ما تكلفة تحقيق الحياد الكربوني.. وهل يمكن الوصول إليه بحلول 2050؟ (صوت)

قال خبير اقتصادات الطاقة، مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن الطريق نحو تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام (2050) أو (2060) يشهد حقائق صادمة على أرض الواقع.

وأوضح الحجي -في حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها بعنوان "مستقبل الطاقة بين الواقع والأحلام والتضليل الإعلامي"، على مساحات "تويتر"-، أن الواقع صادم عند الحديث عن الوصول إلى الحياد المناخي بحلول منتصف القرن، ووجود تحول طاقي ضخم يؤثر في الدول المنتجة.

وأضاف: "البيانات الواقعية تُسهم في الوصول إلى الحقيقة، فعندما نقرأ ونستمع إلى وسائل الإعلام بما فيها العربية، نشعر أن الطلب على الفحم انتهى، وأن الطلب على النفط بدأ ينخفض ويواصل تراجعه، وأن هناك مستقبلًا مظلمًا للدول النفطية مع اقتراب الوصول إلى الحياد الكربوني، وهذا ما تروّج له وسائل الإعلام".

ولكن -وفق الحجي- بالنظر إلى الأرقام المتعلقة بالاستهلاك العالمي للطاقة، نجد أنه في عام (2022) مثّل استهلاك الفحم 27% من الاستهلاك العالمي للطاقة، أي أكثر من الربع، في حين كان النفط بحدود 33%، رغم كل الحروب ضده.

الحياد الكربوني والحرب ضد الوقود الأحفوري

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن "النفط مثّل ثلث الاستهلاك العالمي من الطاقة، رغم كل تريليونات الدولارات التي أُنفقت على الطاقة المتجددة، والغريب في الأمر إنفاق نحو 4 تريليونات دولار منذ عام 2010 حتى الآن على الطاقة المتجددة، وليس على سياسات تحقيق الحياد الكربوني".

وأضاف: "هذه الأموال أُنفقت على الطاقة المتجددة، وبصورة خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومع ذلك، ما هي نسبة استهلاك الطاقة المتجددة في العالم من استهلاك الطاقة العالمي الآن بعد إنفاق أكثر من 4 تريليونات دولار؟ 7% فقط".

ويوضح الرسم البياني التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- حجم الطلب العالمي على النفط حتى شهر فبراير/شباط 2023:

لذلك -وفق الدكتور أنس الحجي- ما هو المطلوب للتخلص من الفحم الذي يمثّل 27% من الاستهلاك العالمي للطاقة، والغاز الذي يمثّل 23%، والنفط الذي يمثّل 33%، مضيفًا: "هذا يعني أن ما يزيد على 80% من استهلاك الطاقة العالمي يأتي من الوقود الأحفوري، فإذا أنفقوا 4 تريليونات دولار للحصول على 7% فقط، و3% منها قديمة، فقد حصلوا على 4% فقط من الاستهلاك العالمي، فما المطلوب إنفاقه ليغطوا الـ80%؟".

وأوضح أن هذه الأموال من الواضح من أين تأتي، والواضح -أيضًا- أن هناك مشكلة، خاصة فيما يتعلق بالحديث عن إلغاء السيارات العاملة بالبنزين والديزل بحلول عام 2035، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وهو أمر لا يمكن تحقيقه بناء على هذه الأرقام والتكاليف.

ولفت الحجي إلى أن الدول الأوروبية أنفقت تريليونات الدولارات على الطاقة المتجددة، ومع ذلك فإن استهلاكها من الطاقة تصدره النفط بنسبة 36%، والغاز بنسبة 22%، و13% للفحم، و8% للطاقة النووية، و7% طاقة مياه من السدود، في حين شكّلت الطاقة المتجددة 14% فقط، ومن يقرأ الأخبار عن أوروبا يعتقد أنهم "خضر"، ويوشكون على تحقيق الحياد الكربوني.

استهلاك الطاقة في أميركا والهند والصين

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الولايات المتحدة رغم كل سياسات حكومة الرئيس جو بايدن المعادية للنفط والوقود الأحفوري والدعم الهائل للطاقة المتجددة تمثّل فيها نسبة استهلاك النفط 38%، والغاز 33%، والفحم 10%، والطاقة النووية 8%، في حين تمثل نسبة استهلاك الطاقة المتجددة في أميركا -والحديث فقط عن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح- 9%.

وأضاف: "هذه النسبة حتى إذا ضاعفوها سواء في أميركا أو أوروبا أو اليابان والصين والهند، فلن تؤثر في الطلب على النفط، لأن نسبة استهلاك النفط في هذه الدول قليلة جدًا في توليد الطاقة الكهربائية، وبالتالي حتى لو ضاعفوا هذه الكميات فستؤثر غالبًا في الفحم وربما في الغاز ولن تؤثر في النفط".

وبالنسبة إلى استهلاك الطاقة في الصين، نجد أن 55% من الطاقة المستهلكة تأتي من الفحم، رغم الحرب الشديدة -حتى من الحكومة الصينية- ضد الفحم، و18% من النفط، وهذه الـ18% مهمة، لأن الصين الآن هي أكبر مستورد للنفط عالميًا.

ويوضح الرسم البياني التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- أكثر 10 دول استهلاكًا للفحم حول العالم في 2022، وفي مقدمتها الهند والصين وأميركا:

وأوضح أن الصين هي أكبر مستثمر في الطاقة المتجددة بالعالم خلال السنوات الماضية، ورغم ذلك 8% فقط من إجمالي استهلاك الطاقة يأتي من الطاقة المتجددة، ومع ذلك إذا أرادت الصين تحقيق الحياد الكربوني فإنها تحتاج إلى 38 تريليون دولار.

وتابع: "حسب الإنفاق الحالي، بصفتها الدولة الأولى في العالم في هذا الإنفاق، تحتاج إلى 211 عامًا لتحقيق الحياد الكربوني، وذلك على افتراض أن جميع المشروعات التي تقوم بها حاليًا مشروعات أبدية لا تحتاج إلى صيانة أو تجديد".

وأردف: "بعبارة أخرى، تحتاج الصين للوصول للحياد الكربوني إلى مئات السنين، وذلك عندما نقول إن هذه الدول تهدف إلى الوصول للحياد الكربوني في 2050 أو 2060 نجد أنه أمر مستحيل، لذلك فإن قمة المناخ كوب 28 في الإمارات، تستهدف تغيير الدول المنتجة للنفط وشركات النفط والصين والهند من خلالها تغيير الرواية الأوروبية، التي لا تناسب الواقع".

وحول استهلاك الهند من الطاقة، فإن 55% تأتي من الفحم، وهي النسبة الصينية نفسها، ولكن الفارق بين البلدين أن الصين دولة غنية، وفي الوقت نفسه حكمها ديكتاتوري، أي تستطيع تنفيذ مشروعات دون مجلس نيابي أو موافقة حزبية، في حين لا تستطيع الهند ذلك، وفي الوقت نفسه فإن نسبة استهلاك الطاقة المتجددة في الهند تبلغ 6% فقط.

موضوعات متعلقة..

• هل يلتزم قطاع الشحن البحري بتحقيق الحياد الكربوني قريبًا؟
• هل الفرنسيون مستعدون لتحقيق الحياد الكربوني؟ (مسح جديد)
• الاقتصاد الدائري.. كيف تساعد إعادة التدوير الإمارات على تحقيق الحياد الكربوني؟

اقرأ أيضًا..

• نقل الهيدروجين إلى أوروبا سيكون أفضلية لدول المغرب العربي.. وهذه أبرز المخاطر (حوار)
• تحليل سهم طاقة عربية لـ6 خبراء.. هل فرصة استثمارية أم مجرد مضاربة؟
• إيرادات دول أوبك من صادرات النفط تقفز 307 مليارات دولار في 2022