خبيران: النفط والغاز في الجزائر ليس سببًا لاستبعادها من عضوية بريكس
داليا الهمشري
عقب استبعاد الجزائر من عضوية مجموعة بريكس، أشارت أصابع الاتهام إلى صادرات النفط والغاز في الجزائر بمثابة أحد الأسباب الرئيسة لهذا القرار، إلى جانب أمور سياسية أخرى.
إلّا أن بعض الخبراء وجدوا أن هذه الاتهامات غير واقعية في ظل السياسة التي انتهجتها البلاد خلال الأعوام الأخيرة -ولا سيما العامين الماضيين-، بتبنّي نموذج اقتصادي جديد يقوم على التعدد الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، والتوسع في الصادرات خارج المحروقات.
وعلّق رئيس مجلس الأمة الجزائري صالح قوجيل يوم الإثنين الماضي (4 سبتمبر/أيلول 2023)، خلال إشرافه على افتتاح الدورة البرلمانية العادية 2024/2023، على عدم انضمام الجزائر لـ"بريكس"، قائلًا: "نكون في بريكس أو لا نكون.. المهم عندنا هو العلاقات الثنائية مع هذه البلدان".
وأضاف قوجيل أن "هناك معارك كبيرة تنتظرنا، وخاصة في أفريقيا؛ لأن عمق الجزائر هو أفريقيا"، موضحًا أن العام الجاري سيشهد استكمال الإصلاحات.
معايير غامضة
قال أستاذ الاقتصاد بجامعة سطيف 1 الجزائرية الدكتور هباش فارس، إن سبب استبعاد الجزائر من عضوية مجموعة بريكس ما يزال غير معروف، رغم ما تردَّد عن أن اعتماد البلاد على صادرات النفط والغاز، وعدم التنوع الاقتصادي ليس السبب الرئيس وراء الرفض.
وأضاف فارس -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن المعايير التي اختارت مجموعة بريكس الدول الـ6 على أساسها ما تزال غامضة، وتكتنفها حالة من الضبابية في غياب التصريحات الرسمية التي توضح المعايير الاقتصادية والسياسية لقبول ملفات ترشّح الدول.
وتابع أن الجزائر انتهجت خلال الأعوام الأخيرة -ولا سيما العامين الماضيين- نموذجًا اقتصاديًا جديدًا يقوم على أساس التعدد الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، والتوسع في الصادرات خارج المحروقات.
وواكبت النتائج الإحصائية هذه الفلسفة الاقتصادية الجديدة، إذ بلغت الصادرات خارج نطاق المحروقات بنهاية عام 2022 نحو 7 مليارات دولار، مؤكدًا أن هذا الرقم غير مسبوق في تاريخ الجزائر منذ الاستقلال.
زيادة معدل النمو
أشار أستاذ الاقتصاد بجامعة سطيف 1 إلى أن الاقتصاد الجزائري -بموجب تقارير صندوق النقد الدولي في نهاية 2022- قد حقق معدل نمو يُقدَّر بـ4.7%، وهو بذلك يُصنَّف ضمن المنطقة الثانية بمثابة أفضل معدلات نمو في العالم، والتي تتراوح ما بين 3 و6% إلى جانب كلٍّ من الصين وتركيا.
وتوقّع فارس أن تصل صادرات الجزائر خارج المحروقات إلى حدود 13 مليار دولار بنهاية العام الجاري.
وأكد أن المؤشرات الاقتصادية -حتى الآن- تُعدّ مُشجعة للغاية، بالرغم من أن الصادرات خارج المحروقات، والتنوع الاقتصادي الجزائري، لم يصلا إلى النسب المطلوبة والأهداف المرجوّة، لافتًا إلى أن التجربة ما تزال في بدايتها، ولا يمكن الحكم عليها بعد أول عامين من اعتمادها.
واستبعد فارس أن يكون رفض انضمام الجزائر إلى تكتل بريكس نتيجة لغياب التنوع الاقتصادي واعتماد اقتصادها على النفط والغاز، لافتًا إلى أن المعايير السياسية والتحالفات الدولية قد أدّت دورًا في الاختيار.
مقومات إيجابية
أوضح الدكتور هباش فارس أن الجزائر قد انتهجت -منذ عام 2019- نظامًا اقتصاديًا يقوم على تنويع مصادر الدخل لتوسيع نطاق الصادرات خارج المحروقات.
ووضعت البلاد العديد من القوانين والسياسات والإجراءات التي تضمن التخلص التدريجي من التبعية النفطية، واعتمدت الحكومة العديد من السياسات التي انصبّت حول تطوير القطاعات الإستراتيجية الـ5، وهي: الصناعة بجميع فروعها، والزراعة، والطاقات المتجددة، واقتصاد المعرفة، والسياحة.
ويرى فارس أن الجزائر تمتلك العديد من المقومات في هذه القطاعات الإستراتيجية الـ5.
وبالنسبة لقطاع المحروقات والمعادن، أوضح فارس أن هناك وفرة في الموارد الطبيعية من النفط والغاز في الجزائر، وتُعدّ البلاد أحد الرواد في العالم بقطاع المحروقات، مضيفًا أنها تتمتع -كذلك- بثروة معدنية هائلة ومتنوعة من الحديد والفوسفات والزنك والرصاص.
تنويع الاقتصاد
أكّد الدكتور هباش فارس أن خطة الجزائر في تنويع الاقتصاد تضمن عدم تعرّضها لمخاطر تقلبات سوق النفط العالمية.
ولفت إلى أن قطاع النفط والغاز قد شهد العديد من الأزمات، وانخفاض الأسعار إلى مستويات قياسية؛ ما أثّر بشكل حادّ في بعض الاقتصادات المُعتمِدة على المشتقات النفطية.
ودعا فارس إلى القيام بإصلاحات جذرية على المستوى الوطني لدعم القطاعات الإستراتيجية الـ5 سالفة الذكر، لتكون بمثابة مصدر رئيس لتوفير الثروة وتنويع الاقتصاد الوطني ومصادر الدخل.
وتوقّع أن تحاول الجزائر التوسع في إقامة علاقات إستراتيجية وتشاركية وفق المصلحة البراغماتية الاقتصادية مع الدول كافًة، لتحقيق الربح المتبادل، وألّا تتموقع في قطب معين لضمان تحقيق النمو المطلوب، مشيرًا إلى أن هذه هي السياسة التي تتبعها الصين والهند مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
تغيير البنية الاقتصادية
من جانبه، استبعد الأستاذ الباحث والمهتم بالشؤون الجزائرية والدولية عبدالرحمن بوثلجة أن يكون اعتماد الاقتصاد الجزائري على النفط والغاز وغياب التنوع الاقتصادي سببًا برفض قبولها في تكتل بريكس.
وأكد بوثلجة -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن الجزائر قامت بعدّة محاولات من أجل تنويع اقتصادها، حتى تقلل من اعتمادها على صادرات النفط والغاز.
وأشار إلى أن قيمة صادرات الجزائر من خارج المحروقات بلغت 7 مليارات دولار، متوقعًا أن تصل بنهاية العام الجاري إلى نحو 13 مليار دولار.
سلّط بوثلجة الضوء على أن الحكومة تعمل على عدد من الإصلاحات، سواء من حيث التنويع أو الجودة، بالإضافة إلى التوجه لغزو الأسواق الأفريقية بالمنتجات الجزائرية.
وطالب بوثلجة بضرورة تغيير البنية الاقتصادية، حتى لا تعتمد الجزائر بصورة رئيسة على تصدير المحروقات.
وأفاد بوثلجة أن الجزائر تربطها علاقات اقتصادية قوية مع روسيا والصين وجنوب أفريقيا والبرازيل، مستبعدًا أن تعترض أيّ من هذه الدول على انضمامها إلى مجموعة بريكس، بخلاف الهند.
وأوضح الخبير الجزائري أن البلاد ستواصل التعاون مع دول البريكس وتطوير العلاقات المشتركة.
موضوعات متعلقة..
- هل صادرات النفط والغاز في الجزائر وراء استبعادها من عضوية بريكس؟
- إنتاج النفط والغاز في الجزائر يترقب طفرة بدعم من 22 بئرًا جديدة
- قطاع النفط والغاز في الجزائر يترقب ضخ استثمارات بـ40 مليار دولار لزيادة الإنتاج
اقرأ أيضًا..
- التنقيب عن النفط والغاز في المغرب يشهد تحركات من شركات عالمية
- تقرير: أسعار النفط سترتفع إلى 95 دولارًا بعد قرار السعودية وروسيا
- مسار كارثي ينتظر العالم بسبب تغير المناخ.. التمويل لن يحل الأزمة (مقال)
- تفاصيل تصدير أول شحنة غاز مسال مصرية منذ 4 أشهر (خاص)