التقاريرتقارير الغازتقارير النفطرئيسيةروسيا وأوكرانياغازنفط

سياسات بايدن تهدد صادرات الطاقة الأميركية إلى أوروبا

هل تحل محل روسيا؟

هبة مصطفى

كانت صادرات الطاقة الأميركية من بين منافذ عدّة لجأت إليها الأسواق الأوروبية منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير/شباط من العام الماضي (2022) وحتى الآن، لتعويض غياب الوقود الأحفوري الروسي، إمّا طواعية أو بفعل العقوبات.

وزوّدت الولايات المتحدة جانبًا من أسواق القارة العجوز بتدفقات النفط والغاز المسال، غير أن سياسات إدارة الرئيس جو بايدن المنحازة لانتقال الطاقة وخفض الانبعاثات قد تؤثّر في استمرار تلك الصادرات خلال العام الجاري (2023)، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

وانخفض حجم الاعتماد الأوروبي على واردات الطاقة الروسية إلى ما دون 20% من إجمالي استهلاكها خلال عام كامل من الحرب الأوكرانية، ومقابل ذلك، سعت القارة العجوز إلى عقد صفقات (فورية، وطويلة الأجل) لتوفير الإمدادات اللازمة لتلبية الطلب.

وفي ظل استمرار الحرب والعمل بحزم العقوبات ضد الطاقة الروسية، نما الطموح الأميركي ليحلّ محل صادرات موسكو إلى أوروبا.

وتهدد رؤية إدارة بايدن للوقود الأحفوري بصفته "مجرم" أمن الطاقة لدى الولايات المتحدة والقارة العجوز أيضًا، وفق مقال للرئيس التنفيذي لشركة "كناري" لخدمات حقول النفط "دان إبرهارت" نشرته مجلة فوربس (Forbes).

دروس عام من الحرب

بات ضمان أمن الطاقة الدرس الأبرز عقب مرور عام على الغزو الروسي لأوكرانيا، ولا يتعين على أوروبا الاغترار بقدرتها على توفير بدائل للإمدادات الروسية، سواء مع زيادة صادرات الطاقة الأميركية إليها، أو عبر منافذ أخرى، خلال الأشهر اللاحقة لاندلاع الحرب.

صادرات الطاقة الأميركية
مرافق للنفط والغاز في أميركا - الصورة من فاينانشيال تايمز

وبحسب ما أورده دان إبرهارت في مقاله، فإن العوامل المحيطة بالمعروض ما زالت تشكّل مصدر قلق رغم انخفاض أسعار الطاقة ومواجهة أوروبا شتاء معتدلًا.

وأعرب إبرهارت عن تخوّفه من اتخاذ أسعار الطاقة اتجاهًا صعوديًا مرة أخرى، مع توقعات بتراجع المعروض، لا سيما بعد قرار روسيا بخفض إنتاجها النفطي بمقدار 500 ألف برميل يوميًا، بدءًا من مارس/آذار المقبل.

وقد يدفع قرار موسكو بتقليص إنتاجها النفطي نحو زيادة أسعار النفط، بما يتوافق مع التحذير الذي أطلقه مصرف غولدمان ساكس حول نقص السلع خلال العام الجاري (2023)، وتوقعاته بارتفاع سعر خام برنت إلى 105 دولارات للبرميل، وتسعير المليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز المسال بنحو 55 دولارًا.

وتتزامن تلك التوقعات مع معاناة غالبية الاقتصادات العالمية من تزايد معدلات التضخم، رغم عدم عودة مستويات الطلب إلى سابق عهدها قبل انتشار جائحة كورونا والإغلاقات التي أعقبتها.

سياسات بايدن

شكّلت صادرات الطاقة الأميركية حصة من إمدادات السوق الأوروبية على مدار عام من الحرب الأوكرانية، وسمحت التدفقات التي تلقّتها أسواق القارة من منافذ شرق أوسطية وأفريقية وأميركية وغيرها؛ لتهدئة وتيرة اشتعال الأسعار وإعادتها -نسبيًا- إلى التوازن.

ويبدو أن طموحات زيادة صادرات الطاقة الأميركية إلى أوروبا خلال العام الجاري (2023) قد تصطدم بسياسات الرئيس جو بايدن، التي قد تؤدي في نهاية الأمر إلى التأثير في المعروض، تحت ظل استمرار تراجع استثمارات شركات النفط والغاز بالولايات المتحدة.

وتنظر إدارة بايدن إلى الوقود الأحفوري بصفته أدّى دور "مجرم شرير"، بالنظر إلى دور صناعة النفط والغاز في "تحريك" الأسعار صعودًا وجني مكاسب من وراء اشتعالها.

ويتضمن الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز ملامح خطة بايدن لتحقيق انتقال الطاقة ومكافحة التغير المناخي، ومن ضمنها وقف التكسير المائي (الهيدروليكي) في الأراضي الفيدرالية:

بايدن- سياسة بايدن
خطة-بايدن-لمكافحة-التغير-المناخي

واللافت للنظر هنا، أن بايدن يوجه انتقادات لأسعار الطاقة المرتفعة، بينما يواصل تطبيق سياساته المُقيدة لاستثمارات الاستكشاف وتطوير إمدادات الإنتاج المحلي، عبر عرقلة إيجارات الأراضي الفيدرالية، أو منع الموافقات على إنشاء خطوط أنابيب جديدة لنقل الخام.

وبينما تسعى صادرات الطاقة الأميركية إلى استمرار حصتها لدى الأسواق الأوروبية أو زيادتها، لا يزال تركيز بايدن منصبًا على خطط انتقال الطاقة الذي لن تجني البلاد ثماره في وقت قريب.

ولحين تمكُّن الولايات المتحدة من التحول إلى "اقتصاد منخفض الكربون" خلال عقود، ستظل موارد الوقود الأحفوري -خاصة النفط والغاز- أداة حقيقية لزيادة صادرات الطاقة الأميركية، وتعزيز أمن الطاقة المحلي، وفق مقال إبرهارت.

صادرات الطاقة الأميركية إلى أوروبا

تلقّت أوروبا المزيد من شحنات صادرات الطاقة الأميركية -سواء من النفط الخام أو المشتقات أو الغاز المسال- خلال العام المنصرم، وتحديدًا منذ اندلاع الحرب الأوكرانية، بعدما خفضت دول القارة العجوز اعتمادها على إمدادات الطاقة من موسكو إلى ما دون 20%.

وشهدت صادرات الطاقة الأميركية إلى أوروبا -خلال العام الماضي، زيادة في شحنات النفط الخام بنسبة 70%، مقارنة بالعام السابق له، مسجلة 1.75 مليون برميل يوميًا.

وعزّز إنتاج النفط الصخري من زيادة صادرات الطاقة الأميركية، إذ يقول مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن زيادة إنتاجه خلال الأعوام الـ12 الماضية دفعت أميركا إلى تقلُّد موقع "أكبر منتجي النفط والغاز في العالم".

وأضاف -في إحدى حلقات برنامجه "أنسيات الطاقة" المُذاع بموقع التدوينات القصيرة "تويتر"، وحملت عنوان "نوعية النفط.. بين النفط الصخري والنفط الخليجي والعقوبات على روسيا"- أن إنتاج النفط الصخري في أميركا أسهم في تحولها إلى أكبر مصدّري الغاز المسال عالميًا.

ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور حجم الصادرات الأميركية من الغاز المسال على مدار أشهر العام الماضي (2022):

صادرات الغاز المسال الأميركية منذ بدء حرب أوكرانيا

وبالمثل، ارتفعت شحنات الغاز المسال الأميركي إلى المواني الأوروبية خلال العام الماضي بنسبة 150% -بنحو يزيد عن ضعف مستويات عام 2021- إذ قُدِّرت بنحو يزيد عن 55 مليار متر مكعب.

ووفق البيانات الواردة في المقال، كانت شحنات الغاز المسال أبرز صادرات الطاقة الأميركية إلى أوروبا، لا سيما مع التقلبات التي شهدتها تدفقات الغاز الروسي، وانتهت بتوقّف خطوط الأنابيب لغالبية دول القارة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق