نشطاء المناخ يحرضون على تفجير خطوط أنابيب النفط عبر فيلم سينمائي مثير للجدل (فيديو)
الفيلم تعرض لانتقادات من بعض سكان تكساس
رجب عز الدين
رفع بعض نشطاء المناخ من سقف عدائهم لصناعة النفط في الغرب إلى درجة الترويج لأفكار إجرامية في صورة حقوقية ملتحفة بشعارات البيئة ومستقبل البشرية وكوكب الأرض.
ويعدّ عالم البيئة البشرية في جامعة لوند في السويد، أندرياس مالم، أحد أبرز النشطاء المحرضين على العنف تجاه صناعة النفط بأكملها في البلاد الغربية، وفقًا لوكالة بلومبرغ.
وأصدر مالم كتابًا صادمًا في عام 2021، تحت عنوان "كيف تفجر خط أنابيب؟"، لتحريض نشطاء المناخ على ترك النهج السلمي للاعتراض على صناعة الوقود الأحفوري والتحول إلى الأساليب العنيفة والإجرامية.
وينتهج نشطاء المناخ في أوروبا وأميركا وأفريقيا وسائل سلمية متنوعة للضغط على الحكومات والشركات لوقف مشروعات الوقود الأحفوري الملوثة للبيئة والتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.
الوقفات الاحتجاجية
تعدّ الوقفات الاحتجاجية في المناسبات الرمزية (السياسية والاقتصادية)، المحلية أو الإقليمية أو الدولية، من أبرز وسائل الضغط السلمي التي يتبنّاها نشطاء المناخ بهدف إحراج الفاعلين الحكوميين وممثلي شركات النفط والغاز والفحم وغيرهم.
كما يلجأ النشطاء إلى أسلوب الضغوط البرلمانية عبر أحزاب الخضر و النواب المؤيدين لقضايا البيئة في برلمانات أوروبا وأميركا، بهدف تمرير تشريعات جديدة تقيد صناعة الوقود الأحفوري، أو عرقلة قوانين أخرى تصبّ في صالحها.
وتمتد الأساليب السلمية إلى استعمال الحملات الإعلامية المدعومة بحقائق وبيانات التلوث والمناخ والكوارث الطبيعية المتصاعدة -عقدًا بعد عقد- لخلق رأي عام مناهض لصناعة الوقود الأحفوري.
الملاحقات القضائية
كما يراهن نشطاء المناخ على أساليب إرهاب الشركات الفاعلة والبنوك وشركات التأمين المنخرطة في تغطية مشروعات الوقود الأحفوري عبر ملاحقتها قضائيًا في المحاكم المحلية والإقليمية والدولية لدفعها إلى الانسحاب من هذه المشروعات؛ تجنبًا لاستمرار الملاحقة والطعن في السمعة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
كما تمتد أساليب النشطاء إلى اختراق هياكل ملكية شركات الوقود الأحفوري عبر شراء بعض أسهمها المتداولة في البورصات العالمية واستعمالها في الاعتراض على قرارات مجالس الإدارة بالجمعيات العمومية للمساهمين.
علاوة ذلك، يهتم أنصار المناخ بإنشاء المنظمات والمراكز البحثية المتخصصة في المتابعة الدورية لبيانات صناعة الوقود الأحفوري وتحليلها وإبراز تداعياتها المناخية وآثارها البيئية، مع ربطها بالكوارث الطبيعية المتزايدة، مثل السيول والفيضانات والزلازل وغيرها.
عالم سويدي يحرض
تبدو هذه الوسائل جميعها غير مقنعة لعالم البيئة البشرية السويدي أندرياس مالم، الذي يحرّض على ترك الأساليب السلمية ذات التأثير الضعيف في مواجهة صناعة الوقود الأحفوري ذات النفوذ الضخم في العالم المعاصر.
ويحرّض مالم على اقتحام منشآت الوقود الأحفوري وتفجير خطوط الأنابيب وفعل كل ما يصبّ في تكبيد الرأسماليين خسائر فادحة لردعهم عن الاستثمار في المصادر الملوثة للمناخ.
ويستهدف مالم من كتابه "كيف تفجر خط أنابيب؟" بناء نسق من الحجج المقنعة لشن هجمات عدوانية على صناعة الوقود الأحفوري، وهو ما التقطه المخرج السينمائي دانيال جولد هابر، الذي حوّل أفكار الكتاب إلى سيناريو فيلم سينمائي يُعرض الآن في دور السينما الأميركية والعالمية.
الحبكة الدرامية
يحمل الفيلم عنوان الكتاب نفسه، وتدور أحداثه حول تفجير خط أنابيب نفط بولاية تكساس في إطار حبكة درامية إنسانية تبرّر هجوم نشطاء المناخ على الخط بدوافع انتقامية، بعد أن يئسوا من المطالبات السلمية.
يتناول الفيلم حادثتين مأسويتين، إحداهما لناشط ماتت والدته خلال موجة حر مفاجئة، والأخرى لامرأة تعاني من مرض صدري مزمن شخّصه الأطباء بظروف نشأتها في بلد نفطي، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وعادةً ما تكتسب الأفكار انتشارًا واسعًا في حالة ترجمتها إلى أعمال فنية مرئية، مثل الأفلام والمسلسلات، التي تخاطب وجدان وعقول عموم البشر، خلافًا للأفكار التي تظل حبيسة الكتب أو الدوائر العلمية الضيقة.
وأحدثَ طرح الفيلم ضجة في أوساط الجمهور الذي أبدى تساؤلات حول حدود المسموح به في الانتقاد لتمييزها عن أفعال الإجرام والإرهاب، وسط مخاوف من تنامي أعمال العنف تجاه صناعة النفط والغاز، استنادًا إلى هذه الأفكار.
جمهور تكساس غاضب
كتب بعض الجمهور تعليقات ناقدة للفيلم وقصته المشجعة على العنف، إذ حذّر بعض سكان ولاية تكساس في التعليقات من حدوث مثل هذه الأفعال في الولاية الغنية بالنفط.
كما زايد أحد المعلقين على أبطال الفيلم ومُخرجه، داعيًا إياهم إلى التحلي بالشجاعة وإعلان موقفهم بصراحة من أعمال العنف ضد خطوط الأنابيب، وعدم التواري خلف حبكة درامية أُعِدَّت باحتراف عبر آلات التصوير.
ويلاحَظ خلال السنوات الماضية لجوء بعض نشطاء المناخ إلى تنظيم اعتصامات تستهدف وقف حركة المرور في بعض الشوارع الرئيسة بالبلدان الأوروبية، ما يضطر الأجهزة الأمنية للتدخل لفضّهم واحتجازهم لمدة معينة، ثم إطلاق سراحهم أو تحويلهم للمحاكمة والسجن.
السجن لتعطيل المرور
يشير هذا الاتجاه إلى أن نشطاء المناخ قد بدؤوا في تبنّي درجات أقلّ سلمية للتعبير عن احتجاجهم على صناعة الوقود الأحفوري، ما دفع بعض الدول الأوربية، مثل بريطانيا، إلى تشديد العقوبات على تعطيل حركة الحياة اليومية للمواطنين، لتصل إلى السجن خلال العام الماضي (2022).
واستهدفت الحكومة البريطانية من هذا القانون، حركة تمرد ضد الانقراض "إكستنشن ريبيلون"، المتبنية لأساليب العصيان المدني وتعطيل المرور ضمن الوقفات الاحتجاجية، للضغط على الحكومات لاتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة لتجنّب ما تصفه بانهيار محتمل للنظام البيئي والاجتماعي عالميًا.
واصطدم نشطاء هذه الحركة بالشرطة البريطانية عشرات المرات خلال السنوات الماضية، ما أدى إلى اعتقال كثير منهم وتعرّضهم للسجن بضع سنوات، بسبب الإصرار على تعطيل الحياة اليومية في أثناء المظاهرات أو الاحتجاجات.
واضطرت الحركة في بداية العام الجاري (2023) إلى وقف أيّ احتجاجات تتسبب في اضطراب الحياة اليومية، محاولةً تخفيف الضغوط الأمنية التي تعرضت لها من كثرة الاحتكاك بالشرطة البريطانية.
على الرغم من ذلك، حصلت هذه الحركة على دعم عالم البيئة البشرية السويدي أندرياس مالم، الذي وصف أفعالهم بالنضال ضد الأنظمة السياسية التي تحمي الملوثين، إذ يعتقد أن قمع السلطات للمحتجين علامة على سيرهم في الاتجاه الصحيح، وفقًا لوكالة بلومبرغ.
موضوعات متعلقة..
- نائبة أوروبية تهاجم شركات الوقود الأحفوري.. وشركات كبرى في مقدمة الاتهام
- بريطانيا تتهم نشطاء البيئة بدعم روسيا عقب رفعهم دعوى ضد "شل"
- 30 منظمة ترفض زيادة استثمارات الوقود الأحفوري في أفريقيا.. والجزائر وليبيا ضمن أبرز الدول
- مطالب بإدراج تغير المناخ في أستراليا على قائمة الأمن القومي للبلاد (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أرامكو السعودية تطمئن عملاءها في آسيا على إمدادات النفط بعد تخفيضات أوبك+
- هل يعود النفط اليمني إلى الأسواق مع تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية؟
- السيارات الكهربائية في إندونيسيا قد تضر البيئة.. والسبب الفحم (تقرير)