التقاريرتقارير الهيدروجينرئيسيةهيدروجين

هل يمثل وقود الهيدروجين فرصة لمستقبل الطاقة عالميًا مع تزايد استثماراته؟ (تقرير)

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • تكلفة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح انخفضت بشكل ملحوظ في السنوات الـ20 الماضية
  • • على الرغم من أن الهيدروجين قد يحترق بشكل نظيف فإنه غير ملائم بصفته وقودًا
  • • تخزين الهيدروجين ونقله سيتطلب استثمارات ضخمة في مرافق الشحن أو خطوط الأنابيب
  • • وجود شركات النفط الكبرى وشركات الطاقة في صفوف مجلس الهيدروجين ليس من قبيل الصدفة
  • • الهيدروجين يتيح لمورّدي الغاز الطبيعي تخيُّل أنه يمكنهم تحويل منشآتهم إلى وقود صديق للبيئة

في غمرة اندفاع معظم حكومات العالم بحثًا عن مصادر وقود وطاقة نظيفة، ثمّة سؤال يطرح نفسه بشأن دور وقود الهيدروجين، وهل يُعدّ جزءًا أساسيًا من مستقبل الطاقة العالمية، أم أنه وهم خادع؟ رغم الاستثمارات والإعانات الضخمة المقدّمة لتطوير التقنيات والأبحاث وتعزيز الإنتاج.

وعلى الرغم من الالتزام المتفاوت بإزالة الكربون من اقتصاداتها، تواجه دول عديدة معضلة كبيرة لا تتعلق بتوفير الماء، وإنما بمستقبل الهيدروجين، أحد مكوّنات الماء، وجدوى الاستثمارات الكبيرة الهادفة إلى تحسين إنتاجه ونوعيته، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وحذّر الخبراء الاقتصاديون، على مدى عقود، من مخاطر التكاليف اللازمة لإنجاح تجربة وقود الهيدروجين، رغم الضغوط التي تفرضها تداعيات أزمة تغير المناخ.

مستقبل الطاقة

يعتمد مستقبل الطاقة على عناصر معينة تبدو واضحة، وستؤدي الكهرباء دورًا أكبر بكثير من أيّ وقت مضى في مزيج الطاقة، و ما تزال هناك بعض المشكلات المعقّدة للغاية، التي تتمثل في توليد كميات كافية من الكهرباء.

ويوجد اعتبار آخر يتعلق بإطلاق التفاعلات الكيميائية اللازمة لإنتاج اللبنات الأساسية للحياة الحديثة مثل الأسمدة والأسمنت دون استعمال الهيدروكربونات والحرارة العالية، حسبما كتب المحرر الصحفي لدى مجلة فورن بوليسي، مدير المعهد الأوروبي في جامعة كولومبيا، آدم توز.

ويتطلب صهر 1.8 مليار طن من الفولاذ الذي يُستعمَل سنويًا درجات حرارة تقارب ألفي درجة مئوية، بحسب مقال بعنوان "هل الهيدروجين وقود المستقبل أو سراب كامل" بقلم آدم تورز، ونشرته مجلة فورن بوليسي (foreignpolicy) في يوليو/تموز الجاري.

وتساءل آدم توز عن إمكان صهر الفولاذ دون احتراق الوقود، وعن طريقة تشغيل طائرة تحلّق على بعد آلاف الأميال وعشرات الآلاف من الأقدام في الهواء، وتسيير سفن الحاويات العملاقة حول العالم، مشيرًا إلى أن المحركات الكهربائية والبطاريات لا تكفي.

وقود الهيدروجين
مصنع الهيدروجين الأخضر التابع لشركة إبيردرولا في مدينة بورتولانو الإسبانية – الصورة من وكالة الصحافة الفرنسية

في المقابل، يزكّي وقود الهيدروجين نفسه بصفته حلًا لأنه يحترق بشدة، وعندما يحدث ذلك، فإنه يطلق الماء فقط.

وقال توز: "نحن نعرف كيف نصنع وقود الهيدروجين عن طريق تشغيل التيار الكهربائي عبر الماء، ونعرف طريقة توليد الكهرباء بطريقة نظيفة. وهكذا يبدو أن الهيدروجين الأخضر سهل المنال".

وأضاف: "بدلًا من ذلك، إذا صُنِّعَ الهيدروجين باستعمال الغاز الطبيعي بدلًا من التحليل الكهربائي، فيمكن تكييف المنشآت الصناعية للسماح باحتجاز ثاني أكسيد الكربون الفوري من المصدر، ويُعرف هذا النوع من وقود الهيدروجين باسم الهيدروجين الأزرق".

وأوضح أنه "باتّباع هذا المنطق الهندسي، يُقَدَّم الهيدروجين من جانب المدافعين عنه على أنه الحل الميسّر لانتقال الطاقة، وهو عامل مساعد متعدد الاستعمالات للإستراتيجية الأساسية لكهربة جميع القطاعات".

وأردف قائلًا: "السؤال يكمن فيما إذا كانت حلول الهيدروجين، على الرغم من أنها قد تكون قابلة للتطبيق من الناحية الفنية، مجدية من وجهة نظر الإستراتيجية الأوسع لانتقال الطاقة، أو ما إذا كانت في الواقع منعطفًا خاطئًا مكلفًا.

استعمال الهيدروجين لتخزين الطاقة

يرى المحرر الصحفي لدى مجلة فورن بوليسي، مدير المعهد الأوروبي في جامعة كولومبيا، آدم توز، أن استعمال الهيدروجين لتخزين الطاقة غير فعال إلى حدّ كبير.

ويضيف أنه بفضل التكنولوجيا الحالية، فإن إنتاج الهيدروجين من الماء عن طريق التحليل الكهربائي يستهلك طاقة أكبر بكثير مما سيجري تخزينه وإطلاقه في النهاية عن طريق حرق وقود الهيدروجين.

وتساءل توز: "لماذا لا تستعمل الكهرباء نفسها لتوليد الحرارة أو تشغيل المحرك مباشرة؟ وأشار إلى أن معدّات التحليل الكهربائي الضرورية باهظة الثمن.

وأوضح أنه "على الرغم من أن الهيدروجين قد يحترق بشكل نظيف، فإنه غير ملائم بصفته وقودًا، بسبب خصائصه المسبّبة للتآكل وانخفاض طاقته لكل وحدة حجم وميله للانفجار".

وقود الهيدروجين

على صعيد آخر، سيتطلب تخزين الهيدروجين ونقله استثمارات ضخمة في مرافق الشحن أو خطوط الأنابيب أو محطات التعبئة أو المرافق لتحويل الهيدروجين إلى شكل أكثر استقرارًا من الأمونيا، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتابع توز قائلًا: "من المتوقع أن يرفع هذا النوع من المخططات التي تدعمها جماعات الضغط الهيدروجينية، الاستهلاك السنوي بحلول عام 2050 إلى أكثر من 600 مليون طن سنويًا، مقارنة بـ 100 مليون طن اليوم، وهذا من شأنه أن يستهلك حصة كبيرة من إنتاج الكهرباء الخضراء".

في السيناريو الذي يفضّله مجلس الهيدروجين، من إنتاج الولايات المتحدة للطاقة المتجددة البالغ 2900 غيغاواط، سيُستَهلَك 650 غيغاواط بوساطة التحليل الكهربائي للهيدروجين، وهذا ما يقرب من 3 أضعاف السعة الإجمالية للطاقة المتجددة المثبتة اليوم.

وستكون تكاليف التحليل الكهربائي لوقود الهيدروجين هائلة، وقد تصل تكلفة تطوير الهيدروجين خلال العقود المقبلة إلى عشرات التريليونات من الدولارات، يضاف إلى ذلك أن العمل وفق نظام متكامل يتطلب الاستثمار في إنتاج الهيدروجين ونقله واستهلاكه بوقت واحد.

في المقابل، يفتخر مجلس الهيدروجين برعاية الشركات من إيرباص وأرامكو إلى بي إم دبليو ودايملر للشاحنات وهوندا وتويوتا وهيونداي وسيمنس وشل ومايكروسوفت.

ويوجد لدى الحكومات في اليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والصين إستراتيجيات للهيدروجين، وتظهر إعلانات لمشروعات جديدة بانتظام.

وقد استقبلت اليابان شحنات تجريبية من الأمونيا، ويخطط الاتحاد الأوروبي لشبكة معقّدة من خطوط الأنابيب، تُعرَف باسم ركيزة الهيدروجين. ويرعى مجلس الهيدروجين مشروعات الهيدروجين المعلَنة حول العالم بقيمة 320 مليار دولار.

الالتزامات برؤية الهيدروجين

يقول المحرر الصحفي لدى مجلة فورن بوليسي، مدير المعهد الأوروبي في جامعة كولومبيا، آدم توز: "من المنطقي أن نسأل ما الذي يحفّز هذه الموجة من الالتزامات برؤية الهيدروجين، بالنظر إلى أن العديد من الاستعمالات الجديدة للهيدروجين لم تُختَبَر، ووسط الشكوك لدى العديد من الاقتصاديين والمهندسين ذوي النفوذ في مجال الطاقة.

من الناحية التكنولوجية، قد يمثّل وقود الهيدروجين صورة برّاقة للإمكانات في الأفق البعيد، ولكن من منظور الاقتصاد السياسي، فإن له دورًا أكثر إلحاحًا.

وقود الهيدروجين
أحد مستودعات تخزين الهيدروجين - الصورة من إنرجي فويس

ويمثّل الهيدروجين مسارًا يمكن من خلاله لشركات الوقود الأحفوري الحالية تخيُّل مكان لأنفسهم في مستقبل الطاقة الجديد.

وقال توز: "إن وجود شركات النفط الكبرى وشركات الطاقة في صفوف مجلس الهيدروجين ليس من قبيل الصدفة، ويتيح وقود الهيدروجين لمورّدي الغاز الطبيعي تخيُّل أنه يمكنهم تحويل منشآتهم إلى وقود صديق للبيئة.

وأشار إلى أنه يمكن لصانعي محركات الاحتراق والتوربينات الغازية تخيُّل حرق وقود الهيدروجين بدلًا من ذلك.

وأردف قائلًا: "يَعِد تخزين الهيدروجين أو الأمونيا -مثل الغاز أو النفط- بحلّ قضايا التقطع في توليد الطاقة المتجددة، وقد يطيل عمر محطات توليد الكهرباء التوربينية الغازية".

وبالنسبة للحكومات في جميع أنحاء العالم، فإن التكنولوجيا الأكثر شيوعًا من تلك التي تعتمد إلى حدّ كبير على الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والبطاريات تمثّل طريقة لتهدئة الأعصاب بشأن التحول الذي اشتركوا فيه من الناحية النظرية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق