سياراتتقارير السياراترئيسية

طموحات السيارات الكهربائية في اليابان تصطدم بنفوذ الصين (تقرير)

أسماء السعداوي

اقرأ في هذا المقال

  • الصين تسيطر على سوق بطاريات السيارات الكهربائية
  • تسعى اليابان لتنويع سلاسل الإمداد لتقليل الاعتماد على بكين
  • إعادة تدوير البطاريات المستعملة أحد الخيارات المتاحة
  • مقترح لاستمرار الاعتماد على الصين لتأمين الإمدادات على المدى القريب

تواجه صناعة السيارات الكهربائية في اليابان عقبات قد تقودها بعيدًا عن هدف الحياد الكربوني وتحقيق السبق في القطاع الواعد عالميًا، في ظل سيطرة الصين على سوق البطاريات.

ومن هذا المنطلق، برزت الحاجة الملحة لإيجاد بدائل، لتخفيف حدّة اعتماد اليابان على واردات بطاريات السيارات الكهربائية من الصين، بحسب تقرير نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز".

وأعلنت شركة تويوتا عملاقة صناعة السيارات اليابانية، في شهر يونيو/حزيران (2023)، إستراتيجية مفصّلة لتصنيع البطاريات محليًا، لمساعدتها في تحقيق مستهدف بيع 3.5 مليون سيارة كهربائية بحلول عام 2030، بالإضافة إلى خطط أخرى للتسويق لتكنولوجيا البطاريات الصلبة بحلول عام 2027.

وتصطدم تلك الطموحات العالية بواقع أن الشركة العالمية باعت 38 ألف سيارة كهربائية فقط خلال العام المالي المنصرم، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

سيطرة الصين على سوق البطاريات

تسعى اليابان، إلى جانب الولايات المتحدة وحلفائها، لتقليل الاعتماد على الصين التي تسيطر على سوق المواد الخام المستعملة في صناعة البطاريات، مثل الليثيوم والكوبالت.

وتقول وكالة الطاقة الدولية، إن السيارات الكهربائية في الصين شكّلت 60% من المبيعات العالمية خلال العام المنصرم (2022).

كما تسيطر بكين على سلاسل توريد مواد البطاريات؛ إذ تُنتج 68% من الكاثود (القطب السالب من البطارية)، ونحو 90% من الأنود (القطب الموجب من البطارية)، وفق تقديرات الوكالة.

كما صدّرت الصين وحدها ثُلث بطاريات الليثيوم أيون في عام 2017، و38% في عام 2020، بحسب بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

تجدر الإشارة هنا إلى أن الصين تسيطر على 60% من إنتاج المعادن الأرضية النادرة عالميًا، كما تستحوذ على 95% من عمليات تكرير خام المنغنيز في العالم، بحسب تقرير أصدره معهد بيكر لدراسة السياسات العامة في جامعة رايس الأميركية.

ولا يمكن عدّ الصين مصدر إمدادات يُعتمد عليه؛ إذ حظرت بكين في عام 2010 تصدير المعادن الأرضية النادرة، وهو ما دقّ ناقوس الخطر داخل أروقة صنّاع السياسات اليابانيين، إذ سعوا منذ ذلك الحين لتقليل الاعتماد على واردات الكوبالت والنيكل الصينية.

يقول أحد المسؤولين البارزين في الحكومة اليابانية: "لا يمكننا الانفصال عن الصين، لكن يمكننا تقليل المخاطر تدريجيًا عبر تقليل اعتمادنا عليها، على الأقلّ".

تنويع سلاسل الإمداد

في شهر مايو/أيار المنصرم، قال الرئيس التنفيذي لشركة باناسونيك المصنّعة للبطاريات، يوكي كوسومي، إن شركته تسعى لتقليل حجم اعتمادها على الصين، عبر تنويع سلسلة الإمداد من دول أخرى، مثل كندا.

وأضاف: "لا نعتقد أن نقل مواد البطاريات من الصين إلى الولايات المتحدة سيتوقف فورًا.. لكن ما دام الخطر قائمًا فسنحتاج لضمان سلاسل إمداد من خارج الصين".

وأعلنت باناسونيك اعتزامها إقامة مصنعين لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، كما تمتلك مصنعًا ثالثًا بالتعاون مع شركة تيسلا الأميركية في نيفادا.

وتتوقع شركة صناعة البطاريات تحقيق قفزة في الأرباح بنسبة 32% بحلول نهاية العام المالي المنتهي في مارس/آذار 2024، حسب تقرير نشرته وكالة رويترز واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وبدعم من مبيعات بطاريات السيارات الكهربائية والامتيازات الممنوحة بموجب قانون خفض التضخم الأميركي، تقول باناسونيك، إن صافي أرباحها سيرتفع إلى 350 مليار ين ياباني (2.59 مليار دولار).

بطاريات شركة باناسونيك

بطاريات شركة باناسونيك- الصورة من رويترز

زيادة قدرات إنتاج البطاريات

تأمل وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية في وصول قدرات إنتاج بطاريات الليثيوم أيون إلى 150 غيغاواط/ساعة سنويًا بحلول نهاية العقد الجاري في عام 2030، مقارنة بنحو 20 غيغاواط/ساعة سنويًا حاليًا.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، تحتاج اليابان إلى تأمين 100 ألف طن من الليثيوم سنويًا، و90 ألف طن من النيكل، و150 ألف طن من الغرافيت، و20 ألف طن من الكوبالت، و20 ألف طن من المنغنيز، بحسب بيانات نشرها موقع "أرغوس ميديا".

وستضطر اليابان للّجوء إلى دول أخرى للحصول على المعادن الأرضية النادرة اللازمة لإنتاج البطاريات، إذ لا تمتلك مخزونات خاصة بها.

وأعلنت اليابان، في فبراير/شباط (2023)، تقديم إعانات للشركات المحلية المشاركة في بناء مصانع لإنتاج بطاريات الليثيوم أيون، سواء لاستعمالها بالسيارات الكهربائية في اليابان أو أنظمة التخزين، بإجمالي استثمارات 2.66 مليار دولار، بحسب تقرير نشرته وكالة "أرغوس ميديا" الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ويُشترط على المصنع للحصول على الإعانات، إنتاج أكثر من 3 غيغاواط/ساعة سنويًا من بطاريات السيارات الكهربائية في اليابان، وأكثر من 300 ميغاواط/ساعة سنويًا من بطاريات تخزين الكهرباء.

إعادة التدوير ليست حلًا

دعت طوكيو خلال اجتماع لوزراء المناخ بدول مجموعة الـ7 الصناعية، خلال شهر أبريل/نيسان (2023)، الدول صاحبة الرأي المماثل إلى العمل على تطوير مناجم وسلاسل إمداد جديدة وإعادة تدوير المعادن الأرضية النادرة.

يقول كبير المحللين في وكالة "أرغوس ميديا"، يوسوكي ميكاوا: "تَعُدّ اليابان حاليًا إعادةَ تدوير المعادن الأرضية النادرة مسألة اقتصادية مهمة لتحقيق الأمن الاقتصادي".

وتستهدف باناسونيك استعمال المواد المُعاد تدويرها في صنع ثُلث مكونات البطاريات، غير أن الأمر سيستغرق وقتًا حتى الوصول إلى أحجام الإنتاج المطلوبة لصنع فارق.

وفضلًا عن مشكلة الوقت، برزت عقبة أخرى تتمثل في التكلفة المرتفعة، وعنها يقول الأستاذ في معهد علوم الصناعة بجامعة طوكيو، تورو أوكابي، إن تكلفة إعادة التدوير الصديقة للبيئة مكلفة للغاية، مقارنة باستخراج المعادن الأرضية النادرة في الدول التي تتّسم بضعف التنظيم، مشيرًا إلى أن "نسبة المعادن الأرضية النادرة ستكون أقلّ من 10%".

البطاريات المستعملة

على طريق إيجاد بدائل للاستيراد من الصين، برزت مسألة إعادة تدوير البطاريات المستعملة، لكن الأمر لن يخلو من عقبات.

يقول المدير العام لشركة "سيركيولار إنرجي ستوريدج" للاستشارات، هانز إيريك ميلين: "يمكن للجميع البدء في إعادة التدوير، لكن ماذا يحتاجون فعليًا؟ حسنًا.. أولًا، إنهم بحاجة للمواد الخام، وهو ما لا تمتلكه اليابان".

وأضاف ميلين: "الأمر لا يتعلق بأنهم ليسوا من كبار منتجي بطاريات السيارات الكهربائية.. وإنما لأنهم مُصدّر كبير للسيارات المستعملة، ولا سيما السيارات الكهربائية".

ولفت في هذا الصدد إلى تصدير سيارات نيسان طراز ليف الكهربائية المستعملة بأعداد كبيرة إلى نيوزيلندا وروسيا وكينيا.

وعلى الطريق نفسه، أعلنت شركة نيسان موتورز خططًا لتأجير سياراتها الكهربائية بدلًا من بيعها، كما قدّمت تويوتا لزبائنها خدمة الاشتراك في أول سيارة كهربائية ذات إنتاج ضخم.

يقول الأستاذ في معهد علوم الصناعة بجامعة طوكيو، تورو أوكابي، إن حل مشكلات التكلفة الباهظة وتوريد البطاريات المستعملة ليس نهاية المطاف بالنسبة لصناعة السيارات الكهربائية في اليابان.

وأشار إلى حقيقة ارتفاع الطلب على السيارات الكهربائية في اليابان، والتي ستلتهم أيّ زيادة في المواد المستخرجة من إعادة التدوير.

كما دعا اليابان إلى اتخاذ قرارات صارمة ومواصلة التكنولوجيات الثورية، بالإضافة لاتّباع نهج عملي في تلبية الطلب على المدى القريب.

واقترح -أيضًا- الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع الصين لتعزيز صناعة السيارات الكهربائية في اليابان، قائلًا: "سيكون هذا أفضل الحلول".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق