تقارير الغازرئيسيةغاز

عمالقة الطاقة يهربون من سوق الغاز المسال في باكستان.. ما السبب؟

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • استمرار الأزمة الاقتصادية في باكستان يؤثر في إمدادات الطاقة
  • ترافيغورا تتقدم بعروض في مناقصة توريد غاز مسال في باكستان
  • إحجام عمالقة الطاقة عن الدخول في مناقصات توريد غاز مسال في باكستان نتيجة أزمتها الاقتصادية
  • شهدت أسعار الغاز المسال صعودًا كبيرًا
  • ارتفعت أسعار النفط والديزل في باكستان خلال الشهور الـ13 الماضية

ما تزال سوق الغاز المسال في باكستان تبحث عن منقذ لها من معضلة شُح الإمدادات في ظل هبوط الواردات مع ارتفاع صاروخي في أسعار الوقود العالمية، ما قاد بدوره إلى إحجام مُعظم شركات الطاقة العالمية عن الدخول في المناقصات التي تطرحها إسلام آباد لتوريد تلك السلعة الحيوية، خشية عجزها عن سداد الفواتير المستحقة.

وتشهد باكستان واحدة من أسوأ أزماتها الاقتصادية في عقود، تعاني فيها معدلات تضخم جنونية، وارتفاع أسعار الفائدة، وتراجع احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، وهو ما يفاقم بدوره أزمة الطاقة المستفحلة في البلد الذي يصل تعداد سكانه إلى 232 مليون نسمة.

وفي بادرة على انفراجة -ولو طفيفة- في الأزمة، تلقت شركة باكستان للغاز المسال المملوكة للدولة عرضًا لشراء شحنتي غاز مسال من السوق الفورية، من عملاقة تجارة السلع العالمية ترافيغورا، في أعقاب مزاد طرحته الأولى مؤخرًا، حسبما أورد تقرير نشره موقع "إل إن جي برايم" LNGPrime المتخصص، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.

مناقصة جديدة

طرحت شركة باكستان للغاز المسال هذه المناقصة في 20 يونيو/حزيران (2023)، لشراء 3 شحنات من السوق الفورية، تسليم يناير/كانون الثاني-فبراير/شباط من العام المقبل (2024).

وكانت الشركة قد طرحت مناقصة لشراء 6 شحنات تسليم شهري أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول من العام الجاري (2023)، غير أنها لم تتلق أي عروض على الإطلاق.

ووفقًا لتقرير تقييمي أصدرته شركة باكستان للغاز المسال في 14 يوليو/تموز (2023)، برزت ترافيغورا الشركة الوحيدة التي تقدمت بعطاءات لتزويد شحنات تسليم المدة من 3-4 يناير/كانون الثاني (2024)، والمدة من 23-24 فبراير/شباط (2024).

لكن لم تكن هناك أي عطاءات لتوريد شحنات خلال المدة من 28-29 يناير/كانون الثاني (2024).

وعرضت ترافيغورا سعرًا لامس 23.4711 دولارًا أميركيًا/مليون وحدة حرارية بريطانية، تسليم 3-4 يناير/كانون الثاني (2024)، و22.4722 دولارًا أميركيًا/مليون وحدة حرارية بريطانية تسليم 23-24 فبراير/شباط (2024)، وفق ما أظهرته الوثيقة.

العطاء الأول في عام

يُعد العرض من ترافيغورا الأول من نوعه الذي تلقته باكستان لشراء شحنات غاز مسال فورية بموجب مناقصات، في غضون عام.

وقبل هاتين المناقصتين، لم تصدر شركة الغاز المسال الباكستانية مناقصة واحدة لشراء شحنات منذ أغسطس/آب (2022).

وفي أكتوبر/تشرين الأول (2022)، لم تتلق باكستان أي عروض لمناقصتها التي كانت تطلب عطاءات لتزويدها بإجمالي 72 شحنة غاز مسال.

وقبل هذا لم تتلق باكستان أي عطاءات كذلك في شهر يوليو/تموز (2022)، في مناقصة كانت تتطلع من خلالها إسلام آباد للحصول على 10 شحنات غاز مسال من السوق الفورية.

وتحصل باكستان على معظم إمداداتها من الغاز المسال بموجب عقود طويلة الأجل من دولة قطر، ومن خلال السوق الفورية، لتزويد محطات توليد الكهرباء لديها بالوقود، كما تحصل على بعض من تلك الإمدادات من سلطنة عمان.

والرسم البياني التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- يوضح الأسواق المستقبلة لشحنات الغاز المسال من سلطنة عمان خلال عام 2022:

الغاز المسال في باكستان

ارتفاع جنوني في الأسعار

شهدت أسعار الغاز المسال صعودًا كبيرًا، واستحوذت أوروبا على معظم الشحنات المتاحة في السوق الفورية.

وسجلت أسعار الغاز المسال في السوق الفورية هبوطًا ملحوظًا خلال العام الجاري (2023)، ما دفع باكستان ونظراءها من البلدان الآسيوية إلى العودة لشراء الغاز المسال من السوق الفورية.

وتستورد باكستان الغاز المسال -في الوقت الراهن- عبر وحدة إعادة تغويز وتخزين عائمة "بي دبليو إنتيغريتي" التي تقدم خدماتها إلى محطة غاز بورت الباكستانية الواقعة في ميناء بورت قاسم بمدينة كراتشي، و-أيضًا- لمحطة "إنرغو إلينجي" التي تحصل على خدماتها من قبل وحدة إعادة التغويز والتخزين العائمة "إكويزيت".

نقص الإمدادات

يعاني الطلب المحلي على الغاز المسال في باكستان الأمريْن، وسط جهود حكومية لترشيد الاستهلاك في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعانيها الدولة والتي تحتل المركز الـ21 عالميًا في استهلاك الغاز الطبيعي، وتعتمد عليه لتوليد الكهرباء بنسبة 35% على الأقل.

وهبطت واردات الغاز المسال في باكستان بنسبة 17% خلال العام الماضي (2022 )، لتلامس قاع 5 سنوات، وفق بيانات شركة كبلر المختصة بتحليل البيانات.

وقاد هبوط الواردات إلى تراجع سعة محطات توليد الكهرباء العاملة بالغاز بنسبة 4.4%، خلال الشهور الـ11 المنقضية في نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، بحسب بيانات مركز إمبر المتخصص بأبحاث الطاقة.

انخفاض استهلاك النفط

سجل معدل استهلاك المنتجات النفطية هبوطًا حادًا في باكستان، بنسبة 27% على أساس سنوي في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو/حزيران (2023) على خلفية تباطؤ الدورة الصناعية، والواردات غير القانونية وصعود أسعار النفط العالمية، وفق ما نشرته منصة "إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس" S&P Global Commodity Insights.

ومن غير المرجح أن يتغير هذا المسار الصعودي في أي وقت عما قريب، وفق ما أظهرته بيانات رسمية، وأكدته مصادر في قطاع الصناعة الباكستاني.

وهبط الاستهلاك إلى 16.61 مليون طن متري خلال شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز من السنة المالية 2022-2023، من 22.6 مليون طن متري في السنة السابقة، وفق البيانات التي جمعتها شركات نفطية والمجلس الاستشاري لشركات النفط.

ناقلة غاز مسال
ناقلة غاز مسال - الصورة من مارين ديجيتال

إن "استهلاك النفط في باكستان يشهد هبوطًا منذ أكتوبر/تشرين الأول (2022)، ويمكن أن يُعزى هذا الهبوط إلى تراجع النشاط الصناعي، وانخفاض استهلاك وقود النقل المحلي، وضعف مبيعات السيارات، وارتفاع أسعار المنتجات"، حسب مذكرة بحثية لمنصة "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس".

وأضافت: "من المتوقع أن تواصل تلك العوامل التأثير في استهلاك النفط في باكستان خلال النصف الثاني من عام 2023".

بدوره، قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة "تشيس سيكيوريتيز" علي نواز، إن الهبوط في المبيعات يُعزى -أساسًا- إلى التراجع في الطلب المحلي، وسط تزايد أسعار الوقود بالتجزئة في العام الماضي (2022).

وأضاف نواز: "أسعار المنتجات النفطية شهدت صعودًا حادًا على خلفية هبوط الروبية الباكستانية وفرض ضرائب على البنزين والديزل".

وارتفعت أسعار البنزين والديزل خلال الشهور الـ13 الماضية، بنسبة 45% في المتوسط إلى 262 روبية باكستانية (3.19 دولارًا أميركيًا)/لتر، و253 روبية باكستانية/لتر على الترتيب.

(روبية باكستانية = 0.012 دولارًا أميركيًا)

وتجيء تلك الزيادات السعرية في الوقت الذي فرضت فيه الحكومة ضريبة على الوقود بواقع 50 روبية/لتر على البنزين والديزل، في محاولة لتحسين المحصلات الضريبية وإقناع صندوق النقد الدولي بصرف مزيد من القروض لإسلام آباد.

اقتصاد مضطرب

قال محلل الأبحاث في مؤسسة "فاونديشن سيكيوريتيز"، زيشان أزهر، إن مبيعات البنزين والديزل عانت انتكاسة قوية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة إلى 22% في العام الماضي (2022).

وعلاوة على ذلك أسهم معدل التضخم الذي بلغ ذروته عند 38% في مايو/أيار (2023) في تقويض النشاط الاقتصادي، ما أثر سلبًا في الناتج الصناعي بوجه عام.

وخلال السنوات الـ16 الماضية، شهد الاقتصاد الباكستاني عامين عصيبين وصل في أولهما النمو إلى 0.3% فقط، وكان ذلك تحديدًا في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو/حزيران، في حين لامس النمو في السنة الثانية سالب 0.9%، وكان ذلك إبان ذروة الوباء (2019-2020).

وفي الأعوام المتبقية، بلغ متوسط نمو الاقتصاد الباكستاني 3.95%، وفق ما أظهرته أرقام صادرة عن مؤسسة "إيكونوميك سيرفي".

كما هبط الاحتياطي الأجنبي لدى بنك باكستان المركزي إلى 4.07 مليار دولار بدءًا من 23 يونيو/حزيران (2023) من 9.814 مليار دولار في الأول من يوليو/تموز (2022)، بحسب بيانات صادرة عن البنك المركزي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق