غازتقارير الغازرئيسيةعام على حرب أوكرانيا

صادرات الغاز المسال الروسي تتسلل إلى أوروبا ومطالب بمحاصرتها دون عقوبات (تقرير)

الغاز الروسي خارج العقوبات حتى الآن

رجب عز الدين

ما زالت صادرات الغاز المسال الروسي قادرة على النفاذ إلى أوروبا عبر السفن والناقلات البحرية، بعد توقّف نقل الغاز الطبيعي عبر خطوط أنابيب نورد ستريم منذ أواخر سبتمبر/أيلول 2022.

وتبحث الدول الأوروبية عن مخرج قانوني لمحاصرة الواردات القادمة من روسيا وبيلاروسيا دون استعمال سلاح العقوبات الذي لا يحظى بإجماع الدول الأعضاء.

واقترح وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي تعديل قواعد سوق الغاز الجديدة على مستوى أوروبا لمنع تسلل صادرات الغاز المسال الروسي إليها بصورة نهائية، وفقًا لموقع المفوضية الأوروبية.

ويدور المقترح الأولي حول منح الحكومات الأوروبية صلاحية وقف مصدّري الغاز الروس والبيلاروس من تقديم عطاءات مسبقة لتوريد الغاز المسال إلى أوروبا.

ويأتي هذا الاقتراح في إطار النقاش الدائر بين الدول الأعضاء حول قواعد سوق الغاز الجديدة في الاتحاد الأوروبي، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

الغاز خارج العقوبات

ما زال الاقتراح في مرحلة التداول للوصول إلى صيغة نهائية للتصويت عليه في البرلمان الأوروبي، ما يرجّح استغراق هذه الفكرة شهورًا حتى تتحول إلى قرار تنفيذي.

صادرات الغاز المسال الروسي
مفوضة الطاقة الأوروبية كادري سيمسون، الصورة من حسابها في تويتر

وتعهّد الاتحاد الأوروبي المكون من 26 دولة بالتخلّي عن الغاز الروسي نهائيًا، ردًا على الغزو الروسي لأوكرانيا، لكنه لم يفرض عقوبات مباشرة عليه بعد.

وفرض الاتحاد عقوبات على النفط الروسي بداية من 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، ثم أتبعها بعقوبات مماثلة على المشتقات النفطية، لا سيما الديزل الروسي، منذ 5 فبراير/شباط 2023، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

أمّا بالنسبة للغاز، فلم يصدر عن أوروبا عقوبات مباشرة بشأنه، بسبب استباق روسيا إلى خفض الإمدادات عبر خط نورد ستريم، ردًا على العقوبات الأوروبية المفروضة عليها بسبب الحرب في أوكرانيا.

ويُستثنى من هذا قرار ألمانيا شبه الاستباقي بوقف تشغيل خط نورد ستريم 2، قبيل الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا بأيام قليلة، ردًا على ضم روسيا بعض الأقاليم الأوكرانية قبل إطلاق صافرة الغزو العسكري لأراضي كييف.

أوقفت موسكو إمدادات الغاز الروسي عبر خط نورد ستريم الرئيس بصورة تدريجية بعد الحرب بأشهر بدواعي الصيانة، ثم توقفت الإمدادات بصورة شبه كاملة بعد حادث التفجير الغامض للخطوط نهاية سبتمبر/أيلول 2022.

22 مليار متر مكعب

أدت هذه الملابسات لانخفاض واردات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب، لكنها ما لبثت أن تسللت إلى أوروبا مجددًا عبر السفن والناقلات الحاملة للغاز المسال البديل لغاز الأنابيب.

وارتفعت صادرات الغاز المسال الروسي إلى أوروبا خلال العام الماضي (2022) إلى 22 مليار متر مكعب، مقارنة بـ16 مليار متر مكعب في عام 2021، وفقًا لبيانات صادرة عن الاتحاد الأوروبي.

وأزعجت هذه الأرقام المتصاعدة عددًا من الدول الأوروبية المتشددة في تطبيق العقوبات على موسكو لحرمانها من موارد تمويل الحرب على أوكرانيا.

وأبدى نائب وزير الطاقة في ليتوانيا " ألبيناس زانانا فيسيوس" انزعاجه من وصول صادرات الغاز المسال الروسي إلى أوروبا واستفادتها من البنية التحتية الجديدة للغاز المسال، وفقًا لوكالة رويترز.

مقترحات للحصار

تكافح أوروبا لإنشاء سلسلة واسعة من محطات تخزين الغاز الطبيعي وإسالته في أغلب المواني الأوروبية، ضمن إطار خطط التوسع في استيراد بدائل الغاز الروسي من دول العالم المصدّرة.

واضطرت أوروبا لتخصيص مبالغ ضخمة لبناء محطات الغاز المسال بسبب الأضرار التي لحقت بها من انقطاع إمدادات الغاز الروسي، ما يستلزم منع المصدرين الروس والبيلاروس من التسلل إلى أوروبا عبر سفن وناقلات الغاز المسال، على حدّ قول نائب وزير الطاقة في ليتوانيا.

وأثنت مفوضة الطاقة الأوروبية كادري سيمسون على اقتراحات ليتوانيا وبعض الدول الأوروبية بالبحث عن مخرج قانوني لحظر وصول المورّدين الروس والبيلاروس إلى الأسواق الأوروبية.

وينصّ اقتراح ليتوانيا على منح الدول الأعضاء صلاحيات قانونية تمكّنها من وقف صادرات الغاز المسال الروسي بطريقة مختلفة عن العقوبات التي تحتاج إلى إجماع الدول الأعضاء.

المجر تقف عقبة

تعارض بعض الدول الأوروبية مسألة العقوبات على روسيا لأسباب سياسية واقتصادية، لا سيما دول شرق أوروبا، مثل المجر وسلوفاكيا والتشيك وغيرها، لاعتمادها على واردات الطاقة الروسية بدرجة كبيرة، وصعوبة الاستبدال بها في غضون أشهر أو سنوات قليلة.

وعبّرت المجر عن رفضها لمقترح تقييد صادرات الغاز المسال الروسي، إضافة إلى مقترحات أخرى تتعلق بسوق الغاز الجديدة على مستوى الاتحاد.

وليس هذا الموقف بغريب على المجر التي تهاجم فكرة العقوبات على روسيا من أصلها منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير/شباط 2022.

مناشدات غير ملزمة

صادرات الغاز المسال الروسي
جانب من مناقشة المفوضية الأوروبية لقواعد الغاز الجديدة، الصورة من حساب كادري سيمسون في تويتر

تختلف أغلب دول الاتحاد مع المجر في موقفها من روسيا، ما دفع مفوضية الطاقة الأوروبية كادري سيمسون إلى مخاطبة الشركات الأوروبية لحثّها على وقف توقيع صفقات جديدة لاستقبال صادرات الغاز المسال الروسي إلى أوروبا.

كما تقدمت وزارة الطاقة الإسبانية بالطلب نفسه إلى الشركات في إسبانيا، لكن هذه الطلبات ما زالت غير ملزمة، ولا تخرج عن مجرد كونها توصيات أو مناشدات.

فما زال الغاز الروسي بشقّيه الطبيعي والمسال لا يخضع لعقوبات الاتحاد الأوروبي، التي لا تشمل سوى النفط الخام والمشتقات الروسية المنقولة بحرًا حتى الآن، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

واستطاعت أوروبا تجاوز الشتاء الماضي دون مشكلات ملحوظة في إمدادات الغاز للمنازل أو الصناعة، بفضل التوسع في استيراد الغاز المسال من الدول المصدرة له عالميًا، إضافة إلى زيادة الإمدادات عبر خطوط الأنابيب المتصلة بالنرويج.

الغاز النرويجي والأميركي

زادت النرويج صادراتها من الغاز إلى أوروبا بمعدل 8 أضعاف خلال العام الماضي (2022)، لتسجل 90 مليار متر مكعب مقارنة بـ10 مليارات متر مكعب في 2021، لتصبح أكبر مورّد غاز لأوروبا عبر خطوط الأنابيب.

بينما زادت واردات الغاز المسال بصورة ضخمة من 80 مليار متر مكعب في 2021 إلى 135 مليار متر مكعب خلال عام 2022، مع توقعات باستمرار زيادتها خلال عام 2023، وفقًا لتقديرات مفوضة الطاقة الأوروبية.

وأصبحت الولايات المتحدة أكبر مصدّر للغاز المسال إلى أوروبا، بعد نجاحها في زيادة صادراتها لدول الاتحاد إلى 56.4 مليار متر مكعب خلال 2022، مقارنة بــ34 مليار متر مكعب خلال عام 2021.

يمكن تجاوز الشتاء

وتقول كادري سيمسون، إن أوروبا قادرة على تجاوز شتاء 2023-2024 دون مشكلات في الإمدادات على مستوى الاتحاد، مع وصول معدل المخزونات في محطات الغاز المسال إلى مستويات تاريخية مطمئنة.

وبلغ مستوى مخزونات الغاز في أوروبا 55%، متجاوزًا معدل التخزين خلال العام الماضي بصورة كبيرة، ومتفوقًا على المتوسط التاريخي لتخزين الغاز في أوروبا، ما يرجّح مرور الشتاء المقبل بسلام.

ودخلت 5 محطات إسالة جديدة حيز التنفيذ خلال العام الحالي، ما يرجّح زيادة قدرة التخزين الأوروبية بمعدل 50 مليار متر مكعب إضافية بحلول عام 2024، إضافة إلى 20 مليار متر مكعب متَّفق على توريدها خلال 2023.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق