غازتقارير الغازرئيسية

صادرات الغاز النرويجي تحل أزمة أوروبا وتُسبب معضلة لأوسلو (تقرير)

أوروبا والناتو يشيدان بدور النرويج في 2022

رجب عز الدين

أسهمت صادرات الغاز النرويجي في حل جانب كبير من أزمة الطاقة في أوروبا خلال العام الماضي، بعد أن فقدت القارة المأزومة الغاز الروسي بسبب الحرب الأوكرانية.

ونجحت السويد في أن تكون أكبر مورد غاز إلى أوروبا خلال عام 2022، لتحل محل روسيا التي قطعت الغاز عن الأوروبيين تدريجيًا في إطار الرد على العقوبات الغربية.

وتستحوذ صادرات الغاز النرويجي على 30 إلى 40% من واردات أوروبا من الغاز في الوقت الحالي، وفقًا لموقع فايننشيال تايمز المتخصص.

في المقابل، تسببت هذه الصادرات في معضلة للنرويج من خلال آثارها السلبية على جهود الدولة في تحول الطاقة وخفض الانبعاثات.

أكبر حقل في النرويج

جاءت أغلب هذه الصادرات من حقل ترول -أكبر حقل غاز في النرويج- الذي أسهم في توفير 10% من احتياجات الغاز في أوروبا والمملكة المتحدة.

وتضاعف حجم صادرات الغاز النرويجي إلى دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا 10 مرات خلال عام 2022، ليسجل 117 مليار متر مكعب مقارنة بـ10 مليارات متر مكعب خلال عام 2021.

ودخلت هذه الإمدادات إلى أوروبا عبر شبكة من خطوط أنابيب تبلغ 22 خطًا، تمتد إلى أكثر من 8 آلاف و800 كيلومتر، وتشغّلها شركة غاسكو للغاز المملوكة للدولة في النرويج، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

تغطية 40% من الطلب

نجحت هذه الكميات في تغطية قرابة 40% من الطلب الأوروبي عبر خطوط الأنابيب، كما نجحت دول شمال أفريقيا في تلبية جانب آخر من الطلب عبر خطوط الأنابيب -أيضًا-.

وضاعفت أوروبا واردات الغاز المسال المنقول عبر السفن بصورة ضخمة من 80 مليار متر مكعب في 2021، إلى 135 مليار متر مكعب خلال عام 2022، لتلبية الجانب المتبقي من الطلب.

ونجحت الولايات المتحدة في مضاعفة صادرات الغاز المسال خلال عام 2022، في إطار تعهدات من الرئيس الأميركي جو بايدن بدعم الأوروبيين الحلفاء في مواجهة روسيا.

وارتفعت صادرات الغاز المسال الأمريكي إلى دول الاتحاد الأوروبي إلى 56.4 مليار متر مكعب خلال 2022، مقارنة بــ34 مليار متر مكعب خلال عام 2021.

وأصبحت الولايات المتحدة بهذه المعدلات أكبر مورد غاز مسال لأوروبا، في حين أصبحت النرويج أكبر مورد غاز طبيعي إلى أوروبا عبر الأنابيب، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

إشادة من الناتو

صادرات الغاز النرويجي
الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ - الصورة من time news

حازت النرويج على إشادات كبار المسؤولين الأوروبيين، على دورها في إنقاذ القارة الأوروبية من أزمة الطاقة الناتجة عن انقطاع الغاز الروسي فجأة بعد أحداث تفجيرات خطوط نورد ستريم نهاية سبتمبر/أيلول 2022.

كما حازت شركة إكوينور العملاقة، التي تسيطر عليها الحكومة، على إشادات وشكر رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، على دورها في الأزمة.

وينظر الأوروبيون بعين الارتياح إلى صادرات الغاز النرويجي بوصفها قادمة من بلد ديمقراطي حليف وأحد أعضاء حلف الناتو، في مقابل صادرات الغاز من دول أخرى يصنفها الأوروبيون غير ديمقراطية.

على حساب المناخ

رغم هذه الإشادات لدور النرويج في إنقاذ أوروبا من أزمة الغاز فإن ذلك أتى على حساب معادلة الانتقال إلى الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات والحياد الكربوني في واحدة من أكثر الدول ثراءً في أوروبا، وفقًا لمقال رأي للكاتب البريطاني ريتشارد ميلن.

فقد أعلنت شركة إكوينور النرويجية أنها ستواصل إنتاج النفط والغاز إلى ما بعد 2050، العام الذي يستهدفه الأوروبيون للوصول إلى الحياد الكربوني.

كما استمرت النرويج في طرح مشروعات التنقيب عن النفط والغاز، رغم الاتفاق الحكومي مع بعض الأحزاب اليسارية في البرلمان على عدم طرح أي رخص جديدة خلال المدة البرلمانية الحالية.

التنقيب في القطب الشمالي

عرضت الحكومة النرويجية في يناير/كانون الثاني (2023) عددًا قياسيًا من الكتل للتنقيب والاستكشاف في القطب الشمالي، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتحظى خطط الحكومة النرويجية لزيادة التنقيب بدعم أوروبي شبه معلن، لدورها المستقبلي المعول عليه في تزويد أوروبا بأكبر قدر ممكن من كميات الغاز النرويجي الحليف.

وروّجت النرويج لنفسها على مدار سنوات بوصفها من أكثر البلاد الأوروبية قدرة على الوصول إلى الحياد الكربوني بسرعة، بالإضافة إلى قدرتها على إنتاج النفط والغاز بأقل بصمة كربونية في العالم، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويخشى مراقبون تأثر خطط خفض الانبعاثات والحياد الكربوني في النرويج، بزيادة إنتاجها من الغاز، وكثرة التراخيص الممنوحة لمزيد من التنقيب في القطب الشمالي.

الاتحاد الأوروبي متردد

دخل الاتحاد الأوروبي في مفاوضات مع النرويج لزيادة صادرات الغاز النرويجي خلال السنوات المقبلة، إلا أنه ما زال مترددًا في الالتزام بشراء كميات كبيرة لمدة طويلة خشية التأثير في خطط الحياد الكربوني.

وتسعي النرويج إلى الحصول على موافقة الاتحاد الأوروبي لزيادة أنشطة التنقيب في القطب الشمالي في إطار المفاوضات الجارية بين الطرفين، لكن ذلك لم يحدث بطريقة مباشرة وصريحة حتى الآن، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتحتج الحكومة النرويجية على نشطاء البيئة والمناخ بالخطط الموازية في مشروعات طاقة الرياح البحرية، إلا أنها ما زالت متأخرة بصورة كبيرة في اللحاق بركب دول بحر الشمال الأخرى المتسارعة في هذا القطاع، مثل المملكة المتحدة والدنمارك.

مكاسب خرافية

صادرات الغاز النرويجي
منصة تنقيب تابعة لشركة إكوينور النرويجية - الصورة من فايننشيال تايمز

تحتج الحكومة -أيضًا- بجهودها في احتجاز الكربون وتخزينه رغم فشل بعض مشروعاتها المبكرة، ما دفع نشطاء المناخ إلى التشكيك في جهودها لخفض الانبعاثات.

وتروج الحكومة لمشروعات إنتاج الهيدروجين الأزرق في سياق الرد على نشطاء المناخ، إلا أن اعتماد إنتاجه على حرق الغاز الطبيعي ما زال محل جدل بيئي واسع.

وحققت النرويج مكاسب ضخمة من تصدير الغاز إلى أوروبا بلغت 80 مليون دولار يوميًا، بسبب ارتفاع أسعاره بمعدل 3 أضعاف على الأقل خلال 2022، ما قد يقلل حافزها لهجر الوقود الأحفوري على المدييْن القصير والمتوسط وربما الطويل.

وسجلت النرويج أعلى عائدات قياسية من تصدير الغاز في تاريخها بقيمة 1.4 تريليون كرونة نرويجية (140 مليار دولارًا) خلال عام 2022، بمعدل زيادة 300% عن عائدات عام 2021، وفقًا لبيانات معهد الإحصاء النرويجي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق