وحدة أبحاث الطاقةالتقاريرتقارير دوريةتقارير منوعةسلايدر الرئيسيةمنوعات

لعنة الوقود الأحفوري تصيب المعادن النادرة.. كم دعوى حقوقية في 12 عامًا؟ (تقرير)

الطاقة المتجددة تواجه معضلة حقوق الإنسان في أفريقيا وأميركا الجنوبية

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • 510 دعاوى ضد عمليات تعدين المعادن النادرة في 12 عامًا
  • 56 دعوى جديدة في عام 2022، منها 13 ضد ناشطي البيئة
  • برنامج تتبّع معادن الانتقال يرصد انتهاكات 6 معادن نادرة
  • 14 شركة تعدين عالمية محل الاتهامات حتى 2022
  • أكثر من نصف الدعاوى في أميركا اللاتينية، وبيرو في المقدمة
  • 92 دعوى في أفريقيا، أكثر من نصفها في الكونغو الديمقراطية

تتزايد الرهانات على إنتاج المعادن النادرة لتلبية الطلب على مكونات صناعة الطاقة المتجددة بفروعها المختلفة المرشحة لإنقاذ العالم من التلوث المنسوب إلى مصادر الوقود الأحفوري.

بيد أن هذه الرهانات صارت على محكّ الاختبار الإنساني لمدى مصداقية دعاة البيئة والمناخ إزاء انتهاكات صناعة التعدين المتزايدة لحقوق الإنسان في الصحة والماء النظيف وغيرهما.

ورصد تقرير حديث -غير حكومي- حقائق صادمة بشأن تزايد انتهاكات التنقيب عن المعادن النادرة لحقوق الإنسان والبيئة على مستوى العالم، وفقًا لمرصد الأعمال وحقوق الإنسان، ومقرّه الرئيس لندن.

وبلغ عدد دعاوى انتهاك عمليات إنتاج المعادن الأرضية النادرة لحقوق الإنسان حول العالم قرابة 510 دعاوى خلال السنوات الـ12 الممتدة من 2010 حتى 2022، وفقًا لبرنامج تعقّب معادن انتقال الطاقة التابع للمرصد "Transition Minerals Tracker".

واستحوذ عام 2022 وحده على 65 دعوى بشأن الانتهاكات حقوق الإنسان في قطاع البحث والتنقيب عن المعادن النادرة حول العالم، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

6 معادن نادرة محل تتبّع

يختص برنامج تعقّب معادن انتقال الطاقة بمراقبة تداعيات صناعة التعدين على حقوق الإنسان عبر تتبّع 6 معادن أرضية نادرة مستعملة في صناعة البطاريات وتقنيات الطاقة المتجددة، وهي: الكوبالت، والنحاس، والليثيوم، والمنغنيز، والنيكل، والزنك.

وتشير الدعاوى القضائية المتزايدة لانتهاك حقوق الإنسان والبيئة من قبل شركات التنقيب عن المعادن النادرة، ما يعني أن مصادر الطاقة المتجددة ربما تواجه معضلات مستقبلية من المنظور الإنساني نفسه الذي تعرَّض له النفط ومصادر الوقود الأحفوري الأخرى على مرّ عقود.

التعدين غير الآمن في أفريقيا
التعدين غير الآمن في أفريقيا- الصورة من نيويورك تايمز

وغالبًا ما تنصرف اتهامات مصادر الوقود الأحفوري إلى انتهاك حقوق الإنسان الأساسية في الصحة والهواء والماء النظيف، كما يُنسب إليها وفيات التلوث وأغلب أمراض الجهاز التنفسي، إلى جانب حشرها في دائرة المسؤولين عن الكوارث البيئية مثل الفيضانات والأعاصير والجفاف والزلازل وغيرها.

كما يُتهم الوقود الأحفوري بانتهاك حقوق السكان في ملكية الأراضي، خاصة في مشروعات التنقيب البري بمناطق قريبة من المناطق المأهولة بالسكان، إلى جانب خطوط الأنابيب الطويلة التي تشقّ مجتمعات السكان المحلية وتدمّر نظمها الحياتية والبيئية، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

خريطة انتهاكات التعدين لحقوق الإنسان

لا تخرج الاتهامات الموجهة لعمليات إنتاج المعادن النادرة عن نطاق نظيرتها المسلّطة على النفط الوقود الأحفوري، خاصة فيما يتعلق بالجزء الخاص بانتهاكات حقوق الأرض والمجتمعات المحلية وتلوث المياه والهواء وتدمير النظم الحياتية والبيئية.

فقد ضجّت المجتمعات المحلية بالشكوى من كثافة استعمال المياه في عمليات التعدين، إذ بلغ عدد دعاويها من تلوث المياه أو صعوبة الحصول عليها أو كلاهما معًا قرابة 133 دعوى خلال السنوات الـ12 الأخيرة وحتى 2022.

وتئنّ الشعوب الأصلية -على وجه الخصوص- من وطأة آثار عمليات تعدين المعادن النادرة على أراضيهم ونظمهم الحياتية والبيئية والاقتصادية التي تبدو مختلفة عن بقية الشعوب في العالم، إذ بلغ عدد دعاويهم قرابة 49 دعوى خلال المدة من 2010 إلى 2022.

الشعوب الأصلية تعترض في البرازيل
احتجاج للشعوب الأصلية في البرازيل- الصورة من green peace

وتؤثّر عمليات التعدين في أنماط حياة المجتمعات المحلية بصورة واضحة، إلى جانب تعريضهم للعيش في بيئة صحية خطرة، إذ بلغ عدد الدعاوى المتصلة بالتداعيات على البيئة أو الأشخاص المحيطين بالمناجم نحو 111 دعوى خلال المدة من 2010 إلى 2022.

كما تتزايد اتهامات الفساد المتعلقة بقطاع التعدين في البلاد النامية المستحوذة على أغلب احتياطيات المعادن النادرة في العالم، إذ بلغ عدد الدعاوى المسجلة في عام 2022 وحده، قرابة 10 دعاوى.

وتمتد دعاوى المعادن النادرة إلى عمال التعدين المعرضين للخطر لممارسة أعمالهم دون مراعاة لشروط السلامة والأمن والأضرار البيئية، ما يؤدي إلى تزايد حالات الوفاة والإصابة بالأمراض في صفوفهم، إذ شهد عام 2022 تسجيل 5 وفيات.

دعاوى ضد ناشطي المناخ

لم يسلم ناشطو البيئة والمناخ والمدافعون عن الحقوق الإنسان من دفع ثمن باهظ نتيجة تتبّعهم وملاحقتهم لأنشطة التعدين عن المعادن النادرة في العالم، إذ بلغ عدد الدعاوى المرفوعة ضدهم قرابة 133 دعوى خلال الـ12 عامًا الأخيرة، منها 13 دعوى جديدة في عام 2022 وحده.

وغالبًا ما يواجَه هؤلاء الناشطون باتهامات التشهير والطعن في السمعة ونشر بيانات مضللة للرأي العام، إلى جانب قطع الطرق واحتلال الميادين والجسور وتعطيل المواصلات وتخريب المنشآت في أثناء احتجاجاتهم البيئية، وهي ظاهرة باتت ملحوظة في أوروبا خلال السنوات الماضية، ما دفع بريطانيا إلى تشديد عقوبات تعطيل حركة الحياة اليومية للمواطنين، لتصل إلى السجن خلال العام الماضي (2022).

واستهدفت الحكومة البريطانية من هذا التشديد حركة تمرد ضد الانقراض "إكستنشن ريبيلون"، وغيرها من الحركات الحقوقية المتبنية لأساليب العصيان المدني وتعطيل المرور ضمن الوقفات الاحتجاجية بوصفها وسائل مؤثرة في الضغط على الحكومات، وفقًا لوكالة بلومبرغ.

ويجيد نشطاء المناخ شنّ الحملات المنظمة للطعن في سمعة الحكومات والشركات والبنوك وشركات التأمين المنخرطة في تغطية أو تمويل مشروعات الوقود الأحفوري حول العالم.

كما يجيدون أساليب الضغوط البرلمانية والملاحقات القضائية واختراق هياكل ملكية الشركات عبر النشطاء، إلى جانب استغلال الحملات الإعلامية والأفلام الوثائقية والسينمائية المناهضة للصناعة.

ويركّز أغلب حملات نشطاء المناخ على الوقود الأحفوري منذ عقود، بوصفه المصدر الرئيس للتلوث والانبعاثات والاحتباس الحراري، أمّا مشروعات التعدين فما زالت بعيدة جزئيًا عن تركيز حملاتهم المنظمة ضد صناعة الطاقة بوجه عامّ، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

14 شركة تعدين عالمية محل اتهام

رصد برنامج تتبع معادن الانتقال التابعة لمرصد الأعمال وحقوق الإنسان 14 شركة تعدين كبرى في دائرة ثلثي الاتهامات أو الدعاوى الموجهة ضد تعدين المعادن النادرة خلال الـ12 عامًا الماضية وحتى 2022، والبالغ عددها الإجمالي 510 دعاوى.

وتضم قائمة هذه الشركات، شركة التعدين الصينية "تشاينا منميتالز غروب"، وغلينكور السويسرية، وكوديلكو التشيلية، وميكسيكو غروب المكسيكية، وفريبورت مكموران الأميركية، وشركة سولي غروب السويسرية، وهي من أكبر الشركات الراسخة في قطاع الصناعات الاستخراجية حول العالم.

وبلغ عدد الدعاوى المتصلة بتعدين النحاس قرابة 287 دعوى بنسبة 69% من إجمالي الدعاوى المرصودة ضد تعدين المعادن النادرة خلال المدة من 2010 إلى 2022، وفقًا للتقرير.

بينما جاء تعدين الزنك في المرتبة الثانية من حيث الاتهام بانتهاك حقوق الإنسان بـ61 دعوى، يليه النيكل بـ52 دعوى، ثم الكوبالت بنحو 46 دعوى، أمّا الليثيوم فلم يُتهم إلّا بـ21 دعوى، ثم المنغنيز بـ12 دعوى خلال مدة الرصد.

أميركا الجنوبية وأفريقيا في المقدمة

تتوزع الدعاوى جغرافيًا على قارة أميركا الجنوبية وأفريقيا بصورة أساسية، إلى جانب جزء من أميركا الشمالية، حيث استحوذت القارة اللاتينية على أكثر من نصف الدعاوى (259 دعوى) خلال الـ12 عامًا الماضية، بينما بلغ عددها في المكسيك ودول أميركا الوسطى 70 دعوى.

وبلغ عدد الدعاوى الموجّهة لشركات التعدين في بيرو قرابة 127 دعوى، بينما اتهم القطاع في تشيلي بـ78 دعوى، أمّا غواتيمالا فقد نالت من الدعاوى 35، بينما سجلت المكسيك 32 دعوى.

أمّا أفريقيا فقد سجلت 92 دعوى خلال مدة الرصد، أكثر من نصفها في قطاع التعدين بدولة الكونغو الديموقراطية بعدد 44 دعوى، وفقًا لبيانات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة من تقرير مرصد الأعمال وحقوق الإنسان.

يوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- الدول المستحوذة على الليثيوم مع امتلاك أميركا اللاتينية 56% وحدها:

أكبر منتجي الليثيوم في أميركا اللاتينية

وتشير هذه الحقائق مجتمعة إلى أن مشروعات إنتاج المعادن النادرة المعوّل عليها لإنقاذ البشرية من التلوث، صارت تمثّل مشكلة إنسانية عالمية في حدّ ذاتها، لانتهاكها حقوق الإنسان والبيئة في البلدان النامية والفقيرة التي تستحوذ على أغلب احتياطيات المعادن النادرة.

وتقول نائبة رئيس البرلمان الأوروبي هايدي هوتالا، معبّرةً عن هذا المعنى: " انتقال الطاقة العالمي لا يجب أن يكون على حساب حقوق الإنسان والبيئة في الدول ذات الموارد المعدنية الوفيرة في أفريقيا وأميركا الجنوبية وغيرها.. فالظلم واختلال توازي القوى بين دول شمال الكرة الأرضية وبلدان الجنوب ما زال مستمرًا منذ مدة طويلة، ولا بدّ من علاجه".

وشددت النائبة البرلمانية على ضرورة إلزام شركات التعدين بتنظيف أعمالها على غرار قانون المواد الخام الحرجة في أوروبا، إلى جانب اتخاذ التدابير اللازمة للحدّ من الطلب على المعادن لتقليل الضغط على المجتمعات المحلية في البلاد المنتجة للمعادن.

ويشتكي المدير التنفيذي لجمعية القانون البيئي في زيمبابوي موتوسو دهليوايو، من تحمّل المجتمعات المحلية في البلدان الغنية بالموارد، تكلفة الاستخراج غير المسؤول للمعادن على مدار العقود الماضية.

ويطالب الناشط الأفريقي بحماية الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية وعمال التعدين من مخاطر الانتقال العالمي السريع نحو مصادر الطاقة المتجددة كثيفة الاستهلاك للمعادن النادرة.

كما يطالب بترسيخ مبدأ التفاوض العادل بين شركات التعدين والعمال والمجتمعات المحلية على قاعدة الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة لتكون أساس الرخاء المشترك والتحول العادل نحو الطاقة المتجددة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق