فجوة المعروض من النحاس مقابل الطلب تهدد التحول الأخضر.. وهذا هو الحل
هبة مصطفى
يكتسب معدن النحاس زخمًا كبيرًا بالتوازي مع الاتجاه العالمي للتحول نحو اقتصاد أخضر منخفض الكربون، إذ يؤدي المعدن دورًا رئيسًا في عمليات "الكهربة"، ما يجعل زيادة الطلب عليه في الآونة المقبلة أمرًا محتومًا.
ومع تزايد الإقبال على المعادن بصورة عامة، يجذب المعدن ذو اللونين الأحمر والأصفر الانتباه بصفته واحدًا من أفضل موصلات التيار الكهربائي، وفق تقرير نشرته صحيفة مايننغ (Mining.com) المعنية بشؤون التعدين.
وفي ظل التوقعات بنمو الطلب عليه مستقبلًا، تتعلق الأنظار بتقييم جهود تطوير الصناعة، وإذا ما كان تيسير موافقات المناجم الجديدة محل اهتمام من المعنيين أم لا، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
المعدن والتحول الأخضر
توقع خبراء ومعنيون بالصناعة تزايد الإقبال على معدن النحاس خلال العقد المقبل، إلى حد قد يصل لوجود فجوة بين مستويات الطلب المرتفعة من جهة، والمعروض من المعدن من جهة أخرى.
وبالنظر إلى أهمية دور المعدن في عملية التحول الأخضر وبناء اقتصاد منخفض الكربون -وهو أمر تتبناه حكومات عدة خلال مرحلة انتقال الطاقة- فتحت الفجوة بين توقعات العرض والطلب المجال أمام وابل من التساؤلات حول كيفية تلبية الطلب عليه، وحماية الأهداف المناخية من خطر نقص المعادن الرئيسة للتحول.
ويبدو أن ضمان توافر المعدن وأهميته لمرحلة التحول الأخضر كان محل اهتمام للمشاركين في "المؤتمر العالمي للنحاس" الذي انعقد خلال المدة من 17 إلى 19 أبريل/نيسان 2023، ونُظر إليه بوصفه أكبر تجمعات الصناعة منذ عام 2019 والحدث الأبرز للمعدن.
وزادت أهمية المعدن مع كونه أفضل موصلات الكهرباء، ما عزّز استعماله في تصنيع المحركات والبطاريات والأسلاك.
وبدوره، أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة ترافيغورا لتجارة السلع، جيريمي وير، أن توافر المعدن بما يكفي لتلبية الطلب لن يشكل خطرًا على عملية تحول الطاقة.
المناجم الجديدة أبرز الحلول
لكي تضمن خطط تحول الطاقة توافر معدن النحاس الضروري لتلبية الطلب على مساراتها المختلفة، يتعيّن على الحكومات تذليل إصدار الموافقات لافتتاح مناجم جديدة.
وأوضح معنيون بالأمر أن هناك حاجة إلى بناء مواقع تعدين جديدة بما يُقدر بالعشرات، لمواكبة الطلب المتوقع على المعدن.
وعلى النقيض من هذا الطموح، تُشير بيانات إلى هبوط الموافقات التنظيمية الخاصة ببناء مناجم جديدة لمعدن النحاس إلى أدنى مستوياتها منذ 10 سنوات، وفق غولدمان ساكس.
وربما تعكس هذه البيانات مستقبلًا غير مشرق سواء للصناعة أو لخطط التحول الأخضر، لا سيما أن مرحلة ما قبل بناء المناجم والأعمال الإنشائية تستغرق ما يتراوح بين 10 و20 عامًا.
وربط ممثل شركة "إف إل إس ميدث" لتصنيع معدات التعدين، جوشوا ماير، بين تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ وتوافر المعادن اللازمة للتحول -ومن بينها النحاس- قائلًا: "وفرة المعادن بما يزيد على معدل الطلب تُعد الوسيلة الوحيدة لتلبية اشتراطات الاتفاقية".
العرض والطلب
تُشير التوقعات إلى ارتفاع المعروض العالمي من النحاس إلى 38.5 مليون طن سنويًا، بحلول عام 2035.
ورغم ضخامة الأرقام المتوقعة فإن مستويات المعروض تظل منخفضة عن معدلات الطلب بنسبة تُقدّر بنحو 1.7%، طبقًا لبيانات الرابطة الدولية للنحاس.
وفي ظل فجوة متوقعة بين حجم المعروض ومستويات الطلب على المعدن، ذهب بنك غولدمان ساكس إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ أشار إلى احتمال دفع هذه الفجوة وزيادة الطلب مستويات أسعار المعدن، لتقفز إلى 15 ألف دولار للطن في غضون عامين.
وتزيد الأسعار المتوقعة لطن معدن النحاس بحلول عام 2025 عن مستويات الأسعار الحالية، بنسبة 67%.
وحول اتجاهات الطلب، رأى معنيون بالصناعة أن السيارات الكهربائية قد تستحوذ على أكبر معدلات الطلب على المعدن، لا سيما أن تصنيعها يستهلك كميات كبيرة منه مقارنة بالسيارات العاملة بمحرك الاحتراق الداخلي.
وأثارت هذه الفجوة مخاوف مصنعي السيارات النظيفة، خاصة أنها تتزامن مع اتجاه عالمي للتوسع وزيادة نشرها على الطرق بما يلائم التعهدات العالمية والأهداف المناخية.
بدائل المعدن.. هل تُجدي؟
بينما يطالب عدد لا بأس به بإصدار المزيد من الموافقات التنظيمية لتشييد المزيد من مناجم النحاس، لاحق فريق آخر المعدن باتهامات تتعلق بالسلامة، ما يلقي بمزيد من الضغوط والأعباء على منتجيه لتغيير الصورة الذهنية لهذه المخاوف.
وفي الوقت ذاته، أطلق محللون جرس إنذار من تحول مصنعي السيارات الكهربائية إلى معادن بديلة من بينها "الألومنيوم"، حال استمرار الفجوة بين المعروض والطلب.
ولم يقتصر الأمر على صناعة السيارات الكهربائية فقط، إذ يشمل ذلك -أيضًا- صناعة أسلاك توربينات الرياح البحرية.
ويُعد معدن الألومنيوم أخف وزنًا وأقل تكلفة من المعدن الأحمر-الأصفر، غير أنه موصل للكهرباء بنسبة 60% فقط، كما أنه قابل للتآكل، ما يشكل خطرًا على بعض الصناعات.
وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة تجارة الألومنيوم، تشارلز جونسون، إن هناك فرصة قوية لصناعة الألومنيوم لتسجل نموًا في سوق المعادن، لا سيما مع نقص المعادن الأخرى أو توقعات وجود فجوة مستقبلية بين العرض والطلب.
ودافع الرئيس التنفيذي لشركة كودلكو "أكبر منتجي النحاس في العالم" أندرييه سوغاريت، عن المعدن الحائر بين معدلات العرض والطلب وبين عرقلة الموافقات على المناجم الجديدة، مشيرًا إلى أن الصناعة يجب أن تستعيد ثقة المجتمع مرة أخرى بعد المخاوف المتلعقة بالسلامة.
اقرأ أيضًا..
- أكبر مشروع لنقل الكهرباء في أوروبا.. أبرز المعلومات والأرقام (إنفوغرافيك)
- مصفاة البترول الأردنية.. قصة منشأة لتكرير النفط منذ الخمسينيات (تقرير)
- طاقة الرياح البحرية في بحر الشمال تؤسس لمرحلة جديدة من كهربة أوروبا
- أدنوك للإمداد والخدمات ذراع الإمارات لشحن النفط والغاز إلى جميع العملاء حول العالم