الهيدروجين

ما يزال إنتاج الهيدروجين محدودًا في العالم، ولم يصل بعد إلى مراحل الحجم الكبير والنطاق الواسع، لكن من المتوقع أن تؤثر ضريبة الكربون الأوروبية في زيادة تحفيز المنتجين لزيادة واردات الهيدروجين منخفض الكربون ومشتقاته للاستفادة من الدخول للأسواق دون ضرائب إضافية.

وتُعد الأمونيا والأسمدة عنصرين أساسين في إستراتيجية إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون، مع تقديرات بأن تكون الأمونيا أكبر مستهلك للهيدروجين الأزرق حتى 2035، في حين ستميل الكفة إلى صالح الهيدروجين الأخضر بعد ذلك مع انخفاض تكلفته وارتفاع ضريبة الكربون الأوروبية، ما سيرفع قدرته التنافسية مع أنواع الهيدروجين المنتجة عبر حرق الوقود الأحفوري، بحسب تقرير وود ماكنزي.

وتتركب الأمونيا من عنصري النيتروجين والهيدروجين، ما يجعلها بديلًا صالحًا لاستعمالات متعددة في مجموعة واسعة من الصناعات، إذ يمكنها العمل في صورة مادة خام أو وقود أو مادة وسيطة ناقلة للهيدروجين، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وإذا ارتفعت تكلفة الهيدروجين الأزرق (المنتج من الوقود الأحفوري بتقنيات احتجاز الكربون)، أو الرمادي (المنتج دون هذه التقنية)، فسيضطر المنتجون داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه إلى التوسع في إنتاج الهيدروجين الأخضر منعدم الانبعاثات.

تأثيرات النفط.. الشرق الأوسط مستفيد

ليست سلسلة قيمة صناعة النفط واحدة من القطاعات الأولية التي تغطيها آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية في الوقت الحالي، لكن من المتوقع إدراج إنتاج النفط الخام وتكريره ضمن القائمة في عام 2028، على أن يُجرى تغطية السوق بالكامل بحلول عام 2036، بحسب توقعات وود ماكنزي.

ورغم ذلك، فمن المتوقع حال إدراج النفط إلى القائمة، أن تستفيد الدول ذات الاحتياطيات الكبيرة من النفط والغاز الأقل كثافة من حيث الكربون مثل الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط.

أما منتجو النفط في دول غرب أفريقيا وروسيا فسيضطرون إلى تحويل تدفقاتهم النفطية إلى أسواق أكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية خارج الاتحاد الأوروبي.

شركة أرامكو السعودية
مهندسون في شركة أرامكو السعودية - الصورة من arabian business

ويفرض الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي حظرًا شبه شامل على واردات النفط الروسي لأسباب سياسية متصلة بالحرب على أوكرانيا، لكن ذلك سيختلف حال تطبيق ضريبة الكربون الأوروبية، ما يرجح ابتعاد روسيا بصادراتها إلى أسواق أخرى في آسيا وأميركا اللاتينية لأسباب تجارية هذه المرة.

وكما هو الحال مع الصلب، سيدفع المستهلكون الأوروبيون الثمن لإدراج النفط والغاز في قائمة ضريبة الكربون الأوروبية، ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء إلى جانب التأثيرات غير المباشرة في أسعار السلع والمنتجات الأخرى.

ويقدر تقرير وود ماكنزي، أن يؤدي التطبيق الكامل لضريبة الكربون الأوروبية إلى رفع أسعار النفط الخام والمشتقات النفطية بما يصل إلى 5 دولارات للبرميل، ما يعني زيادة كل لتر يصل إلى محطات البنزين بـ0.3 يورو.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق