سياراتتقارير السياراترئيسية

شحن السيارات الكهربائية في أميركا والصين.. منافسة أخرى بين التنين والمارد

محمد عبد السند

تتفاوت أطر السياسة والاستثمارات فيما يتعلق بشحن السيارات الكهربائية في أميركا والصين.

ففي الوقت الذي تشجع فيه الحكومة المركزية الصينية تطوير شبكات لشحن المركبات الكهربائية في إطار سياسة وطنية، لا تضطلع الحكومة الفيدرالية الأميركية سوى بدور محدود في النهوض بهذا القطاع.

ولدى البلدان عشرات الآلاف من الشواحن العامة والخاصة ومحطات الشحن التي تكفي لخدمة أسطول من السيارات الكهربائية، في ظل انتشار الأخيرة بوتيرة سريعة في الاقتصادين الأكبر في العالم، وضمن إطار توجههما القوي صوب تبنّي مصادر الطاقة المتجددة وزيادة حصتها في مزيج الكهرباء الوطني، بعيدًا عن الوقود الأحفوري الملوث للبيئة.

وفي هذا الإطار، تتيح السيارات الكهربائية فائدتين بيئيتين رئيستين، أولهما أنها لا تصدر انبعاثات كربونية ضارة بالبيئة، ما يساعد على تنقية الهواء في المناطق الحضرية، حسبما ذكر موقع تشاينا ديالوغ China Dialogue.

وفي العام الماضي (2022)، وجد تقرير أن 45% من الملوثات الهوائية الأكثر خطورة في العاصمة الصينية بكين مصدرها السيارات والدراجات النارية والشاحنات.

والفائدة الثانية المصاحبة للسيارات الكهربائية هي قدرتها على أداء دور مهم في التنمية المستدامة منخفضة الكربون، فمع تزايد التحول صوب مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء، يمكن أن تخفض السيارات الكهربائية انبعاثات غازات الدفيئة بمعدلات كبيرة.

المبيعات وحدها لا تكفي

لا يتطلب إدراك هاتين الفائدتين تعزيز مبيعات السيارات الكهربائية وقطاع الطاقة النظيفة فحسب، بل -أيضًا- توفير عنصر ثالث مهم: البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية.

فغياب البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية كان –وما يزال- عائًقا أمام شراء السيارات الكهربائية منذ سنوات.

 

ويشعر الكثير من المشترين المحتملين للسيارات الكهربائية بالقلق إزاء توافر نقاط الشحن التي يسهل الوصول إليها من قبل الجمهور، حتى رغم أن معظم عمليات شحن السيارات الكهربائية يمكن تنفيذه في المنازل.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم:

السيارات الكهربائية حول العالم

نمو سريع في الصين وأميركا

تشهد البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية التي يسهل الوصول إليها من قبل الجمهور نموًا سريعًا في الصين والولايات المتحدة الأميركية.

فالصين تمتلك -حاليًا- ما يربو على 300 ألف نقطة شحن عامة، بحسب البيانات الصادرة عن تحالف تعزيز البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية في الصين.

ويضع صنّاع السياسة في الصين السيارات الكهربائية على رأس أولوياتهم، في حين يبدو شحن السيارات الكهربائية في المنازل صعبًا في مدن صينية عدّة، إذ لا يمتلك المقيمون فيها ساحات انتظار سيارات خاصة كافية.

في المقابل، تمتلك الولايات المتحدة الأميركية أكثر من 67 ألف نقطة شحن، وفقًا لمعلومات صادرة عن وزارة الطاقة الأميركية، وتابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وينتشر بالمدن الصينية والمقاطعات الكبرى عشرات الآلاف من نقاط الشحن العامة، مع خطط للتوسع في نشر تلك التقنية بمعظم المقاطعات الصينية، إضافة إلى إنشاء ممرات لشحن السيارات الكهربائية على الطرق السريعة

وفي الولايات المتحدة الأميركية، تمتلك أكثر من 12 ولاية من كبرى الولايات ما لا يقلّ عن 1000 محطة شحن عامة.

ويقدّم نمو البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية في كل من الصين والولايات المتحدة الأميركية دروسًا وتناقضات عدّة لصانعي السياسات الذين يتطلعون لتعزيز التحول إلى استعمال السيارات الكهربائية.

البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية

تحدد قوى السوق والسياسات الحكومية وتيرة تأسيس البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية في الصين وأميركا، وهو ما يترتب عليه -أيضًا- حجم الاستثمارات التي تُضَخ في الصناعة الحيوية في القوّتين العالميتين الكبيرتين.

في الصين والولايات المتحدة الأميركية، تؤدي السياسات الحكومية دورًا مهمًا في نمو وازدهار البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية.

وبينما تؤدي الحكومة المركزية في الصين دورًا لا يُستهان به في تطوير البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية، يبدو دور الحكومة الفيدرالية الأميركية متواضعًا في هذا الشأن.

فرق آخر بين واشنطن وبكين يتجلى في التخطيط طويل المدى بخطّة صانعي السياسات في الصين، بقدر أكبر من الولايات المتحدة.

وفي إطار أوسع للترويج للسيارات الكهربائية، تعزز الحكومة المركزية في الصين البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية.

ففي عام 2015، أصدر مجلس الدولة الصيني دليلًا إرشاديًا يوصي بتأسيس بنية تحتية كافية لشحن 5 ملايين سيارة كهربائية بحلول عام 2020.

ونصَّ الدليل الإرشادي على وجوب أن تتضمن المباني السكنية الجديدة كل البنية التحتية اللازمة لشحن السيارات الكهربائية، وهو ما ينطبق -كذلك- على 10% من ساحات انتظار السيارات في المباني العامة الكبيرة.

وتُدرج البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية في الخطة الخمسية الـ13 للصين (2016-2020)، وطورت السلطات معيارًا وطنيًا واحدًا للشحن السريع بالتيار المستمر، إضافة إلى الاتصالات بين الشواحن والنظام المركزي.

وفي الولايات المتحدة الأميركية، انتهى العمل بالائتمان الضريبي الفيدرالي للسيارات الكهربائية في عام 2017. وقد عززت الحكومة الفيدرالية نشر ممرات وقود بديلة على امتداد الطرق السريعة الرئيسة، رغم أن السياسة لا تشتمل على تمويلات، وتقودها الولايات المشاركة.

ويجوز للحكومة الفيدرالية تقديم ضمانات قروض بقيمة 4.5 مليارات دولار للبنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية على امتداد الممرات المذكورة، لكن لم تُمنح أيّ ضمانات قروض بموجب البرنامج حتى الآن.

وعلاوة على ذلك، دعمت وزارة الطاقة الأميركية شحن السيارات الكهربائية، مع وضع برامج غير تقليدية لمشاركة المعلومات وأفضل الممارسات في هذا الخصوص.

شحن السيارات الكهربائية في الصين وأميركا
شحن سيارة كهربائية –الصورة من تشاينا ديالوغ

الشحن والشبكة

يتوقع العديد من الخبراء أن تؤدي السيارات الكهربائية دورًا بدمج مصادر الطاقة المتجددة في الشبكات الكهربائية، شريطة شحن السيارات عند توافر الطاقة المتجددة.

ويمكن أن تُسهّل برامج "استجابة الطلب" تعزيز شحن السيارات الكهربائية النظيفة.

وبرامج "استجابة الطلب" هي ببساطة تلك التي تشجع أو تطلب من العملاء خفض استعمال الكهرباء في وقت يؤدي فيه ارتفاع الطلب إلى زيادة أسعار الكهرباء.

ويمكن لصنّاع السياسة في الصين التعلم من التطورات الحالية في الولايات المتحدة الأميركية بهذا الخصوص.

ورغم أن تسعيرة شحن السيارات الكهربائية، وتُحتسب على وقت الشحن، شائعة في الصين، ستفرض برامج "استجابة الطلب" تحديًا كبيرًا، بالنظر إلى أن بكين تفتقر إلى سوق كهرباء تتذبذب فيها الأسعار وفقًا لآليات العرض والطلب.

وفي معظم الولايات الأميركية، تشهد أسعار الكهرباء بالجملة تقلبات مستمرة، ما يخلق سوقًا حقيقية ينخفض فيها الطلب وقت ارتفاع الأسعار.

وبالنسبة للسيارات الكهربائية، تشتمل تلك السوق على شركات تمتلك، أو حتى تسيطر على، أعداد كبيرة من شواحن السيارات الكهربائية، والتي يمكن بعد ذلك ضبط توقيت الشحن بها لخفض التكاليف الواقعة على المستهلكين وجعل عملية الشحن صديقة للبيئة.

وفي الصين، يتركز النقاش على زيادة نطاق "الشحن المُنظم"، ما يعني أن شركات الكهرباء هي من تُسيطر على شحن الكهرباء.

ومع مضي إصلاحات سوق الطاقة الصينية قدمًا في المسار، قد تنمو فرص برامج "استجابة الطلب" المدفوعة بظروف السوق.

نماذج أعمال

سيتطلب التوسع في البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية على المدى الطويل نماذج أعمال مستدامة اقتصاديًا.

وفي كل من الصين والولايات المتحدة الأميركية، تضطلع شركات الكهرباء بدور نشط في نشر البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية.

وتتطلب البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية في أميركا والصين استثمارات في البنية التحتية لشبكة التوزيع، سواء في المناطق السكنية القريبة التي ربما تشهد معدلات طلب مرتفعة، أو الطرق السريعة الطويلة التي يمكن وضع شواحن بها.

وتوجد شبكات شحن السيارات الكهربائية التابعة لشركات تصنيع السيارات -أيضًا- في كل من الصين والولايات المتحدة الأميركية.

فعلى سبيل المثال، تُشغّل تيسلا، عملاقة صناعة السيارات الكهربائية الأميركية، شبكة شحن سريعة في كل من الصين وموطنها أميركا، علمًا بأن الشركة المملوكة لقطب الأعمال إيلون ماسك توجد في البلد الآسيوي، مع كل من "بي واي دي" الصينية التي تدير هي الأخرى شبكات شحن كبرى في البلاد، وشركتي "نيو" و"بايك" اللتين شرعتا، مؤخرًا، في بناء محطات لشحن السيارات الكهربائية.

وفي الولايات المتحدة، تستثمر فولكس فاغن، عملاقة السيارات الألمانية، في شبكة "إلكتريفاي أميركا"، والتي ما تزال في مرحلة مبكرة من التطوير.

كما تؤدي شبكات الشحن المستقلة -غير التابعة لمرافق الكهرباء أو شركات السيارات- دورًا مهمًا في كل من الصين وأميركا.

ففي الصين، تشهد شبكات "تغود" و"ستارتشارج" و"بوتيفيو" و"شانغهاي أنروي" توسعًا كبيرًا في تركيب شواحن عامة، وتشغيلها على امتداد الطرق، وفي ساحات انتظار السيارات العامة، ومراكز التسوق التجارية.

وفي الولايات المتحدة، تُشغّل "إي في غو"، و"غرين لوتس"، و"بلينك"، و"سيما كونيكت"، شبكات منتشرة في ربوع البلاد.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق