رئيسيةتقارير منوعةمنوعات

ثاني أكبر بلد منتج للنحاس في العالم.. قطاع التعدين في بيرو يواجه أزمة

عمرو عز الدين

دخل قطاع صناعة التعدين في بيرو مرحلة حرجة من عدم اليقين، وسط تصاعد احتجاجات أنصار الرئيس اليساري السابق بيدرو كاستيلو، للمطالبة بإسقاط الحكومة الحالية.

واشتبك متظاهرون في جنوب بيرو مع قوات الأمن خلال احتجاجات تطالب بالإفراج عن الرئيس السابق المحتجز، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وفقًا لوكالة رويترز.

وأسفرت هذا الاحتجاجات عن مقتل 17 متظاهرًا في مقاطعة بونو الجنوبية يوم الإثنين 9 يناير/كانون الثاني (2023)، وهو أسوأ يوم تتصاعد فيه أعمال العنف منذ الإطاحة المريبة بالرئيس بيدرو كاستيلو في 7 ديسمبر/كانون الأول (2022).

وتتركز أغلب الاحتجاجات في مناطق الجنوب، مركز قطاع صناعة التعدين في بيرو، وأسفرت حتي الآن عن مقتل 46 شخصًا، خلافًا للضحايا الجدد الذي سقطوا في 9 يناير/كانون الثاني 2023، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ثاني أكبر بلد منتج للنحاس

صناعة التعدين في بيرو
جانب من عمليات التعدين في مناجم بيرو - الصورة من بلومبرغ

تهدد الاحتجاجات المتصاعدة قطاع صناعة التعدين في بيرو، ثاني أكبر بلد منتج للنحاس في العالم، إذ تصل التهديدات إلى منجم لاس بامباس الذي تديره شركة إم إم جي ليمتد الأسترالية.

كما يصل الاضطراب إلى شركة سيرو فيردي التابعة لشركة فريبورت ماكموران الأميركية المتخصصة في تعدين النحاس، الذي تتلهف عليه صناعة السيارات الكهربائية الناشئة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويطالب قادة الاحتجاجات المتصاعدة في جنوب بيرو بإقالة نائبة الرئيس المحتجز دينا بولوراتي، التي يتهمها المحتجون بالضلوع في مؤامرة للإطاحة به وتولّي الرئاسة مكانه.

واحتجز الرئيس السابق بيدرو كاستيلو في 7 ديسمبر/كانون الأول 2022، على يد قوات شرطة، استنادًا إلى قرار من النيابة العامة بتوقيفه بعد خطاب تلفازي أعلن فيه حل البرلمان والدعوة لتعديل الدستور.

واجتمع البرلمان بعد خطابه بساعات، وقرر عزله بأغلبية 101 صوتًا من أصل 130 عضوًا في جلسة تلفازية، لحقها صدور قرار من النيابة العامة بالتحفظ عليه وإيداعه في قاعدة جوية خاصة، على خلفية تُهم فساد تطال عائلته.

قلق في قطاع التعدين

بعد ساعات من هذا المشهد المريب، أدت نائبة الرئيس دينا بولوارتي اليمين الدستورية لتولّي منصب الرئاسة مؤقتًا، ولكن لمدة تصل إلى يوليو/تموز 2026، وهو ما يحتجّ عليه أنصار الرئيس، ويطالبون بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة خلال عام 2023.

كما يطالب قادة الاحتجاجات بوضع دستور جديد على أسس ومنطلقات جديدة تختلف عن أسس الدستور الحالي الموضوع منذ تسعينيات القرن الماضي، ويوصف بكونه صديق السوق والرأسماليين، وعدوّ الشعب، على حدّ تعبيرهم.

وتوعّد زعيم جبهة بونو الاحتجاجية إدغار تشورا باستمرار الاحتجاجات ضد هذه الحكومة لحين إسقاطها، كما تحدَّث قادة ميدانيون في حركة الاحتجاج بالنبرة نفسها، وفقًا لوكالة رويترز.

وحاولت الرئيسة المؤقتة دينا بولوارتي استرضاء المحتجين بعض المطالب، عبر إعلان استعدادها لإجراء انتخابات مبكرة في أوائل 2024، بينما رفضت مطالبهم الأخرى.

ويشعر الفاعلون في قطاع صناعة التعدين في بيرو بحالة من القلق إزاء تجدد الاحتجاجات بعد هدوئها خلال الأسابيع الأخيرة؛ ما يضع البلاد بأكملها في حالة ترقّب لما ستسفر عنه الأمور المتفاقمة مع تزايد أعداد القتلى وارتفاع موجات الغضب يومًا بعد يوم.

ويقول مدير شركة فيداس بيرو للاستشارات السياسية جيفري رادزينسكي، إن أغلب المواطنين في أقاليم الجنوب يشعرون بالغدر في عملية الإطاحة بالرئيس السابق الذي تعود جذروه إلى أصول ريفية، إذ كان أبوه مزارعًا فقيرًا.

وصعد بيدرو كاستيلو إلى منصب الرئاسة بصورة غير متوقعة في عام 2021، بدعم كبير من مواطني الجنوب الذي تستوطن فيه صناعة التعدين في بيرو لاستحواذه على أغلب مناجم النحاس والذهب في البلاد.

ضحية توزيع ثروة النحاس

صناعة التعدين في بيرو
الرئيس السابق بيدرو كاستيلو خلال احتجازه من قبل قوات الأمن - الصورة من موقع بوليس نيوز

كان الرئيس كاستيلو -المعلم المدرسي السابق ذو الأصول الريفية- قد وعد مواطني الجنوب الفقراء بتعديل الدستور لتمكين السكان الأصليين المهمشين من نصيب ثروة النحاس الواقعة في مناطقهم، لكنه واجه معارضة كبيرة ومستمرة من النخب السياسية المناهضة طوال 17 شهرًا من ولايته.

كما واجه اتهامات بالفساد واحتجاجات متتالية اضطرته لتغيير 4 حكومات و80 وزيرًا في 17 شهرًا، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ بيرو المعاصر، إلى أن قرر الإطاحة بالبرلمان محل الإزعاج المزمن، فعُزِلَ وأُقيل.

وأثارت طريقة عزله وإقالته غضبًا شعبيًا متصاعدًا ضد نخبة سياسية تقليدية تواجه انتقادات شديدة بكونها المتسببة في فوارق الطبقات وعدم المساواة بين العاصمة الساحلية الغنية "ليما"، والمقاطعات والأقاليم الداخلية الفقيرة التي يقطنها أغلب السكان.

يرفع المتظاهرون ضد الرئيسة الحالية للبلاد لافتات تطالب بإقالتها على الفور، وإغلاق البرلمان ووضع دستور جديد للبلاد؛ ما يهدد باستمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلد اللاتيني المنقسم حول عزل الرئيس المنتخب وبقاء نائبته.

وتتمتع الرئيسة المؤقتة دينا بولوارتي باعتراف رسمي من الولايات المتحدة، التي لم تكن على وفاق مع الرئيس السابق، إذ سارعت بتأييد عزله بعد ساعات من إعلان البرلمان ذلك.

في المقابل، يتوعد قادة الاحتجاجات الميدانية في مناطق الجنوب باستمرار التظاهر، مع التخطط لمسيرات محتملة إلى العاصمة "ليما"، دون تحديد موعدها بعد.

وتؤثّر هذه الاضطرابات في قطاع صناعة التعدين الحيوية في بيرو، والتي تستحوذ على 18% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في البلاد، كما تسهم في توفير 50% من عوائد العملات الأجنبية.

وأظهرت بيانات صادرة عن وزارة الطاقة والمناجم في البلاد انخفاض إنتاج النحاس بصورة طفيفة (0.3%) إلى 1.5 مليون طن من النحاس خلال الأشهر الـ8 الأولى من عام 2022، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق