التقاريرتقارير منوعةرئيسيةمنوعات

شركات النفط الكبرى توقف تمويل وقود الطحالب الحيوي.. هل كان غسلًا أخضر؟ (تقرير)

استهلكت البحوث سنوات طويلة ومئات الملايين من الدولارات

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • كانت أبحاث الطحالب محور حملات التسويق الخضراء لشركة إكسون لسنوات
  • استثمرت شركة إكسون موبيل 350 مليون دولار في إنتاج الوقود الحيوي من الطحالب
  • إكسون موبيل كانت جادة بشأن إمكانات إنتاج الوقود الحيوي من الطحالب
  • ليس مُستَغرَبًا أن تغيّر الشركات أولوياتها الاستثمارية بمرور الوقت

وصفت شركات النفط الكبرى استثماراتها في وقود الطحالب الحيوي بأنها حلّ مناخي يمثّل مستقبل التنقل منخفض الكربون، إلا أن جميع تلك الشركات أوقفت تمويل أبحاثها واستثماراتها في هذا المضمار.

ورغم شعورهم بخيبة الأمل، لم يتفاجأ المراقبون بإعلان شركة إكسون موبيل الأميركية، آخر مؤيد متبقٍ لوقود الطحالب الحيوي، التوقف عن تمويل الأبحاث ذات الصلة في جامعة ويسكنسون، حسبما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية (The Guardian) في 17 مارس/آذار الجاري.

وكانت أبحاث الطحالب محور حملات التسويق الخضراء لشركة إكسون موبيل لسنوات، وكثيرًا ما واجهت تلك الحملات انتقادات بصفتها عملية غسل أخضر وليست جهدًا بحثيًا حقيقيًا، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وقال العديد من شركائها الباحثين السابقين، لصحيفة الغارديان، إن إكسون موبيل كانت جادة بشأن إمكانات إنتاج الوقود الحيوي من الطحالب -موضحين سبب بقائها في الميدان بعد مدة طويلة من الوقت الذي توقفت فيه شركات النفط الأخرى عن العمل- ولكنها ليست جادة بما فيه الكفاية.

استثمارات بمئات الملايين

خلال 12 عامًا في الميدان، استثمرت شركة إكسون موبيل 350 مليون دولار في إنتاج الوقود الحيوي من الطحالب، وفقًا للمتحدث باسم الشركة كيسي نورتون.

وقال نورتون، إن هذا المبلغ يفوق ضعف ما أنفقته الشركة على الترويج لهذا البحث في الإعلانات.

وأبلغ الباحثون المعنيّون صحيفة الغارديان أن الجهد الحقيقي لتسويق الوقود الحيوي، الطحالب أو غير ذلك، يتطلب عدة مليارات من الدولارات، وتفرُّغًا طويل الأمد للتغلب على ما يبدو أنه قيود بيولوجية أساسية للمتعضّيات البرية.

وأضافوا أنه لم تكن أي شركة نفط على استعداد للذهاب إلى هذا الحد.

وقال أحد الباحثين -الذين موّلت شركة إكسون موبيل أبحاثه عن الوقود الحيوي في جامعة ويسكونسن بمدينة ماديسون، لسنوات- جورج هوبر: "من الصعب جدًا والمكلف للغاية طرح هذه التقنيات في السوق".

وأوضح: "لن يحدث ذلك بين عشية وضحاها. إنه لأمر طيّب أن يقدموا هذه الالتزامات، ويتوجب عليهم ضخ المزيد من رأس المال في هذه المشروعات".

وأضاف أن بنوك وول ستريت توجه شركات النفط الكبرى وعليها الحفاظ على أسعار أسهمها مرتفعة وإبقاء مساهميها سعداء بهدف جني مبلغ كبير من المال.

الطحالب والوقود الحيوي

كانت جاذبية الطحالب بصفتها مادة وسيطة للوقود الحيوي ذات شقّيْن: نظرًا إلى أنها تنمو بتركيزات كبيرة في المستنقعات وبرك المياه، فإنها لا تتنافس مع المحاصيل الغذائية على الأراضي الصالحة للزراعة.

وتنتج بعض السلالات كميات كبيرة من الدهون، وهي أحماض دهنية يمكنها إنتاج زيت يمكن تحويله إلى وقود بسهولة نسبيًا. لكن التنافس مع الوقود الأحفوري المتاح بكثرة والمدعوم بشدة، خصوصًا الغاز، لم يكن بهذه السهولة، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

شركات النفط الكبرى توقف تمويل وقود الطحالب الحيوي
عملية معالجة الطحالب لاستخراج الوقود الحيوي

وقال الرئيس التنفيذي السابق للتكنولوجيا في شركة فيريدوس، الشريكة السابقة لأبحاث الطحالب لشركة إكسون موبيل، تود بيترسون: يتمثَّل أحد أكبر التحديات في أن السلالات البرية من الطحالب لا يمكن أن توفر المستويات العالية من الدهون اللازمة لإنتاج كميات كبيرة من الوقود.

لهذا السبب ركزت فيريدوس على التعديل الجيني للكائنات لزيادة إنتاج الدهون، وأحرزت تقدمًا ملحوظًا، حسبما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية (The Guardian) في 17 مارس/آذار الجاري.

وتتمثل الصيغة السحرية للجدوى التجارية للوقود الحيوي للطحالب في سلالة يمكن أن تنتج 15 غرامًا من الزيت لكل متر مربع في بيئة خارجية، وقد وصلت سلالة واحدة من شركة فيريدوس إلى إنتاج 10 كيلوغرامات.

وأضاف بيترسون -الذي عمل في الشركة من 2013 إلى 2018- إنه كان لديه دائمًا انطباع بأن العلماء في إكسون موبيل الذين عملت فيريدوس معهم كانوا جادّين بشأن البحث.

ويُظهر الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- معدل إنتاج الوقود الحيوي في العالم منذ 1990 حتى 2021:

إنتاج الوقود الحيوي في العالم

في المقابل، سرّحت شركة فيريدوس 60% من قوتها العاملة بعد انسحاب إكسون موبيل في ديسمبر/كانون الأول 2022 من القطاع، وهو الأمر الذي كشفت عنه وكالة بلومبرغ، الشهر الماضي.

وعلى الرغم من إحراز تقدم ملموس خلال العقد الماضي، فإن معظم الباحثين في مجال الطحالب يقولون إن الوقود الحيوي للطحالب بالمستوى اللازم لتلبية متطلبات الوقود الحالية ما يزال على بعد عقد من الزمان على الأقل، وعلى الأرجح عقدين من الزمن.

وفي نهاية المطاف، استثمرت إكسون موبيل ما يزيد قليلا على نصف مبلغ الـ600 مليون دولار الذي وعدت به في عام 2009، وفقًا للمتحدث باسم الشركة، كيسي نورتون.

وقال العديد من موظفي فيريدوس السابقين -الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لأنهم وقعوا اتفاقيات عدم إفشاء-، إن تمويل أبحاث إكسون لم يكن كثيرًا أبدًا، لكن الشركة سترسل طواقم كبيرة إلى برك الطحالب لتصوير مقاطع فيديو لإعلاناتها.

وقال موظف سابق لدى فيريدوس: "كنت أراهم يعملون، وأعتقد أنني أتمنى لو منحونا المزيد من التمويل البحثي مقابل إنفاق الكثير على الإعلان".

ويرى المحللون أنه ليس مُستَغرَبًا أن تغيّر الشركات أولوياتها الاستثمارية بمرور الوقت ومع تغير الأسواق والعائدات.

استثمارات أبحاث إنتاج الوقود الحيوي

حدثت أول استثمارات كبيرة في أبحاث إنتاج الوقود الحيوي من الطحالب خلال السبعينيات، عندما قُيّدت إمدادات النفط بفضل حظر أوبك ضد الولايات المتحدة، وخصصت جميع شركات النفط الكبرى الأموال في الوقود البديل وتقنيات الطاقة المتجددة.

في ذلك الوقت، كانت شركة إكسون موبيل تستثمر في كل شيء من بطاريات الطاقة الشمسية والمحطات النووية إلى بطاريات الليثيوم وأبحاث تغير المناخ.

وبالمثل، فإن شركات النفط الكبرى بي بي، وشل، وشيفرون، وإكسون موبيل تحولت جميعها إلى الطحالب منذ عام 2008، معلنةً مئات الملايين من الدولارات لتمويل الأبحاث. ثم انهارت طفرة التكسير الهيدروليكي في عام 2015، وانسحبت الشركات واحدة تلو الأخرى.

وواصلت بعض الشركات -على سبيل المثل شل- استثماراتها الرئيسة في الوقود الحيوي على نطاق أوسع، لكن إكسون موبيل فقط هي التي بقيت في مجال الطحالب.

وقال الباحث لدى كلية كولورادو للمناجم والمختبر الوطني للطاقة المتجددة، ماثيو بوزويتس: "إن طفرة الطحالب ظهرت في وقت مبكر من القرن الـ21 عندما بدا أن العالم ما يزال بحاجة إلى العمل على نوع من الوقود السائل".

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق