ما هي الاحتياطيات والمخزون الإستراتيجي والعائم.. وسر الناقلات السعودية في مصر؟ (صوت)
أحمد بدر
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الفرق بين الاحتياطيات والمخزون النفطي، ضمن أساسيات الطاقة، يوضح كثيرًا من النقاط المهمة بالنسبة إلى صناعة النفط للمهتمين.
وتابع خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها على موقع "تويتر" تحت عنوان "الاحتياطيات والمخزون وأسعار النفط": المعروف أن الاحتياطيات هي كل شيء تحت الأرض ولم يُنتَج، بغض النظر عن التعريفات الأخرى لما يسمى بـ"الاحتياطيات المؤكدة" و"المحتملة" وغيرهما.
وأضاف: "نطلق كلمة المخزون النفطي على كل النفط الذي جرى استخراجه وإعادة تخزينه؛ إذ إنه شيء أُنتج ومخزن، وبالطبع هناك أمر شائع؛ وهو استعمال كلمة الاحتياطيات الإستراتيجية أو المخزونات الإستراتيجية، ولا مشكلة في استعمال أي منهما، وإن كان الأفضل استعمال كلمة (المخزونات)".
ما هي الاحتياطيات؟
يقول الدكتور أنس الحجي، إن كلمة "الاحتياطيات الإستراتيجية" جاءت إلى اللغة العربية لسببين؛ الأول أنها ترجمة حرفية لكلمة "Reserves"، والسبب الآخر أن الاحتياطيات الإستراتيجية الكبيرة -خاصة في الولايات المتحدة- تحت الأرض في مغاور ملحية، ومن ثم تبقى تحت الأرض، وهذا سبب آخر لإطلاق كلمة احتياطيات عليها.
وتابع: "بشكل عام في منصة الطاقة المتخصصة، وفي المساحات نحاول استعمال كلمة الاحتياطيات لكل شيء لم يُنتج، وكلمة مخزون لكل شيء تم إنتاجه؛ ومن ثَم نقول المخزونات النفطية التجارية أو الإستراتيجية؛ فهذا هو الفرق الأساسي بين الاحتياطيات والمخزون".
وأشار إلى أن الحديث عن الاحتياطيات يطرح أسئلة كثيرة بشأن مدى دقتها وصحتها، وهل هي مؤكدة أم محتملة؟ إذ إن هناك شكًا في الاحتياطيات التي تملكها دول معينة؛ إذ إن هناك احتياطيات محسوبة مثل فنزويلا ولكن لا يمكن استخراجها؛ لأنها نفط ثقيل، لكن بشكل عام أكبر شك تاريخيًا كان موجودًا وجاء من الغربيين، هو الشك في احتياطيات أرامكو السعودية.
وأوضح أنه قبل 20 عامًا أثير موضوع احتياطيات أرامكو مع توجُّه شخص يُدعى "مات سيمنز" إلى تأليف كتاب عن احتياطيات الشركة السعودية، ليشكك فيها، وهو الكتاب الذي أصبح مرجعًا للمشككين في هذه الاحتياطيات، رغم أن كاتبه غير متخصص.
ولفت أنس الحجي إلى أن أحد أسباب التشكيك في احتياطيات أرامكو، جاء من باب ثبات هذه الاحتياطيات من وجهة نظر المشككين، والحقيقة أن احتياطيات الشركة ليست ثابتة، وإنما سياستها هي التي تقضي بالاستثمار لتعويض ما جرى إنتاجه فقط ثم التوقف، وهذه سياسة الشركة ولا يوجد أي نوع من المؤامرة هنا على الإطلاق.
وأردف أن هناك من يرون أن زيادات الاحتياطيات النفطية في الثمانينيات كانت على الورق فحسب؛ لأن هناك كميات ضخمة تم اكتشافها منذ أوقات زمنية طويلة، ولم تضف إلا لاحقًا، ومن ثم فإنها في حالة إضافتها وقت اكتشافها فلن تكون الاحتياطيات مختلفة هكذا بمرور الوقت، ومن ثم ليست هناك زيادة.
ونوه بأن هذا الكلام صحيح منطقيًا، ولكن لا توجد مؤامرة في الأمر؛ لأن هناك نفطًا ثقيلًا جدًا لا يمكن استخراجه لدى بعض الدول وليست له استعمالات، وهناك حقول من هذا النوع اكتُشِفَت في كل من الكويت والسعودية وفنزويلا والعراق، ولكنها لم تكُن محط اهتمام.
قال الحجي إن فنزويلا أدركت أن لديها كميات ضخمة من هذا النفط الثقيل، وقررت توظيف عدد كبير من الخبراء لاستخراج مواد خفيفة منه، وبالفعل اشترت الحكومة هناك شركة أميركية متخصصة في تكرير وتسويق منتجات النفط الثقيل، ولديها بحوث في هذا المجال، وبالفعل بعد عدة سنوات تمكّن علماؤها من استخراج مواد خفيفة من النفط الثقيل؛ ما جعله ذا قيمة.
ومن ثم، وفق الحجي؛ فإن بعض الجيولوجيين يقولون إنه كانت هناك لعبة، ولكن الجيولوجي لا يرى إلا ما تحت الأرض ولا يرى ما فوقها، ومن ثم لم ينتبهوا إلى ما حدث في المصافي والتقنيات التي تبنوها فيما بعد في هذه المصافي، والتي أعطت قيمة كبيرة للنفط الثقيل الذي لم يكُن ذا قيمة من قبل.
وأشار إلى أنه وفقًا للأرقام الحالية؛ فإن أكبر احتياطيات في العالم موجودة في فنزويلا، ومن بعدها المملكة العربية السعودية، ولكن في حالة إعادة التقييم من جهة الاحتياطيات القابلة للاستخراج بشكل فعلي؛ ستكون السعودية الأولى في الماضي والحاضر.
ما هو المخزون النفطي؟
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن المخزون النفطي هو ما أُنتج بالفعل وموجود إما فوق الأرض وإما تحت الأرض، وهو يقسم إلى عدة أقسام؛ فهناك المخزون التجاري، وهو المخزون الذي تملكه الشركات، مثل المصافي التي تحتاج دائمًا إلى مخزون لإتمام عمليات التكرير.
وأوضح أن هناك مخزونًا نفطيًا لدى المنتجين أنفسهم، خاصة في المناطق البعيدة، وكذلك هناك مخزون في المواني للتصدير، وهناك مخزون لدى شركات الطيران، ولدى المضاربين وشركات التجارة العالمية؛ إذ إن كل هذه الفئات تملك هذا المخزون التجاري.
وأضاف: "هناك أيضا المخزون الإستراتيجي، وهو مفهوم مطاط؛ إذ إنه في الولايات المتحدة -مثلًا- المخزون الإستراتيجي هو ما تملكه الحكومة الفيدرالية، وهو الذي تكلمنا عنه مرات عديدة مع سحب بايدن نحو 180 مليون برميل منه".
ولكن، وفق الدكتور أنس الحجي، في بلاد أخرى مثل اليابان أو الصين، تعتبر الحكومة أن ما تملكه هو مخزون إستراتيجي، ولكنها تستطيع أيضًا التحكم في مخزون الشركات، ومن ثم يمكن أن يمتد تعريف المخزون الإستراتيجي إلى التجاري، وهذا ينطبق على الصين واليابان.
وأشار إلى أن فكرة المخزون النفطي الإستراتيجي نشأت بعد عام 1973، بعد المقاطعة النفطية التي حصلت في أثناء حرب أكتوبر، حينما قررت الدول المتقدمة أو الدول المستهلكة إنشاء وكالة الطاقة الدولية، ومع إنشائها وضعوا شرطين للانضمام.
وتابع: "أحد هذين الشرطين كان أن يبني كل عضو أو كل دولة عضوة في الوكالة مخزونًا لا يقل عن 90 يومًا من صافي واردات النفط، وكلمة نفط هناك تشمل النفط الخام والمنتجات النفطية.. بعض الدول اختارت أن تخزن منتجات نفطية فقط، وبعضها اختار أن يخزن النفط الخام، والبعض خزَّن أنواعًا مختلفة بما فيها النفط الخام".
بعد ذلك، تأسست وزارة الطاقة الأميركية في عام 1977، ووُضِع المخزون النفطي تحت إشرافها بالتنسيق مع وكالة الطاقة الدولية.
تعريف المخزون العائم
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن هناك نوعًا من المخزون النفطي، يُسمَّى المخزون العائم، وهو -عرفًا- كل ناقلة حاملة للنفط وتبقى في مكانها أكثر من 7 أيام؛ إذ إن هناك دائمًا مخزونًا عائمًا في بعض المناطق، خاصة في الصين وسنغافورة، ولكن تاريخيًا لأسباب مختلفة هناك مخزون عائم كبير في إيران.
وأضاف: "على ذكر المخزون العائم -لأول مرة ومن المرات النادرة جدًا منذ شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان والربع الثاني من عام 2020، في أثناء إغلاقات كورونا- توقّفت ناقلات النفط الضخمة المحمّلة بالنفط الخام السعودي في البحيرة قبل قناة السويس قرب العين السخنة منذ أسابيع، مع وجود 10 ناقلات ضخمة محمّلة بالنفط السعودي، وكمية النفط بحدود 21 مليون برميل".
وأردف: "هناك تفسيرات مختلفة لوجودها هناك، أحد أهم هذه التفسيرات -وهو طبعًا ليس تفسيرًا ولكن يمكن النظر إليه على أنه ظاهرة- أن في العين السخنة يبدأ أنبوب يسمى أنبوب "سوميد" يمتد من السويس إلى البحر المتوسط، هذا لو تصورتم الخريطة، يذهب من بداية قناة السويس جنوب القاهرة غربًا ثم يلف حول القاهرة ويذهب شمالًا إلى سيدي كرير".
وتوضح الخريطة التالية، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، مسار نقل شحنات النفط عبر خط أنابيب سوميد في مصر:
وتابع الدكتور أنس الحجي: "الفكرة هنا ما يلي: أن ناقلات النفط الضخمة التي تحمل مليوني برميل يوميًا أو أكثر تجد صعوبة في عبور قناة السويس؛ لأنه من الثقل يصبح عرض الباخرة كبيرًا".
وأضاف: "أما من أسفل؛ فيخففون حمولة الباخرة في هذا الأنبوب؛ فترتفع الباخرة وتعبر قناة السويس بسهولة، ثم تذهب إلى سيدي كرير، إما تحمل النفط نفسه وإما نفطًا مساويًا له، وإما تكمل وجهتها ويتم تخزين هذا النفط في سيدي كرير".
ولفت إلى أنه في سيدي كرير توجد خزانات يخزن النفط فيها، بطاقة استيعابية نحو 20 إلى 21 مليون برميل، وهناك اعتقاد بأن هذه الخزانات مليئة؛ ومن ثم لا يمكن إفراغ الجزء الذي يجب تمريره في الأنبوب؛ لأن المخزون مرتفع؛ ومن ثَم فهذه الناقلات ستبقى هناك لحين تخفيض المخزون وتخفيض حمولتها.
وأشار إلى أن هناك آراءً مختلفة بشأن الموضوع؛ لأن بعض هذه الناقلات هناك منذ عدة أسابيع، "والسؤال هنا.. إذا كانت الخزانات في سيدي كرير مليئة بالفعل؛ فلماذا؟ هل هناك انخفاض في الطلب على النفط؟ أم هناك مشكلة؟."
المشكلة الكبرى، وفق الحجي، أنه إذا كان هذا النفط متجهًا إلى أوروبا؛ فإن عدد المواني الأوروبية التي يمكنها استقبال هذا النوع من السفن قليل جدًا؛ لذلك هناك تساؤلات كبيرة حول وجود هذه السفن.
وقال إن "هناك أشياء يمكن الحديث عنها وأشياء لا يمكن الحديث عنها، ولكن الآن هذه الناقلات الـ10، أعتقد 8 منها الآن تُعَد مخزونًا عائمًا؛ لأنها تتجاوز الأيام الـ7، وبعضها تجاوز الأسابيع؛ فهي مخزون عائم سعودي موجود في مصر".
موضوعات متعلقة..
- 10 ناقلات تحتشد بالنفط السعودي قبالة مصر.. "الطاقة" تنشر تفاصيل جديدة (تحديث)
- أميركا تكشف عن تفاصيل الخطة الطارئة لإعادة ملء المخزون النفطي الإستراتيجي
- الفرق بين الاحتياطيات النفطية والمخزون
اقرأ أيضًا..
- أرامكو السعودية توقع عقد بناء مجمع بتروكيماويات ضخم في المملكة
- أسعار شحن ناقلات النفط الكبيرة جدًا تنهار قريبًا.. ما علاقة السعودية؟
- أكبر 5 دول منتجة للفحم في العالم.. آسيا تتصدّر