التعدين في أعماق البحار يتحول إلى مواجهة شرسة بين فرنسا والصين (تقرير)
أحمد بدر
يبدو أن أعمال التعدين في أعماق البحار تتحول إلى معركة اقتصادية بين كبريات الاقتصادات العالمية، مع استعداد كل من فرنسا وألمانيا للتوسع في أعمال التعدين التجاري بأعماق البحار، في مواجهة خطط مماثلة تتبناها الصين.
وأعلنت الدولتان الأوربيتان رفضهما لخطط التعدين تحت سطح البحر، وسط تحذيرات داخلية من أن دعم الصين لعمليات التنقيب عن معادن البطاريات في قاع البحار، يمكن أن يؤدي إلى أضرار دائمة وطويلة المدى، بحسب تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times)، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ومن المقرر أن يجتمع ممثلون عن 168 دولة، من الأعضاء في السلطة الدولية لقاع البحار، الإثنين 10 يوليو/تموز (2023)، في مفاوضات قد تستمر لمدة 3 أسابيع بشأن إمكان وضع المبادئ التوجيهية التشغيلية الأولى لصناعة التعدين في أعماق البحار الناشئة.
ومن الممكن أن تفتح المحادثات، التي تتبنّاها الهيئة الحكومية التي تتخذ من جامايكا مقرًا لها، مساحة لتطوير قاع المحيط، في مساحات تحظى بحماية خاصة، بصفتها "تراثًا مشتركًا للبشرية"، في حين تفضّل الصين وروسيا والنرويج وكوريا الجنوبية مواصلة أعمال التعدين في أعماق البحار.
مخاوف نقص معادن البطاريات
بينما تتمسك بعض الدول بمبدأ حماية قاع المحيط والمساحات التي تحظى بالحماية التراثية، هناك مخاوف كبيرة من أن نقص المعادن الأرضية النادرة اللازمة لتصنيع البطاريات، مثل النحاس والكوبالت، يمكن أن يتسبب في إفساد خطط تحول الطاقة والكهرباء التي تتبنّاها مختلف دول العالم.
ووصف المحامي البريطاني والمستشار القانوني للسلطة الدولية لقاع البحار، توبي فيشر، الإطار القانوني لقاع البحر في المياه الدولية بأنه "إطار استثنائي"، ومقارنته فقط تكون بالقوانين التي تحكم عملية "استكشاف الفضاء"، في إشارة إلى أعمال التعدين في أعماق البحار.
وأضاف: "السبب في استثناء هذا الإطار، والذي يجعل من مسألة التعدين في أعماق البحار أمرًا معقدًا وفريدًا من نوعه، أن العالم في المعتاد ليس لديه ملكية أو حصة في مشروع إنمائي، ولكن بدلًا من دخول رجال الأعمال والمستثمرين، وافقت الدول على هذا الإطار".
في الوقت نفسه، هناك دول متشككة، مثل فرنسا وألمانيا وتشيلي، تدافع بقوة عن نهج الحذر في إطلاق أعمال التعدين من هذا النوع، متذرعة بضرورة تمديد مدد التوقف عن أنشطة التعدين تحت سطح البحر، لحين الاتفاق على قواعد تمنع الإضرار بالنظام البيئي هناك.
يشار إلى أن جزيرة ناورو في المحيط الهادئ كانت قد أطلقت قبل عامين، نيابة عن شركة "ذا ميتالز كامباني" في فانكوفر"، أعمال التعدين تحت البحر، إذ وعدت المستثمرين بأن تصبح أول من يتقدم بطلب ترخيص تجاري للتعدين في الأعماق بالتاريخ، وذلك قبل نهاية العام الجاري، لبدء الإنتاج في 2025.
الحشد لرفض التعدين في أعماق البحار
قالت الناشطة في مجال المحيطات بمنظمة "غرينبيس" لويزا كاسون، إن هناك توجّهًا كبيرًا لمواصلة فرض القيود، ولكن فرنسا وألمانيا تواجهان معركة شركة للتحقق من مؤيدي التعدين في أعماق البحار، بحسب التقارير المقدّمة قبل اجتماع ممثلي السلطة الدولية لقاع البحار.
وفي المعتاد، يحتاج الدبلوماسيون في اجتماعات السلطة الدولية لقاع البحار إلى جمع أغلبية الثلثين لرفض أيّ مقترحات تعدين تجارية قد تسعى اللجنة القانونية والتقنية للموافقة عليها، بينما يحتاجون إلى الإجماع للموافقة على الموضوعات المطروحة.
وحُدِّد الموعد النهائي لمناقشة مسألة التعدين في أعماق البحار، عبر استعمال بند غامض في الإطار القانوني للسلطة الدولية لقاع البحار، يفتح الباب أمام حقبة جديدة من تقاسم الأرباح في المياه الدولية، إذ من الممكن أن يجبر هذا البند المنظمين على منح الضوء الأخضر للتعدين التجاري.
وتحاول فرنسا وبالاو وتشيلي وفانواتو حشد الدعم لوقف أعمال التعدين في أعماق البحار، لحين الاتفاق على مجموعة من القواعد لحماية البيئة ونظام الامتثال والتفتيش، وهي الخطوات التي أعلنت كل من سويسرا والسويد تأييدها مؤخرًا.
وبالمثل، قدّمت ألمانيا وهولندا التوصيات نفسها في شهر مارس/آذار الماضي، إذ اقترحَتا أن يراجع المستشارون الخارجيون جودة عمل المنظّم، وهو التزام قانوني منتظم تأخّرت معايير السلطة الدولية لقاع البحار في الوفاء به، ما دفع بعض الدبلوماسيين لاتهامها بالإفراط في تأييد التعدين.
ممارسات التعدين الصينية
تراهن الصين -وهي أكبر دولة عضوة في السلطة الدولية لقاع البحار- على أن أعمال التعدين في أعماق البحار يمكن أن تساعدها في تمديد نفوذها على سلاسل التوريد المهمة، لا سيما مع استمرار تراجع إنتاج المناجم فوق سطح الأرض.
وتمتلك الصين 5 تراخيص من 31 رخصة استكشاف، بما في ذلك في منطقة خصبة بالمعادن في المحيط الهادئ، لذلك تسعى إلى إرسال 4 ممثلين عنها، بخلاف 7 مستشارين، لحضور اجتماعات السلطة الدولية لقطاع البحار في جامايكا، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وجذب الاهتمام الصيني بهذا الملف انتباه الولايات المتحدة، التي أصدرت تقريرًا خلال شهر يونيو/حزيران الماضي، سلّطت فيه الضوء على ما وصفته بـ"خطوات وقحة وصارمة" من الصين للسيطرة على التعدين في أعماق البحار، مطالِبةً وزارة الدفاع بمعالجة الأمر.
موضوعات متعلقة..
- انطلاق سباق التعدين في أعماق البحار لأول مرة منذ الستينيات (تقرير)
- التعدين في أعماق البحار.. وجهة الصين الجديدة في سباق الصناعة
- رينو وريفيان تدعمان وقف التعدين في أعماق البحار
اقرأ أيضًا..
- مصر تلغي التداول على سهم طاقة بعد ارتفاعه 60 ألفًا بالمئة.. ما القصة؟
- خطة لمضاعفة احتياطيات الغاز المغربي.. وهذه تطورات حقل تندرارة
- بالأرقام..حجم سوق النفط الخام مقابل أكبر 10 أسواق عالمية للمعادن
- إنتاج الهيدروجين من الفحم الأسترالي "فاشل اقتصاديًا".. نتائج صادمة لتقرير عالمي