التقاريرتقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

مزارع الطاقة الشمسية في بريطانيا.. هل تتحطم التوسعات على صخرة ريشي سوناك؟

في ظل الاتجاه إلى حظرها لاعتبارات الأمن الغذائي

هبة مصطفى

تواصل الخطط التوسعية بمزارع الطاقة الشمسية في بريطانيا مواجهة مصير مجهول بعدما أبدت رئيسة الوزراء المستقيلة ليز تروس، رغبتها في حظرها لإضرارها بالأراضي الزراعية المُنتجة والأمن الغذائي.

ورغم أن آمال المزارعين والمعنيين بصناعة الطاقة المتجددة في البلاد كانت معّلقة برئيس الوزراء الجديد الذي سيخلف تروس لوقف مقترح الحظر ودعم نشر وسائل الطاقة المتجددة والنظيفة؛ فإن تلك الآمال تبددت عقب إعلان فوز ريشي سوناك بالمنصب، بعدما أظهرت تصريحات سابقة له اتفاقه مع اتجاه تروس، بحسب ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وفي مقاطعة "نورفولك" الواقعة شرق إنجلترا، أثار مشروع حديث لمزرعة بمساحة 200 فدان -يمكنها تزويد الآلاف من منازل المناطق المحيطة بالكهرباء النظيفة- التساؤلات في ظل عدم حسم سوناك الأمر حتى الآن، بحسب ما ورد في تقرير نشرته بي بي سي (BBC) أمس السبت 29 أكتوبر/تشرين الأول.

جدل المزارع الشمسية

حصلت إحدى مزارع الطاقة الشمسية في بريطانيا بمقاطعة نورفولك على الموافقات اللازمة قبيل إثارة الجدل حول الحظر، غير أن تشغيلها وبدء إنتاج كهرباء نظيفة كافية لتشغيل 14 ألف منزل بالمناطق المحيطة بات محل تساؤل عقب تقلد ريشي سوناك منصبه قبل أيام قليلة.

مزارع الطاقة الشمسية في بريطانيا
ألواح شمسية ممتدة على أراضٍ زراعية بإحدى المزارع - الصورة من BBC

ودافع مسؤولون بالمقاطعة عن قرار حظر موافقات التركيبات الشمسية في الأراضي الزراعية المُنتجة للمحاصيل -وفق مقترح ليز تروس- وأكدوا أن الأرض المعتزم بناء المزرعة عليها ظلت سنوات طويلة تُنتج المحاصيل الغذائية؛ ما يجعل المزرعة تشكّل تهديدًا للأمن الغذائي وخطط الاكتفاء الذاتي.

ودعا آخرون لاستخدام وسائل أخرى لنشر الألواح الشمسية في مقاطعات المملكة المتحدة لتحقيق أهداف الطاقة المتجددة والنظيفة -بعيدًا عن الأراضي الزراعية- واقترحوا اتباع النهج الفرنسي المؤيد لنشر تلك الألواح على أسطح مواقف السيارات ذات المساحات الواسعة القريبة من المتاجر كبيرة الحجم.

وفي المقابل، يرى رئيس وحدة الطاقة الشمسية بالفرع البريطاني لشركة كهرباء فرنسا للطاقة المتجددة التابعة للحكومة في باريس المشغلة للمزرعة المرتقبة في المقاطعة البريطانية، بن فاوسيت، أن اعتبارات الأمن الغذائي لا تتعارض مع سعي الدول لضمان أمن إمداداتها بعد حرب أوكرانيا.

وقال فاوسيت إن بناء مزارع الطاقة الشمسية في بريطانيا لا يُشكل ضررًا، مشيرًا إلى أن تلك التوسعات توفر دخلًا ملائمًا لمالكي الأراضي الزراعية؛ ما يسمح لهم بالحصول على التكلفة اللازمة لاستثمارات زيادة الإنتاج في أراضيهم.

تضارب السياسات

يتسم موقف بناء مزارع الطاقة الشمسية في بريطانيا وتطبيق أهداف الطاقة المتجددة بصورة عامة بالتضارب والغموض في البلاد؛ إذ راهن رئيس الوزراء الأسبق، بوريس جونسون، على الإمكانات الهائلة لبلاده التي يمكن الاستفادة منها لتطوير الطاقة النظيفة، مستهدفًا زيادة حصتها إلى نحو 5 أمثال.

ومع تولي ليز تروس المنصب خلفًا له شهر سبتمبر/أيلول الماضي، شنّت حربًا على خطط نشر مزارع الطاقة الشمسية في بريطانيا، وخططت لحظر موافقاتها دون الإعلان عن سبل بديلة لتحقيق أهداف الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة.

ولم يفصح رئيس الوزراء الحالي، ريشي سوناك، عن موقف حكومته حول ما إذا كان سينحاز إلى سياسات جونسون أم تروس فيما يتعلق بنشر تركيبات الطاقة الشمسية بالاستفادة من المساحات الشاسعة للأراضي الزراعية.

ويُشير الرسم البياني التالي إلى حجم الاعتماد الأوروبي على الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء النظيفة حتى العام الماضي (2021)، وفق بيانات شركة النفط البريطانية "بي بي" وما رصدته منصة الطاقة المتخصصة:

توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في أوروبا

وقال المتحدث باسم مقاطعة نورفولك، مايكل راينر، إن نشر مزارع الطاقة الشمسية في بريطانيا يُدر مكاسب سريعة؛ غير أنه ليس حلًا لتوفير الكهرباء النظيفة المولّدة من الطاقة الشمسية، مشيرًا إلى أن أبحاثًا سابقة حددت مساحات شاسعة يمكن الاستفادة منها لنشر الطاقة الشمسية؛ منها الأسطح التجارية دون إهدار للأراضي الزراعية.

وعلى الرغم من ذلك؛ فقد قلل المدير التنفيذي لمركز "تيندال" لأبحاث المناخ، آشر مينز، من حجم الأراضي الزراعية المستخدمة لنشر المزارع الشمسية، مشددًا على الحاجة لنشر الطاقة النظيفة بكل الوسائل المتاحة.

وأوضح أن هناك تعاونًا سيجري بين المزارعين ومالكي الأراضي ونشطاء البيئة؛ لبحث سبل تطوير السياسات الزراعية.

تصريحات صادمة لسوناك

مع استمرار الجدل حول مزارع الطاقة الشمسية في بريطانيا واستقبال الأراضي الزراعية للألواح اتجهت الأنظار لريشي سوناك الذي تقلّد منصبه في 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري رئيسًا للوزراء خلفًا لليز تروس، غير أن تصريحات صادمة صدرت عن سوناك بهذا الشأن -قبل 4 أشهر- يبدو أنها في طريقها لتبديد آمال الصناعة.

مزارع الطاقة الشمسية في بريطانيا
خلال تركيب الألواح الشمسية بالمزارع - الصورة من (Solar Power Portal)

وأوضح سوناك حينها أنه يعكف على إعداد قواعد وأسس جديدة تضمن نشر الألواح الشمسية بعيدًا عن الأراضي الزراعية المنتجة للمحاصيل التي تحفظ الأمن الغذائي للبلاد، قائلًا: "يجب علينا حماية الأراضي الزراعية من المزارع الشمسية"، بحسب ما ورد في مقال له نُشر في صحيفة التليغراف (The Telegraph) في أغسطس/آب الماضي.

وأكد أن يجب التركيز على نشر الطاقة الشمسية على أسطح المباني التجارية والمنازل لحماية الأراضي الزراعية من عمليات البناء التي يمكن أن ترافق تركيب المزارع الشمسية، بغرض حماية إنتاج الغذاء.

وعقب توليه منصبه، حثت رابطة الطاقة المتجددة في بريطانيا، ريشي سوناك، على تعزيز أمن الطاقة وخفض فواتير الكهرباء بالبلاد عبر دعم الطاقة النظيفة وتوسعة نطاقها.

ويظل التساؤل الأكثر إلحاحًا الآن هو كيفية احتواء سوناك لرغبة 84% من مؤيدي حزب المحافظين ممن دعوا حكومته فور تقلدها منصبها -في 24 من الشهر الجاري- إلى التوسع بنشر مزارع الطاقة الشمسية في بريطانيا وكذا المشروعات الجديدة لطاقة الرياح حتى يتمكن المواطن من الشعور بخفض فواتير الكهرباء، حسبما نقلت صحيفة كارنت (Current) عن بيانات لوكالة "سيرفيشن" البحثية.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق