صادرات النفط الروسي تسجل مستويات قياسية.. والمغرب وجهة رئيسة
سجلت مستويات قياسية في الأسبوع الأخير من أبريل
ياسر نصر
تواصل صادرات النفط الروسي تدفّقها إلى العديد من الأسواق متجاوزةً العقبات التي وضعها الغرب للحدّ من إيرادات موسكو من قطاع الطاقة، ردًا على غزو أوكرانيا.
وفي الوقت الذي تُظهر فيه البيانات زيادة كبيرة بعدد الآبار المتوقفة عن العمل في مارس/آذار، فإن موسكو سجلت أرقامًا قياسية لصادرات النفط المنقولة بحرًا خلال أبريل/نيسان الماضي، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
المفارقة بين عدد الآبار المتوقفة وزيادة صادرات النفط الروسي تضيف عنصرًا متناقضًا إلى الصورة الغامضة لأوضاع القطاع الأهم في روسيا، وإذا كانت موسكو ستخفض إنتاج النفط الخام كما وعدت، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ.
إنتاج النفط الروسي
تعهدت موسكو بخفض الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميًا، ردًا على عقوبات الطاقة الغربية ودعم سعر نفطها.
وقال نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، إن التخفيضات نُفِّذت بنهاية مارس/آذار واستمرت في أبريل/نيسان، لكن حُجِبَت بيانات الإنتاج الرسمية، ولا يُظهر تتبُّع الناقلات أيَّ انخفاض مماثل في الصادرات المنقولة بحرًا.
مع تراجع أسعار النفط إلى ما دون 70 دولارًا للبرميل في نيويورك اليوم الأربعاء بسبب مخاوف بشأن مخاطر الركود وضعف الطلب، أصبحت مسألة التأكد من التزام موسكو باتفاقية تخفيضات أوبك+ أكثر إلحاحًا.
صُنِّفَت البيانات الرسمية لإنتاج النفط الروسي بعد غزو أوكرانيا بـ "الحساسة"، وهذا يعني أن مراقبي السوق يجب أن يعتمدوا على أرقام أخرى، مثل الصادرات المنقولة بحرًا والتدفقات المحلية لتقييم ما إذا كانت التخفيضات قد تحققت.
وقد تكون نسبة الآبار المعطلة والمغلقة مؤشرًا على أن المنتجين الروس قد اتخذوا خطوات لخفض الإنتاج، إذ قفزت إلى 18.1% في مارس/آذار، مقارنة بـ 15.6% في فبراير/شباط، وفقًا لبيانات اطّلعت عليها بلومبرغ.
تعدّ هذه أكبر نسبة من الآبار الخاملة في روسيا منذ مايو/أيار 2022، عندما كانت موسكو تقدّم تخفيضات قصيرة الأجل للإنتاج وسط الموجات الأولى من عقوبات الطاقة الدولية في أعقاب غزوها أوكرانيا.
لكن الأرقام بها بعض القيود الرئيسة، إذ لا تقدّم أيّ معلومات عن إنتاج الآبار المتضررة، مما يجعل من الصعب قياس التأثير الفعلي في الإنتاج.
صادرات النفط الروسي
مؤشر آخر لا يُظهر أيّ دليل على انخفاض كبير في إنتاج النفط الروسي، إذ قفزت صادرات الخام الخام المنقولة بحرًا مرة أخرى فوق 4 ملايين برميل يوميًا في الأسبوع المنتهي 28 أبريل/نيسان، وهو مستوى تجاوزته مرة واحدة فقط، منذ غزت قوّاتها أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، وفقًا لبيانات تتبّع الناقلات التي جمعتها بلومبرغ.
ومع ذلك، فإن شحنات النفط الخام في الخارج لا تروي القصة كاملة، إذ تمتلك روسيا صناعة تكرير محلية كبيرة، ويتدفّق حاليًا النفط الخام بسبب الصيانة الموسمية، كما أنها تصدِّر النفط عبر خطوط الأنابيب، مع القليل من الرؤية لمستوى التدفقات.
وعلى الرغم من مرور شهرين على تهديد موسكو بخفض إنتاج النفط، لا توجد علامة على انخفاض مستمر في تدفقات النفط الخام خارج البلاد.
وما تزال التدفقات المنقولة بحرًا لا تعكس خفض الإنتاج الذي قالت وزارة الطاقة، إنه كان يصل إلى 700 ألف برميل يوميًا في مارس/آذار، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ.
كما لا يبدو أن المصافي التي تعمل في روسيا قد تراجعت كثيرًا أيضًا، إذ تشير الأرقام إلى أن معدلات المعالجة ظلّت دون تغيير تقريبًا منذ بداية العام، وفي أول 19 يومًا من أبريل/نيسان كانت 720 ألف برميل يوميًا أعلى من الشهر نفسه -كاملًا- من العام الماضي.
وأدى تحويل النفط الخام الذي سُلِّمَ سابقًا إلى بولندا وألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا إلى تعزيز التدفقات المنقولة بحرًا لمتوسط قدره 3.32 مليون برميل يوميًا خلال الأشهر الأولى من العام الجاري، مقارنة بـ 2.94 مليون برميل يوميًا خلال المدة نفسها من 2022.
وتوقفت التدفقات إلى ألمانيا في نهاية عام 2022، وتوقفت عمليات التسليم إلى بولندا في أواخر فبراير/شباط، وأنهت شركة تكرير النفط البولندية عقدها الأخير مع مورّد روسي ردًا على توقّف شحنات النفط عبر دروزبا.
أبزر وجهات التصدير
ارتفع الحجم الإجمالي للخام على السفن المتجهة إلى الصين والهند، بالإضافة إلى التدفقات الأصغر إلى تركيا والكميات على السفن التي لم تُظهر بعد وجهة نهائية، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 3.39 مليون برميل يوميًا في آخر 4 أسابيع.
تشير الأنماط التاريخية إلى أن معظم السفن التي حُدِّدَت حاليًا وجهات "آسيا غير معروفة" والمتجهة إلى قناة السويس ستنتهي في الهند، بينما تلك التي تُحَمَّل في ناقلات خام كبيرة جدًا قبالة سواحل المغرب أو مؤخرًا في المحيط الأطلسي، سوف تتجه إلى الصين.
تحولت عمليات النقل من سفينة إلى أخرى إلى ناقلات النفط الخام الكبيرة جدًا إلى المحيط الأطلسي من مياه البحر الأبيض المتوسط قبالة مدينة سواحل المغرب، كما حدث في الصيف الماضي.
نُقِلَ ما لا يقلّ عن 62 شحنة، أو 44.7 مليون برميل، بين السفن قبالة الساحل اليوناني بالقرب من كالاماتا منذ بداية العام، وفي البحر المتوسط، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ.
تناقش روسيا والهند إنشاء معاهد مشتركة لإعادة التأمين لشحنات النفط، وفقًا لنائب رئيس الوزراء الروسي دينيس مانتوروف، الذي لم يستبعد ظهور مثل هذه المنظمات بحلول نهاية العام.
وقال نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، إن روسيا بحاجة إلى آليات تأمين وإعادة تأمين جديدة لصادراتها النفطية.
حتى وقت قريب، كانت روسيا تعتمد على شركات التأمين الغربية لتغطية أكثر من نصف أسطول ناقلات النفط الذي يُصدِّر نفطها، لكن إحدى شركات ناقلات النفط التي تشارك بشكل كبير في نقل النفط الروسي فقدت التأمين القياسي الصناعي لأسطولها بعد سقوطها في حالة مخالفة لسقف مجموعة السبع فيما يتعلق بنقل البراميل في البلاد.
التدفقات الخام حسب الوجهة
قفزت تدفقات النفط الخام في الأسبوع المنتهي في 28 أبريل/نيسان بنحو 680 ألف برميل يوميًا عن الأسبوع السابق، لتصل إلى 4.08 مليون برميل يوميًا.
على أساس متوسط 4 أسابيع، تغيَّر إجمالي الصادرات البحرية بشكل طفيف، إذ انخفضت بمقدار 12 ألف برميل يوميًا إلى 3.45 مليون برميل يوميًا، من أعلى مستوى لها في 10 أشهر.
وانخفض متوسط الشحنات لمدة 4 أسابيع إلى عملاء النفط الروسي في آسيا، بالإضافة إلى السفن التي لا تُظهر وجهة نهائية، إلى 3.25 مليون برميل يوميًا في المدة حتى 28 أبريل/نيسان.
بينما يبدو أن الأحجام المتجهة إلى الصين والهند قد تراجعت عن المستويات المرتفعة الأخيرة، يُظهر التاريخ أن معظم الشحنات على السفن التي ليس لها وجهة أولية ينتهي بها الأمر في نهاية المطاف بواحدة أو أخرى من تلك البلدان.
كان ما يعادل 720 ألف برميل يوميًا على متن سفن تعرض وجهات مثل بورسعيد أو السويس في مصر، أو التي نُقِلَت، أو من المتوقع نقلها، من سفينة إلى أخرى قبالة ميناء يوسو في كوريا الجنوبية، إذ تنتهي الرحلات عادةً في مواني الهند أو الصين.
أمّا الكميات "مجهولة الوجهة"، التي تصل إلى 386 ألف برميل يوميًا في الأسابيع الأربعة حتى 28 أبريل/نيسان، والموجودة في ناقلات تُظهر وجهة سبتة قبالة سواحل المغرب أو كالاماتا، أو لا توجد وجهة على الإطلاق.
تذهب معظم الشحنات لعبور قناة السويس، لكن قد ينتهي الأمر ببعضها في تركيا، ويُنقَل عدد متزايد من سفينة إلى أخرى في البحر الأبيض المتوسط، أو في الآونة الأخيرة، في المحيط الأطلسي لرحلات المتابعة إلى آسيا.
من جهة أخرى، تراجعت صادرات النفط الخام الروسية المنقولة بحرًا للدول الأوروبية إلى 63 ألف برميل يوميًا في 28 يومًا حتى 28 أبريل/نيسان، وكانت بلغاريا الوجهة الوحيدة، وهذه الأرقام لا تشمل الشحنات إلى تركيا.
وفقدت السوق الأوروبية -التي استهلكت أكثر من 1.5 مليون برميل يوميًا من النفط الخام في المدى القصير- الشحنات القادمة من محطات التصدير في بحر البلطيق والبحر الأسود والقطب الشمالي تمامًا، لتحلّ محلّها وجهات طويلة المدى في آسيا تكون أكثر تكلفة بكثير، وتستغرق وقتًا طويلًا للخدمة.
ولم يُشحَن أيّ خام روسي إلى دول شمال أوروبا في الأسابيع الأربعة المنتهية 28 أبريل/نيسان، في حين ارتفعت الصادرات إلى تركيا، العميل الوحيد المتبقي لروسيا من البحر الأبيض المتوسط، إلى 140 ألف برميل يوميًا في الأسابيع الأربعة الأخيرة.
وانخفضت التدفقات إلى بلغاريا -وهي السوق الروسية الوحيدة للخام في البحر الأسود- إلى 63 ألف برميل يوميًا، عند أدنى مستوى لها منذ بداية عام 2022.
ناقلات النفط الروسي
قفزت التدفقات الإجمالية من النفط الروسي إلى 4.08 مليون برميل يوميًا في الأيام الـ7 حتى 28 أبريل/نيسان، متجاوزة 4 ملايين برميل يوميًا للمرة الثانية فقط منذ بداية عام 2022.
وأظهرت بيانات تتبّع السفن وتقارير وكلاء المواني أن 37 ناقلة حملت 28.5 مليون برميل من النفط الروسي في الأسبوع المنتهي في 28 أبريل/نيسان، بزيادة 4.7 مليون برميل، أو 20%.
وتعتمد الوجهات على المكان الذي تشير إليه السفن بأنها متجهة في وقت كتابة التقرير، ومن المؤكد تقريبًا أن بعضها سيتغير مع تقدّم الرحلات.
وارتفع الحجم الإجمالي على السفن التي تحمل النفط الروسي من مواني بحر البلطيق إلى أعلى مستوى في 4 أسابيع عند 1.77 مليون برميل يوميًا.
وقفزت شحنات النفط الروسي من نوفوروسيسك في البحر الأسود إلى أعلى مستوى لها في 11 شهرًا ، مع ارتفاع التدفقات إلى 772 ألف برميل يوميًا.
وظلت شحنات القطب الشمالي دون تغيير عند 286 ألف برميل يوميًا، مع تحميل ناقلات سويز ماكس في الأسبوع المنتهي 28 أبريل/نيسان.
وارتفعت التدفقات من المحيط الهادئ إلى أعلى مستوى لها في 6 أسابيع، مع تحميل 12 ناقلة في محطات التصدير الثلاث في المنطقة بالأسبوع المنتهي 28 أبريل/نيسان، ارتفاعًا من 11 في الأسبوع السابق.
موضوعات متعلقة..
- النفط الروسي يجد مُبتغاه في السعودية والإمارات.. ما موقف أميركا؟
- أميركا تحذر المتهربين من سقف أسعار النفط الروسي: ستخضعون لعقوبات
اقرأ أيضًا..
- قيمة واردات مصر من الغاز الإسرائيلي ترتفع 70% خلال فبراير
- انتقال الطاقة في أفريقيا مرهون بـ5 تحديات.. معضلة الوقود الأحفوري أبرزها
- شاريوت البريطانية تبرم اتفاقية جديدة لتطوير حقل غاز أنشوا المغربي