التنقيب عن النفط والغاز في أميركا يشهد هبوطًا حادًّا.. خبراء يكشفون الأسباب
محمد عبد السند
- تشهد أنشطة التنقيب عن النفط والغاز في أميركا انخفاضًا في الوقت الحالي
- تعوّل العديد من شركات الطاقة على بناء محطات لتصدير الغاز المسال
- مع انخفاض أنشطة الحفر بدأ نمو الإنتاج يسلك مسارًا هبوطيًا
- تزايد صفقات الاستحواذ على شركات النفط الصخري في أميركا
- تراهن شركات عديدة على الغاز الطبيغي المسال
تشهد أنشطة التنقيب عن النفط والغاز في أميركا هبوطًا حادًا خلال المدة الحالية، متأثرة بمزيج من العوامل، في مقدمتها عدم اليقين الذي يغلف الاقتصاد العالمي، وانخفاض عدد الحفارات، بجانب الاستحواذ على عدد من الشركات الخاصة التي كانت تمثل محركًا للنمو في القطاعين الحيويين.
ودفع هذا العديد من شركات الطاقة إلى التعويل على بناء محطات لتصدير الغاز المسال، بوصفه سلعة تصديرية واعدة للمنتجين.
وبدافع من تلك الظروف، تستعد شركة المزادات الشهيرة كروز أسيت مانجمنت -ومقرها ولاية تكساس الأميركية- لطرح حفارتين غير مستعملتين في الأسبوع المقبل، حسبما ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
وتُطرح الحفارتان ذواتا الهياكل المرتفعة، والمصممتان لحفر آبار النفط والغاز، للبيع بأسعار باهظة.
وسيصل السعر المبدئي لحفارتي النفط والغاز إلى 12.9 مليون دولار أميركي و2.3 مليون دولار أميركي على الترتيب، علمًا بأن التقييم السعري للوحدتين بلغ 40 مليون دولار أميركي و30 مليون دولار أميركي عند بنائهما في عام 2019.
وقال الرئيس التنفيذي لـ"كروز أسيت مانجمنت"، دان كروز -الذي يعمل في مجال بيع معدات الحفر منذ 40 عامًا-: "لا يوجد سبب لبيع الحفارتين بسعر منخفض، لكن ليس هناك طلب -أيضًا-".
ويمثّل المعروض الزائد من معدات الحفر علامة واضحة على أن أنشطة الحفر في مناطق الطاقة الصخرية مستقرة، في حين يتجاوب المنتجون مع أسعار السلعة المنخفضة، والضغوط الآتية من وول ستريت، لتوجيه السيولة الفائضة إلى المساهمين.
هبوط عدد المنصات
بعد أن قفزت ببطء منذ ذروة جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، هبطت أعداد منصات النفط والغاز الطبيعي العاملة في الولايات المتحدة الأميركية بنسبة 6%، منذ بداية العام الجاري (2023) إلى 731 وحدة في الأسبوع الماضي، ما قاد بدوره إلى تراجع أنشطة التنقيب عن النفط والغاز في أميركا، بحسب ما أعلنته شركة "بيكر هيوز" رائدة خدمات حقول النفط، وتابعته منصة الطاقة المتخصصة.
وبلغ عدد منصات النفط والغاز الطبيعي قرابة ألفين، في أواسط عام 2014، حينما بلغت ثورة النفط الصخري ذروتها.
وفي الأسبوع الماضي، هبط عدد منصات الغاز بواقع 16% أو 10%، مسجلاً أسوأ انخفاض أسبوعي منذ عام 2016.
ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- عدد حفارات النفط في الولايات المتحدة الأميركية، خلال المدة من 2019 إلى 2023:
وذكر الرئيس التنفيذي لشركة بيانات الطاقة برايمري فيجن، مات جونسون: "يتنامى إدراك المشغلين -الآن- بأكثر من أي وقت مضى".
وأوضح جونسون أن المنتجين الذين حققوا مكاسب من أنشطة التنقيب عن النفط والغاز في أميركا العام الماضي (2022) كانوا يراقبون أسعار النفط من كثب قبل استئجار أطقم حفر جديدة".
وأضاف: "الاقتصاد بوجه عام ما يزال في حالة عدم يقين، والمشاركون في مراحل التنقيب والحفر واستخراج النفط أو الغاز يُدركون ذلك تمامًا".
استحواذات بالجملة
جرى الاستحواذ على مزيد من الشركات الخاصة التي مثّلت حصة كبيرة من الزيادة المتواضعة في أنشطة التنقيب عن النفط الصخري في العام الماضي (2022)، من قبل شركات عامة غنية، تخضع لعمليات تدقيق كبيرة بشأن إعادة الأموال النقدية إلى المساهمين.
وفي هذا الصدد قال المحلل في مؤسسة "وود ماكنزي" الاستشارية العالمية ناثان نيميث: "كانت الشركات الخاصة محركًا للنمو".
وأضاف نيميث: "الآن هذه الشركات الخاصة جرى الاستحواذ عليها، وأضحى تباطؤ النمو هو السائد".
ومؤخرًا استحوذت شركة ماتادور ريسورسيز، المدرجة في بورصة نيويورك على شركة أدفانسيد إنرجي المدعومة من قبل شركة الأسهم الخاصة بريميان، في صفقة بلغ قوامها 1.6 مليار دولار.
كما استحوذت شركة أوفينيتي العامة على أصول تابعة لشركة "إنكاب إنفيستمنتس" بقيمة 4.3 مليار دولار في شهر أبريل/نيسان (2022).
ويتأهب إنتاج النفط الخام والغاز الجاف في الولايات المتحدة الأميركية لتسجيل مستويات قياسية جديدة خلال العام الجاري (2023)، وفق بيانات صادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
والغاز الجاف هو الغاز الذي يتألف أساسًا من غاز الميثان، بالإضافة إلى المواد الهيدروكربونية مثل البوتان والإيثان والنافثا والبروبان.
هبوط الإنتاج النفطي
مع انخفاض أنشطة الحفر، بدأ النمو يسلك مسارًا هبوطيًا.
وقفز إنتاج النفط في الولايات المتحدة الأميركية بأكثر من مليون برميل يوميًا على أساس سنوي خلال المدة بين عامي 2012 و2014، مع وصول الإنتاج لذروته عند 13 مليون برميل يوميًا في شهر نوفمبر/تشرين الثاني (2019).
وخفّض المحللون التوقعات على وقع تصريحات إدارة معلومات الطاقة الأميركية بشأن زيادة الإنتاج بواقع 200 ألف برميل يوميًا فقط خلال الشهور الـ12 المقبلة، إلى 12.6 مليون برميل يوميًا.
ويبيّن الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة الأميركية خلال المدة من 2019 إلى 2022:
وشهدت إنتاجية آبار النفط تحسنًا في السنوات الأخيرة، في حين عززت الشركات مهاراتها في استغلال موارد النفط الصخري.
غير أن الإنتاج النفطي بدأ يتراجع في بعض المناطق التي كانت غزيرة الإنتاج في السابق، مثل النفط الصخري في حقل باكن في ولاية داكوتا الشمالية، إذ قفز الإنتاج النفطي الجديد لكل منصة، من أعلى قليلًا من 100 برميل يوميًا في عام 2007 إلى أكثر من 2700 برميل يوميًا في عام 2020.
لكن الإنتاج النفطي انخفض منذ ذلك الحين إلى أقل من 1700 برميل يومًيا، وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة.
هبوط أنشطة الحفر
قاد التراجع في أسعار الطاقة إلى انخفاض أنشطة التنقيب عن النفط والغاز في أميركا. واستقرت أسعار النفط عند أقل من 71 دولارًا خلال تعاملات أمس الثلاثاء 16 مايو/أيار (2013)، بانخفاض يربو على 40% منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط (2022)، والذي قاد أسعار الطاقة إلى الصعود لأعلى من 120 دولارًا في عام 2022.
ونزلت أسعار الغاز القياسية في الولايات المتحدة الأميركية بنحو الثلثين خلال المدة ذاتها، لتستقر أعلى قليلًا من دولارين لكل وحدة حرارية بريطانية.
وذكرت شركات إنتاج غاز مُدرجة في البورصة -من بينها تشيسابيك إنرجي، وكومستوك ريسيورسيز، بجانب مجموعة من الشركات الخاصة- أنها بصدد تقليص أنشطة الحفر في الولايات المتحدة الأميركية، وتحديدًا من حوض هاينزفيل الصخري الذي يمتد من شمال شرق تكساس إلى شمال غرب لويزيانا.
ويُعد حوض هاينزفيل الصخري ثالث أكثر الأحواض الصخرية إنتاجًا للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة الأميركية.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة نابورز إنداستريز المتخصصة في أنشطة مقاولات الحفر أنتوني بيتريللو: "منذ نهاية شهر مارس/آذار (2023)، ضغط الكثير من شركات الغاز على زر التوقف".
ومثل منافساتها، سعت نابورز إلى نقل منصاتها من أحواض تركز على الغاز إلى أخرى تركز على النفط، مثل حوض نفط برميان غزير الإنتاج في غرب ولاية تكساس ونيو مكسيكو.
وفي السياق ذاته ذكرت شركة بريسيجن دريلينغ المنافسة أنها تعتزم نقل منصاتها شمالًا إلى الحدود المتاخمة لكندا.
الغاز المسال.. فرص وتحديات
يراهن العديد من شركات التنقيب عن الغاز على بناء محطات جديدة لتصدير الغاز الطبيعي المسال، الذي يُعد منفذ مبيعات واعدًا لمنتجي الغاز المحليين في أميركا.
لكن تلك المشروعات تستغرق سنوات لتدخل حيز التشغيل، ولا توجد هناك جداول زمنية لبدء تشغيل مشروعات جديدة حتى أواخر عام 2024.
ويرى الرئيس التنفيذي لـ"كروز أسيت مانجمنت"، دان كروز، أن تلك الجداول الزمنية لتشغيل مشروعات الغاز المسال متأخرة جدًا، مشيرًا إلى أنه يتطلع -حاليًا- إلى ما وراء السوق الأميركية الهشة -على حد قوله- عبر البحث عن مشترين في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط.
موضوعات متعلقة..
- التنقيب عن النفط والغاز في العراق ينتعش بجولة تراخيص تتضمن 13 حقلًا
- ارتفاع عدد حفارات النفط والغاز في 5 دول عربية خلال أبريل
- استقرار عدد حفارات النفط في أميركا عند 574 حفارة
اقرأ أيضًا..
- أوابك تكشف أبرز مشروعات الهيدروجين العربية وقائمة الكبار
- ممر جديد ينافس قناة السويس باتفاق روسي إيراني (صور)
- أكبر الدول المصدرة للغاز المسال.. أميركا في المقدمة وقطر ثانية (4 رسومات بيانية)