التقاريرتقارير الغازتقارير النفطرئيسيةروسيا وأوكرانياغازنفط

موارد النفط والغاز في القطب الشمالي تفجر خلافًا أوروبيًا قد يعمق أزمة الطاقة

هبة مصطفى

ناقوس خطر جديد قد يُعمّق أزمة الطاقة الأوروبية بنشوب خلاف حول موارد النفط والغاز في القطب الشمالي، بين النرويج من جهة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، في توقيت بالغ الحيوية للقارة العجوز التي تكافح لتعويض غياب الغاز الروسي.

وتسعى أوسلو إلى مواصلة أعمال الحفر والتنقيب وتطوير موارد جديدة بالدائرة القطبية الشمالية مخالفةً للخطط المناخية والسياسات التي أقرّتها المفوضية الأوروبية لتنظيم عمل تلك المنطقة، ما أثار حفيظة نشطاء المناخ من جديد، بحسب صحيفة إنرجي إنتيليغنس (Energy Intelligence).

ويبدو أن القارة العجوز وقعت في مأزق جديد، إذ ما زالت تبحث عن تدفقات غاز بديلة لتدفقات موسكو، وكان الغاز النرويجي اللاعب الأبرز خلال مرحلة ما بعد العقوبات، إذ تسعى الدولة غير العضو في الاتحاد الأوروبي إلى تطوير مواردها لتلبية الطلب الأوروبي الآخذ في الارتفاع.

وبينما تتجه النرويج للبحث عن مكامن جديدة، يبدو أنها ستصطدم بالسياسات الخضراء للاتحاد الأوروبي الرامية لوقف التنقيب عن النفط والغاز في القطب الشمالي المثير للجدل، ما يحبس الأنفاس خلال الأشهر المقبلة، خوفًا من تفاقم أزمة الطاقة، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

خطط النرويج

تستعد النرويج للإطلاق جولة تراخيص جديدة للتنقيب عن النفط والغاز في القطب الشمالي، ومن المقرر أن تبدأ وزارة الطاقة -خلال الأسبوع الجاري- تلقّي عطاءات الحفر والتنقيب في 92 مربعًا بحريًا جديدًا (78 مربعًا جنوب بحر بارنتس، و14 في البحر النرويجي).

النفط والغاز في القطب الشمالي
سفينة حفر للتنقيب عن النفط والغاز في القطب الشمالي - الصورة من The Arctic Institute

وقال وزير النفط والطاقة النرويجي تيرجي أسلاند، إن تعزيز الاستكشافات الجديدة وتطوير موارد النفط والغاز في القطب الشمالي لن تجني النرويج وحدها منافعه، بل تمتد للمنطقة والدول الأوروبية.

وأشار أسلاند إلى أن طرح جولات تراخيص الحفر والتنقيب بصورة سنوية قد أوضح ملامح السياسات النفطية لأوسلو، مضيفًا أن الإدارة طويلة الأجل للموارد الهيدروكربونية محلّ اهتمام من قطاع الطاقة النرويجية.

ويأتي طرح جولة التراخيص النرويجية للتنقيب عن النفط والغاز في القطب الشمالي في وقت تتعطش به القارة الأوروبية لإمدادات الطاقة، بعدما غادرتها التدفقات الروسية، مع تصاعد وتيرة العقوبات ضد موسكو، وقد تكون الجولة الأخيرة بمثابة أحد العوامل المساعدة في إنهاء الاعتماد الأوروبي على روسيا.

وكشفت بيانات خبير الصناعات الغازية في منظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول "أوابك"، المهندس وائل حامد عبدالمعطي، تَصدُّر النرويج لواردات الغاز إلى أوروبا، بينما حلّت الجزائر في المرتبة الثانية، بحسب تصريحات له يوم الخميس 12 يناير/كانون الثاني الجاري.

خلاف أوروبي

أبدت المفوضية الأوروبية، في أكتوبر/تشرين الأول عام (2021)، رغبتها بتوسعة رقعة الآليات الداعمة لكبح الانبعاثات، ومن ضمنها تقييد موارد الهيدروكربونات، غير أن تحفُّظ سياسة الاتحاد على أعمال التنقيب والبحث عن النفط والغاز في القطب الشمالي قد يضع النرويج في خلاف مباشر معه.

وتضمنت الخطط المطروحة حينها التعاون مع شركاء من خارج دول الاتحاد -في إشارة إلى النرويج- للتوصل إلى تعهد قانوني يُلزم الأطراف الموقّعة عليه بوقف تطوير الهيدروكربونات في القطب الشمالي.

وكانت الدول المشاركة في تلك المباحثات تهدف إلى الاتفاق حول "تحالف صناعي أخضر" يدعم تطوير التقنيات والأسواق، سواء في دول الاتحاد أو النرويج، لتسريع وتيرة انتقال الطاقة، وكانت الخطط تسير باتجاه إعلان الالتزام رسميًا خلال انعقاد قمة المناخ كوب 27 في مصر قبل أشهر قليلة.

ويبدو أن المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والنرويج حول السياسات الخضراء لموارد القطب الشمالي باتت في مهب الريح، وبلغت طريقًا مسدودًا، وفق منظمة "بيلونا" النرويجية غير الحكومية المعنية بشؤون البيئة.

ويكشف الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- حجم تدفقات الغاز إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب في 12 يناير/كانون الثاني الجاري، والذي تصدَّرته النرويج، بحسب بيانات منظمة أوابك:

حجم تدفقات الغاز إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب في 23 يناير 2023

إنذار خطر

حذّرت منظمة بيلونا من تفاقم الخلاف بين دول الاتحاد الأوروبي والنرويج حول سياسات موارد النفط والغاز في بحر الشمال، مشيرةً إلى أن الخلاف قد يلقي بظلاله على الصناعات النظيفة في أوسلو، مثل تطوير صناعة الرياح البحرية والبطاريات التي تعدّ أوروبا السوق الرئيسة لها.

ويكمن الخلاف في رغبة النرويج بتعديل صياغة مسودة الاتفاق لِما يضمن السماح لأنشطة النفط والغاز في القطب الشمالي بالتطوير وامتداد ذلك إلى ما بعد نهاية العقد (2030)، وفي المقابل، يرفض الاتحاد الأوروبي تلك الممارسة، ويسعى إلى عدم استخراج تلك الموارد وإبقائها في باطن الأرض.

ويتمسك ممثّلو الاتحاد بمواصلة المفاوضات مع أوسلو في هذا الشأن لمنع تعرُّض القطب الشمالي "الهش" للتغيرات المناخية التي قد تطيح بموارده.

الطلب على الغاز

يتزامن الخلاف بين أوسلو من جهة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى مع ذروة فصل الشتاء وتصاعد وتيرة الطلب الأوروبي على الغاز، وبينما يغيب الغاز الروسي عن القارة العجوز يلحّ سؤال رئيس على أسواق الطاقة: "إلى متى تستمر قدرة النرويج على تلبية الطلب الأوروبي؟".

النفط والغاز في القطب الشمالي
منصة حفر ومعدّات استكشاف للهيدروكربونات - الصورة من Geographical Magazine

وبحسب أحدث البيانات الصادرة عن "أوابك"، بلغت صادرات الغاز النرويجي إلى أوروبا 258 مليون متر مكعب، بما يعادل أقصى معدل ضخ يومي لتدفقات الغاز من أوسلو.

وحتى تتمكن النرويج من الحفاظ على صدارة أبرز المورّدين إلى أوروبا، يتعين عليها البحث عن منافذ جديدة وتطوير إمكاناتها ومواردها، لكن من المعقول أن تصطدم بالالتزامات والأهداف المناخية.

ويبدو أن روسيا نجحت بإقحام أوروبا داخل دائرة مفرغة: "هل نبحث عن منافذ للغاز تحقّق الاكتفاء الذاتي أوروبيًا؟ أم ننحاز للأهداف الخضراء ونترك الأسواق فريسة لأزمة الطاقة؟".

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق