كيف منعَ الخفض السعودي الطوعي أسعار النفط من التراجع؟ أنس الحجي يجيب (صوت)
أحمد بدر
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الخفض السعودي الطوعي لإنتاج النفط، منعَ أسعاره من التراجع بما يصل إلى 4 أو 5 دولارات إضافية عما هي عليه الآن وربما أكثر، لافتًا إلى أن السياسات التي تبنتها أوبك والمملكة خلال اجتماع 4 يونيو/حزيران، كانت مخالفة لتوقعات الكثيرين.
وأوضح الحجي، في حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدمها على موقع تويتر تحت عنوان "قرار السعودية تخفيض الإنتاج.. بين التحوط وأخذ زمام المبادرة في السوق"، أن القرارات التي تبنّتها أوبك والسعودية لم تتضمن أي إجراء سوى تمديد لمستوى إنتاج متفق عليه منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى نهاية (2024).
وأضاف: "كان المتوقع من قِبل الأغلبية أن يُسهم قرار الخفض السعودي الطوعي لإنتاج النفط في ارتفاع الأسعار، ولا سيما أن المملكة أعلنت تخفيض الإنتاج بمقدار مليون برميل إضافية خلال يوليو/تموز المقبل قابلة للتمديد، وهذا الرقم يُضاف إلى الخفض الطوعي الأول بمقدار 500 ألف برميل، وكذلك يُضاف إلى الخفض الرسمي المعلن من أكتوبر/تشرين الأول (2022)".
خفض الإنتاج وأسعار النفط
أوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، أن انخفاض الأسعار رغم قرار أوبك ليس مهمًا؛ لأنه لولا الخفض السعودي الطوعي لإنتاج النفط لكانت الأسعار أقل بحدود 4 إلى 5 دولارات، وربما أكثر من ذلك.
ومن ثم -وفق الحجي- كان هناك أثر فعلي في السوق، ولكن فهم الناس لموضوع الأسعار هو أنها يجب أن ترتفع، ومن ثم نقيس الأسعار مقارنةً بالساعة الماضية أو بأمس، وهذا التفكير خطأ؛ إذ إن التفكير يجب أن يكون مقارنةً بحالة لو لم تتخذ المملكة قرارًا بالتخفيض على الإطلاق، فأين ستكون الأسعار؟
وأضاف: "بالنسبة للتوقعات بشكل عام؛ فإن من أراد ارتفاع الأسعار كان يتوقع أن تخفض أوبك وليس السعودية الإنتاج، وهذا كان خيارًا مرفوضًا من وجهة نظرنا، وأحد أسباب الرفض أنه لا يمكن أن تقوم بتخفيض فعلي، بينما هناك بين الخيارات خفض طوعي، فلا يمكن الجمع بينهما".
وأشار إلى إمكان تحويل الخفض الطوعي إلى تخفيض فعلي والاتفاق عليه بشكل رسمي، ليمكن إضافة خفض إضافي رسمي إلى ذلك، وهناك من رأى وتوقع أن تقدم السعودية تخفيضًا إضافيًا مع بعض دول الخليج، ولكن الرؤية كانت مختلفة تمامًا.
وتابع: "بمعنى آخر، هم رأوا أن التخفيض متعلق بالأسعار، ورؤيتي -وأكرر كلمة رؤيتي وأنا أتكلم بشكل شخصي حتى لا تكون هناك أي حساسية في الكلام الذي أقوله- أن الخفض السعودي الطوعي لإنتاج النفط لا علاقة له بالطلب العالمي على النفط، ولا علاقة له بالأسعار".
ولفت إلى أن الأمر مرتبط بفكرة التعويض عن أن عدم قيام أوبك بأي شيء سيخفض الأسعار، مضيفًا: "الفكرة العامة كما يلي: أن السعودية تحديدًا كانت لديها مشكلات كثيرة مع الإعلام من جهة، ولا سيما الوسائل الإعلامية الـ3 التي مُنعت من دخول مبنى أوبك، بسبب التقارير الكاذبة التي نشرتها، ورغم تقديم المعلومات الصحيحة فإنها رفضت التصحيح، وبالطبع المنع كان من أوبك وليس من المملكة مباشرة".
المشكلة الأخرى أمام السعودية -بحسب الحجي- كانت مع المضاربين، وذلك لأسباب مختلفة؛ منها ما يتعلق بالأزمة البنكية في أميركا والرؤية المستقبلية المتعلقة بالركود الاقتصادي وغيرها؛ فهم يحاولون خفض الأسعار وجني الأرباح بشكل دائم، متابعًا: "بعبارة أخرى: بين وسائل الإعلام والمضاربين مَن يدير دفة السوق؛ لذلك جاء الخفض السعودي الطوعي لإنتاج النفط؛ للأخذ بزمام الأمور من هؤلاء".
ويوضح الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، حجم الخفض الطوعي في إنتاج النفط من جانب 9 دول ضمن تحالف أوبك+:
أهداف الخفض السعودي
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الخفض السعودي الطوعي لإنتاج النفط جاء بشكل أساسي بهدف طرد المضاربين وتحييد وسائل الإعلام والأخذ بزمام الأمور في أسواق النفط، وهناك أدلة كثيرة على ذلك.
وأضاف: "أهم شيء أنه إذا نظرنا إلى توقعات أوبك نفسها للطلب على النفط، نجدها تتوقع زيادة كبيرة في الطلب؛ لذلك لماذا تخفض دول أوبك الإنتاج والطلب سيصعد؟ الأمر الثاني أنه بالنسبة لدول أوبك إذا خفضت الإنتاج أول شيء ستحرق أوراق أوبك باعتبارها مركزًا للبحوث".
ويوضح الجدول التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، توقعات الطلب على النفط من جانب أوبك ووكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الأميركية في 2023:
وأوضح أنه إذا ارتفعت الأسعار بشكل كبير ستتدخل الصين بقوة، من خلال استخدام المخزون الإستراتيجي، تمامًا كما فعلت خلال السنوات الماضية، وتمنع الأسعار من الارتفاع؛ فلم يكُن من المنطقي أن تخفض دول أوبك الإنتاج لهذا السبب؛ لأنه ليس هناك هبوط في الطلب على النفط واضح حتى الآن.
وأشار إلى أن هناك مشكلة مع أوبك ومشكلة مع الصين، ولكن المملكة لديها مشكلة فيما يتعلق بإدارة السوق؛ إذ تريد أخذ البادرة من الإعلام والمضاربين؛ لذلك قررت تطبيق الخفض السعودي الطوعي لإنتاج النفط لمدة شهر، وهذا لا يتعارض مع توقعات أوبك؛ لأن الأمر لا يتعلق بالطلب على النفط، وإنما بإدارة السوق، الإدارة فقط.
وتابع: "من ناحية أخرى -وهذا تفسير شخصي وقد يكون خطأً- هناك إشكالية في موضوع الإنتاج الروسي، ذكرها وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، في مقابلته مع "سي إن بي سي"، وهي أنه من الواضح أن موسكو -وهذا كلام لم يُقَل بهذه الطريقة ولكني أستطيع قوله لأنني مستقل ولا علاقة لي بالوزارتين- قدمت أرقامًا إلى أوبك والمملكة غير حقيقية، والسعوديون لم يصدقوا الأرقام الروسية".
لذلك -وفق الحجي- كان الكلام واضحًا: نحن نريد شفافية، والأرقام التي أعطيتمونا إياها غير مقبولة، والواضح أنكم تزيدون الإنتاج ولم تلتزموا بخفض الإنتاج الذي التزم به الجميع، لافتًا إلى أن هناك تفسيرًا آخر لموضوع الخفض السعودي الطوعي لإنتاج النفط بمقدار مليون برميل في يوليو/تموز، وهو أن المملكة ركّزت على رقم 9 ملايين بشكل كبير، وهو إشارة إلى الروس بأن عليهم خفض إنتاجهم إلى 9 ملايين أيضًا.
موضوعات متعلقة..
- توقعات سهم أرامكو بعد الخفض السعودي.. هل يصل إلى 36 ريالًا؟
- امتثال قياسي لـ أوبك+ في فبراير بفضل الخفض السعودي
- الخفض السعودي يهبط بإنتاج أوبك 647 ألف برميل يوميًا خلال فبراير
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: وكالة الطاقة الدولية تدعم المصادر المتجددة على حساب غيرها
- قائمة مصدري الغاز المسال الروسي إلى إسبانيا.. 5 شركات تمد أوروبا بوقود موسكو
- خريطة طريق الهيدروجين النظيف في أميركا.. 9 معلومات رئيسة (إنفوغرافيك)