تجارب تخزين الهيدروجين في مناجم الفحم تبشر بنتائج ملهمة (تقرير)
الفحم لديه قدرة امتصاص عالية
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- الرهان على الهيدروجين لخلافة الوقود الأحفوري بحلول عام 2050
- تكاليف تخزين الهيدروجين ونقله ما زالت باهظة في جميع أنحاء العالم
- علماء في جامعة بنسلفانيا يبشّرون بنتائج مذهلة لاستعمال الفحم في تخزين الهيدروجين
- اختبار 8 أنواع من الفحم من مناجم الولايات المتحدة مع ترشيح نوعين
- نتائج الدراسة تبشّر بفرص اقتصادية هائلة للدول والمجتمعات التعدينية
تبشر تجارب تخزين الهيدروجين في مناجم الفحم بنتائج صادمة لتوقعات المهاجمين للمعدن الأسود والداعين إلى التخلّص منه سريعًا، بوصفه أكثر مصادر الوقود الأحفوري تلويثًا للبيئة، ما قد يسهم في تغيير نظرة المخططين على مستوى الدول والشركات للفحم بعد ظهور علامات تؤكد إمكان الاستعانة به في تحقيق خطط انتقال الطاقة وخفض الانبعاثات للوصول إلى الحياد الكربوني الذي يترقّبه العالم بحلول عام 2050.
وأجرت مجموعة من الباحثين في جامعة ولاية بنسلفانيا تجارب على تخزين الوقود الأخضر في مناجم الفحم والرواسب، وتوصلت إلى نتائج جيدة في هذا المجال، وفقًا لما نقلته وحدة أبحاث الطاقة عن موقع جامعة بنسلفانيا.
وتوصل العلماء المشاركون بتجربة تخزين الهيدروجين في مناجم الفحم إلى أن المعدن الموصوم بيئيًا، يمكنه أن يعمل كونه بطارية تخزين جيولوجية طبيعية للوقود الأخضر.
وتراهن المبادرات العالمية لانتقال الطاقة وخفض الانبعاثات على الهيدورجين بوصفه أقرب المرشحين لخلافة الوقود الأحفوري بحلول عام الحياد الكربوني المرتقب 2050، لكن تكاليف إنتاجه ونقله وتخزينه ما زالت باهظة، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
حل طبيعي لمعضلة تخزين الهيدروجين
من شأن النتائج التي وصل إليها علماء جامعة بنسلفانيا في تجربة تخزين الهيدروجين في مناجم الفحم، أن توفر حلًا خارج الصندوق لمعضلة تكاليف تخزين الوقود الأخضر في المستقبل.
ويمكن للتكوينات الجيولوجية لمناجم الفحم والرواسب أن تتسع لتخزين كميات كبيرة من الغاز لاستعمالها في توليد الكهرباء، وفقًا لأستاذ هندسة الطاقة والمعادن المشارك في التجربة، شيمن ليو.
ويقول ليو مستدلًا على التجربة: "الفحم مدروس جيدًا، وتجارب إنتاج الغاز منه على المستوى التجاري مستمرة بنجاح منذ نصف قرن، ولهذا السبب نعتقد أن البنية التحتية لمناجم الفحم ستكون المكان المنطقي لتخزين الهيدروجين بصورة طبيعية في المستقبل".
وشارك ليو مع زملاء جامعة بنسلفانيا في تحليل 8 أنواع من الفحم على مستوى مناجم الولايات المتحدة بهدف فهم درجة قابليتها للامتصاص والتطاير إلى جانب مدى قدرتها على الاختزان.
اختبار 8 أنواع من الفحم
أظهرت أنواع الفحم الـ8 قدرة فائقة على امتصاص الهيدروجين، إلّا أن فحم مناجم شرق ولاية بنسلفانيا حقّق أفضل أداء في الاختبارات المجمعة، إلى جانب فحم شرق ولاية فيرجينيا الذي يتمتع بقدرة منخفضة للتطاير.
ويعتقد ليو -بعد هذه النتائج- أن الفحم سيكون الاختيار العلمي الأقرب لتخزين الهيدروجين بصورة طبيعية في المستقبل، نظرًا لما يتمتع به من قدرة امتصاصية وتخزينية عالية، مقارنة بغيره من المواد الأخرى التي تجري تجربتها في العالم.
ويوضح الرسم الآتي، من إعداد وحدة أبحاث الطاقة، طرق إنتاج الهيدروجين حول العالم مع تمييزها بألوان مجازية:
ويتميز الفحم بامتلاكه بنية تحتية قائمة، إلى جانب توافره على نطاق واسع بالقرب من المناطق المأهولة بالسكان في جميع أنحاء الولايات المتحدة والعالم، ما قد يسهّل مهمته على مستوى التخزين والنقل، وهما معضلتان تواجهان مبادرات نشر الهيدروجين على مستوى العالم في الوقت الحالي.
ويراهن فريق الباحثين على خزّانات الميثان المستنفدة من الفحم الحجري لاستيعاب كميات ضخمة من الهيدروجين، إذ تحتوي طبقات هذه الخزانات على غازات طبيعية مثل غاز الميثان الذي يلتصق بسطح الفحم في عملية كيميائية تسمي "الامتزاز".
ويرشح الفريق الفحم الصلب وشبه الصلب للقيام بهذه المهمة، إلى جانب الفحم القاري منخفض التطاير، وفقًا لتفاصيل التجربة التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
الفحم مثل الإسفنج وليس صخرة فحسب
تستند تجربة تخزين الهيدروجين في مناجم الفحم إلى وجود طبقة من الحجر الطيني في تكوينات طبقات الفحم، ما سيؤدي إلى منع تسرب الهيدروجين أو تطايره بعد حقنه في التكوينات الجيولوجية المترسبة.
وتضمن هذه الطريقة إغلاقًا طبيعيًا محكمًا على الهيدروجين، ما قد يساعد على تخزينه بكميات كبيرة ولمدد طويلة بصورة آمنة إلى حين الاحتياج إليه مرة أخرى في الاستهلاك.
وتصطدم هذه النتائج بما يشيع في أذهان غالبية الناس حول الفحم بوصفه حجرًا أو صخرًا وفقًا لظاهره المحسوس، إلّا أن حقيقته العلمية أقرب لمادة البوليمر، نظرًا لما يحتويه من نسبة عالية من الكربون مع كثير من المسام الصغيرة التي يمكنها تخزين الكثير من الغاز، وفقًا لأستاذ هندسة الطاقة والمعادن بجامعة بنسلفانيا شيمين ليو.
وحاول ليو تقريب الصورة إلى أذهان عامة الناس عبر تشبيه الفحم بالإسفنج القادر على امتصاص جزئيات الهيدروجين بصورة كبيرة، مقارنة بالمواد الأخرى غير الكربونية.
ويتّسم الفحم بتقارب أضعف مع الهيدروجين مقارنة بغازات الامتصاص الأخرى مثل الميثان وثاني أكسيد الكربون، ما دفع العلماء إلى تصميم معدّات جديدة لاختبار مدى قدرته التخزينية، رغم كونها عملية معقدة.
ويقول ليو: "لقد قمنا بتصميم مبتكر وصعب للغاية، واستغرق الأمر منّا سنوات لمعرفة الكيفية الصحيحة لاختبار هذه الجزئية، لكننا استفدنا من خبرتنا السابقة مع أنواع الفحم".
نتائج مبشرة لمجتمعات التعدين
تبشّر تجارب تخزين الهيدروجين في مناجم الفحم بفرص اقتصادية جديدة لمجتمعات تعدين الفحم الراغبة في الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة بصورة سلسلة لا تصطدم بالفحم بصورة إقصائية حادة، بل تستفيد منه بصورة أو بأخرى في تخزين الوقود الأخضر دون الحاجة لخبرات فنية عالية، إذ تكفي خبرات مهندسي الطاقة المحليين في قطاع المناجم للقيام بذلك، وفقًا لموقع إنترستينغ إنجينيرنغ المتخصص (Interesting Engineering).
ويوضح الرسم التالي، من إعداد وحدة أبحاث الطاقة، خريطة أكثر 10 دول إنتاجًا للفحم في العالم:
وتواجه الدول والمجتمعات -المعتمدة على الفحم لأغراض محلية أو تصديرية- معضلة مركبة في التحول إلى الطاقة المتجددة مع مخاوف من التأثيرات الاقتصادية الحادة، ما يجعل مسيرتها للتحول حذرة وبطيئة.
ويعتقد فريق الباحثين في ولاية بنسلفانيا أن نتائج تجارب تخزين الهيدروجين في مناجم الفحم يمكنها أن تمنح قطاع المناجم في الدول المنتجة بأميركا الشمالية واللاتينية وأفريقيا وآسيا وأستراليا، أملًا في تغيير نظرة صنّاع القرار البيئي والمخططين لتحول هذه البلاد إلى الطاقة المتجددة، مع إمكان تعظيم الفرصة الاقتصادية والبيئية كلتيهما معًا دون تصادم إقصائي كبير.
موضوعات متعلقة..
- حرق الأمونيا مع الفحم يزيد الانبعاثات خلافًا لما تروجه اليابان (تقرير)
- مجموعة الـ7 تواجه انتقادات من منظمات دينية دولية لفشلها في وقف الفحم
- إنتاج الهيدروجين من الفحم الأسترالي يتلقى دعمًا يابانيًا بـ1.6 مليار دولار
- محطات الكهرباء العاملة بالفحم في بريطانيا تتحول إلى مشروعات حيادية الكربون
اقرأ أيضًا..
- أسعار الوقود في نيجيريا تقفز 400% بعد ساعات من فوز الرئيس
- الطلب العالمي على توربينات الرياح يسجل رقمًا قياسيًا بقيادة الصين (تقرير)
- رواسب يورانيوم عمرها أكثر من 1.5 مليار سنة.. أسرارها تحيّر العلماء (صور)