التقاريرالتغير المناخيتقارير التغير المناخيتقارير منوعةرئيسية

لماذا ترفض الهند صفقة الفحم النظيف مع الدول الغنية؟ (تقرير)

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • من غير المتوقع التوصل إلى اتفاق هندي في المستقبل القريب
  • • لأسباب عديدة توجد مقاومة كبيرة لشراكة التحول العادل للطاقة داخل الهند
  • • الهند حثّت الدول الغنية مرارًا وتكرارًا على الوفاء بوعدها بتوفير 100 مليار دولار سنويًا
  • • الفحم يوفر ما يزيد على 70% من احتياجات الهند من الكهرباء

تَرى الهند أن شروط شراكة التحول العادل للطاقة (جيه إي تي بي) ، التي بدأت جنوب أفريقيا تنفيذها، ليست جيدة بالقَدْر الكافي، لا سيما مع خلوّها من استعمال الفحم.

يأتي ذلك رغم إعلان زعماء مجموعة الدول الـ7 الكبرى، قبل أكثر من عام، أنهم يعملون على سلسلة من الصفقات لإبعاد الاقتصادات الناشئة عن الوقود الأحفوري، وخصوصًا الفحم.

وأعلن زعماء المجموعة، في القمة التي عُقدت بألمانيا، أنهم يتفاوضون مع إندونيسيا وفيتنام والهند، التي لم تتوقف عن استعمال الفحم بعد، ولا تريد منح فرصة الانتصار للدول الغنية في هذا المضمار، حسبما نشره موقع كلايمت تشينج نيوز (climatechangenews).

منذ ذلك الحين، وقّعت إندونيسيا وفيتنام صفقات شراكة التحول العادل للطاقة، ولم توقّعها نيودلهي، وفق المعلومات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وقال خبراء مطّلعون على هذه القضية، إنه من غير المتوقع التوصل إلى اتفاق هندي في المستقبل القريب.

وأوضحت محللة الطاقة في معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي (آي إي إي إف إيه)، سواتي ديسوزا، أنه لعدد من الأسباب، "توجد مقاومة كبيرة داخل الهند لشراكة التحول العادل للطاقة".

وتشمل هذه الأسباب تركيز البرنامج على التخلص التدريجي من الفحم، الذي يشكّل الدعامة الأساسية لمزيج الطاقة في الهند، والكمية الصغيرة نسبيًا من التمويل المعني، فضلًا عن طبيعة الديون لذلك التمويل.

وترى دسوزا أن هناك شكوكًا تتعلق بعقد مفاوضات جديدة وموازية بشأن تمويل المناخ، في حين إن المفاوضات القديمة لم تتوصل إلى نتائج ملموسة.

تمويل البلدان النامية

في محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ، حثّت الهند مرارًا وتكرارًا، ولكن دون جدوى، الدول الغنية مثل مجموعة الـ7 على الوفاء بوعدها بتوفير 100 مليار دولار سنويًا لتمويل البلدان النامية للمساعدة في معالجة تغير المناخ والتكيف معه.

ويُنظر إلى المشروع على أنه بيان سياسي سيُعدّ بمثابة فوز لدول مجموعة الـ7 التي تسعى إلى إظهار أنها تساعد الدول النامية على التخلص من الوقود الأحفوري.

ولن يُنظر إليه بالضرورة على أنه انتصار للهند، خصوصًا قبل الانتخابات الوطنية العام المقبل.

محطة لتوليد الكهرباء من الفحم في الهند
محطة لتوليد الكهرباء بالفحم في ولاية تشهاتيسغاره الهندية – الصورة من موقع كلايمت تشينج نيوز

وتتساءل محللة الطاقة في معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي (آي إي إي إف إيه)، سواتي ديسوزا: "إذا كان على نيودلهي أن تصدر إعلانا سياسيًا، فما هي العائدات من ذلك؟".

ويبدو أن العقبة الرئيسة تتمثل في تركيز شراكة التحول العادل للطاقة على الفحم.

وركّزت الاتفاقيات المبرمة مع جنوب أفريقيا وإندونيسيا وفيتنام على تحول أنظمة الطاقة، بعيدًا عن الكهرباء المولدة بالفحم إلى مصادر الطاقة المتجددة.

من ناحيتها، قاومت الهند لمدة طويلة المواعيد النهائية لإنهاء استعمال هذا الوقود الأحفوري، ومن أشهرها تغيير عبارة "التخلص التدريجي" من الفحم إلى "التخفيض التدريجي" بمحادثات قمة المناخ كوب 26 في غلاسكو.

ضرورة استعمال الفحم في الهند

أعلنت الحكومة الهندية أن الفحم ضروري لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة لاقتصادها النامي، وأن الوقود يُستهدَف بشكل غير عادل بينما يُوَفَّر النفط والغاز الذي تعتمد عليه الدول المتقدمة. وأكد نائب المدير العام لوزارة الفحم، سانتوش أغاروال، هذا الموقف الشهر الماضي.

في محاضرة بشأن التحول العادل، قال سانتوش أغاروال: "فيما يتعلق بالهند، فإن التحول بعيدًا عن الفحم لن يحدث في المستقبل القريب".

تجدر الإشارة إلى أن الفحم يوفر أكثر من 70% من احتياجات الهند من الكهرباء، وهو الرقم الذي تتوقع الحكومة أن ينخفض إلى 55% بحلول عام 2030، مع ارتفاع حصة مصادر الطاقة المتجددة، حسبما نشره موقع كلايمت تشينج نيوز (climatechangenews).

ونظرًا لتزايد عدد السكان والطلب على الطاقة في الهند، فإن انخفاض النسبة لا يعني استعمال كميات أقلّ من الفحم بالقيمة المطلقة.

وأوضح أغاروال أن الطلب على الفحم سيرتفع بنحو 40% بحلول عام 2030، ولن يصل إلى الذروة إلّا في عام 2040.

وتخطط الهند لإنتاج المزيد من الفحم لتلبية هذا الطلب المرتفع، وتهدف إلى زيادة إنتاج الفحم من 900 مليون طن إلى 1.5 مليار طن بحلول عام 2030، وفقًا لما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وقال أغاروال: إنه "لن يكون هناك إغلاق للمناجم بسبب التحول العادل"، بل إن "المناجم الضخمة" ستفتح، ما يخلق فرص عمل.

ووجدت تحليلات مستقلة أن هناك إمكانًا لإغلاق بعض المناجم الخاسرة، وأن بعض محطات توليد الكهرباء الجديدة التي تعمل بالفحم قد لا تكون هناك حاجة إليها.

وتمتلك الهند ثاني أكبر خطط لبناء محطات الفحم في العالم، بعد الصين. ومع ذلك، يقول المحلل بمركز أبحاث السياسات في نيودلهي، أشويني سوين: "إن العديد من المحطات غير مستغل بالقدر الكافي".

وتعني توقعات النمو أن الهند لن تشهد فقدان الوظائف بقطاع الفحم في المستقبل القريب، ما يجعل التمويل لإعادة تدريب عمال الفحم غير ضروري.

وتشير محللة الطاقة في معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي (آي إي إي إف إيه)، سواتي ديسوزا، إلى أن أغلب الهنود الذين يعملون في مجال الفحم والصناعات المرتبطة به، ويتراوح عددهم بين 13 و20 مليونًا، هم عمال غير رسميين، قد لا يشملهم برنامج على غرار شراكة التحول العادل للطاقة.

شروط غير جذابة

قال محلل الطاقة مدير مبادرة سوانيتي، سانديب باي، إن حجم ونوع التمويل المعروض يمثّل عقبة أمام شراكة التحول العادل للطاقة للهند.

من ناحية ثانية، بلغت الأموال العامة المعروضة نحو 8.5 مليار دولار لجنوب أفريقيا، مع مبالغ مماثلة لإندونيسيا وفيتنام، ويصف باي هذه الأرقام بأنها صغيرة جدًا بالنسبة لدولة بحجم الهند.

الفحم في الهند
تفريغ حمولة شاحنة فحم بالقرب من مدينة أحمد آباد بغرب الهند - الصورة من رويترز

وأضاف سانديب باي أن هذه هي المبالغ التي يمكن للهند الاستفادة منها من الأسواق التجارية بمفردها، ووفقًا لأحد التقديرات، ستحتاج الهند إلى نحو 900 مليار دولار على مدى 30 عامًا لتحقيق أهدافها في مجال الطاقة المتجددة.

وأوضح باي: "في الأشهر الـ6 الأولى أو نحو ذلك، بعد مفاوضات شراكة التحول العادل للطاقة العام الماضي، كان المسؤولون الهنود يحاولون فهم ما كانت تتحدث عنه مجموعة الـ7، والآن فهموا، ونحن لسنا مهتمين للغاية".

إضافة إلى ذلك، كان الكثير من الأموال المعروضة على جنوب أفريقيا وإندونيسيا بشكل قروض وليس بشكل منح، وقد ثبت أن هذا الأمر مثير للجدل في كلا البلدين، إذ يقول المنتقدون، إن الحكومتين تزيدان من أكوام ديون الدولتين.

تعديل شراكة التحول العادل للطاقة

على الرغم من العقبات، يمكن أن تكون عملية شراكة التحول العادل للطاقة مفيدة للهند في تحفيز الحوار بشأن التحول العادل، كما حدث في جنوب إفريقيا، حسب قول محلل الطاقة مدير مبادرة سوانيتي، سانديب باي.

وتشير إضافة السنغال مؤخرًا -وهي ليست مستهلكًا رئيسًا للفحم مقارنة بالدول الأخرى- إلى أن هذه الشراكات يجب ألّا تركّز على الفحم.

بدلًا من ذلك، يمكن أن يكون التركيز على خطة الهند الخاصة بتوسعة الطاقة المتجددة، حسب المحلل بمركز أبحاث السياسات في نيودلهي، أشويني سوين.

وقد التزمت البلاد بزيادة كمية الطاقة الكهربائية من الوقود غير الأحفوري إلى 3 أضعاف تقريبًا من نحو 180 غيغاواط اليوم إلى 500 غيغاواط بحلول عام 2030، ويمكنها النظر في طريقة التعويض عن بعض الآثار السلبية للفحم.

وقال أشويني سوين: "إذا أدركنا اعتماد الهند على الفحم خلال العقود القليلة المقبلة على الأقلّ، فيمكننا أن نتحدث عن كيف يمكن أن يكون هذا الفحم أنظف، أو تمويل استعادة البيئة بعد إغلاق المنجم"، "يجب أن يكون هناك نموذج منفصل لشراكة التحول العادل للطاقة للهند".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق