هدوء نسبي بأسواق النفط والغاز العالمية منذ بداية 2023.. ما السبب؟
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
- أسواق الطاقة تشهد هدوءًا نسبيًا في أوائل 2023 بفضل الشتاء المعتدل
- أسعار الغاز الأوروبية تواصل الهبوط خلال يناير بدعم مستويات التخزين
- أسعار الغاز في أوروبا قد لا تشهد ارتفاعًا قويًا في 2023
- أسعار النفط تُتداول في نطاق ضيق منذ بداية 2023 مع ارتفاع الصادرات الروسية
- إمدادات النفط الروسي قد تهبط 1.3 مليون برميل يوميًا في 2023
تعيش أسواق النفط والغاز العالمية حالة من الهدوء نوعًا ما، منذ بداية العام الجاري (2023)؛ بفضل الشتاء المعتدل في أوروبا بصفة خاصة، بعد التقلبات الحادة التي أثارها الغزو الروسي لأوكرانيا خلال 2022.
واستمرت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية في الهبوط خلال يناير/كانون الثاني 2023، مع ظروف الطقس المعتدلة، في حين تُتداول أسعار النفط بنطاق ضيق مع مكاسب تقترب من 2% خلال الشهر المنصرم، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويرى بنك الاستثمار الهولندي "آي إن جي"، في تقرير حديث، أن الشتاء المعتدل في أوروبا يوّفر بعض الراحة لأسواق الطاقة العالمية، لكن هناك مخاطر صعودية واضحة على أسعار الغاز والنفط خلال بقية هذا العام.
هدوء أسعار الغاز
بلغ سعر العقود الآجلة في مؤشر تي تي إف الهولندي (المعيار الرئيس للغاز في أوروبا) 57.88 يورو (62.85 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة، بنهاية تعاملات الجمعة (3 فبراير/شباط 2023)، بعدما أنهى 2022، عند مستوى 78.21 يورو (85 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة، وفق الأرقام التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
وتراجعت أسعار الغاز الأوروبية بأكثر من 83% منذ ذروتها المسجّلة في 26 أغسطس/آب 2022، عند 345.7 يورو (375.4 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة، بفضل مستويات التخزين المرتفعة.
وتجدر الإشارة إلى أنه عادةً ما تستعمل روسيا، وخاصة شركة الغاز الحكومية غازبروم، وحدات القياس غيغاواط وتيراواط في تعاملاتها الأوروبية (غيغاواط/ساعة = 3.2 مليون قدم مكعبة غاز، كما أن تيراواط/ساعة = 3.2 مليار قدم مكعبة غاز).
ودخلت أوروبا موسم التدفئة (2022-2023) بمخزونات ممتلئة بنسبة 95%، أعلى من المستهدف من جانب المفوضية الأوروبية عند 80%، وذلك بفضل زيادة واردات الغاز المسال وانخفاض الطلب على الغاز.
ويُظهر الرسم التالي مخزونات الغاز في عدد من الدول الأوروبية حتى نهاية أغسطس/آب 2022:
وعلى الرغم من وجود بعض موجات البرد في موسم التدفئة الحالي، فإنها كانت معتدلة إلى حدّ كبير، ما يعني أن مستويات التخزين صمدت بصورة جيدة؛ إذ تبلغ حاليًا 72%، وهو أعلى من متوسط الـ5 سنوات الماضية لهذا الوقت من العام، والبالغ 53%.
ومن المتوقع أن تُنهي مستويات تخزين الغاز الأوروبية الشتاء الحالي فوق 50%، مقابل 34% في متوسط الـ5 سنوات الماضية -بافتراض عدم حدوث موجة برد طويلة- مما قد يسهّل هدف الاتحاد الأوروبي لإعادة تعبئة مواقع التخزين إلى 90% بحلول 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ، حسب بنك آي إن جي.
وبحسب وكالة بلومبرغ، تُشير توقعات الطقس إلى أن الأيام القليلة الماضية ستشهد انخفاض في درجات الحرارة بشمال أوروبا ووسطها، لكن في نطاق مستوياتها المعتادة لهذا الوقت من العام.
توقعات سوق الغاز في 2023
يشير التوازن بين العرض والطلب في أوروبا إلى أن أسعار الغاز قد لا تشهد ارتفاعًا قويًا هذا العام، كما كان متوقعًا في البداية.
ويتوقع بنك آي إن جي أن يسجّل متوسط أسعار الغاز وفق مؤشر تي تي إف الهولندي 70 يورو (76 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة خلال عام 2023، مع بلوغ الأسعار ذروتها خلال الربع الأخير من العام عند 80 يورو (86.88 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة.
وكان بنك الاستثمار الهولندي قد توقّع في وقت سابق ارتفاع أسعار الغاز الأوروبية إلى 175 يورو (190 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة في المتوسط خلال العام الجاري، على أن تبلغ ذروتها في الربع الأخير عند 220 يورو (238.9 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة.
وتفترض هذه التوقعات انخفاض الطلب على الغاز في أوروبا بنسبة 10% بدءًا من أبريل/نيسان 2023، وعدم حدوث هبوط إضافي في تدفقات خطوط أنابيب الغاز الروسية المتبقية، فضلًا عن زيادة هامشية في واردات الغاز المسال.
ورغم ذلك، هناك مخاطر صعودية على أسعار الغاز الأوروبية، تتمثل في زيادة واردات الطبيعي المسال الصينية بأكثر من المتوقع في عام 2023، ومزيدًا من الانخفاض للإمدادات الروسية عبر خطوط الأنابيب، ما قد يعمّق اضطرابات أسواق النفط والغاز العالمية.
الصادرات الروسية تدعم أسواق النفط
ما تزال أسعار النفط تُتداول في نطاق ضيق إلى حدّ كبير هذا العام فوق مستويات 80 دولارًا لخام برنت، على الرغم من عدم اليقين بشأن توقعات الطلب وإمدادات النفط الروسي، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتشهد أسواق النفط العالمية بعض الراحة في الوقت الحالي، مع استمرار تدفق الصادرات الروسية بوتيرة أفضل من المتوقع رغم العقوبات الغربية، كما أن الشتاء المعتدل يعني -أيضًا-انخفاض الطلب على الوقود لأغراض التدفئة.
وارتفعت صادرات النفط الروسي بنحو 190 ألف برميل يوميًا إلى 4.525 مليون برميل يوميًا من 1 إلى 16 يناير/كانون الثاني 2023، بعد انخفاض قدره 265 ألف برميل يوميًا خلال ديسمبر/كانون الأول 2022، وفق تقرير صادر عن بنك يو بي إس السويسري.
ويوضح الرسم البياني أدناه صادرات روسيا من النفط الخام والمشتقات النفطية شهريًا خلال 2022:
ومن شأن استمرار مرونة الصادرات الروسية أمام العقوبات الغربية أن يجعل أسواق النفط تحقق فائضًا في المعروض خلال الربع الأول، ما يشير إلى أن الاتجاه الصعودي للأسعار محدود على المدى القصير.
ويتزامن ذلك مع تمسّك تحالف أوبك+ -حتى الآن- بسياسة خفض إنتاج النفط مليوني برميل يوميًا، بدءًا من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 حتى ديسمبر/كانون الأول 2023.
آفاق أسواق النفط
مع ذلك، من المرجح ارتفاع أسعار النفط بدءًا من الربع الثاني فصاعدًا، مع توقعات أن يبلغ متوسط سعر خام برنت متوسط 100 دولار للبرميل خلال عام 2023، حسبما يرى بنك الاستثمار الهولندي.
يأتي ذلك مع توقعات نمو الطلب العالمي على النفط بنحو 1.7 مليون برميل يوميًا في 2023، ليصل الإجمالي إلى مستوى قياسي عند 101.3 مليون برميل يوميًا، على أن يأتي نصف النمو من الصين، حسب بنك آي إن جي.
ومن جانبها، تتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.9 مليون برميل يوميًا، ليصل إلى مستوى قياسي خلال العام الجاري عند 101.7 مليون برميل يوميًا.
ويرصد الرسم الآتي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، توقعات نمو الطلب على النفط والمعروض في 2023، وفق 3 مؤسسات كبرى:
بالنسبة إلى الإمدادات الروسية، فإن دخول الحظر الأوروبي على المنتجات النفطية الروسية حيز التنفيذ أوائل فبراير/شباط 2023 يعني مزيدًا من الاضطرابات في أسواق النفط، رغم أن حظر الخام الروسي الذي بدأ في 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، لم يُحدث تأثيرًا كبيرًا حتى الآن.
ومن المرجح انخفاض المعروض من النفط الروسي بنحو 1.3 مليون برميل يوميًا على أساس سنوي في عام 2023، بسبب حظر الاتحاد الأوروبي على الخام والمنتجات المكررة الروسية.
موضوعات متعلقة..
- 10 خبراء يتحدثون لـ"الطاقة" عن أسواق النفط في 2023.. أوبك+ ومخاوف الركود
- هل تواجه أسواق النفط تراجعًا في الطلب بعد العقوبات ضد روسيا؟ (مقال)
- سوق الغاز في 2023.. هل تتفاقم أزمة الإمدادات للأسوأ؟
- أسواق النفط في الصين.. هل تتنفس الصعداء مع بدء تخفيف قيود كورونا؟ (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- آفاق مزيج الطاقة العالمي بحلول 2050.. الطاقة المتجددة في الصدارة (إنفوغرافيك)
- أزمة الطاقة في أوروبا.. فقاعة وهمية أم نار تحت الرماد؟
- رسميًا.. انهيار أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم.. ووضع لافتة "للبيع"