رئيسيةالتغير المناخيتقارير التغير المناخي

هل الفرنسيون مستعدون لتحقيق الحياد الكربوني؟ (مسح جديد)

دينا قدري

تحتل أهداف تحقيق الحياد الكربوني مكانة مميزة في جهود مختلف دول العالم، من أجل مواجهة تغير المناخ وحماية الكوكب من ظاهرة الاحتباس الحراري، وهو ما يتطلّب مشاركة المواطنين بصورة فعّالة، من أجل تحويل الإجراءات الحكومية إلى واقع ملموس، في ظل أزمات طاقة متعاقبة جعلت المهمة أكثر صعوبة.

ورصد مسح جديد مدى استعداد الفرنسيين لتغيير أسلوب حياتهم في مواجهة تغير المناخ، مشيرًا إلى أن غالبية المواطنين على دراية بتغير المناخ، إلا أن تطلعاتهم تمنعهم من إجراء تغييرات أخرى، رغم انفتاحهم على بعض القرارات لتحقيق الأهداف المناخية، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن قناة "بي إف إم تي في" الناطقة باللغة الفرنسية (BFM TV).

وتطرّق المسح إلى شهية الفرنسيين لاتخاذ إجراءات لصالح انتقال الطاقة، وتطورت هذه الشهية في أعقاب أزمة الطاقة التي حدثت خلال شتاء 2022-2023، وكذلك السلوكيات التي حدثت خلال هذه الأزمة وآفاق الاستدامة.

وأجرى هذا المسح مشغل شبكة نقل الكهرباء في فرنسا "آر تي إي" ومعهد "إبسوس" لاستطلاعات الرأي، في المدّة بين يوليو/تموز 2022 ومايو/أيار 2023، على عينة من 11 ألفًا إلى 13 ألف شخص.

وعي بتغير المناخ.. ولكن

كشف المسح عن أن هناك وعيًا قويًا بتغير المناخ، إذ يعتقد 87% ممن شملهم الاستطلاع أن الظاهرة حقيقة واقعة، في حين تشعر نسبة مماثلة بالقلق حيالها.

ومعظم هؤلاء المواطنين يؤيدون من حيث المبدأ التغييرات في أنماط الحياة، ويطالبون بإجراءات سريعة وفعّالة حتى لو تطلب ذلك تضحيات مالية، إلا أن تطلعاتهم تحول دون تحقيق ذلك، وفق ما نقله "آر تي إي" و"إبسوس".

وأظهر الاستطلاع أن الفرنسيين منفتحون على بعض التغييرات الضرورية لتحقيق الحياد الكربوني، لا سيما من خلال تحركات بسيطة لترشيد الاستهلاك.

قد يكون الأمر يتعلّق باستدامة إجراءات ترشيد استهلاك الكهرباء التي جرى تنفيذها هذا الشتاء، إذ ذكر 75% ممن شملهم الاستطلاع أنهم بذلوا جهودًا بشأن استهلاكهم في الشتاء الماضي.

وكان جميع من شملهم الاستطلاع تقريبًا (91%) اقتصاديين فيما يتعلق بالاستهلاك المرتبط بالإضاءة، في حين قلّل أكثر من 75% تدفئة منازلهم في أثناء الليل أو حتى أغلقوا أجهزتهم في حالة عدم استعمالها.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- دور كفاءة الطاقة في تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050:

الحياد الكربوني - كفاءة الطاقة

علاوةً على ذلك، فإن كهربة السيارة الشخصية بمعدل متوافق مع احتياجات الحياد الكربوني أمر مرجح، لأن أكثر من واحد من كل 3 مشاركين (37%) سيختارون محركًا هجينًا وكهربائيًا إذا تعطلت سيارتهم أو لم تكن قابلة للإصلاح.

ويلاحظ تأجيل اتخاذ القرار -أيضًا- بالنسبة إلى نظام التدفئة، فمن بين المالكين الذين يخططون لتغيير نظام التدفئة، سيتجه 44% نحو مضخة حرارية كهربائية أو سخانات كهربائية.

وتحظى وسائل إنتاج الكهرباء منخفضة الكربون بشعبية كبيرة لدى الفرنسيين، إذ كان لثلثي من شملهم الاستطلاع رأي جيد بشأن محطات الطاقة الكهرومائية والألواح الشمسية الكهروضوئية، في حين تُعد الآراء حول محطات الطاقة النووية وتوربينات الرياح أكثر انقسامًا،

عقبات أمام تجديد المباني

يرغب بعض الفرنسيين في إجراء تغييرات أخرى تتعلق بصفة خاصة بأنماط الحياة، من أجل تحقيق الحياد الكربوني، ولكن يصعب الوصول إليها كما يتضح.

وهذه هي الحال مع تقليص استعمال السيارة، حتى لو كان العديد من الفرنسيين مستعدين للتوجه إلى النقل المستدام والحافلات العامة، شريطة تعزيز النقل العام والمسارات للدراجات.

ويخطط ثلث من شملهم الاستطلاع فقط لتقليل رحلاتهم بالسيارات الخاصة خلال السنوات الـ5 المقبلة، ويعتقد نصفهم تقريبًا أن ذلك سيكون صعبًا.

بالإضافة إلى ذلك، يفكر عدد قليل جدًا منهم في إحلال سيارات مدمجة أو دراجة كهربائية أو حتى عجلتين ذات محركات كهربائية محل سياراتهم القديمة.

وحول تجديد المباني، يخطط لهذه الخطوة أكثر من ربع الملاك الذين شملهم المسح في الأعوام الـ3 المقبلة، ونصفهم تقريبًا على مدى وقت أطول (5 سنوات).

وإذا كان طلاء الأرضيات والجدران يأتي أولًا في عمليات التجديد، فما تزال هناك العديد من العقبات أمام أعمال العزل، إذ ذكر 94% من الملاك الذين شملهم الاستطلاع عقبات اقتصادية مثل التكلفة أو الشكوك حول الربحية، و58% من العقبات تتعلق بكمية المساعدات المالية التي ما تزال غير معروفة أو الحصول عليها.

صعوبات في أنماط الحياة

حتى الآن، من الواضح أن بعض التغييرات الأساسية في نموذج المجتمع تتعارض مع تطلعات الفرنسيين، وتواجه عقبات ثقافية وتنظيمية كبيرة.

وهذا لا يعني أن هذه التغييرات مستحيلة أو أنه لن يكون لها أي تأثير في استهلاك الكهرباء على المدى الطويل، ولكن هناك بعض التغييرات المهمة التي ستكون ضرورية لجعل هذه السيناريوهات جذابة، وفق ما أكده مشغل شبكة نقل الكهرباء "آر تي إي".

على سبيل المثال، ما يزال التخلي التام عن السيارة الشخصية بعيد المنال، إذ أكد 89% من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع من قبل "إبسوس" أنهم يستعملونها عدة مرات في الأسبوع للتنقل.

وعلى الرغم من أن أكثر من ثلثيهم قد قللوا من رحلاتهم، فإن الغالبية العظمى (88%) سيستبدلون سيارتهم إذا تعطلت أو تعذر إصلاحها.

وعلى المنوال نفسه، ما يزال حلم منزل الأسرة الواحدة قائمًا في فرنسا؛ فأكثر من 60% من المستطلعين الذين يعيشون في سكن جماعي يفضلون التحول إلى منزل لأسرة واحدة حال الانتقال.

في الوقت نفسه، 14% فقط ممن شملهم الاستطلاع الذين يعيشون في منزل لأسرة واحدة يذهبون إلى السكن الجماعي إذا انتقلوا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق