هل يلتزم قطاع الشحن البحري بتحقيق الحياد الكربوني قريبًا؟
اجتماع أُممي يبحث القضية
حياة حسين
لم يلتزم قطاع الشحن البحري بأهداف الحياد الكربوني حتى الآن، رغم أنه يمثّل 90% من إجمالي عمليات نقل البضائع في العالم، فهل يتحقق هذا الهدف قريبًا؟
يسهم الشحن البحري بنسبة كبيرة من انبعاثات غازات الدفيئة المتسببة في الاحترار العالمي، وهي تعادل حجم الانبعاثات في دولة مثل ألمانيا، حسبما ذكر موقع بي بي سي، تزامنًا مع انطلاق قمة تعقدها المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة (آي إم أوه)، لبحث المسألة، وتستمر حتى يوم الجمعة 7 يوليو/تموز 2023.
ويأمل بعض الدول من أعضاء المنظمة الدولية أن يخلص الاجتماع الحالي إلى اتّفاق يُلزم قطاع الشحن البحري بتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، وأن يخفض الانبعاثات إلى النصف في 2030.
بينما يصف نشطاء المناخ تحقيق هذا الهدف في الاجتماع الحالي بـ"صفقة العقد"، وفق التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
النقل الأخضر
يدور جدل منذ سنوات عديدة بين عدّة أطراف، تشمل قطاع الشحن البحري وحكومات الدول ومجموعات حماية البيئة، حول كيفية تحويل نقل البضائع بحرًا ليصبح نقلًا أخضر.
ويتّسم نزع انبعاثات قطاع الشحن البحري بالتعقيد والصعوبة لدرجة حدّت من قدرة الوصول إلى اتفاق بشأنها ضمن اتفاقية باريس للمناخ عام 2015.
وتتمثل الصعوبة بصورة أساسية في الاعتماد شبه الكامل على قطاع الشحن البحري في نقل البضائع حول العالم وداخل الدول، إذ يمثّل 90% من إجمالي عمليات النقل.
وتعتمد سفن نقل البضائع على الوقود الأحفوري، لذلك تسهم بنسبة 3% من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون عالميًا.
وتعادل تلك الكمية انبعاثات ألمانيا، أو تساوي ما تبثّه 243 محطة توليد كهرباء تعمل بالفحم من غازات ملوثة للبيئة.
ومن المعروف أن الفحم هو أقذر أنواع الوقود الأحفوري؛ لذلك يركّز العالم على التوقف عن استعماله ضمن مصادر الطاقة.
ويحذّر خبراء المناخ والبيئة من ارتفاع انبعاثات قطاع الشحن البحري 50% مع نهاية العقد الحالي، إذ لم يُتخذ إجراء عاجل بشأن تحوّله إلى أن يكون أكثر اعتمادًا على الوقود النظيف.
ويعتقد كثير من هؤلاء الخبراء أن الاتفاق على خفض انبعاثات القطاع إلى النصف بحلول 2030 "بعيد كل البعد عن متطلبات اتفاقية باريس للمناخ".
اجتماع أُممي
تعقد المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة اجتماعًا بمشاركة 175 من أعضائها -حاليًا- في العاصمة البريطانية (لندن).
وتتفاوت آراء الأعضاء بين مطالبين بالالتزام بتحقيق الحياد الكربوني بقطاع الشحن البحري في 2040، ومطالبين بأن يكون الموعد 2050.
وقالت مديرة المحيط والمناخ في مؤسسة الأمم المتحدة للمناخ كرلين ويلز: "إذا استطاع أعضاء المنظمة التوصل إلى اتفاق بشأن انبعاثات قطاع الشحن البحري، فإنه سيصبح في الاتجاه السليم نحو تحقيق التزامات اتفاقية باريس للمناخ، ويمهّد لضخّ استثمارات في التقنيات الخضراء، ليتحول إلى النقل الأخضر كاملًا".
ويضع المحتجون من نشطاء المناخ ضغوطًا على الدول لكبح انبعاثات قطاع الشحن البحري بسرعة أكبر.
وتدفع دول وشركات عديدة في سبيل التحول إلى النقل الأخضر، مثل شركة "ميرسك" التي تُعدّ ثاني أكبر شركة شحن بحري في العالم، والتي أعلنت التزامًا بتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2040.
غير أن محاولات سابقة للمنظمة الدولية فشلت في إقناع بعض الدول التي درجت على حماية قطاع الشحن البحري التابع لها بتبنّي هذا الهدف، ويأتي على رأسها السعودية والصين والهند.
وتُعدّ الصين أكبر مصدر عالمي لانبعاثات غازات الدفيئة، بينما تحتلّ الهند المرتبة الثالثة، بعد أميركا، وتلتزم بكين بتحقيق الحياد الكربوني في 2060، ونيودلهي في 2070.
تكلفة تحول الطاقة
تثور مخاوف من ارتفاع تكلفة وصعوبة تحول الطاقة في قطاع الشحن البحري، رغم أن أطراف الصناعة الأكبر يعتقدون بضرورة هذا التحول، وفق تقرير بي بي سي، الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأظهر بحث حديث أن خفض انبعاثات قطاع الشحن البحري إلى النصف، في نهاية العقد الحالي (2030)، سيهبط بالتكلفة الإجمالية للحياد الكربوني في الصناعة 10% فقط.
إلّا أن أمين عام المنظمة البحرية الدولية كيتاك ليم حثَّ الأعضاء على إيجاد حلول، في تصريحات له الأسبوع الماضي، والتي تَكرَّر ترديدها على ألسنة نشطاء البيئة والمناخ.
وقال ليم: "إن الانتظار حتى 2050 لتحقيق الحياد الكربوني في 2050 يشبه شخصًا ينتظر احتراق منزله قبل أن يطلب رجال الإطفاء.. نحن نحتاج إلى إرادة سياسية".
وتتمثل المهمة الرئيسة للمنظمة البحرية الدولية في تطوير إطار تنظيمي شامل للشحن البحري، والحفاظ على ملاءمته.
وتشمل اختصاصاتها السلامة والمخاوف البيئية والمسائل القانونية والتعاون الفني والأمن البحري وكفاءة الشحن البحري، وفق الموقع الإلكتروني للمنظمة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
- هل ضغطت السعودية على روسيا لخفض الإنتاج والصادرات؟.. وزير الطاقة يجيب
-
وزير الطاقة الإماراتي: لن نشارك في أي خفض إضافي لإنتاج النفط حاليًا