تقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

مزارع الرياح البرية تشعل نيران صديقة في حكومة ريشي سوناك

الغضب يتزايد داخل حزبه من حظر المشروعات

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • قانون حظر مزارع الرياح البرية في إنجلترا يشعل الغضب داخل حكومة سوناك
  • أنصار البيئة يحتجّون على قانون حظر مزارع الرياح البرية في إنجلترا
  • قانون حظر مزارع الرياح البرية في إنجلترا يكلّف الاقتصاد مليارات الدولارات
  • قانون حظر مزارع الرياح البرية في إنجلترا يهدد حزب المحافظين في الانتخابات العامة
  • قانون حظر مزارع الرياح البرية في إنجلترا كلّف الأسر أكثر من مليار دولار أميركي

يضع قانون حظر مزارع الرياح البرية في إنجلترا مستقبل حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك على المحك، بعد تعالي أصوات من داخل حزب المحافظين تطالبه بإلغاء القانون، لتداعياته السلبية العديدة على الاقتصاد البريطاني.

ويعاني البريطانيون فواتير كهرباء باهظة، من المتوقع أن تبقى أعلى مما كانت عليه قبل تفشّي جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، حتى نهاية عام 2030، جراء الحرب الروسية الأوكرانية التي قادت إلى ارتفاعات صاروخية في أسعار الطاقة العالمية.

وفي هذا الإطار، يواجه ريشي سوناك انتقادات لاذعة لمنحه السياسة أولوية على قضية مكافحة التغيرات المناخية، وسط مؤشرات واضحة على أن الوزراء في حكومته يتراجعون عن خطط تسمح بإنشاء مزيد من مزارع الرياح البرية في إنجلترا قبل الانتخابات العامة، حسبما أوردت صحيفة "الغارديان" البريطانية.

وستقود المشاورات الحكومية بشأن إنهاء الحظر على مشروعات الرياح البرية الجديدة -على الأرجح- إلى تخفيف متواضع لقواعد التخطيط، نظرًا لأن حكومة سوناك لا ترغب في إثارة سخط الناخبين المحتملين لحزب المحافظين الذين يعارضون بقوة وضع توربينات رياح ضخمة في المناطق التي يسكنونها، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

الصناعة في خطر

في مساء الأول من يوليو/ تموز (2023)، وبينما كان يُبدي حزب المحافظين انقسامًا بشأن السياسة الخضراء، قال وزير البيئة السابق، الرئيس المنتهية ولايته للجنة التغيرات المناخية، المحافظ لورد ديبين، إنه من غير المقبول أن الحكومة ما تزال تناقش مسألة تأييدها إقامة مشروعات مزارع الرياح البرية من عدمه، بينما تعدّ الأخيرة أحد أرخص أشكال توليد الكهرباء.

ويتمثل الخطر -أيضًا- في أن تلك الصناعة الحيوية بالمملكة المتحدة ستخسر مكانها في الثورة الصناعية الخضراء، لصالح الولايات المتحدة الأميركية والصين والاتحاد الأوروبي.

وقال ديبين، الذي يتقاعد في نهاية الأسبوع الحالي بعد 11 عامًا قضاها في منصب رئيس لجنة التغيرات المناخية المنوط بها تقديم الاستشارات للحكومة البريطانية، في هذا الخصوص: "من غير المقبول قضاء وقت طويل جدًا في مناقشة شيء ينبغي أن يكون بدهيًا بالنسبة للحكومة"، في تصريحات أدلى بها لصحيفة "أوبزرفر".

وأوضح ديبين: "إننا، في الواقع، توقفنا عن مشروعات الرياح البرية، ومعارضتها بهذا الشكل ليست أمرًا معقولًا".

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك
رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك -الصورة من سي إن إن

عقاب مُنتظر

في 30 يونيو/حزيران (2023)، تفاجأ سوناك باستقالة وزير البيئة البريطاني المحافظ زاك غولدسميث الذي قال، إن رئيس الوزراء البريطاني "لا يهتم بشؤون البيئة أو الأزمة المناخية".

وذكر غولدسميث في خطاب استقالته أن حزب المحافظين سينال عقابه من قبل الناخبين، جراء "عدم اكتراثه بأكبر تحدٍّ نواجهه".

وبالمثل، هاجمت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي، ريشي سوناك بشأن السياسات المناخية الأسبوع الماضي، قائلة، إن المملكة المتحدة تتخلف عن الدول الأخرى في صناعة الرياح، وإنها قد تباطأت كثيرًا في التجاوب مع تلك المعضلة على غرار الدعم الممنوح للصناعات الخضراء في كل من أميركا والاتحاد الأوروبي.

وقالت ماي، إن هذا الموقف "يهدد سمعة المملكة المتحدة بوصفها رائدة في السياسات المناخية".

وقيعة مع حزب العمال

بدلًا من تبنّي موقف واضح بخصوص الشؤون المناخية، يحاول سوناك وحكومته "إحداث وقيعة" مع حزب العمال بخصوص سياسة الحياد الكربوني في الانتخابات العامة، من بينها مهاجمة المعارضة لقرارها المناهض لاستكشافات النفط والغاز في بحر الشمال.

ويتبنى حزب العمال مُستهدفًا لإنهاء حظر مزارع الرياح البرية وتحويل المملكة المتحدة إلى قوة عظمى في قطاع الطاقة الخضراء بحلول نهاية العقد الجاري (2030).

وتشتمل خطط الحزب في هذا السياق على تأسيس شركة طاقة مملوكة ملكية عامة تحمل اسم "جي بي إنرجي"، لتوليد كهرباء رخيصة ونظيفة في بريطانيا.

وقبل أسبوعين، اتّهم وزير الطاقة البريطاني غرانت شابس حزب العمال بأنه "أصبح الجناح السياسي لحركة "جاست ستوب أوبل" أو "أوقفوا النفط"، وغيرها من الجماعات البيئية ممن يستعملون حياة الأشخاص العاديين "سلاحًا في أيديهم".

وبينما ستمثّل تلك التصريحات أنباء سارة بالنسبة لأنصار حزب المحافظين الذين يُشكّكون في السياسات "الخضراء"، فإنها أغضبت -أيضًا- آخرين من أنصار الحزب ذاته، ممن يرون أن الأخير يضحّي بتبنّي السياسات الخضراء المسؤولة لمواجهة ظرف طارئ عالمي وتحقيق مكسب سياسي قصير الأجل.

ويتخوف هؤلاء من أنهم سيعانون الأمرّين في الانتخابات العامة، ما لم يتبنَّ الحزب إستراتيجية جادة لمواجهة الأزمة المناخية.

وفي اجتماع عقدته رابطة التجارة "رينيوابل يو كيه" غير الهادفة للربح، الأسبوع الماضي، أبدى وزير الطاقة البريطاني من حزب المحافظين السابق كريس سكيدمور عدم تأييده صراحة للهجوم الذين شنّه وزير الطاقة البريطاني غرانت شابس على حزب العمال.

وأوضح سكيدمور: "بخصوص قضية الحياد الكربوني، وبخصوص لغة الخطاب الذي يجب أن نتبنّاه في هذا الصدد، لا يوجد أحد يرغب برؤية اضطراب في شوارعنا".

وتابع: "ليس رأيًا متطرفًا إذا قلنا، إننا سننهي استعمالنا للوقود الأحفوري يومًا ما".

خيبة أمل

قال رئيس قسم الرياح البحرية في "رينيوابل يو كيه" التي تمثّل الصناعة الخضراء، جيمس روبوتوم، إنه لم تكن هناك أيّ توقعات بأن يُدخِل الوزراء في حكومة سوناك أيّ تغييرات مهمة في قواعد التخطيط بهدف السماح بإنشاء مزيد من مشروعات الرياح البرية في إنجلترا.

وأوضح روبوتوم أن مؤسسته تشعر بخيبة أمل مريرة نتيجة التقاعس الواضح من قبل الوزراء في الحكومة، وحقيقة أنه لا توجد استجابة منهم إزاء رؤى الصناعة على مدار الأشهر الـ3 الماضية.

وأشار إلى أن النتيجة الحتمية لذلك ستتمثل في فقدان أعداد ضخمة من الوظائف، ومليارات الجنيهات الإسترلينية، علاوة على الاستثمارات الخارجية.

وقال وزير الدولة للحياد الكربوني في حكومة الظل، إد ميليباند: "التيار الرئيس في حزب المحافظين له كامل الحق في أن ينزعج جراء الإخفاق بمجال المناخ، والتوجه نحو حرب ثقافية من جانب ريشي سوناك وغرانت شابس".

وواصل ميليباند: "القيادة في حزب المحافظين تنحرف عن المسار الذي يمضي فيه الشعب البريطاني الذي لا يرغب في أن يرى انهيارًا في العمل المناخي والبيئي".

ولفت رئيس قسم الرياح البحرية في "رينيوابل يو كيه" جيمس روبوتوم إلى أن العقبات التي تعترض إنشاء مزارع الرياح البرية، وتطوير هذا القطاع "ستعرقل بشدة الاستثمارات في تلك الصناعة بالغة الأهمية، وسلسلة الإمدادات الخاصة بها، نتيجة المستوى المرتفع من المخاطر وعدم اليقين اللذين تخلقهما".

استيراد التوربينات صعب

قال رئيس قسم الرياح البحرية في "رينيوابل يو كيه" جيمس روبوتوم: "لقد حُرمنا الفرصة لخلق آلاف الوظائف الجديدة، إلى جانب الاستثمارات الخاصة التي تُقدَّر بمليارات الجنيهات الإسترلينية في إنجلترا".

وتابع: "حتى إذا حصلت مشروعات الرياح البرية الجديدة على إذن بالتخطيط، سيكون من الصعب عليها استيراد توربينات الرياح، في ظل وجود أسواق أخرى أكثر جاذبية مثل ألمانيا وإسكتلندا، ممن تحظى بدعم حكومي وأهداف وطنية محددة".

يُشار إلى أن حظر مشروعات مزارع الرياح البرية كان قد فُرض في عام 2015 من قبل رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، ديفيد كاميرون، بعد تعرّضه لضغوط شديدة من قبل أكثر من 100 عضو في حزب المحافظين.

ونتيجة لذلك، سُمح بتركيب 16 توربين رياح فقط في إنجلترا خلال المدة بين عام 2016 و عام 2020، بتراجع نسبته 96% مقارنة بالأعوام الـ5 السابقة.

مزرعة رياح برية
مزرعة رياح برية -الصورة من ويند إنرجي

تفوق أوكراني

على الجانب الآخر، بَنت أوكرانيا توربينات رياح برية أكثر من إنجلترا، منذ اندلاع شرارة الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير/شباط (2022)، حسبما ذكرت الغارديان.

ولم تشهد إنجلترا سوى تركيب توربيني رياح فقط منذ فبراير/شباط (2022)، سعة 1 ميغاواط، بقرية ستافورد شاير في كيلي.

في غضون ذلك، بدأت محطة تايليغولسكا لتوليد الكهرباء من الرياح في أوكرانيا -وهي أول محطة تُبنى في منطقة صراع- بتوليد ما يكفي من الكهرباء النظيفة لتشغيل نحو 200 ألف منزل على بُعد 60 ميلًا فقط من خط المواجهة في المنطقة الجنوبية من ميكولايف.

وتتألف المحطة من 19 توربينًا، بسعة مركبة تلامس 114 ميغاواط.

وعد لم يتحقق

كانت حكومة ريشي سوناك قد تعهدت في العام الماضي (2022) بالمضي قدمًا في إلغاء حظر مزارع الرياح البرية، الذي فُرِض عام 2015، من خلال تشديد قيود التخطيط في إطار سياسة التخطيط الوطني.

غير أن الحكومة لم تف بعد بوعودها حتى الآن.

ويبدو أن حالة التذمر التي يُظهرها بعض أعضاء المحافظين في البرلمان بشأن سياسات قيادة الحزب بخصوص حظر مزارع الرياح البرية، تزيد الضغوط الواقعة على حكومة سوناك لإجراء تعديلات طفيفة فقط على الإطار، ما سيستمر بدوره في عرقلة تعزيز عدد مشروعات مزارع الرياح في المملكة المتحدة.

وكلّف حظر مزارع الرياح البرية الأسر في بريطانيا ما إجمالي قيمته 800 مليون جنيه إسترليني ( نحو مليار و18 مليون دولار أميركي) خلال أشهر الشتاء الماضي، نتيجة أزمة الوقود التي وقع بها ملايين المواطنين في البلاد، والتي كانت جزءًا من أزمة أوسع نتجت عن شُحّ إمدادات الطاقة الروسية.

(الجنيه الإسترليني = 1.27 دولارًا أميركيًا).

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق