التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيرئيسية

المعادن الحيوية في أميركا تدعم الاقتصاد العالمي خلال العقود المقبلة (تقرير)

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • هناك حاجة ملحّة لواضعي السياسات لتحديد إستراتيجية منسقة للمعادن المهمة للولايات المتحدة.
  • • هيمنة الصين على العناصر الأرضية النادرة توفر لها درجة أكبر من النفوذ.
  • • يحتاج الكونغرس إلى تشجيع التدابير لتقليل الطلب على المعادن المهمة.
  • • يجب أن تراعي الجهود المبذولة لتوسيع نطاق العرض الاعتبارات البيئية والاجتماعية.
  • • ديناميات العرض والطلب للمعادن المهمة تزداد تعقيدًا بسبب ضعف سلاسل التوريد المعدنية المهمة.
  • • هيمنة الصين على سلاسل التوريد الوسيطة لمعادن البطاريات تمنحها ميزة حقيقية.

أصدر برنامج الطاقة والبيئة لدى معهد آسبن في أميركا، مؤخرًا، تقريرًا بعنوان "سياسة المعادن الحيوية والنادرة للولايات المتحدة.. دور الكونغرس في توسيع نطاق العرض المحلي وإزالة المخاطر في سلاسل التوريد".

وأشار التقرير إلى مواجهة الولايات المتحدة بيئة عالمية سريعة التحول وتعطي أهمية إستراتيجية بشكل متزايد للوصول المسؤول والمرن إلى المعادن المهمة، التي تُعَد مدخلات أساسية لمجموعة واسعة من التطبيقات.

وتتراوح هذه التطبيقات من تقنيات الطاقة النظيفة إلى أنظمة الدفاع المتقدمة، وستستمر أهمية المعادن الحيوية في الزيادة خلال العقود المقبلة، وفق التقرير الذي نشره معهد آسبن (aspeninstitute)، واطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

المنافسة على المعادن الحيوية والنادرة

نظرًا إلى التحول السريع للطاقة، وتجزئة سلاسل التوريد الدولية، والتوترات الجيوسياسية المتزايدة مع الخصوم، تُعَد المنافسة العالمية على موارد المعادن الحيوية والنادرة ذات أهمية رئيسة للمناخ، والمصالح الاقتصادية، والأمن القومي للولايات المتحدة في القرن الـ21.

وتطرّق تقرير معهد آسبن بعنوان "سياسة المعادن الحيوية والنادرة للولايات المتحدة.. دور الكونغرس في توسيع نطاق العرض المحلي وإزالة المخاطر في سلاسل التوريد" إلى الحاجة الملحّة لواضعي السياسات لتحديد إستراتيجية منسقة للمعادن المهمة للولايات المتحدة.

الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث عن تأمين سلاسل الإمداد المعدنية المهمة
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث عن تأمين سلاسل الإمداد المعدنية المهمة - الصورة من فورين بوليسي

ودعا التقرير إلى وضع إستراتيجية المعادن المهمة للولايات المتحدة لتحقيق هدفين؛ أولًا: السعي إلى زيادة الإنتاج المحلي والعالمي بشكل مسؤول ومعالجة المعادن الحيوية وفق النطاق والجدول الزمني اللازمين للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية.

ثانيًا: يجب أن تهدف إستراتيجية المعادن المهمة للولايات المتحدة إلى تأمين سلاسل إمداد المعادن الحيوية المسؤولة والمرنة التي تقلل من التعرض للمخاطر الخارجية.

وأضاف التقرير أنه بينما يصوغ الكونغرس إستراتيجية أميركية شاملة لصناعة المعادن الحيوية، يجب أن يأخذ في الاعتبار الأفكار الرئيسة التي أظهرها فريق الخبراء لدى معهد آسبن خلال عامي 2022 و2023.

دور الكونغرس

دعا فريق العمل لدى برنامج الطاقة والبيئة التابع لمعهد آسبن أعضاء الكونغرس الأميركي إلى الإحاطة بالدور الواضح للتدخل السياسي المستهدف لمعالجة الأسباب الحالية والمحتملة للفشل في أسواق المعادن الحيوية.

وأوضح الفريق، في التقرير الأخير، أن القضايا البيئية والاجتماعية تُعَد عنصرًا أساسيًا في اعتبارات استخراج المعادن الحيوية.

الكونغرس الأميركي
الكونغرس الأميركي - الصورة من بلومبرغ

وأكد أن عدم تحقيق التوازن بين الجهود المبذولة لتبسيط التوريد مع هذه الاعتبارات يؤدي إلى إلحاق الأذى والظلم بالمجتمعات المحلية، وسيعرّض نمو العرض للخطر؛ حيث تخضع المشروعات لتحديات قانونية وتفقد شركات التعدين دعمها الاجتماعي للعمل.

وأضاف أن الولايات المتحدة لا تستطيع حل تحدي المعادن الحرجة بمفردها، بغض النظر عن الإصلاحات التي أُجرِيت؛ فإن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل لتعدين المعادن المهمة ومعالجتها في الإطار الزمني المتاح.

وطالب الفريق صانعي السياسات بأن ينظروا بدقّة إلى المدى الذي تمثل فيه هيمنة الصين على معالجة المعادن الحيوية حاليًا مصدرًا للضغط الجيوسياسي.

وعلى الرغم من أن الصين تُعَد دولة رئيسة لتكرير المعادن مثل النحاس والنيكل؛ فإن قدرتها على المعالجة تزوّدها بنفوذ جيوسياسي محدود في سلاسل التوريد هذه أكثر مما يُنظر إليه في كثير من الأحيان.

على النقيض من ذلك؛ فإن هيمنة الصين على العناصر الأرضية النادرة توفر لها درجة أكبر من النفوذ.

لذلك، يجب تقييم التأثير الذي تستمده الصين، من قدراتها الخاصة بالنسبة لكل معدن على حدة، وذلك بناء على عوامل عدة، مثل وضعها باعتبارها مصدرًا صافيًا، والتنوع الأميركي للواردات، وتوافر البدائل.

الاهتمام العاجل بالمعادن الحيوية

تتطلب المعادن الحيوية اهتمامًا عاجلًا من صانعي السياسات. تتراوح هذه المعادن من الليثيوم المستعمل في بطاريات أيونات الليثيوم إلى العناصر الأرضية النادرة المستعملة في أنظمة الدفاع المتقدمة.

وتُعَد هذه المعادن مطلوبة في جميع أنحاء الاقتصاد الأميركي، وهي ركيزة أساسية للازدهار الاقتصادي الأميركي والأمن القومي، رغم أن سلاسل توريد المعادن الحيوية تواجه حاليًا تحديات استثنائية بسبب زيادة الطلب وهشاشة العرض.

وفي عام 2022، صنّفت حكومة الولايات المتحدة 50 من المعادن على أنها "بالغة الأهمية" بناءً على أهميتها للمصالح الاقتصادية والأمن القومي للولايات المتحدة، وتعرّضها لاضطراب سلسلة التوريد.

صورة لأحد مناجم المعادن الأرضية الحيوية
صورة لأحد مناجم المعادن الأرضية الحيوية - الصورة من ويند يوروب

وستؤدي المعادن الحيوية دورًا محوريًا في الاقتصاد العالمي خلال العقود المقبلة.

وفي الوقت الذي ينتقل العالم فيه إلى مزيج طاقة جديد، سيتطلب تقنيات طاقة نظيفة كثيفة المعادن للغاية، حسب تقرير صادر عن معهد آسبن (aspeninstitute).

ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على المعادن بمعدلات غير مسبوقة ويمكن أن يولّد نقصًا في العرض يؤدي إلى إبطاء الجهود العالمية للوصول إلى أهداف الحياد الكربوني.

وعلى الرغم من فجوة العرض الوشيكة؛ فإنه يجب أن تراعي الجهود المبذولة لتوسيع نطاق العرض الاعتبارات البيئية والاجتماعية، ولا سيما بالنظر إلى الأداء التاريخي المضطرب لصناعة التعدين بشأن هذه القضايا.

في المقابل؛ فإن ديناميات العرض والطلب للمعادن المهمة تزداد تعقيدًا بسبب ضعف سلاسل التوريد المعدنية المهمة، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتُعَد سلاسل التوريد شديدة التركيز جغرافيًا؛ ما يعرّض المناخ الأميركي والمصالح الاقتصادية والأمن القومي لاضطرابات شديدة محتملة.

ولا تنطبق نقاط الضعف على الاضطرابات في إنتاج المناجم فحسب، بل تنطبق أيضًا على معالجة المعادن المهمة.

وتتركز معظم قدرة المعالجة العالمية بشكل كبير في الصين، التي أظهرت في الماضي نية إستراتيجية لاستعمال قوتها السوقية بوصفها أداةً جيوسياسية واقتصادية.

النتائج

توصّل تقرير "سياسة المعادن الحيوية والنادرة للولايات المتحدة.. دور الكونغرس في توسيع نطاق العرض المحلي وإزالة المخاطر في سلاسل التوريد"، الذي أصدره، مؤخرًا، برنامج الطاقة والبيئة لدى معهد آسبن في الولايات المتحدة، إلى النتائج التالية:

من المتوقع زيادة الطلب على المعادن المهمة خلال العقدين المقبلين؛ حيث يقوم العالم بتصنيع ونشر تقنيات الطاقة النظيفة بسرعة.

ويمثّل النقص الحاد في المعادن الذي يلوح في الأفق، والناجم عن الفجوة المتوقعة بين الطلب السريع وتباطؤ العرض، تحديًا كبيرًا للمصالح الاقتصادية والمناخية للولايات المتحدة.

وستولّد الجهود المبذولة لتوسيع نطاق إنتاج المعادن الحيوية، وقد ولّدت بالفعل، مخاوف بيئية واجتماعية مشروعة وخطيرة.

إضافة إلى ذلك، تخلق المخاطر السياسية في مختلف البلدان المنتجة حواجز أمام الاستثمار المتنوع وتحديات لتوسيع نطاق الإنتاج بشكل مسؤول.

من ناحيتها، تؤدي المهل الزمنية الطويلة للمشروع إلى خلق حالة من العرض غير المرن في مواجهة الطلب غير المؤكد والمتقلب. في الولايات المتحدة، يُعَد الترخيص عائقًا مهمًا بشكل خاص لتوسيع نطاق إنتاج المعادن الحيوية.

وتؤدي الضبابية الكبيرة بشأن الطلب على المعادن الحيوية في المستقبل إلى زيادة احتمالية حدوث نقص بالإمدادات في المستقبل.

وسيجعل الافتقار إلى البيانات الموثوقة والشفافية الكافية من الصعب على الأسواق مواءمة العرض والطلب، ويزيد من مخاطر التقلب، ومن ثم يحد من الاستثمار في نمو العرض.

ويُعد الإمداد الأولي للعديد من المعادن المهمة متمركزًا جغرافيًا للغاية وهو عرضة لاضطرابات سلسلة التوريد.

وتتركز قدرة المعالجة العالمية للمعادن الحيوية أيضًا جغرافيًا؛ ما يخلق مخاطر على الإمدادات الأميركية والعالمية.

على صعيد آخر، تمتد هيمنة الصين على العناصر الأرضية النادرة عبر سلسلة القيمة الكاملة؛ ما يخلق مخاطر ونقاط ضعف تختلف عن تلك الموجودة في العديد من سلاسل توريد المعادن المهمة الأخرى.

إن هيمنة الصين على سلاسل الإمدادات الوسيطة لمعادن البطاريات تمنحها ميزة حقيقية، ولكن غالبًا ما تتم المبالغة في المدى الذي تؤدي فيه هذه الهيمنة إلى مخاطر أمن الطاقة والرافعة الجيوسياسية.

تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج المعادن الحيوية، فضلًا عن توفير كل الطلب العالمي، خلال أي وقت في المستقبل القريب.

وتُعَد الجهود الأميركية الحالية لتنويع مصادر إمدادها وتشجيع الإنتاج العالمي ضيقة للغاية من الناحية الجغرافية.

التوصيات

أوصى تقرير "سياسة المعادن الحيوية والنادرة للولايات المتحدة.. دور الكونغرس في توسيع نطاق العرض المحلي وإزالة المخاطر في سلاسل التوريد"، الذي أصدره، مؤخرًا، برنامج الطاقة والبيئة لدى معهد آسبن في الولايات المتحدة، بما يلي:

يجب على الكونغرس الأميركي تبسيط استصدار التراخيص من خلال استعمال نهج قائم على المكان ووضع جداول زمنية صارمة للفصل في القضايا.

ويجب أن يوضح الكونغرس ويصادق على مفهوم الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة، مع توضيح أنه ينبغي تلقيها من الدول القبلية المتأثرة بشكل مباشر بتطوير المعادن المهمة.

ويجب على الكونغرس المصادقة على قدرة المجتمعات القبلية على الحصول على أسهم في مشروعات التعدين المهمة وتسهيلها بشكل أكبر.

التنقيب عن المعادن الحيوية والنادرة
التنقيب عن المعادن الحيوية والنادرة - الصورة من VCG

كما يجب أن يستمر الكونغرس في زيادة التمويل لمخزون الدفاع الوطني؛ ما يمكّنه من الوفاء بفعالية بتفويضه للدفاع والأمن.

ويجب على الكونغرس أن يوسع التمويل للبحث والتطوير وأن يقوم بإصلاح تنظيمي لتشجيع استبدال البدائل، وخفض الطلب، وإعادة تدوير المعادن المهمة.

ويجب على الكونغرس تنفيذ برنامج منح لبرامج التعدين المعتمدة في الولايات المتحدة، ويجب أن يخصص نسبة معينة من الأموال لمبادرات التوظيف.

ويجب أن يقاوم الكونغرس الاعتماد على أحكام قانون المشتريات الأميركي "باي أميركا" عند صياغة التشريعات المتعلقة بالمعادن المهمة والسعي لتطوير اتفاقيات دولية بديلة لتلبية الاحتياجات المحلية.

ويجب أن يعمل الكونغرس مع الوكالات الفيدرالية والحلفاء الدوليين لوضع معايير واضحة لمشروعات التعدين الأجنبية المؤهلة للحصول على الدعم.

ويجب على الكونغرس زيادة التمويل لمؤسسة تمويل التنمية وتزويدها بسلطة وأولوية موسعة للاستثمار في المشروعات المعدنية المهمة في الخارج التي تلبي أو يمكنها -بدعم من الولايات المتحدة- تلبية المعايير المذكورة أعلاه.

ويجب على الكونغرس تسهيل الأطر الثنائية والمتعددة الأطراف التي تزيد من تنسيق سلاسل إمداد المعادن المهمة وتدعم التفاوض وتمرير اتفاقيات التجارة الثنائية والمتعددة الأطراف بين البلدان التي تفي بالمعايير الموصى بها أعلاه.

ويجب أن يساعد الكونغرس في إنشاء وتمويل هيكل لتحسين توقعات الطلب وزيادة شفافية الأسعار.

لمحة عن معهد آسبن وفريق عمله

يُعَد معهد آسبن منظمة دولية غير ربحية تأسست عام 1949 ويقع مقرها في العاصمة الأميركية واشنطن، وتعنى بدفع التغيير من خلال الحوار والقيادة والعمل للمساعدة في حل أهم التحديات التي تواجه الولايات المتحدة والعالم.

في عام 2022، شكّل برنامج الطاقة والبيئة التابع لمعهد آسبن فريق عمل من الخبراء لمساعدة صانعي السياسات على مواجهة هذه التحديات. مثّل فريق العمل هذا مجموعة واسعة من المجالات والخبرات اللازمة لتشكيل نجاح سياسة المعادن المهمة في الولايات المتحدة.

وتضمّن فريق العمل: أعضاء الكونغرس الأميركي السابقين والمستثمرين وخبراء الأمن القومي والمنظمات الدولية والمتعددة الأطراف والمنظمات البيئية غير الحكومية، والأكاديميين والعلماء والمبتكرين وتقنيي الصناعة التحويلية وصناعة التعدين وزعماء السكان الأصليين والقبليين.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق