التقاريرتقارير الهيدروجينرئيسيةهيدروجين

الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان يقود مسارات الحياد الكربوني.. وهذا دور الأمونيا

هبة مصطفى

يدعم إنتاج الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان الاتجاه بخطى ثابتة نحو الطاقة النظيفة، والتخلص تدريجيًا من الانبعاثات، لا سيما أن السلطنة تتّخذ خطوات جادة في هذا الشأن، إذ تستهدف حجز موقع عالمي لها ضمن خريطة الدول المصدّرة للوقود النظيف.

ومن بين خيارات نقل الهيدروجين وتخزينه، برزت الأمونيا بوصفها خيارًا أمثل وأكثر أمانًا مقارنة بالخيارات الأخرى، شريطة اختيار مُحفّزات جيدة، وفق نتائج دراسة تحليلية لإنتاج ونقل وتخزين الوقود اعتمادًا على الأمونيا، حصلت منصة الطاقة على نسخة منها.

ولم يقف دور الأمونيا الخضراء في السلطنة بوصفها "ناقلًا" للهيدروجين، لكن ظهر دور محلي قوي له بالإسهام في الحدّ من انقطاعات الكهرباء، حسب الدراسة التي أعدّها فريق "غرين فليم" البحثي، الذي سبق أن قدّم مشاركات ضمن أفضل دراسات علمية في قمة عمان للهيدروجين الأخضر لعام 2022، ونشرتها مجلة "سبارك" الصادرة عن وزارة الطاقة والمعادن.

الهيدروجين في عمان

يؤدي الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان دورًا بارزًا ضمن نطاقين، أولهما بصفته داعمًا رئيسًا لتحقيق أهداف الحياد الكربوني وخفض الانبعاثات بحلول منتصف القرن (2050)، والثاني بتلبية طموحات السلطنة في بدء تصدير الوقود النظيف عقب زيادة إنتاجه محليًا.

ويتنوع إنتاج الهيدروجين طبقًا للمصادر المستعمَلة لفصل جزيئات المياه، ويمكن التوسع في إنتاجه عبر موارد محلية منخفضة الكربون أو متجددة.

خلال إعلان أولى اتفاقيات مشروعات الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان
خلال إعلان أولى اتفاقيات مشروعات الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان - الصورة من Construction Week Online

وبينما ترجّح كفة إنتاج الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان اعتمادًا على مصادر الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية، والكتلة الحيوية)، يمكن إنتاج الهيدروجين أيضًا عبر مصادر منخفضة الكربون، ومن بينها الوقود الأحفوري (الغاز الطبيعي، واحتجاز الكربون من الفحم وتخزينه)، وكذلك الطاقة النووية.

وكان للألواح الشمسية حظ أوفر لدعم إنتاج الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان، إذ كانت مصدرًا رئيسًا لتوفير الكهرباء اللازمة لعملية التحليل الكهربائي، ويرجع ذلك إلى تكلفة تشغيلها المنخفضة وإطلاقها معدل انبعاثات أقلّ.

الأمونيا في سلطنة عمان

لطالما اقترن إنتاج الهيدروجين وطموحات تصديره بمخاوف النقل والتخزين، ما دفع لزيادة الأبحاث والدراسات في الآونة الماضية، والتوصل إلى دور مهم للأمونيا في هذا الشأن، بوصفها خيارًا أكثر أمانًا لتخزين الوقود النظيف.

وتوصّلت دراسة فريق "غرين فليم" البحثي إلى أن الحصول على أفضل المواصفات اللازمة لإنتاج الأمونيا بنجاح يتطلب توافر محفزات قوية، أطلقت عليها الدراسة اسم "رو"، خاصة أن الاختيار الجيد للمحفزات المستعمَلة في التخزين يعزز قيمة الهيدروجين التجارية والعالمية.

وبخلاف دورها الداعم لإنتاج الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان، تؤدي الأمونيا دورًا محليًا بتعويض نقص موارد الطاقة المتجددة، وفق نتائج الدراسة.

كما تعدّ الأمونيا وسيطًا خلال عملية تحويل الهيدروجين إلى وقود سائل، ما يُكسبها المزيد من القدرة على التخزين والنقل بصورة سهلة قد تطيل عمر تخزين الهيدروجين.

ويوضح الإنفوغرافيك أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز ملامح خطة زيادة إنتاج الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان وتصديره:

إنتاج الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان

طموحات السلطنة

يبدو أن طموحات تطوير الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان دخلت سباقًا شرسًا، ونجحت في جذب اهتمام المستثمرين ووكالة الطاقة الدولية، في ظل توقعات بانضمام السلطنة إلى كبار الدول المُصدّرة للوقود بحلول عام 2030.

وكشف تقرير صدر عن الوكالة الدولية في شهر يونيو/حزيران 2023 أن خطط إنتاج الهيدروجين الأخضر في السلطنة تشكّل رهانًا، بالنظر إلى كون الدولة الخليجية منتجة للوقود الأحفوري.

وتطمح سلطنة عمان في إنتاج ما يُقدَّر بنحو مليون طن من الهيدروجين اعتمادًا على مصادر طاقة متجددة بحلول عام 2030، وتُخطط لرفع هذه الكميات إلى 3.75 مليون طن مع نهاية العقد المقبل في 2040، ثم إلى 8.5 مليون طن مع بلوغ القرن منتصفه في 2050.

وتفوق خطط إنتاج الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان بحلول 2050 حجم الطلب الأوروبي -حاليًا-، ما يبشّر بقدرات تصديريه هائلة.

وركّزت السلطنة جهودها مؤخرًا باتجاه كسب خبرات جديدة لتعزيز طموحها، من خلال زيارة وفد وزارة الطاقة والمعادن إلى إيطاليا نهاية الشهر الماضي، والتعاون مع هيئات سويسرية في الشأن ذاته.

ووقّعت شركة هيدروجين عمان "هايدروم" اتفاقيتين -خلال شهر يونيو/حزيران 2023 أيضًا- حول تطوير مشروعي إنتاج للهيدروجين الأخضر، باستثمارات بلغت 10 مليارات دولار.

ويتوافق ذلك مع ما أعلنته السلطنة -عبر وزارة الطاقة والمعادن- عبر تقرير مشترك مع وكالة الطاقة الدولية، مطلع الشهر الماضي، أكدت خلاله أنها تتجه للانضمام إلى كبار مصدّري الهيدروجين العالميين.

إنتاج الشرق الأوسط

عند النظر بزاوية أوسع نطاقًا من إنتاج الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان، نجد أن إنتاجه في دول الشرق الأوسط بصورة عامة يكتسب ميزات تفوق دولًا كبرى، من بينها المملكة المتحدة.

وأرجعت الدراسة المنشورة في مجلة "سبارك" العمانية هذه الرؤية إلى انخفاض تكلفة مشروعات الطاقة المتجددة -خاصة الطاقة الشمسية- في الشرق الأوسط بحلول عام 2035، ما يكشف فارقًا سعريًا ينعكس بالضرورة على إنتاج الهيدروجين الأخضر.

ويرصد الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز مشروعات الهيدروجين لدى عدد من الدول العربية حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري 2023:

 

حالة مشروعات الهيدروجين العربية حتى نهاية الربع الأول 2023

ولفتت الدراسة إلى أن التكلفة المنخفضة لنقل الهيدروجين الأخضر في صورة أمونيا تجعل تصديره ذا فعالية أكبر، فعلى سبيل المثال، تتكلف المملكة المتحدة 100 جنيهًا إسترلينيًا لكل ميغاواط/ساعة من الهيدروجين المستورد من دول الشرق الأوسط، مقابل ما يتراوح بين 120 و150 جنيهًا إسترلينيًا لدى إنتاجه في بريطانيا.

(الجنيه الإسترليني = 1.28 دولارًا أميركيًا)

النقل والتخزين.. والانبعاثات

أوضحت الدراسة، التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، أن محاولات إنتاج الهيدروجين بتكلفة منخفضة عالميًا تعزز تطور الاقتصاد الأخضر ومسارات الطاقة النظيفة، إذ إن الوصول للتكلفة الأقلّ على الإطلاق، سواء على صعيد إنتاجه ونقله إلى المستهلك النهائي، يعدّ معيارًا لنجاح خطط الانتقال.

وبخلاف الأمونيا، طرحت الدراسة وسائل إضافية يمكن استعمالها خلال عمليات نقل الهيدروجين، من بينها: خطوط وشبكات الغاز، والهيدروجين المسال، ونقله عبر الناقلات العضوية السائلة.

وأقرّت الدراسة بعدم أفضلية تكلفة وسيلة نقل عن أخرى، إذ تُحدّد الوسيلة الأنسب طبقًا للكميات المنقولة والمسافات وطريقة النقل وحالة الوقود النظيف، ما يشكّل تحديًا لطموحات الحكومات في ظل بحث الشركات عن الربح.

ورغم تحديات التكلفة والنقل والتخزين، فإن الهيدروجين الأخضر ما زال يكتسب ميزات للتعلق بحجم انبعاثاته الذي يكاد ينعدم، ولكن في الوقت ذاته، حذّرت الدراسة من إمكان تسبُّبه في رفع درجات الحرارة حال تشغيل صناعات كبرى.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق