التقاريرتقارير الكهرباءرئيسيةكهرباء

الكهرباء في جنوب أفريقيا تضع مستقبل رامافوزا السياسي على المحك

إعلان حالة الكارثة الوطنية

محمد عبد السند

قادت أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا إلى حالة من الاستنفار العام، ما يزيد الضغوط على السلطات التنفيذية لاتخاذ ما يلزم في سبيل حل الأزمة المستفحلة في البلاد.

لكن بدائل الطاقة في بلد اعتاد توليد الكهرباء من المحطات العاملة بالفحم لن تكون خيارًا سهلًا على ما يبدو -على الأقل في الوقت الراهن- ما يضاعف حجم التحديات أمام حكومة الرئيس سيريل رامافوزا.

ودفعت أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا رامافوزا إلى إعلان حالة الكارثة الوطنية نتيجة الصعوبات التي تواجهها بلاده في هذا الخصوص، ما دفعه إلى استحداث منصب وزير الكهرباء، أملًا في إنقاذ وضع الطاقة الذي يسير من سيئ إلى أسوأ، حسبما أورد موقع "إنرجي فويس" Energy Voice.

وكشف رامافوزا النقاب عن حزمة من الإجراءات في إطار الجهود المبذولة لمواجهة أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا، خلال إلقائه خطاب "حالة الأمة" أمس الأول الخميس 9 فبراير/شباط (2023)، واصفًا أزمة الطاقة في البلاد بأنها "تهديد وجودي".

وقال رامافوزا إنه "يتعيّن على جنوب أفريقيا ألا تؤخر جهودها في هذا الخصوص، ويجب علينا ألا نُهدر الوقت في تنفيذ تلك الإجراءات"، وفق التصريحات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وأضاف رامافوزا: "بالنظر إلى الأزمة، ثمة حاجة ماسة إلى التجمع حول قيادة واحدة، وخط مسار واحد. ونحن إذ نواجه سبب الأزمة، حري بنا -أيضًا- أن نتعامل فورًا مع تداعياتها. فقد استفحلت لتلقي بظلالها على كل أفراد المجتمع ومؤسساته".

انقطاع التيار الكهربائي
الرئيس سيريل رامافوزا - الصورة من دويتشه فيله

حالة الكارثة الوطنية

أوضح رئيس جمهورية جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، أن "إعلان حالة الكارثة الوطنية من شأنه أن يسرّع وتيرة مشروعات الطاقة، ويحد من الشروط التنظيمية".

لكن ورغم ذلك، قال رامافوزا إن "بلاده ستحافظ على معايير السلامة البيئية، وكذلك المعايير التقنية"، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ومن المقرر أن يعمل وزير الكهرباء الجديد مع مجلس إدارة "إسكوم هولدنغ"، مرفق الكهرباء الرئيس في جنوب أفريقيا، لضمان سير خُطة عمل الطاقة، التي وُضعت في أواسط عام 2022، على النحو المأمول.

وسيواصل وزير المشروعات العامة تأدية المهام المنوط بها، وسيعمل كذلك على دفع الجهود باتجاه إعادة هيكلة "إسكوم هولدنغ".

وزارة الكهرباء مفاجأة

يُعد استحداث وزارة للكهرباء مفاجأة للكثيرين، مع تزايد الحديث خلال المدة الماضية عن إسناد مسؤولية "إسكوم" إلى وزارة الموارد المعدنية والطاقة في البلاد.

وعلى صعيد متصل، قال الرئيس سيريل رامافوزا إن إسناد مهمة توليد الكهرباء إلى شركات خاصة قد بدأ، إذ يعمل مطورون على أكثر من 100 مشروع، بسعة مُجمعة تزيد على 9 آلاف ميغاواط.

في غضون ذلك، تشهد جنوب أفريقيا -أيضًا- تقدمًا في مسار توليد الكهرباء بموجب برنامج الطاقة المتجددة، إذ يجري إنتاج 2800 ميغاواط، وفق معلومات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

ومن المنتظر أن تعمل حكومة جنوب أفريقيا على استحداث طرق لخفض الضرائب المفروضة على الألواح الشمسية المثبتة على أسطح البنايات، بالنسبة إلى الشركات والأسر.

فجوة كبيرة

أكد رئيس جمهورية جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا أن "إسكوم" ستشتري الكهرباء في غضون 6 أشهر "لسد الفجوة التي خلّفها انقطاع الكهرباء في البلاد".

وتضخ الشركة -كذلك- استثمارات في أنظمة النقل الجديدة، مع التركيز بصورة خاصة على مقاطعات كيب الشرقية، وكيب الشمالية وكيب الغربية.

وقال رامافوزا: "كل تلك الإجراءات سينتج عنها زيادة ضخمة في الكهرباء الواصلة إلى الشبكة الرئيسة خلال الـ12-18 شهرًا المقبلة، وما بعدها".

انقطاع التيار الكهربائي
حي نيوتاون في جوهانسبرغ غارق في الظلام - الصورة من بلومبرغ

وتابع: "هذه الكهرباء ستتماشى مع مزيجنا المتنوع من مصادر الطاقة، من بينها محطات الكهرباء العاملة بالفحم الحالية، وكذا الطاقة الشمسية والرياح والغاز والطاقة النووية، والطاقة الكهرومائية، وبطاريات تخزين الكهرباء".

وأبدى الرئيس بالغ قلقه إزاء أزمة تغير المناخ، مشيرًا إلى أن بلاده ستواصل مسارها نحو الاقتصاد منخفض الكربون بوتيرة تستطيع البلاد مواكبتها، وعلى نحو "يضمن أمن الطاقة".

وأشار الرئيس إلى عدد من المشروعات، من بينها محطة الهيدروجين الأخضر من قبل شركة ساسول للبتروكيماويات الجنوب أفريقية، في بويغوباي بمقاطعة كيب الشمالية، ومشروع "بريسكا باور ريزيرف" في محافظة فري ستيت.

قلق المعارضة

أثارت خطط سيريل رامافوزا قلق حزب التحالف الديمقراطي المعارض الجنوب أفريقي الذي يرى أن استحداث وزارة جديدة "يخلق وظائف للكوادر غير المجدية".

وقال الحزب إن القرار "يهدد بإذكاء نار الخلافات مع وزير المشروعات العامة ووزارة الموارد المعدنية والطاقة"، وفق بيان اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وأشار الحزب إلى أن استحداث منصب وزير الكهرباء يمثل تحديًا قانونيًا لإعلان حالة الكارثة الوطنية، موضحًا أن الخطوة ليس لها سند دستوري، كما أنها تُمهد السبيل أمام تفشي ممارسات إساءة استعمال السُلطة.

وسبق أن صرّحت "إسكوم" بأنها ستستغرق قرابة عامين لتحسين كفاءتها في إتاحة الكهرباء بصورة طبيعية.

وقال وزير الموارد المعدنية والطاقة غويدي مانتاشي -مؤخرًا- إن نسبة الكهرباء المولَّدة في بلاده الآن لا تتجاوز 49% فقط من السعة الإجمالية.

أنباء صادمة

في صدمة قوية للرأي العام الجنوب أفريقي الساخط أساسًا على الأوضاع الداخلية المتردية والأداء الحكومي الهزيل، توقع رئيس شركة مرفق الكهرباء "إسكوم"، مبهو ماكوانا، أن تتواصل أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا حتى شهر مارس/آذار (2025).

وفي بيان مثير للجدل صادر الأحد 22 يناير/كانون الثاني (2023)، أرجع ماكوانا استمرار أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا إلى الوقت الذي يستغرقه إصلاح محطات توليد الكهرباء بالفحم العتيقة، التي تعوّل عليها البلاد بصورة أساسية في إنتاج الطاقة، موضحًا أن هذا الوقت قد يمتد إلى عامين، وفق ما نشرته شبكة بلومبرغ.

يُذكر أن أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا بدأت تتفاقم منذ بداية عام 2022، إذ دخلت عمليات فصل الأحمال مرحلتها السادسة في يناير/كانون الثاني (2023)، نتيجة لتردي أوضاع المحطات، حسب معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويتعارف الخبراء على أن المرحلة السادسة من فصل الأحمال تقود إلى انقطاع الكهرباء في البلاد لمدد تتراوح بين 6 و8 ساعات يوميًا، ما يلقي بتبعاته السلبية بالطبع على قطاعات الاقتصاد كافّة، لا سيما الصناعة.

الغاز المسال حل.. ولكن

تبحث شركات جنوب أفريقيا الآن عن بدائل لحل أزمة انقطاع الكهرباء، إذ قال الرئيس التنفيذي لشركة "هارموني غولد" بيتر ستينكامب، إن شركته تبحث إنتاج الأحمال الأساسية الخاصة بها، بما ذلك الطاقة المتجددة، والغاز الطبيعي المسال، وفق ما أخبر وكالة رويترز.

وفي ضوء هذا السيناريو، حققت أوروبا -التي عانت أزمة طاقة خلال العام الماضي- قفزة كبيرة في واردات الغاز الطبيعي المسال، وفق معلومات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

انقطاع التيار الكهربائي
شركة إسكوم الجنوب أفريقية - الصورة من "ذا هيرالد"

وقال مدير مؤسسة "دايناميك إنرجي كونسالتانس" داريل هنت، إن جنوب أفريقيا ستستغرق سنوات عديدة لتأمين مواردها من الغاز الطبيعي المسال، مضيفًا: "إذا ما كنا استوردنا الغاز الطبيعي المسال في عام 2022، لما كنا وصلنا إلى تلك النقطة الحرجة في أزمة انقطاع الكهرباء"، حسبما ذكر موقع "إنرجي فويس".

لكن توليد الكهرياء من الغاز في جنوب أفريقيا قد يظل فكرة لم تتبلور لمدة من الوقت، وذلك بسبب عدم اليقين الذي يغلف السياسات المُنظمة القائمة، جنبًا إلى جنب مع تعقيد الإجراءات التنظيمية.

يُشار هنا إلى أن مشروعات استيراد الغاز الطبيعي المسال تحتاج إلى التوافق مع عدد من القوانين المُطبقة في البلاد، التي تختص بتنظيم مسؤوليات أخرى.

واختتم هنت تصريحاته بقوله: "التحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، بدعم من بطاريات تخزين الكهرباء، فكرة جذابة تروق للكثيرين، لكنها تبقى غير ممكنة من الناحية التقنية".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق