تقارير منوعةرئيسيةمنوعات

السعودية تقتحم سوق المعادن الحيوية لتحول الطاقة

دينا قدري

اقتحمت السعودية مجال المعادن الحيوية لتحول الطاقة، لتأمين احتياجاتها في ظل ارتفاع الطلب ونقص الإمدادات، مع سعي المملكة إلى أن تكون "مركزًا عالميًا لمعالجة المعادن الخضراء".

وتُعد المملكة الغنية بالنفط رابع أكبر مستورد صافٍ للمعادن الحيوية، ما يجعلها عرضة لتقلبات الأسعار ونقص الإمدادات المحتمل الذي قد يعرقل طموحاتها في مجال الطاقة الخضراء، بحسب ما جاء في تقرير نشرته مجلة "ميس" (Mees) الأميركية، وحصلت منصة الطاقة المتخصصة على نسخة منه.

وقد ارتفع الطلب على النحاس والليثيوم، مدفوعًا إلى حد كبير بالطلب على البطاريات، إلا أن الإمدادات تُعد غير كافية لتلبية الزيادة في الطلب، مع تزايد تحول الطاقة العالمي بعيدًا عن الهيدروكربونات.

وجاءت التقلبات المتأصلة في أسواق النفط العالمية بمثابة محرك رئيس لجهود التنويع الاقتصادي التي تبذلها المملكة العربية السعودية، في إطار مبادرة رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وقد شكّل النفط 67% من إيرادات الحكومة العام الماضي (2022)، و80% من إيرادات التصدير، ما يؤكد مدى التحدي الذي يواجه الرياض.

توسيع قطاع التعدين في السعودية

تتضمّن إحدى ركائز تنويع الاقتصاد السعودي توسيع قطاع التعدين في المملكة، بما يلبي احتياجاتها من المعادن الحيوية اللازمة لنشر مصادر الطاقة المتجددة.

ففي 11 يوليو/تموز 2023، أعلنت شركة التعدين العربية السعودية "معادن" عن الانتهاء من شراء حصة 9.9% في شركة "إيفانهوي إلكتريك"، وتشكيل مشروع مشترك بنسبة 50:50 لتنفيذ برنامج استكشاف كبير في المملكة.

وأوضحت شركة معادن أن المشروع المشترك سينفذ تقنية المسح الجيوفيزيائي، والتي ستسرع عملية استكشاف أراضي المملكة العربية السعودية، وتُقدر قيمتها بـ1.3 تريليون دولار من المعادن غير المستغلة.

ومن ثم، ستتمكّن الشركة من تغطية مناطق الترخيص الواعدة للغاية مع إمكانات النحاس والنيكل والذهب والفضة الرئيسة الجديدة وغيرها من الاكتشافات المعدنية الإستراتيجية، وفق التقرير الذي اطّلعت منصة الطاقة على تفاصيله.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- المعادن التي تُستعمل في بعض تقنيات الطاقة النظيفة:

الليثيوم في أميركا

وبموجب إستراتيجية شركة معادن الجديدة، تهدف الشركة إلى النمو 10 أضعاف بحلول عام 2040، والانتقال إلى المعادن الإستراتيجية لتغذية نمو الصناعات التحويلية في المملكة.

وقال نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين خالد صالح المديفر، إن المملكة كثفت جهودها للاستفادة من مواردها المعدنية، وخصصت أكثر من تريليون دولار أميركي للجهود المبذولة لدفع مشروعات الطاقة الخضراء والتنمية الصناعية.

أهداف السعودية في المعادن الحيوية

أكد المديفر -في ندوة عُقدت مؤخرًا حول المعادن الحيوية استضافها منتدى الطاقة الدولي في الرياض- أن الإستراتيجية الصناعية الوطنية التي أُطلقت في إطار رؤية 2030، ستزيد الطلب على المعادن من صناعات مثل السيارات والفضاء والطاقة المتجددة والدفاع.

وتهدف المملكة إلى تصنيع أكثر من 300 ألف سيارة كهربائية سنويًا بحلول عام 2030، كما تحتاج إلى المزيد من المعادن لدعم مركزها الضخم للطاقة الخضراء في نيوم، الذي سيضم أكبر مصنع للهيدروجين الأخضر في العالم، وسيجري تشغيله حصريًا عن طريق طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

وقال المديفر، إنه من أجل تلبية هذه الزيادة الهائلة في الطلب فإن صناعة التعدين "ستحتاج إلى التقدم إلى ولايات قضائية جديدة ومساحات جديدة قد يكون من الصعب الوصول إليها".

وأضاف المديفر أن الصناعة تحتاج -أيضًا- إلى اكتشاف إمدادات "جديدة ومستقرة" لدعم نمو التقنيات اللازمة لإنتاج السيارات الكهربائية والألواح الشمسية وتوربينات الرياح، التي من المتوقع أن يتضاعف الطلب عليها 4 مرات بحلول عام 2040.

ويشمل ذلك الفوسفات والغرافيت والكوبالت والمنغنيز والبلاديوم والنيكل.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أكثر 10 دول إنتاجًا للمعادن الأرضية النادرة:

أكثر 10 دول إنتاجًا للمعادن الأرضية النادرة

وأشار المديفر إلى أن المنطقة الغنية بالمعادن التي تمتد من أفريقيا إلى غرب ووسط آسيا تضم 79 دولة تغطي 33% من مساحة اليابسة في العالم، وتمتلك ما بين 40 و50% من الموارد المعدنية في العالم.

إلا أن هذه المنطقة لا تتلقى سوى 13% من الإنفاق العالمي على التنقيب عن المعادن، وتريد المملكة العربية السعودية إشراك هذه الدول في المناقشة، وفق تقرير مجلة "ميس" الأميركية.

وقد أطلقت المملكة برنامج استكشاف لتقييم الرواسب المعدنية المحتملة في البلاد، وتقدم حوافز لتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي في القطاع، بهدف أن تصبح "مركزًا عالميًا لمعالجة المعادن الخضراء والمستقبلية".

تضاعف سوق المعادن الحيوية لتحول الطاقة

قالت وكالة الطاقة الدولية -في مراجعتها لسوق المعادن الحرجة لعام 2023- إنه "جرى إحراز تقدم محدود فيما يتعلق بتنويع مصادر الإمداد في السنوات الأخيرة"، بل وازداد الأمر سوءًا في بعض الحالات، إذ فرض عدد كبير من البلدان قيودًا على التصدير.

وأضافت أن حصة أكبر 3 منتجين في عام 2023 لم تتغير أو زادت أكثر، خاصةً بالنسبة إلى النيكل والكوبالت، بحسب التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، تضاعف حجم سوق المعادن الحيوية لتحول الطاقة خلال السنوات الـ5 الماضية، ليصل إلى 320 مليار دولار في عام 2022، وتعتزم المملكة العربية السعودية الاستفادة من هذا التقدم.

ولتحقيق ذلك، أنشأت شركة معادن شركة منارة للمعادن، للاستثمار في أصول التعدين على مستوى العالم، مع التركيز في البداية على الحديد والخام والنحاس والنيكل والليثيوم، التي قال المديفر إنها تهدف إلى تأمين "المعادن الحيوية التي تُعد ضرورية للمملكة العربية السعودية والعالم".

وأعلنت شركة منارة -وهي مشروع مشترك بين معادن وصندوق الاستثمارات العامة- الشهر الماضي عن الاستحواذ على حصة 10% في شركة فالي البرازيلية لإنتاج المعادن الأساسية بقيمة 2.6 مليار دولار.

وتخطط شركة فالي، التي تنتج النيكل والنحاس، لاستثمار ما بين 25 و30 مليار دولار في مشروعات جديدة في أنحاء البرازيل وكندا وإندونيسيا على مدى العقد المقبل، حسبما ذكرت الشركة في إعلانها الشراكة الإستراتيجية مع منارة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق