أهداف الخفض الطوعي السعودي.. وهل تتحرر سوق النفط من قبضة المضاربين؟ (صوت)
أحمد بدر
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة، الدكتور أنس الحجي، إن الخفض الطوعي السعودي أسهم في منع تفاقم تراجع أسعار النفط العالمية بشكل أكبر مما تشهده الأسواق في الوقت الحالي.
وأوضح الحجي، خلال حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها بعنوان "ما دور إيران في أسواق النفط العالمية؟"، في مساحات "تويتر"، أن المملكة قررت تخفيضًا إضافيًا طوعيًا بمقدار مليون برميل يوميًا لشهر يوليو/تموز (2023)، أي الشهر المقبل، ومع ذلك انخفضت أسعار النفط.
وأضاف: "كما ذكرتُ سابقًا، أثار هذا السخرية والتندر من جانب بعض التجّار والإعلاميين وغيرهم، خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن كل هؤلاء لم ينتبهوا إلى أمر مهم أكرره الآن، وهو أنه إذا لم يُعلن الخفض الطوعي السعودي، كانت الأسعار ستنخفض بشكل أكبر، وهو ما يراه كل الخبراء".
وتابع: "كانت الأسعار ستنخفض أكثر مما هي عليه بحدود 4 أو 5 دولارات، إذ إن النظر فقط إلى الزيادة يعدّ خطأ، لأن الخفض الطوعي السعودي -على الأقلّ- منع تراجع خام برنت إلى الستينيات".
لماذا انخفضت أسعار النفط؟
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن أسعار النفط انخفضت مؤخرًا لعدّة أسباب، من بينها أن نمو الطلب على النفط جاء أقلّ مما كان متوقعًا، كما أن استهلاك الصين من النفط كان أقلّ من المتوقع، وهناك زيادة في المخزونات.
وتطرَّق الحجي إلى دور المخزون في تحرُّك أسعار النفط، قائلًا، إن المخزون -في النهاية- هو صافي تغيرات الطلب والعرض، فإذا انخفض الطلب على النفط يزيد المخزون، وزيادة المعروض من النفط أكثر من الطلب تزيد المخزون.
وأضاف: "المخزون يعبّر عن الطلب والعرض في هذه الحالة، ومن ثم يؤثّر في الأسعار، لأنه في النهاية هو خلاصة الطلب والعرض، بالإضافة إلى المضاربات، لا سيما أن مجموعة كبيرة من المحللين الاقتصاديين يعتقدون أن أغلب دول العالم سيعاني ركودًا اقتصاديًا في 2023، ونحن ما زلنا ننتظر البيانات لنرى ما سيحصل".
ولفت إلى أن هناك ركودًا اقتصاديًا في بعض الدول الأوروبية، منها ألمانيا، ولكن لا أحد يدري ما سيحدث في الولايات المتحدة بالذات، أمّا بشأن ما يجري في الصين، فما زال الأمر ضبابيًا بشكل كبير، لذلك ما زال الجميع في انتظار البيانات.
وأوضح أن انخفاض الأسعار، رغم قرار الخفض الطوعي السعودي، كان بسيطًا جدًا مقارنة بما كانت عليه، إذ لولا هذا التخفيض كانت الأسعار ستتراجع بشكل أكبر، بسبب الزيادة الكبيرة في المخزونات العالمية، سواء في الولايات المتحدة أو على المستوى العالمي.
وتابع: "بالإضافة إلى ذلك، هناك انخفاض في نمو الطلب العالمي على النفط، وألفت النظر هنا إلى أنني ذكرت (انخفاض نمو الطلب) ولم أذكر (انخفاض الطلب)، لأن الطلب دون أيّ ركود اقتصادي في هذا العام سينمو، والطلب العالمي على النفط سيصل لأعلى مستوى له في التاريخ خلال الربع الرابع لهذا العام".
ولكن، وفق الحجي، إذا حدث ركود اقتصادي، ستتغير الأمور، فمن أهم نتائج الركود الاقتصادي أن كل النمو المتوقع يتلاشى، وقد يكون هناك بعض الانخفاض في الطلب على النفط مقارنة بالعام الماضي، ولكن هذا النمو أو هذا الانخفاض لن يتجاوز 400 ألف برميل مقارنة بالعام الماضي، ولكن هذا الفارق سيؤثّر بشكل كبير في الأسعار، وواضح تمامًا في هذا السيناريو أن دول أوبك ستخفض الإنتاج بشكل كبير مجددًا.
مرونة قرارات التخفيض
يقول الدكتور أنس الحجي، إن الخفض الطوعي السعودي الإضافي، المتمثل في مليون برميل خلال شهر يوليو/تموز المقبل، يأتي بعد قرارات أخرى بالتخفيض، لذلك هناك حاجة إلى توضيحها بشكل مفصّل.
وأضاف: "هنا أريد أن أوضح أمرين، الأول أنه هناك تخفيض أُقِرَّ من جانب تحالف أوبك+ في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بمقدار مليوني برميل يوميًا، وهذا التخفيض كان في البداية حتى نهاية العام الجاري 2023، ثم اتُّفِقَ على إقراره حتى نهاية 2024".
والهدف من هذا التخفيض، بحسب الحجي، إداري بحت، أي إنه ليس بالضرورة استمرار هذا التخفيض حتى ذلك الوقت، إذ إن منظمة أوبك وتحالف أوبك+ يتّسمان بالمرونة، بحيث أنه إذا تطلّب الأمر أن يزيد الإنتاج ستزيد الإنتاج رغم وجود هذه القرارات.
وتابع: "لذلك فإن تمديد القرار هدفه تمديد الإطار القانوني لكي يتعاملوا معه بسهولة، لأنه لو أنهوه، فهذا يعني أنهم سيبدؤون من جديد، وسيبدؤون المفاوضات من جديد، وسيبدؤون كل شيء من جديد، فتمديده هو فقط فكرة إدارية".
وفيما يخص الخفض الطوعي، قال الحجي، إن هناك تخفيضًا طوعيًا لبعض الدول في شهر مارس/آذار الماضي، ومنه الخفض الطوعي السعودي البالغ 500 ألف برميل يوميًا، بالإضافة إلى خفض طوعي من جانب روسيا وبعض دول الخليج، مثل الإمارات والكويت.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، مقدار الخفض الطوعي من جانب 9 من دول أوبك+، المُعلن في مارس/آذار الماضي 2023:
ولفت الحجي إلى أن هذا الخفض الطوعي أيضًا مُدِّدَ حتى نهاية عام 2023، مضيفًا: "سبق أن ذكرت أن قرار تمديد الخفض الطوعي السعودي البالغ 500 ألف برميل يوميًا إلى نهاية 2024 يعني بالضرورة التعويض عن زيادة الإنتاج الإماراتي والدول الأخرى في عام 2024، لأنهم قرروا أيضًا تغيير شهر الأساس للحساب، وهذا يعني زيادة حصة الإمارات في عام 2024".
وأشار إلى أن هناك مجالًا للدول التي لا تخضع للحصص الإنتاجية، مثل نيجيريا وليبيا وإيران، أن تزيد إنتاجها، ومن ثم فإن زيادة إنتاج هذه الدول في عام 2024 لن يؤثّر في الأسعار، لأن الخفض الطوعي السعودي مستمر، بصفته تعويضًا عنها.
السيطرة على أسواق النفط
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن إعلان الخفض الطوعي السعودي بمقدار مليون برميل يوميًا خلال شهر يوليو/تموز، والذي يمكن تجديده، لا يتعلق بانخفاض نمو الطلب على النفط أو بالأسعار، بل بإعادة المياه لمجاريها، بحيث تسيطر السعودية على مجريات الأمور في أسواق النفط بدلًا من المضاربين ووسائل الإعلام المغرضة.
وأوضح أن هذا هو الهدف الرئيس، لأن التخفيض الهدف منه في النهاية هو رفع الأسعار المستقبلية في الشهر الأول، بحيث تكون منخفضة في الأشهر التالية، فإذا كانت الأسعار مرتفعة الآن ومنخفضة فيما بعد هذا لا يشجع على الاستثمار في التخزين.
وأضاف الحجي أن من يملك مخزونًا سيريد التخلص منه، لأن الأسعار الآن مرتفعة، بينما إذا حافظ عليه سيخسر، ومن ثم ستنخفض المخزونات، وهذا ما يهدف إليه الخفض الطوعي السعودي، لأن تخفيض المخزونات سيؤدي في النهاية لرفع الأسعار.
الأمر الآخر، وفق الحجي، أن هذا المنحنى، بحيث يكون مرتفعًا في البداية وينخفض فيما بعد في الأشهر القادمة، يجب أن يستمر، ومن ثم على المملكة ألّا تخبر السوق بما ستقوم به لشهر أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول وما بعده.
وتابع: "يمكن أن تأتي السعودية في نهاية أو في منتصف يوليو/تموز، وتعلن أنها ستستمر في التخفيض لشهر أغسطس/آب مثلًا، وهذا سيستمر في جعل منحنى الأسعار المستقبلية بالشكل الذي ذكرته، مرتفعًا في البداية، ومنخفضًا في الأشهر التالية".
وعن قدرة المملكة على الاستمرار في هذه السياسة بوجه إعلام ضخم مموّل بشكل هائل ومضاربين يتعاملون يوميًا بمئات الملايين من الدولارات، قال الحجي: "لنرى ما سيحدث خلال الأيام القادمة"، موضحًا أن الأمل في أن تنجح هذه السياسة وترتفع الأسعار.
ولكنه لفت، في الوقت نفسه، إلى إشكالية أن الصين ستسحب من المخزون الإستراتيجي، ومن ثم ستمنع ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير، إذ سترتفع الأسعار عما هي عليه حاليًا، ولكن ليس كثيرًا، بسبب استعمال الصين مخزونَها الإستراتيجي.
موضوعات متعلقة..
- أنس الحجي: دول أوبك والسعودية تأخذان زمام الأمور بالأسواق العالمية
- كيف منعَ الخفض السعودي الطوعي أسعار النفط من التراجع؟ أنس الحجي يجيب
- أوبك تدعو لليقظة.. وتشيد بالخفض الطوعي السعودي
اقرأ أيضًا..
- وكالة الطاقة الدولية: الطلب العالمي على النفط قد يبلغ ذروته قبل 2030
- مصير غامض لخطط الحياد الكربوني على أجندة حزب العمال البريطاني (تقرير)
- إنتاج الغاز المغربي قد يرتفع 300% قريبًا بفضل الاكتشافات الجديدة
تنمق بالكلام للسعوديين ليس له اي قيمة ، والطامة الكبرى انه يفضل ان يستبدل كلمة ركود اقتصادي بكلمة استبدال بالطاقة البديلة ولكنه يركز على كلمة ركود ليعيش على امل انتعاش الطلب مستقبلاً هو شخصياً لا تفرق معه يخرج بعبارة منمقة جديدة ولكن السعوديين ينصدمون بالحقيقة المرة لو صدقوه