رئيسيةتقارير الكهرباءكهرباء

هل ارتفع استهلاك الفحم في أوروبا خلال 2022؟.. تقرير يرصد نتائج غير متوقعة

الطاقة المتجددة أحدثت التوازن

عمرو عز الدين

أظهرت بيانات مجمّعة عن استهلاك الفحم في أوروبا نتائج صادمة للتوقعات السلبية، التي رجحت معدلات أكبر مع توالي الأخبار المتداولة عن عودة البلاد الأوروبية إلى الفحم واحدة تلو الأخرى بسبب الحرب الأوكرانية.

وكشفت بيانات تحليلية حديثة عن تفوّق الطاقة المتجددة على الفحم في سد فجوة الكهرباء الناتجة عن انقطاع الغاز الروسي خلال العام الماضي، وفقًا لمركز إمبر المتخصص في تحليل أسواق الطاقة (ember).

وخفّضت روسيا -أكبر مورّد سابق للغاز في أوروبا- إمداداتها إلى الاتحاد الأوروبي تدريجيًا منذ بدء الحرب على أوكرانيا (فبراير/شباط 2022)، في إطار تبادل العقوبات بين بروكسل وموسكو.

وانقطعت إمدادات الغاز الروسي بصورة شبه كاملة عبر خط نورد ستريم، منذ تعرضه لانفجارات مجهولة المصدر نهاية سبتمبر/أيلول (2022).

أعلى مستوى منذ 4 سنوات

أدّى انقطاع الغاز الروسي عن القارة العجوز إلى حالة ارتباك في 27 دولة مكونة للاتحاد الأوروبي، بسبب نقص الإمدادات واشتعال أسعار الغاز أضعافًا مضاعفة.

نتيجة لذلك، ارتفع استهلاك الفحم في أوروبا لتوليد الكهرباء بنسبة 1.5%، لتنمو حصته في مزيج الكهرباء الأوروبي إلى 16% خلال عام 2022.

ويُعد استهلاك الفحم في أوروبا خلال العام الماضي الأعلى منذ عام 2018، أي منذ 4 سنوات تقريبًا، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وارتفع توليد الكهرباء من الفحم في الاتحاد الأوروبي إلى 28 تيراواط/ساعة عام 2022، بنسبة نمو 7% عن العام السابق 2021.

زيادة انبعاثات القطاع 4%

أسهم ذلك في زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاع الكهرباء بنسبة 4% تقريبًا، لكن رغم ذلك ما تزال نسب الاستهلاك أقل بكثير من توقعات خبراء الطاقة المتابعين لعودة أوروبا إلى الفحم خلال العام الأول من الحرب الأوكرانية التي ما زالت ممتدة حتى الآن.

ويقول مركز إمبر، إن العودة إلى الوقود الأحفوري الأكثر تلويثًا كانت مرشحة لمستويات أسوأ بكثير، لولا مشروعات الطاقة المتجددة التي أسهمت في سد فجوة الكهرباء بصورة أكبر على مستوى أوروبا المأزومة.

واستحوذت مشروعات طاقة الرياح والطاقة الشمسية على 22% من إنتاج الكهرباء في أوروبا عام 2022، يليها قطاعا الطاقة الكهرومائية والنووية بنسبة 32%، في حين أسهم الغاز بنسبة 20%.

الطاقة المتجددة تروّض الفحم

استهلاك الفحم في أوروبا
إنتاج الفحم في أوروبا - الصورة من رويترز

ساعدت زيادة التوليد المتسارعة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية على ترويض استهلاك الفحم في أوروبا خلال العام الماضي، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل انخفاض استهلاك الطاقة وارتفاع الأسعار وظروف الطقس المعتدل قبل دخول الشتاء.

وارتفع توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الاتحاد الأوروبي بمعدل قياسي بلغ 24%، أو ما يعادل 39 تيراواط/ساعة خلال العام الماضي.

وأسهم ذلك في سد فجوة أزمة المعروض من الكهرباء بعد تعطل المحطات النووية الفرنسية للصيانة، وتداعيات موجات الجفاف الناجم عن تغير المناخ، وما أدت إليه من خفض إنتاج الطاقة الكهرومائية.

ويتوقع رئيس قطاع تحليل البيانات في مركز إمبر، ديف جونز، ارتفاع استهلاك الفحم في أوروبا خلال عام 2023، بمعدلات أعلى من العام الماضي، في ظل استمرار الحرب الأوكرانية دون أمل في وقفها قريبًا، ما يرجح تفاقم أزمة الطاقة للعالم الثاني على التوالي.

الاتحاد يشدد على فطام الفحم

يؤكد الاتحاد الأوروبي أن أي زيادة في استهلاك الفحم ستكون قصيرة الأجل، كما يشدد على الدول الأعضاء ضرورة المسارعة إلى مشروعات الطاقة المتجددة لتعويض فجوة النقص الناتجة عن توقف إمدادات الغاز الروسي إلى القارة.

ويتخوف نشطاء البيئة والمناخ من عودة الاعتماد على الفحم في أوروبا، بالإضافة إلى توسع بعض الدول القيادية في البنية التحتية لاستيراد بدائل الغاز غير الروسي، مثل ألمانيا وهولندا.

ويخشى النشطاء تأخر خطط خفض الانبعاثات الأوروبية، لعقود إضافية من الزمن، بسبب الطلب المتزايد على الوقود الأحفوري في القارة الرائدة في مشروعات الطاقة المتجددة عالميًا.

وتتفاوض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على الأجل الزمني لخطة التحول إلى الطاقة المتجددة الطموحة لعام 2030، بما يشمل قطاعات النقل والصناعة وتوليد الكهرباء، وفقًا لوكالة رويترز.

على ماذا تتفاوض دول الاتحاد؟

استهلاك الفحم في أوروبا
شبكات كهرباء في أوروبا - الصورة من رويترز

يريد البرلمان الأوروبي إلزام الدول الأعضاء بالوصول إلى نسبة 45% من إنتاج الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، ويؤيد البرلمان في ذلك كلًا من ألمانيا والدنمارك وإسبانيا.

بينما تؤيد المجر ورومانيا هدفًا أقل بنسبة 5%، لاختلاف القدرات المالية والظروف الاقتصادية في بلدان أوروبا الشرقية، عن دول الغرب الأوروبي الأكثر ثراءً.

وبلغت نسبة إسهام قطاع الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء على مستوى الاتحاد الأوروبي قرابة 22% خلال عام 2021، وفقًا لبيانات شركة يوروستات المتخصصة.

وارتفع توليد الكهرباء من الفحم في أوروبا إلى 579 تيراواط/ساعة خلال عام 2021، مقارنة بـ470 تيراواط/ساعة عام 2020، وفقًا لبيانات متصلة صادرة عن شركة ريستاد إنرجي المتخصصة في أبحاث الطاقة.

وتتوقع مؤسسة وود ماكنزي استمرار ارتفاع استهلاك الفحم في أوروبا لتوليد الكهرباء حتى عام 2025، مع تراجعه خلال السنوات التالية حتى عام 2030.

وترجح المؤسسة الأميركية زيادة جاذبية مصادر الطاقة المتجددة على الجانب الآخر، وسط تقديرات بقدرة الطاقة الشمسية على إضافة 35 غيغاواط بحلول 2030.

بينما يتوقع قدرة طاقة الرياح على إضافة 15 غيغاواط من الكهرباء بحلول نهاية العقد الحالي، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويتزايد إقبال أصحاب المنازل والشركات على تركيب ألواح الطاقة الشمسية في أوروبا خلال السنوات الماضية بصورة متسارعة تتفوق على التوقعات والخطط الرسمية المرصودة للقطاع.

تجنيب الاتحاد 10.8 مليار دولار

سجلت مشروعات الطاقة الشمسية رقمًا قياسيًا خلال عام 2022، عبر إضافة 41.4 غيغاواط جديدة بنسبة نمو 47% عن عام 2021.

ويُضاف هذا الرقم إلى نظيره القياسي المسجل خلال عام 2021، عبر إضافة 10 غيغاواط جديدة، وفقًا لشركة سولار باور يورب (إس بي إي) المتخصصة.

وبلغ توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية قرابة 39 تيراواط/ساعة خلال 2022، ما أسهم في تجنيب أوروبا تكلفة تصل إلى 10 مليارات يورو (10.8 مليار دولار) في حالة شراء كميات غاز بديلة، وفقًا لحسابات مركز إمبر المتخصص.

(اليورو = 1.09 دولارًا أميركيًا)

واحتلت ألمانيا -أكبر اقتصاد في دول الاتحاد- المركز الأول أوروبيًا من حيث معدلات تركيب أنظمة الطاقة الشمسية الجديدة خلال عام 2022، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

طاقة الرياح تلحق بالأرقام القياسية

شهدت مشروعات طاقة الرياح هي الأخرى نموًا متسارعًا على مستوى الاتحاد الأوروبي منذ عامين، وأظهرت بيانات مجمعة حديثًا تسجيل القطاع ثاني أكبر رقم قياسي أسبوعي في تاريخه.

وارتفع معدل التوليد من مشروعات طاقة الرياح في أوروبا إلى 92.6 غيغاواط خلال الأسبوع المنتهي في 3 يناير/كانون الثاني 2023، وهو ثاني أعلى مستوى أسبوعي مسجل في تاريخ الصناعة، وفقًا لبيانات مؤسسة ويند يوروب المتخصصة.

وارتفع إنتاج الكهرباء من مشروعات طاقة الرياح في أوروبا إلى 454 تيرواط/ساعة خلال عام 2022، وهو أعلى مستوى في تاريخ القطاع على الإطلاق، ويعادل قرابة 86 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق