هل استفادت أسواق الطاقة الأوروبية من التدخل الحكومي لتخفيف الأزمة؟ (تقرير)
لا ينصح باستمرار التدابير الحكومية
وحدة أبجاث الطاقة - رجب عز الدين
- التدخل الحكومي أسهم في تخفيف ضغوط أسواق الطاقة الأوروبية
- أسعار الغاز والكهرباء انخفضت بصورة حادة منذ بداية 2023
- الطلب على الكهرباء في أوروبا يتراجع 3% خلال العام الماضي
- المفوضية الأوروبية لا تنصح بتمديد الإجراءات الطارئة رغم مزاياها الأخيرة
تعرّض تدخُّل الحكومات في أسواق الطاقة الأوروبية خلال العام الماضي (2022) لانتقادات من جانب شركات الكهرباء والغاز الراغبة في تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب مستفيدةً من الأزمة، إلّا أن قادة الاتحاد الأوروبي استجابوا لضغوط شعبية واسعة للتدخل في الأسواق المنفلتة بعد اشتعال أسعار الغاز الطبيعي في أعقاب غزو أوكرانيا وانقطاع الغاز الروسي عن القارة العجوز.
وأظهر تقرير تحليلي حديث صادر عن المفوضية الأوروبية نجاح الإجراءات المؤقتة والطارئة التي اتخذتها الحكومات لضبط سوق الطاقة نهاية عام 2022، في تخفيف حدّة الأزمة وخفض أسعار الغاز والكهرباء على مستوى دول الاتحاد منذ بداية 2023.
وتدخلت الحكومات في أسواق الطاقة الأوروبية نهاية العام الماضي عبر تدابير طارئة، شملت خفض الطلب على الكهرباء، وفرض حدّ أقصى للإيرادات الهامشية المحققة من توليد الكهرباء، وتحديد أسعار البيع بالتجزئة.
وأسهمت هذه الإجراءات -إلى جانب مقترحات الطوارئ الأخرى التي تبنّتها الدول الأعضاء في الكتلة- في تهدئة أسواق الطاقة الأوروبية منذ أواخر عام 2022 حتى الآن، وفق التقرير، الذي تابعت تفاصيله وحدة أبحاث الطاقة.
انخفاض أسعار الغاز بنسبة 70%
شهدت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا انخفاضات متتالية تجاوزت نسبتها 70% منذ بداية 2023، كما سجلت في شهر مايو/أيار 2023 أدنى مستوياتها منذ 23 شهرًا.
وهبطت أسعار العقود الآجلة ببورصة العقود الآجلة بالدنمارك في 28 مايو/أيار 2023 إلى أدني مستوياتها منذ منتصف 2021، لتسجل 25 يورو (23.4 دولارًا) لكل كيلوواط/ساعة، وفقًا لوكالة بلومبرغ.
ويستعرض الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- تطورات أسعار الغاز حول العالم خلال 3 سنوات:
ويعدّ هذا الانخفاض قياسيًا مقارنة بالذروة القياسية التي سجلتها أسعار الغاز في أوروبا خلال شهر أغسطس/آب 2022، إذ وصل سعر العقود الآجلة بمؤشر "تي تي إف" الهولندي إلى 342 يورو (356.5 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة (356.5 دولارًا)، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
(اليورو = 1.07 دولارًا أميركيًا).
وأسهمت عوامل عدّة في هذا الانخفاض القياسي لأسعار الغاز والكهرباء في الاتحاد الأوروبي، أبرزها زيادة واردات الغاز المسال وارتفاع مستوي المخزونات في أغلب الدول الأوروبية إلى جانب الطقس المعتدل.
كما أسهمت زيادة معدلات توليد الكهرباء من المصادر المتجددة مع عودة محطات الفحم للخدمة وتنشيط الطاقة النووية -إلى جانب إجراءات التدخل الحكومي في أسواق الطاقة الأوروبية- في تخفيف حدّة الطلب على الغاز الطبيعي منذ الأشهر الأولى لعام 2023.
انخفاض أسعار الكهرباء أقل من 80 يورو
نتيجة للعوامل سالفة الذكر مجتمعة، انخفضت أسعار الكهرباء إلى أقلّ من 80 يورو (85.6 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة، كما استقرت أسعار الغاز عند مستويات مطمئنة يُستبعد ارتدادها مرة أخرى إلى مستويات 2022 خلال الشتاء المقبل، وفقًا لتقديرات المفوضية الأوروبية.
ورغم الآثار الإيجابية، نصحت المفوضية الأوروبية بعدم إطالة أمد التدابير الحكومية الطارئة في أسواق الطاقة الأوروبية، كما أكدت أنها لن تقترح أيّ إجراءات من شأنها مَدّ التدابير الاستثنائية لمدة أطول.
على الجانب الآخر، تبنّت المفوضية بعض التدابير الطارئة التي طُرحت العام الماضي، ضمن تعديلات هيكلية مقترحة لإصلاح أسواق الكهرباء الأوروبية على المدى الطويل، وفقًا لمقترحات قدّمتها المفوضية في مارس/آذار 2023.
ورصد تقرير المفوضية -المقدّم للبرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي- نتائج إيجابية في تنفيذ دول الاتحاد لتدابير خفض الطلب على الكهرباء، عبر حملات التوعية والإجراءات المستهدفة لترشيد استهلاك الكهرباء.
تراجع الطلب الأوروبي بنسبة 3%
أعلنت دول الاتحاد الأوروبي التزامها بهدف خفض استهلاك الكهرباء بنسبة 5% خلال ساعات الذروة، فضلًا عن خفض طوعي بنسبة 10% خلال المدّة من 1 ديسمبر/كانون الأول 2022 إلى 31 مارس/آذار 2023، وهي خطوة مهمة أسهمت في تخفيف الضغط بأسواق الطاقة الأوروبية.
وأثنت المفوضية على درجة استجابة الدول الأوروبية لخطّة الترشيد، كما طرحت بعض المحاور الهيكلية المقترحة لإعادة تصميم أسواق الكهرباء الأوروبية استنادًا إلى بعض الدروس المستفادة من تدابير الأزمة.
وانخفض الطلب الأوروبي على الكهرباء بنسبة 3% خلال العام الماضي، خلافًا لكل أنحاء العالم التي شهدت زيادة في الطلب بنسبة 2%؛ ما جعل أوروبا المنطقة الرئيسة الوحيدة التي شهدت هذا الانخفاض الملحوظ في عام 2022، وفقًا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية.
ولم تشهد أوروبا انخفاض الطلب على الكهرباء إلى هذا الحدّ إلّا مرتين، إحداهما عام 2009، في أعقاب الأزمة المالية العالمية، والثانية في ذروة إغلاق كورونا عام 2020، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
دعم أسعار الطاقة للمنازل والشركات الصغيرة
أمّا بالنسبة لإجراء فرض حدّ أقصى على الإيرادات الهامشية المحققة من توليد الكهرباء، فقد تباين تنفيذه من حيث مستوى الحدّ الأقصى والنطاق الزمني من دولة إلى أخرى، حسب مزيج الطاقة ومدى الدعم المقدّم للتقنيات المتجددة.
وكانت المفوضية قد أقرّت حدًا أقصى لأسعار الكهرباء عند 180 يورو (192.6 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة، لتحجيم الإيرادات الزائدة لدى الشركات، والاستفادة منها في دعم الأسر والشركات الصغيرة.
وأشار تقرير المفوضية إلى أن الاستقرار المتزايد في أسواق الطاقة الأوروبية يعني أن الأسعار قد انخفضت بصورة مطّردة إلى ما دون مستوى سقف الإيرادات.
كما سلّط التقرير الضوء على استفادة 12 دولة أوروبية من إمكان توسيع نطاق تنظيم أسعار التجزئة في أوقات الأزمات للشركات الصغيرة والمتوسطة.
ووضعت 7 دول أوروبية تنظيمًا خاصًا لأسعار الطاقة بالنسبة للأسر خلال الأزمة الحالية، لتنضم إلى 11 دولة أوروبية أخرى تطبّق هذا النوع من دعم الأسعار للأسر قبل اندلاع الأزمة.
وأبلغت 4 دول بإدخال قواعد تنظيمية لدعم أسعار التجزئة للشركات الصغيرة والمتوسطة، كما أبلغت دولتان عن خطط لتعويض هذه الشركات، في حين كشفت دول أخرى كثيرة خططًا لتحديد الأسعار أو التعويض المباشر وغير المباشر للمستهلكين النهائيين، استنادًا إلى سقوف الاستهلاك.
موضوعات متعلقة..
- مقترحات لتعديل سوق الكهرباء في أوروبا.. هل تنجح في الحد من ارتفاع الأسعار؟
- شركات المرافق الأوروبية تضخ نصف استثماراتها في الطاقة المتجددة خلال 2023 (تقرير)
- أوروبا تعيد النظر في تسعير الطاقة المتجددة وسط خلافات مع المتربحين من الأزمة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- هل تؤثر تخفيضات إنتاج النفط السعودي في الإمدادات لآسيا؟ تقرير يجيب
- تطوير بطاريات السيارات الكهربائية بتقنيات تخفض فاقد الطاقة (خاص)
- شحنة غاز مسال مصرية في عرض البحر منذ 20 يومًا.. ما القصة؟