انفراج أزمة مزارع الرياح البرية في إنجلترا.. والاستعداد لـ50 مناقصة
محمد عبد السند
- أزمة مشروعات مزارع الرياح البرية في إنجلترا بطريقها إلى الحل
- سُمح بتركيب 16 توربين رياح فقط في إنجلترا خلال المدة بين عام 2016 و عام 2020
- أشاد المعارضون من حزب المحافظين بخطوة إنهاء الحظر
- تراجع سوناك عن موقفه، ووافق، قبل أعياد الكريسماس، على رفع الحظر
- يعاني البريطانيون فواتير كهرباء باهظة
تشهد أزمة مشروعات مزارع الرياح البرية في إنجلترا انفراجة وشيكة -على ما يبدو-، مع بدء دخول التغييرات التي أُدخلت على قوانين التخطيط حيز التنفيذ اليوم الثلاثاء 5 سبتمبر/أيلول (2023)؛ ما من شأنه أن يرفع الحظر المفروض على تركيب توربينات الرياح لتداعياته السلبية على الاقتصاد البريطاني.
ولطالما واجه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك سيلًا من الانتقادات لمنحه السياسة أولوية على الأهداف المناخية، قبل أن يعود ويعدّل عن موقفه بشأن الحظر المذكور، في وقت تتفاقم فيه معاناة البريطانيين من فواتير كهرباء باهظة.
ومن المتوقع أن تبقى تلك الفواتير أعلى مما كانت عليه قبل تفشّي جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، حتى نهاية العقد الجاري (2030)، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي ضوء هذا السيناريو، يستعدّ المطورون في المملكة المتحدة لإحياء 50 مناقصة مرفوضة لتنفيذ مشروعات مزارع الرياح البرية، في حين يتهيأ سوناك لإنهاء الحظر المفروض على توربينات الرياح البرية اليوم الثلاثاء 5 سبتمبر/أيلول (2023).
انتصار كبير
ستدخل التغييرات التي أُدخلت في قانون التخطيط حيز التنفيذ بعد عرضها على نواب البرلمان البريطاني، وفق ما أوردته صحيفة "تلغراف" البريطانية.
ومن غير المتوقع سنّ أيّ قواعد جديدة؛ ما يعني أنه لم يعد ممكنًا رفض المشروعات الجديدة على خلفية اعتراض محلّي واحد.
وأشاد المعارضون من حزب المحافظين الذين كانوا يضغطون على سوناك لإنهاء الحظر، بالخطوة، واصفين إياهًا بالانتصار الكبير.
وقال المعارضون من حزب المحافظين، إن تلك الخطوة تفتح الباب أمام مزيد من تنفيذ مشروعات مزارع الرياح البرية.
ورفضت السلطات في المملكة المتحدة 50 طلبًا لتركيب توربينات رياح برية منذ تطبيق قواعد التخطيط القديمة للمرة الأولى في عام 2015.
المحافظون يهددون
يأتي الإعلان الذي من المقرر صدوره في بيان وزاري خطي، بعدما هدّد نواب البرلمان من حزب المحافظين بإجبار الحكومة على المضي قدمًا نحو إلغاء الحظر المذكور الذي يقوّض واحدة من أهم الصناعات المتجددة في المملكة المتحدة.
ويقول الوزراء، إنه من المتوقع أن يدخل التغيير حيز التنفيذ بدءًا من اليوم الثلاثاء 5 سبتمبر/أيلول (2023)، مضيفين أن قرارات التخطيط "ينبغي أن تؤخذ في الحسبان" على الفور.
وبموجب القواعد الحالية، يتعين على المجالس المحلية إظهار "استجابتها الكاملة" في التعامل مع مخاوف سكان المناطق التي سُتركَّب فيها توربينات الرياح؛ ما يعني أن أي ّرفض محتمل واحد من قبل أحد هؤلاء السكان يمكن أن يعرقل سير المشروع.
لكن سوف تُغيَّر عبارة "استجابتها الكامل" إلى "استجابة كاملة قدر المستطاع" لمنح السلطات المحلية مساحة أكبر في هذا الخصوص.
وعلاوة على ذلك، يُضاف شرط يُلزم السلطات المحلية بوجوب إظهار أن أيّ مقترح لبناء توربينات "يحظى بدعم مجتمعي" قبل الشروع في تنفيذه.
سلطة تقديرية ممنوحة
بموجب تلك الإصلاحات، ستُمنح المجالس المحلية -أيضًا- مزيدًا من السلطة التقليدية عند اختيار مكان بناء مشروعات مزارع الرياح البرية الجديدة.
وتوقّع مصدر مطّلع في الصناعة أن تغيير تلك القواعد المنظمة لتركيب توربينات مزارع الرياح البرية من الممكن أن يقود إلى تدفّق كبير في " إعادة الطلبات" المقترنة بالمشروعات التي سبق رفضها.
هزيمة سوناك
اضطر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إلى التحرك، بعدما تقدَّم وزير الأعمال السابق في الحكومة البريطانية السير ألوك شارما بطلب إجراء تعديل على قانون الطاقة لإنهاء العمل بقواعد التخطيط القديمة.
وحظي التعديل بدعم 24 نائبًا في البرلمان، من بينهم ليز تراس، رئيسة وزراء بريطانيا السابقة، كما حظي بدعم حزب العمال؛ ما يعني أن سوناك قد واجه هزيمة منكرة في مجلس العموم البريطاني اليوم الثلاثاء 5 سبتمبر/أيلول (2023).
لكن التعديل سيُرفض -الآن-؛ إذ يقول أحد المؤيدين، إن البيان يمثّل "نتيجة أفضل" تقطع شوطًا طويلًا لإزالة الحواجز التي تعترض مشروعات مزارع الرياح البرية.
وقال متحدث باسم سوناك: إن "موقفنا في هذا الملف لم يتغير"، مضيفًا أن "الحكومة تدعم التنمية ما دامت مقترنة بدعم محلي".
وقال سوناك عندما وصل إلى سدة الحكم في الخريف الماضي، إنه سيُبقي على الحظر قائمًا، مغيرًا بذلك القرار الإنهاء الذي كانت قد اتخذته سلفه تراس.
لكن، وبعد مواجهته معارضة شرسة من نواب البرلمان عن حزب المحافظين، تراجع سوناك عن موقفه، ووافق، قبل أعياد الكريسماس، على رفع الحظر.
وسرعان ما واجه رئيس الوزراء البريطاني انتقادات حادّة من تيار آخر داخل حزب المحافظين، يعارض تركيب توربينات الرياح الجديدة، ليردّ عبر تزويدهم بضمان مفاده أن المشروعات ستحتاج إلى دعم مجتمعي.
التغييرات ليست كافية
حذّرت شخصيات داخل صناعة الطاقة من أن التغييرات "ليست كافية"، وما تزال تُفرز "نظامًا تخطيطيًا مناهضًا لمشروعات مزارع الرياح البرية".
وفي هذا الصدد، قال الرئيس التنفيذي لجمعية التجارة الخضراء "رينيوابول يو كيه" دان ماكجريل: "لن نشهد استثمارات في مشروعات رياح برية جديدة بالعدد المطلوب نفسه لخفض فواتير الكهرباء بسرعة وتعزيز أمن الطاقة".
وأوضح ماكجريل: "بينما ستتعاون تلك الصناعة المتجددة مع الحكومة لاستكشاف مدى إمكان إسهام تلك التغييرات في دعم عدد محدود من التطويرات الجديدة، فإن هذا يُعدّ فرصة لإعادة تنشيط صناعة الرياح البرية في إنجلترا، بعد 8 سنوات من الجمود".
أزمة منفصلة
سيواجه سوناك أزمة منفصلة اليوم الثلاثاء 5 سبتمبر/أيلول (2023)، في حين يتكتل أعضاء البرلمان من حزب المحافظين لمساندة مشروع قانون يحظر تركيب الألواح الشمسية على الأراضي الزراعية الرئيسة.
وطالبت نائبة البرلمان عن حزب المحافظين أليسيا كيرانز بإدخال تعديل على قانون الطاقة الذي يحظى بدعم عام من 15 نائبًا من حزب المحافظين.
حل محافظ
قال نائب البرلمان عن حزب المحافظين ريتشارد غراهام الذي يؤيد التعديل: "هذا حلّ محافظ جيد جدًا... إنه يساعد المناطق التي ترغب في أن تشهد مشروعات رياح برية، كما أنه يساعد تلك المناطق التي تروق لها تلك المشروعات".
وأضاف غراهام: "كل شيء يتحدد بالتصويت في المجالس المحلية".
وأوضح: "هذا ما ينبغي أن تفعله حكومة براغماتية على وجه التحديد.. لا تجبر أناسًا غير راغبين على تنفيذ مشروعات رياح برية في المناطق المملوكة لهم".
وتابع: "الفضل يُعزى إلى الحكومة في إيجاد طريقة ينبغي أن تُرضي بها الأغلبية".
يُشار إلى أن حظر مشروعات مزارع الرياح البرية كان قد فُرض في عام 2015 من قبل رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، ديفيد كاميرون، بعد تعرّضه لضغوط شديدة من قبل أكثر من 100 عضو في حزب المحافظين.
وفي ضوء هذا الحظر لم يُسمح سوى بتركيب 16 توربين رياح فقط في إنجلترا خلال المدة بين عامي 2016 و2020، بانخفاض نسبته 96% مقارنة بالأعوام الـ5 السابقة.
وكلّف حظر مزارع الرياح البرية الأسر في بريطانيا ما إجمالي قيمته 800 مليون جنيه إسترليني ( نحو مليار و18 مليون دولار أميركي) خلال أشهر الشتاء الماضي؛ نتيجة أزمة الوقود التي عصفت بملايين المواطنين في البلاد، والتي كانت جزءًا من أزمة أوسع نتجت عن شُحّ إمدادات الطاقة الروسية.
(الجنيه الإسترليني = 1.26 دولارًا أميركيًا).
موضوعات متعلقة..
- مزارع الرياح البرية تشعل نيران صديقة في حكومة ريشي سوناك
- ألمانيا تتوسع في إنشاء مزارع الرياح البرية لتحقيق الحياد الكربوني
- رئيس مجلس طاقة الرياح العالمي: أفريقيا الأنسب لإقامة مشروعات المزارع البرية (مقابلة)
- خطوات مزارع الرياح البحرية تسبق البرية رغم عمرها الأقصر بـ11 عامًا
اقرأ أيضًا..
- أكبر 10 حقول منتجة للنفط في أفريقيا.. سيطرة كاملة لـ4 دول
- إسرائيل تتجاهل الحديث عن مصر في خطتها لتصدير الغاز
- إيني الإيطالية تلحق بركب الهاربين من قطاع النفط في نيجيريا