أخبار السياراترئيسيةسيارات

السيارات الكهربائية في إندونيسيا قد تضر البيئة.. والسبب الفحم (تقرير)

أسماء السعداوي

يحظى إنتاج السيارات الكهربائية في إندونيسيا باهتمام بالغ مؤخرًا، ضمن هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2060، إلّا أن الفحم يشكّل حجر عثرة في سبيل ذلك.

فقد أصدرت الحكومة العديد من السياسات الداعمة لقطاع السيارات الكهربائية، مستهدفة قطاع النقل العام، ومؤخرًا الدراجات النارية والسيارات، لكن يتعين عليها خفض استهلاك الفحم للحدّ من الانبعاثات، بحسب تقرير نشرته صحيفة "تشاينا ديالوغ" (China Dialogue)، الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

في الوقت نفسه، أعلن وزير النقل بودي كاريا سومادي، في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي (2022)، خططًا لتحويل مركبات النقل العام والحكومية للعمل بالكهرباء، بالإضافة إلى زيادة عدد محطات الشحن ومراكز تبديل البطاريات.

ورغم الدعم الحكومي المتزايد والعون الدولي الضخم، تشير تقديرات إلى تناقض كبير يحول دون انتشار السيارات الكهربائية في إندونيسيا، لا سيما أن شبكة الكهرباء في البلاد تعمل بالفحم.

نشر السيارات الكهربائية في إندونيسيا يصطدم بعقبة الفحم
السيارات الكهربائية في إندونيسيا خلال قمة مجموعة العشرين - أرشيفية

دعم نشر السيارات الكهربائية في إندونيسيا

تستهدف الحكومة تسريع نشر الطاقة المتجددة في إندونيسيا، بهدف زيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 34% بحلول عام 2030، حسب التقرير.

وخلال فعاليات قمة مجموعة العشرين المنعقدة في جزيرة بالي في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وافقت إندونيسيا على حزمة مالية من دول متقدمة بقيادة الولايات المتحدة واليابان، بقيمة 20 مليار دولار أميركي، ضمن شراكة انتقال الطاقة العادل.

تهدف الشراكة إلى بلوغ ذروة انبعاثات قطاع الكهرباء بحلول عام 2030، وتحقيق الحياد الكربوني بالقطاع بحلول عام 2050، من أجل تعجيل موعد الحياد الكربوني 10 سنوات.

وكشفت الحكومة في 21 مارس/آذار من العام الجاري (2023) النقاب عن حزمة حوافز لزيادة حصة السيارات الكهربائية في إندونيسيا، شملت إعانات وإعفاءات ضريبية.

كما تخطط وزارة الطاقة لتسيير مليوني سيارة كهربائية و13 مليون دراجة كهربائية على الأقلّ بحلول نهاية العقد الجاري (2030).

بيد أن الواقع له رأي مختلف، إذ بلغ عدد السيارات الكهربائية المسجلة في العام الماضي (2022) 22 ألفًا و942 دراجة نارية و4 آلاف و904 سيارات ركوب ذات 4 عجلات و280 مركبة ذات 3 عجلات و56 حافلة و6 عربات شحن فقط.

محطات الكهرباء العاملة بالفحم

يُشير محللون إلى وجود ثغرات في الشراكة مع الدول الكبرى؛ إذ تسمح لإندونيسيا بتطوير توليد الكهرباء من الفحم، وهو ما يُقوّض الأهداف المتوقعة، مثل خفض الانبعاثات وضمان هواء نظيف، والتي يمكن أن تتحقق عند التحول إلى السيارات الكهربائية.

في إطار الشراكة، وافقت إندونيسيا على وقف مجموعة من محطات الفحم المخطط توصيلها بشبكة الكهرباء، والمدرجة في خطة أعمال إمدادات الكهرباء 2021-2030.

يقول محلل شؤون الكهرباء الدكتور أحمد شاهرام إديانتو، إنه لا يوجد أيّ شرط لوقف تشغيل محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم التي مازالت قيد الإنشاء، أو المحطات "الأسيرة" خارج شبكة الكهرباء.

وعن التخلص الكامل من محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم، يقول مدير حملات التعدين والطاقة في المنتدى الإندونيسي من أجل البيئة، ريري كريستانتو: "هناك استثناءات كثيرة جدًا"، لافتًا إلى عدم الوضوح بشأن خطة التقاعد المبكر لتلك المحطات.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- احتلال إندونيسيا المرتبة الثانية ضمن أكثر 10 دول إنتاجًا للفحم حول العالم:

أكثر 10 دول إنتاجًا في سوق الفحم العالمية

بحلول شهر يناير/كانون الثاني 2023، بلغت قدرة محطات الكهرباء العاملة بالفحم في إندونيسيا 40.6 غيغاواط، بزيادة قدرها 54% عن عام 2015.

وستزيد تلك النسبة بحلول عام 2030، مع إضافة محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم لـ13.88 غيغاواط، وفق خطة عمل إمدادات الكهرباء.

تستهدف الخطة زيادة حصة الطاقة الجديدة والمتجددة بمزيج الكهرباء في إندونيسيا، وصولًا إلى 20.9 غيغاواط، أو نسبة 51.6% من إجمالي القدرة المركبة.

"الخطة أكثر اخضرارًا لكنها مُلوثة للبيئة"، حسبما يقول مدير حملة المناخ والطاقة في منظمة غرينبيس الإندونيسية تاتا ماستايا.

وأوضح: "حصة محطات الكهرباء العاملة بالفحم البالغة 42% ستُثقل كاهلنا على مدار 30-40 عامًا المقبلة، وعلينا التحرك سريعًا لوقف أزمة المناخ".

تناقض كبير بسبب الفحم

من جانبه، دعم المدير التنفيذي لمركز الدراسات الاقتصادية والقانونية بهيما يودهيستيرا خطة الحكومة للاستغناء تدريجيًا عن محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم، وزيادة الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة.

كما أعرب عن اعتقاده بأن التقاعد المبكر لمحطات الكهرباء العاملة بالفحم هو السبيل الأكثر فعالية للحدّ من الانبعاثات.

واستشهد -أيضًا- بتقرير صادر عن بنك التنمية الآسيوي الذي يشير إلى أن تسريع وقف تشغيل محطات الكهرباء العاملة بالفحم -على غرار محطة سيربون 1 بقدرة 660 ميغاواط في مقاطعة جاوة الغربية- قادر على تقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بما يصل إلى 30 مليون طن، ما يعادل إزاحة 800 ألف سيارة عن الطريق.

وقال: "لذلك إذا أردنا خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بمقدار 8 ملايين طن، سنحتاج فقط لإغلاق 10 محطات لتوليد الكهرباء العاملة بالفحم من الفئة نفسها لمحطة سيربون 1".

وأضاف: "ثمة تناقض في مشروع السيارات الكهربائية"، وذلك في إشارة إلى اعتماد إندونيسيا على الفحم.

كما تابع: "إذا بقي الحال كما هو عليه، ستنتقل انبعاثات المركبات ذات المحركات إلى محطات توليد الكهرباء".

التحول إلى السيارات الكهربائية في إندونيسيا

تعتزم إندونيسيا تقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 31.9% بمفردها، أو 43.2% بمساعدة دولية بحلول عام 2030، وفق خطة المناخ الجديدة التي قدّمتها للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2022.

وتشير تقديرات إلى أن استبدال مليون سيارة كهربائية بأخرى تعمل بالوقود سيقلل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بواقع 3.2 مليون طن سنويًا.

كما ستقلّ الانبعاثات بنسبة 0.6 سنويًا حال استبدال 900 ألف دراجة كهربائية بأخرى، بحسب التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وشددت وزارة الطاقة على أن التحول إلى السيارات الكهربائية في إندونيسيا ضروري، إذا أرادت البلاد تحقيق التزاماتها المناخية.

وهو ما أكده وزير الطاقة عارفين تصريف، الذي قال في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022: "إذا استبدلنا 140 مليون مركبة كهربائية بأخرى تعمل بالوقود، سنخفض سنويًا 100 مليون طن من الانبعاثات".

ويقول الوزير، إن التحول إلى السيارات الكهربائية في إندونيسيا مهم، لأن عدد المركبات العاملة بالوقود التقليدي في تزايد، ويرتفع معها الطلب على النفط.

وتشير بيانات وزارة الطاقة إلى توقعات بأن احتياطيات النفط الإندونيسية ستدوم لـ9.5 أعوام أخرى فقط.

كما ارتفعت فاتورة دعم الوقود، إذ أعلن الرئيس جوكو ويدودو، في سبتمبر/أيلول 2022، زيادة موازنة دعم الوقود في أعقاب ارتفاع الأسعار نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية.

فقد بلغت قيمة الدعم 502.4 تريليون روبية إندونيسية (33 مليار دولار أميركي)، أي بزيادة 3 أضعاف، كما أشار الرئيس إلى احتمال زيادة موازنة دعم الوقود في المستقبل.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تطور مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم:

مبيعات السيارات الكهربائية تسجل قفزات سنوية مع توجه العالمي إلى تقليل الانبعاثات

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق