أحداث تاريخيةأنسيات الطاقةالتقاريررئيسيةسلايدر الرئيسيةموسوعة الطاقة

من صاحب اكتشاف النفط أولًا.. وما عاصمته في العالم؟ (صوت)

أحمد بدر

قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن تاريخ اكتشاف النفط أقدم بكثير مما يروّجه الأميركيون، الذين احتفلوا خلال الأسبوع الماضي بذكرى اكتشافه.

وأوضح الحجي، في حلقة جديدة من برنامجه "أنسيات الطاقة"، قدّمها في منصة "إكس"، بعنوان "الذكرى 164 لاكتشاف النفط في أميركا"، أن هناك كتابات عمّا قدّمته الولايات المتحدة في مجال النفط وغيره، والحقيقة هي أن الجميع يعرفون أن المنتصر يكتب التاريخ.

وأضاف: "علّمونا على مدى سنوات طويلة أن النفط اكتُشِف بكميات تجارية أولًا في الولايات المتحدة، وأن الأميركيين هم من طوروا هذه الصناعة، ولكنهم في النهاية كانوا المنتصرين بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، وهم من كتبوا التاريخ، وينشرون كميات هائلة من الكتب والمقالات والصحف للترويج لذلك".

من اكتشف النفط أولًا؟

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن السؤال حول صاحب اكتشاف النفط أولًا، وهل هم الأميركيون أم الروس أم الكنديون أم غيرهم، والحقيقة أن النفط معروف عمومًا منذ بدء الخليقة، فهو قديم، وعرف الناس له استعمالات عديدة.

وأوضح الدكتور أنس الحجي أنه لا توجد حضارة على وجه الأرض لم تستعمل النفط، ولكن استعملته بشكل يمكن القول عنه إنه بدائي، لأنه كان يطفو على سطح الأرض على شكل "سبخات"، وكانون يستعملونه لأمور متعددة، منها الاستعمالات الطبية ومنها البناء وطلاء السفن وغيرها.

وتابع: "عمومًا، حتى في التاريخ العربي في المرحلة السابقة لظهور الإسلام، عرف العرب النفط، وقد ذكرنا في حلقات سابقة أن هناك قصائد شعرية وأمثالًا عربية كلها تتكلم عن النفط ولكن بأشكال مختلفة، ويوجد في أعلى الصفحة الرئيسة لمنصة الطاقة مقطع فيديو قصير يتكلم عن تاريخ اكتشاف النفط عند العرب".

وأضاف: "النفط معروف في التاريخ والأدب العربي من قبل الإسلام بطرق مختلفة، و"ذو قار وقيارات" أحد أسمائه، فالقار هو النفط الثقيل، وكانت له أسماء عديدة، ومعروف في اللغة العربية أن اسمه النفط، وهناك خلاف على مصدر الكلمة ومن أين جاءت، ولكن الواضح أنها كلمة قديمة جدًا".

وأشار إلى أنه بالنسبة للأميركيين، في اللغة الإنجليزية هناك كلمة "بترول"، وهي كلمة بدائية جدًا حتى لغويًا، لأن ترجمتها الحقيقية (زيت الصخر)، وهي كلمة تشير للإنسان البدائي الذي رأى زيتًا يخرج من الصخر، فأسماه زيت الصخر.

لذلك، وفق الحجي، فإن الشعوب التي عرفت النفط بشكل أفضل من الرجل الأبيض أو الأوروبي في العصور الأخيرة أطلقت عليه اسم النفط، وهو اسم شائع جدًا، ولكن بالعودة إلى الأميركيين، فإن الرواية حول اكتشاف النفط تقول، إنه كانت هناك مجموعة من المستثمرين الأميركيين تحاول إيجاد بديل لزيت الإضاءة.

وأردف: "عدد السكان في أميركا كان متزايدًا في القرنين 17 و18، وبسبب الهجرات الكبيرة من أوروبا كان هناك طلب شديد على زيت الإضاءة، الذي كان أغلبه يأتي من زيت معين من أنواع معينة من الحيتان، وكان الناس يخرجون للمحيطات لصيد الحيتان للحصول على الزيت، الذي كان له سوق كبيرة".

ولفت إلى أنه بمرور الزمن -بالطبع- انخفض عدد الحيتان، واضطر الصيادون للإبحار مسافات أبعد وأكثر خطورة، فارتفع سعره بشكل كبير، لذلك صار هناك حافز للبحث عن زيت آخر، وبما أن هذه السبخات موجودة في كل مكان حول العالم ومنتشرة في أميركا، خاصه ولاية بنسلفانيا، كان الهدف هو بحث إمكان استخراج الزيت من هذا السائل الداكن كريه الرائحة، لاستعماله بدلًا من زيت الحيتان وبتكلفة أقلّ.

إنتاج النفط في أميركا

تاريخ اكتشاف النفط

أوضح خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي أن هذه الأسباب دفعت مجموعة من المستثمرين لتوظيف بروفيسور في الكيمياء بجامعة "يل"، وطلبوا منه إجراء عمليات تكرير، بحيث يحصل على زيت معين، وهذا العالم اكتشف الكيروسين، وكان يسجل خطوات استخراجه من الزيت، ولكن خاف أن يأخذ منه المستثمرون الخطوات ولا يمنحونه أمواله، وهو ما حدث بالفعل، ليهرب مع وصفته، ولاحقوه في كل مكان.

لذلك، وفق الدكتور أنس الحجي، فإن بداية اكتشاف النفط في أميركا بدأت بعملية نصب ثم ملاحقة، واختفى الرجل، وكانت هناك متابعة شديدة له، لأن الوصفة التي بحوزته خطيرة، وفي النهاية تمكّن من الحصول على حقّه من خلال مفاوضات، وتمكّنوا من الحصول على طريقة استخراج المادة من الزيت، وتعرّفوا على مادة "الكيروسين".

وأضاف: "الآن صاروا بحاجة إلى النفط لإنتاج الكيروسين، وكانت هناك بعض الأفكار عن حفر آبار، وبالفعل جاء المستثمرون إلى منطقة اسمها "بيت هوم" في ولاية بنسلفانيا، وبدؤوا عمليات الحفر، وجاؤوا للإشراف على الحفر بمهندس يعمل في السكك الحديدية، وكانت المنطقة التي يريدون الحفر فيها زراعية، وكان الناس فيها من أكثر الناس تخلفًا في أميركا".

وتابع: "كيف كانوا سيفسّرون لهؤلاء الناس أن القطار سيقف في منطقتهم لإنزال معدّات، ولم يكونوا يريدون أن يعرف أحد سبب نزول المعدّات، وفي الوقت نفسه يريدون تخويف الناس بحيث لا يسرقون المعدّات أو يهاجموا العاملين في الحفر؟، فأطلقوا شائعة بأن هناك ضابطًا كبيرًا في الجيش سيأتي للمنطقة ويبدأ بعمليات الحفر، لذلك فإن بداية اكتشاف النفط في أميركا بدأت بعملية نصب، ثم ملاحقة، ثم كذب".

ولفت الحجي إلى أن النفط اكتُشِف في صيف عام 1859، ولكن المشكلة أنهم لم يتوقعوا كمية النفط التي يمكن استخراجها، ما أوجد مشكلة حقيقية مع ظهور النفط فوق سطح الأرض وبدء تدفّقه، ولم يتمكنوا من التحكم في الأدوات أو إغلاق البئر، وانتشر الخبر لتصل الأنباء إلى نيويورك وغيرها، ليأتي المستثمرون للمنطقة، ويحاولوا الحفر للحصول على النفط مرة أخرى، ومن ثم الحصول على زيت الإضاءة.

وأردف: "الآن كميات النفط كلها موجودة في بحيرات، ولا يعرفون كيف ينقلونها، الحل الوحيد هو نقلها لنهر في المنطقة، ومنه ينقلونها لأماكن أخرى، ولكن كيف تُنقل؟ فالأوعية الوحيدة الموجودة هي براميل الخمر، الأمر الذي أدّى إلى طلب شديد على هذه البراميل، ومن ثم نشأت فكرة قياس النفط بالبراميل بالصدفة؛ لأنه لم يكن هناك وعاء آخر لنقل النفط غيرها".

حقل نفطي في أذربيجان
حقل نفطي في أذربيجان - الصورة من وكالة أذرتاج

ما عاصمة النفط في العالم؟

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن الرواية السابقة هي الأميركية، ولكن الحقيقة أن اكتشاف النفط بكميات تجارية وبشكل أفضل وأكبر، كان قبلها بعام، في 1858 في جنوب أنتريو في كندا، أي قرب منطقه ميشيغين.

والقصة، وفق الدكتور أنس الحجي، أنه كان هناك شخص يحفر بئر مياه، فتوصّل إلى اكتشاف النفط مصادفة، لذلك فإن قول الكنديين، إنهم توصلوا إلى النفط قبل الأميركيين كلام صحيح وغير صحيح، فمن ناحية اكتشفوه قبلهم بعام في 1858 بطريق المصادفة، ولكن الأميركيين حفروا الآبار في 1959 بشكل مقصود.

ولكن، قبل ذلك بنحو 15 عامًا، جرى الحفر واكتشاف النفط في باكو، وهي الآن عاصمة أذربيجان، وتاريخيًا كانت تحت سيطرة روسيا القيصرية، إذ استكشِف النفط فيها وتحولت المنطقة الواقعة بجانب باكو إلى مستعمرة ضخمة، فقد جاء المستثمرون من أوروبا بأموال ضخمة، وطُوِّرَت المنطقة بشكل كبير.

وأضاف: "لو نظرنا إلى التاريخ، نجد أن باكو هي عاصمة النفط في العالم، بأيّ مقياس، لأن اكتشاف النفط جاء في باكو أولًا، لذلك فإن كل ما يقوله الأميركيون عن صناعة النفط وإسهاماتهم فيها جاءت متأخرة، أي إنهم دخلاء على الموضوع بالنظر إلى ما حدث في باكو".

وتابع: "المشكلة أنه عند اكتشاف النفط في باكو، جاء ذلك في منطقة بعيدة عن الأسواق، ولا توجد طريقة للتسويق، فهناك حُفرت أول بئر نفط في العالم، ويمكن القول، إن الروس هم من قاموا بذلك، وأول شيء حدث بعدها في باكو هو بناء أول خط أنابيب في العالم، وبناء أول سكه حديدية لنقل النفط في العالم في باكو، وبناء أول منشأة نفطية وأول ناقلة نفط في العالم، أي إنه بسبب باكو تغيَّر التاريخ كله".

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. کل شئ قال الا ان ای مکان فی الشرق الاوسط کان اول اکتشاف للنفط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق