تقارير الهيدروجينرئيسيةهيدروجين

وقود الهيدروجين.. مستقبل الطاقة العالمية أم زوبعة في فنجان؟

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • يؤدي الهيدروجين دورًا مهمًا في جهود تحول الطاقة
  • هناك تحديات عديدة تعرقل ازدهار صناعة الهيدروجين
  • تكتسب خلايا وقود الهيدروجين اهتمامًا متزايدًا
  • يتمتع الهيدروجين بكثافة طاقة عالية
  • ترتفع تكلفة الهيدروجين الأخضر مقارنة بنظيرتها الخاصة بالوقود الأحفوري

من المتوقع أن يؤدي وقود الهيدروجين دورًا رئيسًا في مستقبل الطاقة وأمانها العالمييْن، إذ يجري تطويره بصورة أسرع مما قد يتوقعه الكثيرون، وهي الحقيقة التي فطنت إليها مؤخرًا دول العالم التي تسارع إلى توسيع استعمال تلك السلعة الإستراتيجية.

ورغم استعمالاته وتطبيقاته العملية العديدة، تبقى هناك شكوك في استمرار الهيدروجين في دعم التقنيات الجديدة التي تعزز مستهدفات الحياد الكربوني

وفي ضوء هذا السيناريو، يُنظر إلى وقود الهيدروجين على أنه مكون رئيس في مزيج الطاقة العالمي مستقبلًا، وسط تأكيدات العديد من المنظمات والخبراء العالميين أهمية الدور الذي يضطلع به هذا الوقود في تحول الطاقة، حسبما أورد موقع إنرجي تراكر آسيا Energy Tracker Asia.

ووصفت وكالة الطاقة الدولية الهيدروجين بأنه عنصر مهم للغاية في تحقيق أمن الطاقة، ومستهدفات الحياد الكربوني، ما يسلط الضوء على إمكاناته الهائلة في المساعدة على تقليص الانبعاثات الكربونية عبر مختلف الصناعات، بحسب معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ووضع الاتحاد الأوروبي مستهدفات طموحة لإنتاج الهيدروجين، واستعمال تلك السلعة الإستراتيجية في تحقيق أهدافه المناخية الطموحة، تماشيًا مع بنود اتفاقية باريس 2015.

ويُشدد الخبراء على إمكان استعمال الهيدروجين كونه حاملًا أو مُخزنًا للطاقة، يمكن إنتاجه من مصادر مختلفة، من بينها الطاقة المتجددة، واستعماله في صناعات عدة بدءًا من النقل وحتى التصنيع.

وبوجه عام، سيؤدي الهيدروجين دورًا حيويًا في تشكيل مستقبل الطاقة.

الإنفوغرافيك التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- يوضح مصادر إنتاج الهيدروجين:

استعمال الفحم في إنتاج الهيدروجين

وقود واعد.. 4 أسباب

يقدم الهيدروجين، لا سيما الأخضر منه، فوائد ومزايا عدة، تجعله مصدر وقود واعدًا للمستقبل، ويمكن تلخيص تلك المزايا في 4 نقاط، هي:

1- الاقتراب من الحياد الكربوني

لعل إحدى المزايا الرئيسة في استعمال الهيدروجين مصدرًا نظيفًا للوقود هي محدودية الانبعاثات الناجمة خلال عملية إنتاجه.

ومع ذلك، تعتمد الانبعاثات الناجمة عن الهيدروجين بوجه عام على مصدر الوقود المبدئي المُستعمل لإنتاج الهيدروجين، فإذا ما أُنتج باستعمال الطاقة المتجددة، وليس الغاز الطبيعي، فستكون انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المباشرة منعدمة تقريبًا.

2- تخزين الكهرباء المولدة من المصادر المتجددة

يؤدي الهيدروجين دورًا حاسمًا في التغلب على واحد من التحديات الرئيسة التي تواجه الطاقة المتجددة في الوقت الراهن؛ وهو الطبيعة المتقطعة.

ويمكن تحويل الكهرباء الزائدة المولدة باستعمال مصادر الطاقة المتجددة إلى هيدروجين، وتخزينها لاستعمالها لاحقًا عبر استغلال الهيدروجين في تحزين الكهرباء.

ويمكن استعمال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه لهذا الغرض، إذ يساعد هذا على تفادي مُعضلة الطبيعة المتقطعة للطاقة المتجددة، ما يضمن إمدادات كهرباء مستدامة وعلى درجة عالية من الموثوقية.

3- وقود كثيف الطاقة

يتمتع الهيدروجين بكثافة طاقة عالية، ما يعني أنه قادر على تخزين كميات كبيرة من الكهرباء وإتاحتها بوزن أقل.

ويتضح أهمية تلك الميزة، لا سيما للتطبيقات مثل قطاع النقل الذي تبرز فيه أهمية كثافة الطاقة بالنسبة إلى التنقل عبر مسافات طويلة.

وبالمقارنة تحتوي البطاريات المُستعملة في المركبات الكهربائية على كثافة طاقة تصل إلى نحو 200 واط/كيلوغرام، في حين تقترب كثافة الطاقة في الهيدروجين من 35 ألف واط/كيلوغرام.

وعبر استعمال خلايا وقود الهيدروجين، يمكن أن تستفيد المركبات من طاقة الهيدروجين لتقديم حلول نقل نظيف ومستدام.

4- القطاعات التي يَصعُب تخلصها من الكربون

اتساقًا مع كثافة طاقته، تبرز قيمة وقود الهيدروجين في إزالة الكربون من القطاعات التي يصعب الوصول فيها إلى الحياد الكربوني.

فهناك قطاعات مثل إنتاج الأسمنت والصلب والمواد الكيميائية، تتطلب كهرباء متواصلة لا يمكن للبطاريات إتاحتها نتيجة كثافة الطاقة المحدودة.

وفي هذا السياق، يستطيع الهيدروجين الأخضر سد هذا الطلب، إلى جانب إمكان استعماله عنصرًا وسيطًا في العديد من العمليات الصناعية.

ونتيجة لذلك، يمكن للهيدروجين المتجدد أن يخفض الانبعاثات الناجمة عن إنتاج الصلب بنسبة 96%، في حين تصل تلك النسبة إلى 50% في صناعة الأسمنت.

وفي الوقت الراهن، هناك قيود على خيارات إزالة الكربون الأخرى التي لها جدوى في تلك الصناعات التي تُسهم بأكثر من نصف انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في القطاع التصنيعي العالمي.

الإنفوغرافيك التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- يُبيّن أنواع الهيدروجين حسب طريقة الإنتاج:

أنواع الهيدروجين حسب طريقة الإنتاج

مستقبل طاقة الهيدروجين

أضحى الهيدروجين الأخضر مُهيّأ تمامًا لتأدية دور محوري في التحول العالمي من الوقود الأحفوري.

وبينما تُدرك الحكومات والصناعات أهمية إزالة الكربون وسرعتها، يُتوقع أن تتنامى الاستثمارات في تطبيق تقنيات الهيدروجين على نطاق واسع.

وتمضي جهود تحول الطاقة على قدم وساق، مع تبني 26 دولة حول العالم خُططًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

وفي هذا السياق، تضاعفت سعة التحليل الكهربائي، في حين زادت أعداد مشروعات الهيدروجين الأخضر الجديدة خلال العام قبل الماضي (2021).

ومع تسارع وتيرة الهيدروجين وتحسن التقنيات المرتبطة به، تُظهر التوقعات أن تكاليف إنتاج هذا الوقود والاستفادة منه ستتراجع كثيرًا.

وسيقود التراجع في التكاليف، والمساعدات الحكومية وكذا سياساتها الداعمة، إلى تزايد تبني استعمال الهيدروجين على نطاق واسع عبر مختلف القطاعات، وهو ما سيكون له تأثير قوي في خفض الانبعاثات العالمية.

وفي هذا الخصوص، تتوقع مؤسسة "برايس ووتر هاوس كوبرز" للاستشارات المحدودة نموًا معتدلًا وقويًا للهيدروجين الأخضر في نظام الطاقة العالمي عبر التطبيقات المتخصصة حتى نهاية العقد الجاري (2030)، مع تسارع النمو خلال العقد التالي.

وبحلول عام 2050، يتوقع خبراء أن يتراوح الطلب على الهيدروجين من 150 إلى 500 مليون طن متري سنويًا.

ومن شأن هذا أن يقضي على 7 غيغا طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول أواسط القرن الحالي (2050)، ما يعادل قرابة 20% من الانبعاثات البشرية العالمية.

(غيغا طن = مليار طن)

خلايا وقود الهيدروجين

بينما سيصبح خفض الانبعاثات واقعًا ملموسًا عبر تسهيل استعمال مصادر الطاقة المتجددة والتطبيقات الصناعية، سيجري دمج خلايا وقود الهيدروجين في مشهد الطاقة المستقبلي.

ونتيجة لذلك، تكتسب خلايا وقود الهيدروجين اهتمامًا متزايدًا يومًا تلو الآخر، فهي تحول الهيدروجين إلى كهرباء، إذ تُنتِج المياه والحرارة فقط منتجات فرعية، ومن ثم فإن لدى تلك الخلايا القدرة على أن تصبح مصدر طاقة حيادي الكربون.

ومن المتوقع أن يتنامى حجم وأهمية الدور المتخصص الذي تؤديه خلايا وقود الهيدروجين في العقود المقبلة، لا سيما في قطاع الشحن عبر مسافات طويلة وكذلك السفر جوًا.

وتزداد أهمية خلايا وقود الهيدروجين تلك بالنسبة للعالم الذي تحكمه العولمة، ويعتمد على التجارة العالمية وسلاسل الإمدادات.

ويمثل قطاع الطيران -بمفرده- ما نسبته 2.5% من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون العالمية.

وفي العقود المقبلة، ستشهد خلايا وقود الهيدروجين تحسنات كبيرة -على الأرجح- من حيث الأداء والتكلفة.

إنتاج الهيدروجين

يمكن أن تُحدِث ثورة الهيدروجين الأخضر تحولًا جذريًا في صناعات عدة، وتمهد الطريق أمام مستقبل منخفض الكربون.

ومع ذلك، يتوقف نجاح تلك الثورة "النظيفة" على الاستثمارات التي يجري ضخها على المدى القريب، من أجل التحول في إنتاج الهيدروجين بعيدًا عن الوقود الأحفوري الذي يسيطر الآن على السوق.

وبدعم من السياسات الحكومية التحفيزية، وإبداع القطاع الخاص، يمكن أن يصير وقود الهيدروجين جزءًا لا غنى غنه من مزيج الطاقة المستقبلي في العالم.

وعلاوة على ذلك، يمثّل وقود الهيدروجين محركًا اقتصاديًا مهمًا للمناطق الغنية بمصادر الطاقة المتجددة.

وفي هذا الصدد، سيتطور نظام صادرات وواردات قوي مع تنامي البنية التحتية للهيدروجين والطلب على تلك السلعة.

ولا يمتلك الهيدروجين القدرة على خلق قرابة 30 مليون وظيفة بحلول عام 2050 فحسب، وإنما يستطيع كذلك تحقيق إيرادات سنوية عالمية تلامس قيمتها تريليوني دولار أميركي.

محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر
محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر - الصورة من ديلي نيوز إيجيبت

تحديات قائمة

رغم الصورة الوردية لمستقبل وقود الهيدروجين، تبقى هناك بعض التحديات التي قد تنسف الآمال العالمية المعقودة على تلك الصناعة المستقبلية، وهي على النحو التالي، وفق موقع "هيدروجين فيول نيوز".

1- التكلفة

ترتفع تكلفة الهيدروجين المتجدد المعروف -أيضًا- بالهيدروجين الأخضر، بل إنها حتى تزيد على مثيلتها الخاصة بمصادر الوقود الأحفوري.

وبينما قلصت الحرب الروسية الأوكرانية تلك الفجوة السعرية، تبقى أنظف أشكال الهيدروجين المُنتَجة عبر تقنية التحليل الكهربائي التي تستعمل الطاقة المتجددة، مُكلفة في الوقت الحالي.

ويعتقد أنصار هذا الوقود النظيف أن سعره سينخفض طبيعيًا مع ارتفاع الطلب، وتحسن التكنولوجيا ذات الصلة.

2- مخاطر السلامة

رغم تطوير التقنيات بأقصى قدر من معايير السلامة المرتبطة بالهيدروجين، لا يعني هذا أن المخاطر المتضمنة كافة ستتلاشى فورًا، إذ إن وقود الهيدروجين قابل للاشتعال، ومن سوء الطالع كذلك أنه عديم الرائحة، ما يجعل اكتشاف تسربه أمرًا صعبًا ما لم تُركب أجهزة استشعار حساسة في الموقع.

3- التكنولوجيا القابلة للتطوير

رغم الأبحاث العالمية التي تُجرى على قدم وساق في هذا المجال، لم تصل التقنيات ذات الصلة بالاستعمال التجاري والصناعي للهيدروجين إلى المستوى المنشود.

وما يزال الطريق طويلًا -على ما يبدو- لنشر التقنيات المتطورة الداعمة لوقود الهيدروجين، واستعماله على نطاق واسع.

وينطبق هذا، على وجه خاص، على أشكال الهيدروجين التي لا تعتمد في إنتاجها أو نقلها على الوقود الأحفوري.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق