طاقة متجددةتقارير الطاقة المتجددةرئيسية

الطاقة الشمسية في أوروبا بين خيارين أحلاهما مُر.. الازدهار أم حقوق الإنسان؟

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • تسارع وتيرة نمو الطاقة الشمسية في أوروبا
  • تدقيق سلسلة الإمدادات يهدد واردات الطاقة الشمسية في أوروبا
  • قانون منع العمل القسري للإيغور يعرقل صناعة الطاقة الشمسية في أوروبا
  • الصين تفند مزاعم انتهاكات العمالة القسرية في شينغيانغ
  • البولي سيليكون غير الصيني يكفي لإنتاج كهرباء من الألواح الشمسية سعة 40 غيغاواط سنويًا

يجد صناع القرار في صناعة الطاقة الشمسية في أوروبا أنفسهم أمام خياريْن عصيبيْن؛ مواصلة السير في مسار تنمية القطاع الحيوي الذي لا غنى عنه لتحول الطاقة أم الدفاع عن حقوق الإنسان.

ويتبنى السواد الأعظم من حكومات القارة العجوز مصادر الطاقة المتجددة منذ سنوات، في إطار مساعيها الرامية لتوليد الكهرباء النظيفة المُستدامة ضمن خطة أوسع لتحقيق أهداف الحياد الكربوني.

وفي هذا المسار الصعب، تمضي صناعة الطاقة الشمسية في أوروبا على قدم وساق مع سعي الدول لتركيب مزيد من الألواح الشمسية، بُغية تقليص اعتمادها على مصادر الوقود الأحفوري الملوثة للبيئة مثل النفط والغاز، وهو ما يمثّل "أنباء سارة" للصين التي تهيمن على سلاسل إمدادات تلك الصناعة الحيوية، حسبما أوردت وكالة رويترز.

غير أن تزايد سن التشريعات الهادفة لضمان خلو سلاسل إمدادات الشركات من العمالة القسرية، وغيرها من ألوان انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى، تمثّل تحديًا صريحًا لمرافق الكهرباء الغربية، بحسب معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

إقليم شينغيانغ

يقع في قلب تلك المُعضلة إقليم شينغيانغ الصيني الذي يُعد مُنتجًا رئيسًا لمعدن السيليكون؛المادة الأولية المصَنّعة من خام الكوارتز الداخلة في تصنيع السيليكون عالي النقاء، المعروف باسم البولي سيليكون.

ويشير البولي سيليكون إلى مكون دقيق موجود في رمال الشواطئ، يُستعمل لتحويل فوتونات الضوء إلى كهرباء، ويُستعمل بصفته مكونًا رئيسًا في تصنيع الألواح الشمسية.

وفي العام الماضي (2022)، شكّل شينغيانغ نحو 35% من إنتاجية البولي سيليكون العالمية، وفق ما صرّحت به شركة بيرنروتر المتخصصة في معلومات السوق.

ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في أوروبا:

توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في أوروبا

حظر أميركي وألمانيا على الدرب

حظرت الولايات المتحدة الأميركية -التي اتهمت بكين بقمع الأقليات المسلمة في الإقليم الصيني المثير للجدل- واردات البولي سيليكون من شينغيانغ، إلى جانب منتجات أخرى في شهر يونيو/حزيران (2022)، ما قاد بدوره إلى تأخيرات في تسليم طلبيات الألواح الشمسية لمرفق الكهرباء الألماني "آر دبليو إي"، ومقدمين آخرين في تلك الصناعة الحيوية.

والآن قد تتفاقم الأوضاع وتصبح أكثر تعقيدًا في أوروبا. فقد طرحت ألمانيا -بدءًا من العام الجاري (2023)- تشريعًا يطالب الشركات التي لديها ما يربو على 3 آلاف عامل بمراقبة سلاسل إمداداتها أو تغريمها ما يصل إلى 2% من عائداتها.

كما أن هناك مناقشات جارية بشأن مقترح أوروبي أوسع حول العناية الواجبة بسلسلة الإمدادات، إلى جانب خُطة لإنهاء العمالة القسرية من المنتجات كافّة الداخلة إلى دول الاتحاد الأوروبي الـ27.

وقد يكون تجنّب مكونات الألواح الشمسية الصينية بالكلية -إجراء شرعت بعض الشركات الأميركية في تنفيذه بالفعل- الحل الأكثر آمانًا. لكن لا توجد هناك مواد خام كافية خارج البر الرئيس للصين، ما يُعرّض الطاقة الشمسية في أوروبا لتهديد وجودي.

سعة لا تكفي

وفقًا لتقديرات بيرنروتر، يُعد البولي سيليكون غير الصيني كافيًا لإنتاج كهرباء من الألواح الشمسية، سعة 40 غيغاواط سنويًا.

وربما تكفي تلك السعة لتغطية التركيبات الشمسية في الولايات المتحدة الأميركية سنويًا، التي ارتفعت إلى 19 غيغاواط في عام 2022، بحسب بيانات صادرة عن وكالة الطاقة الدولية.

غير أن هذا لن يسد احتياجات أوروبا المتنامية باستمرار من الطاقة الكهربائية. فوفقًا لخطة "ري باور إي يو"، ربما تحتاج الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى تركيب طاقة شمسية سعة 6 غيغاواط سنويًا، للمحافظة على الطاقة الشمسية في الاتحاد الأوروبي، حسبما أعلن مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي كادري سيمسون.

و"ري باور إي يو" هي خطة اقترحتها المفوضية الأوروبية -الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- تستهدف -أساسًا- تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي وتسريع التحول الأخضر.

حل لم يختمر

تسعى شركات صينية مثل "ترينا" و"جينكو سولار" إلى نقل دورة الإنتاج بعيدًا عن شينغيانغ التي تمثّل خلافًا بين الجانبين، حتى ولو قاد ذلك إلى ارتفاع التكاليف، في خطوة فد تُسهم في المحافظة على وتيرة نمو الطاقة الشمسية في الاتحاد الأوروبي.

في المقابل تُخطط شركة "فاكر" الألمانية، ومجموعة "هيلموك سيميكونداكتور" أكبر منتج للسيليكون عالي النقاوة في الولايات المتحدة الأميركية إلى تعزيز سعة الإنتاج خارج الصين.

ومن الممكن أن تتراجع الحصة السوقية من البولي سيليكون لإقليم شينغيانغ، من السعة الإجمالية إلى 23% هذا العام (2023)، في حين ما تزال بقية الصين تمثّل ما نسبته 71% من توقعات السعة العالمية، وفق أحدث التقديرات الصادرة عن شركة أبحاث الطاقة "ريستاد إنرجي".

تفتيش مواطن إيغوري على يد شرطي صيني
تفتيش مواطن إيغوري على يد شرطي صيني - فوكس

قانون منع العمل القسري للإيغور

ينص قانون منع العمل القسري للإيغور الذي جري سرياته في 21 يونيو/حزيران (2022)، على حظر دخول المنتجات والسلع المُصنعة في إقليم شينغيانغ الصيني، الأراضي الأميركية.

وتشتمل المواد التي شملها القانون المذكور على البولي سيليكون، ومن ثم تبقى الطاقة الشمسية في الاتحاد الأوروبي عُرضة للخطر ما دام استمرت أعمال التدقيق بشأن سلاسل إمدادات الألواح الشمسية في دول التكتل.

وسبق أن ذكرت الولايات المتحدة الأميركية أنها وجدت أدلة دامغة على انتهاك حقوق الإنسان بشأن العمالة في صناعة الطاقة الشمسية في شينغيانغ.

وفي ديسمبر/كانون الأول (2021)، وقع الرئيس الأميركي جو بايدن قانون منع العمل القسري للإيغور الذي حظر استيراد السلع من شينغيانغ، ما لم يتمكن الموردون من تقديم ما يثبت خلو منتجاتهم -تمامًا- من العمالة القسرية.

رد صيني

قال ناطق باسم البعثة الصينية لدى الاتحاد الأوروبي في فبراير/شباط (2021)، إن اتهامات العمالة القسرية في شينغيانغ ليست سوى "محض افتراء"، واصفًا إياها بأنها لا تعدو كونها "كذبة مُختلقة" من قبل قوى معادية للصين.

وأوضح الناطق: "في اقتراح المبادرات، ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يتبنى مبادئ حرة ومفتوحة ولا تنطوي على أي تمييز، وأن يقدم بيئة عمل نزيهة وعادلة لكل الشركات من كل الدول، وأن يتجنّب -أيضًا- ممارسة أي تأثيرات على سلاسل الإمدادات والصناعات العالمية"، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق