غازأخبار الغازرئيسية

أكبر مشروع غاز في رومانيا يُبشر بنتائج واعدة لأوروبا.. هل يتراجع دور تركيا؟

أسماء السعداوي

مع بدء تركيا إنتاج الغاز من حقل صقاريا في البحر الأسود، برز تطوير أكبر حقل غاز في رومانيا -الواقع في البحر نفسه- علامةً جديدة على احتدام التنافس على هذا الوقود بين الدولتين المتشاطئتين.

وأصبح المشروع الروماني قاب قوسين أو أدنى من أن يكون حقيقة ملموسة، بعد توصُّل شركة النفط النمساوية "أو إم في بتروم" و"رومغاز" المنتجة والمورّدة الرئيسة للغاز الطبيعي في البلاد إلى قرار الاستثمار النهائي أمس الأربعاء (21 يونيو/حزيران 2023).

ويتضمن القرار تنفيذ خطة موسعة لتطوير حقلي الغاز الطبيعي "دومينو" و"بليكان ساوث"، في مربع نبتون بالمياه العميقة قبالة سواحل رومانيا المطلة على ساحل البحر الأسود.

وما زالت الشركتان بانتظار الموافقة النهائية من الوكالة الوطنية للثروات المعدنية، للتصديق على القرار، بحسب تقرير نشرته منصة "أوفشور إنرجي" (offshore-energy)، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وشركة "أو إم في" هي المشغّلة للمشروع، وتحمل حصة 50% من المشروع، في حين تحمل شركة رومغاز الشريكة نسبة الـ50% المتبقية.

تفاصيل أكبر مشروع غاز في رومانيا

من المتوقع بدء تدفّق الغاز الطبيعي من المشروع في عام 2027، ويصل حجم الإنتاج إلى قرابة 8 مليارات قدم مكعبة سنويًا، لمدة 10 أعوام تقريبًا.

ويقع أكبر مشروع غاز في رومانيا على بعد 160 كيلومترًا من السواحل الرومانية على البحر الأسود، بمساحة 7500 كيلومتر مربع.

كما من المتوقع أن يصل حجم الاستثمارات إلى 4 مليارات يورو أو 4.4 مليار دولار أميركي، في مرحلة تطوير المشروع، خلال المدة بين عامي 2024-2026.

وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمشروع نحو 100 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، ما سيجعل رومانيا أكبر منتج للغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي ومصدرًا صافيًا له.

وتشتد الحاجة إلى الغاز في أوروبا، بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وما تلاها من وقف إمدادات الغاز القادمة من موسكو عبر خط نورد ستريم، إذ تبحث القارة العجوز عن بدائل موثوقة لتوفير احتياجاتها وتحقيق أمن الطاقة.

وتضمنت أنشطة الاستكشاف في المربع حملتين بتقنية ثلاثية الأبعاد لرصد الزلازل، وبرنامجين للحفر الاستكشافي.

وتتضمن البنية الأساسية اللازمة لتطوير حقلي غاز دومينو وبليكان ساوث، 10 آبار و3 منصات إنتاج تحت سطح البحر وخطوط نقل ومنصة بحرية وخط أنابيب الغاز الرئيس إلى بلدة توزلا ومحطة لقياس الغاز الطبيعي.

وكان أول اكتشاف للغاز الطبيعي في مربع نبتون بالمياه العميقة للبحر الأسود في عام 2012، ويُقدَّر إجمالي نفقات الاستكشاف والتقييم هناك بأكثر من 1.5 مليار يورو أو 1.6 مليار دولار.

حقل غاز بحري في رومانيا
حقل غاز بحري في رومانيا - الصورة من "ذا رومانيا جورنال"

صفحة جديدة لقطاع الطاقة

لا يعدّ المشروع الضخم الجديد أول مشروع داخل المياه العميقة لسواحل رومانيا على البحر الأسود فقط، بل أكبر مشروع لإنتاج الغاز في رومانيا في البحر نفسه أيضًا.

ومن المتوقع أن تقلّ البصمة الكربونية للمشروع عن المؤشر المرجعي الذي أقرّه الاتحاد الدولي لمنتجي الغاز والنفط، بمتوسط 16.7 كيلو من انبعاثات الكربون/برميل من النفط المكافئ، لتصل إلى نحو 2.2 كيلو غرامًا فقط.

وبحسب "أو إم في"، ستولّد المنصة الكهرباء بنفسها، وستعمل وفق أعلى معايير الأمان وحماية البيئة.

وستُشَغَّل مرافق البنى الأساسية عن بعد، عبر "توأم رقمي"؛ ما يسمح بتقديم أفضل النتائج، ويُسهم في تحسين الأداء البيئي، عبر جعل استهلاك الكهرباء أكثر كفاءة لتقليل الانبعاثات.

وتقول الرئيسة التنفيذية لشركة "أو إم في بيتروم"، كريستينا فيرشير: "بعد التوصل إلى قرار الاستثمار النهائي لمشروع نبتون في المياه العميقة، نفتح صفحة جديدة ستغير قواعد اللعبة في قطاع الطاقة الروماني".

وأضافت: "يدًا بيد مع شريكتنا رومغاز، ندخل مرحلة تطوير أول مشروع غاز بحري داخل المياه العميقة في رومانيا، الذي سيسهم في النمو الاقتصادي للبلاد، وسيعزز أمن الطاقة أيضًا".

وتابعت: "لنعطِ مثالًا على حجم المشروع، إنه يعادل حجم إنتاج الغاز الطبيعي المتوقع بمقدار 30 مرة ضعف الطلب السنوي الحالي لـ4 ملايين و300 ألف منزل".

وأكدت: "إنها خطوة واسعة -أيضًا- على طريق تحقيق إستراتيجية 2030 الرامية إلى دعم تحول الطاقة في رومانيا والمنطقة".

المنافسة مع تركيا

تسلّط إمكانات الغاز الضخمة في رومانيا الضوء على المنافسة حول احتياطيات البحر الأسود، وخاصة تركيا، التي تزايد اهتمامها بالثروات هناك؛ سعيًا لتلبية الطلب المحلي، وتوفير فاتورة الواردات السنوية الباهظة التي تُقدَّر بـ44 مليار دولار.

وكان خبراء قد أكدوا أن الاكتشافات التركية الأخيرة بمثابة حافز للتنقيب عن الغاز الطبيعي في البحر الأسود، الذي يحمل أهمية حاسمة لقارة أوروبا، بعد قطع إمدادات موسكو في أعقاب الحرب مع أوكرانيا.

وعلى هامش مؤتمر استثمار الغاز الأوكراني، في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2021، قال مدير تطوير الأعمال والمدير التجاري لشركة "أو إم في بتروم"، رافائيل دوكي: "ستكون الخطوة التالية للبحر الأسود هي المياه العميقة".

وأضاف أن هناك "اكتشافات ممتازة" بالفعل داخل البحر الأسود، مؤكدًا أن السوق تنتظر بفارغ الصبر نتائج المسح الزلزالي ثلاثي الأبعاد.

كان الرئيس رجب طيب أردوغان قد أعلن في عام 2020 اكتشاف أكبر حقل غاز طبيعي بتاريخ تركيا، من بئر تونا-1 في حقل صقاريا للغاز بالبحر الأسود.

وقال أردوغان، إن بلاده أقامت "قاعدة للطاقة" في حقل صقاريا، وستصبح سوقًا مرجعية للغاز الطبيعي، مع تلبية الإمدادات المحلية، بحسب تقرير لوكالة رويترز.

ومؤخرًا، بدأت أنقرة، في أبريل/نيسان المنصرم، إنتاج الغاز الطبيعي من حقل صقاريا، ويبلغ حجم إمداداته في المرحلة الأولى 10 ملايين متر مكعب يوميًا، على أن تصل ذروتها خلال المرحلة الثانية، بمقدار 40 مليونًا بحلول عامي 2027 و2028.

وبعد التعديل بالزيادة، يتجاوز إجمالي احتياطيات الغاز في حقل صقاريا بالبحر الأسود حاليًا أكثر من 710 مليارات متر مكعب، وتُقدَّر قيمتها بنحو 500 مليار إلى تريليون دولار أميركي.

وتستثمر أنقرة نحو 10 مليارات دولار في استخراج ونقل 540 مليار متر مكعب من الغاز من حقل صقاريا.

كما أعربت شركة النفط الحكومية "تركيش بتروليوم" عن أملها في تصدير "بعض" الغاز إلى أسواق أوروبا بصورة رئيسة.

حقل صقاريا للغاز
حقل صقاريا للغاز - الصورة من وكالة بلومبرغ

في سياق متصل، برز دور حقل ساسب، الذي يعدّ أحد أوائل مشروعات تطوير الغاز الطبيعي في جنوب غرب البحر الأسود داخل المياه الإقليمية لتركيا، ويتألف من 8 حقول اكتُشفت عام 2008، وُضع 4 منها قيد الإنتاج.

وفي آخر التطورات، أعلنت شركة "تريليون إنرجي" الكندية بدء حفر بئر "ألابلي 2"، وهو السادس ضمن برنامج الاستكشاف الضخم في حقل ساسب بالبحر الأسود، والممتد خلال العامين الماضي 2022 والجاري 2023.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق